رئيس التحرير:
📄 التقارير الإخبارية – خلف الحدث
ليست هذه الصفحة إعادةً لصياغة الأخبار… بل الخطوة الأولى ما بعد الخبر. هنا نُوسّع الدائرة حول الحدث:
من قال؟ من فَعَل؟ من غاب؟ من تأثر؟ ما الظروف؟ ما الخلفيات؟ ومن هم شهود اللحظة؟
نقدّم التقارير بصفتها حقلًا سرديًّا تحليليًّا أوليًا، يُمهّد لفهم أعمق، ويُهيئ القارئ لمقال الرأي أو التحليل الاستراتيجي اللاحق.
في التقرير... لا نكتفي بأن نخبرك ما جرى، بل نعرض لك: كيف جرى، ولماذا كان كما كان.
تصاعد الكمائن في خان يونس يكشف تطور قدرات المقاومة وإرباك الجيش الإسرائيلي
الاثنين 28 يوليو/تموز 2025
تشهد محاور القتال في جنوب قطاع غزة تحولات نوعية، مع تكثيف المقاومة الفلسطينية لعملياتها المركّبة التي تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي. وتأتي هذه العمليات في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي توغله في مناطق خان يونس ورفح، وسط تصاعد الخسائر البشرية والمادية التي يتكبدها.
الحصيلة الأخيرة للإصابات الإسرائيلية تكشف عن ستة جنود جرحى، بينهم واحد في حالة حرجة، وفق ما أوردته مواقع إسرائيلية. وتؤكد هذه المصادر أن عملية الإخلاء نُفذت بطائرات مروحية نحو مستشفى "شعاري تسيدك" في القدس، في مؤشر على خطورة الوضع الميداني وارتباك القيادة الميدانية في التعامل مع المفاجآت.
الهجوم الأخير يأتي بعد يومين من كمين نوعي نفذته كتائب القسام في منطقة عبسان الكبيرة شرق خان يونس. الكمين استهدف ناقلتي جند بعبوات ناسفة داخل قمرة القيادة، أعقبها استهداف ناقلة ثالثة بقذيفة "الياسين 105"، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود على الفور، وفق اعتراف الجيش الإسرائيلي. هذه العملية، التي جرت في منطقة سبق أن شهدت عمليات مشابهة قبل أشهر، تعكس تراكم الخبرة الميدانية للمقاومة في استغلال طبيعة التضاريس ونقاط الضعف في تحركات القوات الإسرائيلية.
الخبراء العسكريون يشيرون إلى أن تكرار هذه الكمائن يكشف ثغرات في إستراتيجية التقدم الإسرائيلي المعروفة بـ"التخطي"، والتي تقوم على الاندفاع نحو العمق دون تأمين الخطوط الخلفية. النتيجة الميدانية لهذا النهج هي بقاء جيوب مقاومة نشطة تعمل خلف الخطوط، ما يتيح تنفيذ عمليات مباغتة تؤدي إلى خسائر متكررة.
الشهادات الميدانية من سكان خان يونس تؤكد استمرار الاشتباكات العنيفة في محيط عبسان الكبيرة والزيتون، حيث تترافق المواجهات البرية مع غارات جوية مكثفة وقصف مدفعي متواصل. الأهالي يصفون المشهد بأنه "حرب شوارع" تتخللها انفجارات متتابعة ومحاولات مستمرة من قوات الاحتلال لاقتحام مناطق مأهولة بالسكان النازحين.
الأبعاد الإنسانية للأحداث لا تقل خطورة عن الأبعاد العسكرية، إذ تؤكد مصادر طبية فلسطينية أن استمرار القتال والغارات أسفر عن ارتفاع كبير في أعداد الشهداء والجرحى. وتشير الإحصاءات المحدثة إلى نحو 60 ألف شهيد وأكثر من 145 ألف جريح منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إضافة إلى نزوح شبه كامل لسكان القطاع وسط دمار واسع للبنية التحتية.
البعد السياسي للأحداث يضيف طبقة أخرى من التعقيد، فبينما تواصل المقاومة عملياتها الميدانية، تجرى في الدوحة محادثات غير مباشرة لوقف إطلاق النار لمدة ستين يوماً، تشمل بحث ملف الأسرى وتدفق المساعدات. تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "تقدم ملموس" في المفاوضات تقابلها تصريحات متشددة من وزراء اليمين الإسرائيلي، الذين يرفضون أي هدنة طويلة ويصرون على استمرار العمليات حتى "إزالة حماس".
المشهد العام في غزة يعكس توازنًا معقدًا بين تصعيد ميداني مستمر وضغوط دولية متزايدة لوقف الحرب. وتبقى قدرة المقاومة على تنفيذ عمليات نوعية متكررة أحد العوامل التي تقلب المعادلة وتربك الحسابات الإسرائيلية في أي تسوية مرتقبة.
أردوغان يصعّد لهجته: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة ومن يصمت شريك في الجريمة
الثلاثاء 22 يوليو/تموز 2025
في موقف جديد يعكس تصاعد اللهجة السياسية التركية ضد إسرائيل، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "من يصمت على ما يحدث في غزة شريك في الجريمة"، في إشارة واضحة إلى الدول الغربية الداعمة لإسرائيل في حربها المستمرة على القطاع منذ أكتوبر 2023. وأشار أردوغان خلال كلمته أمام كوادر حزبه في أنقرة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في غزة تجاوزت كافة حدود الإنسانية والقانون الدولي، بل وتفوقت على "فظائع النازية"، بحسب تعبيره.
وأكد الرئيس التركي أن الحكومة التركية تبذل جهودًا دبلوماسية وإنسانية متواصلة لإيصال المساعدات إلى غزة رغم العراقيل، معتبرًا أن بلاده تتحمل مسؤولية أخلاقية وتاريخية تجاه ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني". كما شدد أردوغان على أن دعم الدول الكبرى لإسرائيل لا يعفيها من المسؤولية، بل يجعلها شريكة مباشرة في سفك دماء الأبرياء.
وقد جاءت تصريحات الرئيس التركي في وقتٍ تتزايد فيه التقارير عن تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، حيث يُقتل العشرات يوميًا بسبب الغارات والقصف المدفعي المستمر، وسط انقطاع المياه والكهرباء، وشحٍ حاد في المواد الطبية والغذائية. وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت هذا الأسبوع عن تجاوز عدد الشهداء 41 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما أكدت منظمات دولية أن أكثر من 70% من القطاع أصبح غير قابل للسكن.
وعلى المستوى الدبلوماسي، كثفت أنقرة تحركاتها مؤخرًا داخل الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتحقيق دولي مستقل في جرائم الحرب المرتكبة. كما جددت تركيا دعمها لمحكمة الجنايات الدولية في ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المتهم رسميًا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
من ناحية أخرى، اتهم أردوغان المجتمع الدولي بازدواجية المعايير، قائلاً: "لو كان ما يجري في غزة يحدث في أوكرانيا أو مكان آخر لأقامت الدول الغربية الدنيا ولم تقعدها". وأضاف أن صمت الغرب "لا يبرر فقط الجريمة، بل يشرعنها". كما وجه دعوة للعالم الإسلامي لتوحيد مواقفه واتخاذ إجراءات عملية تتجاوز بيانات التنديد.
يُذكر أن تركيا، رغم الخلافات السياسية مع إسرائيل، لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية بشكل كامل، لكنها خفضت مستوى التمثيل في عدة مناسبات، وتبنت مؤخرًا لهجة أكثر حدّة، مع تزايد الضغوط الشعبية والحقوقية في الداخل التركي لدفع الحكومة نحو مواقف أكثر حزمًا.
رؤية خاصة:
تكشف لهجة أردوغان الجديدة تحوّلًا ملحوظًا في الخطاب السياسي التركي، إذ لم يعد يكتفي بالإدانة اللفظية، بل يسعى لتعبئة موقف دولي ضد إسرائيل، مستندًا إلى حالة السخط الشعبي المتزايد إزاء الجرائم في غزة. كما تشير تصريحاته إلى محاولة تركيا تعزيز دورها كقوة إقليمية مدافعة عن القضايا الإنسانية، بما ينعكس على نفوذها في العالمين العربي والإسلامي. إلا أن هذا التحول يضع أنقرة في مواجهة مباشرة مع حلفائها الغربيين، خصوصًا واشنطن، ما يجعل التوازن بين التصعيد السياسي والمصالح الاستراتيجية تحديًا بارزًا في المرحلة المقبلة.
غزة تحت نيران الجوع: 995 ضحية لمصائد المساعدات وسط صمت دولي
التاريخ: 20 تموز/يوليو 2025
وسط استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكثر من تسعة أشهر، أظهرت أرقام وزارة الصحة في غزة أن 995 فلسطينيًا—بينهم أطفال ونساء—قُتلوا بسبب ما يُعرف بـ"مصائد المساعدات"، وهي الحاويات التي تلقيها الطائرات الأمريكية والفرنسية عبر الجو بدعوى إيصال الغذاء للمدنيين.
وتعتمد هذه الطائرات على إسقاط صناديق إغاثية عشوائية في مناطق مفتوحة، غالبًا ما تكون غير مؤمنة، ما يدفع الأهالي الجوعى للتجمّع سريعًا حولها، في مشاهد مروعة وثقتها الكاميرات مرارًا، وتنتهي غالبًا بدهس المواطنين بعضهم بعضًا، أو بسقوط الصناديق الثقيلة عليهم، أو حتى باستهداف مباشر من طائرات إسرائيلية. ووصف حقوقيون هذه الحاويات بأنها "شراك مميتة مقنّعة بالمساعدات"، مطالبين بوقفها الفوري وتحقيق دولي في طبيعة التنسيق حولها.
ورغم تصاعد الانتقادات المحلية والدولية، لا تزال بعض الدول الغربية تمارس هذا النمط من "الإغاثة الجوية"، والذي يفتقر إلى أي تدابير حقيقية للسلامة أو للرقابة الإنسانية على الأرض. ولم تسجل أي منظمة دولية محايدة إشرافًا ميدانيًا على عملية توزيع تلك الإمدادات، ما يعمّق أزمة الثقة في نوايا الأطراف المنخرطة فيها.
من جهة أخرى، فإن المنظومة الإنسانية للأمم المتحدة تواصل عجزها التام عن دخول معظم مناطق شمال قطاع غزة، حيث الكارثة تتعمق. وتحذر وكالات أممية من أن أكثر من 500 ألف فلسطيني يعيشون تحت خط المجاعة الفعلية، في حين حذر برنامج الغذاء العالمي من "كارثة غير مسبوقة في تاريخ الصراعات الحديثة"، مع تراجع المخزون الغذائي في غزة إلى أدنى مستوياته.
وفي تصريح خاص لـ"التحليل الإخباري"، قال أحد مسؤولي الإسعاف المحليين في غزة إن "أعداد المصابين الذين يسقطون خلال التدافع على المساعدات تتجاوز أحيانًا أعداد ضحايا القصف، والقصص التي نراها يوميًا تفوق الخيال، أطفال يفقدون أرجلهم، وأمهات يسلمن أرواحهن من أجل رغيف خبز".
وفي ظل هذه المأساة، تتزايد الدعوات في الشارع العربي والإسلامي، وأوساط حقوقية أوروبية، لتشكيل لجنة تحقيق دولية حول ما يسمى "مساعدات الموت"، ولمحاسبة الحكومات التي تساهم في هذا النهج.
رؤية خاصة:
لا يمكن النظر إلى إسقاط المساعدات من الجو كفعل إنساني في ظل انعدام الضمانات الأمنية وغياب التنسيق المحلي، بل تحوّلت هذه العملية إلى شكل جديد من أشكال الموت الجماعي المقنّع، يضيف إلى معاناة الغزيين فصلًا جديدًا من الألم. في ظل الصمت الدولي وتواطؤ بعض القوى الكبرى، تتسع الفجوة بين ما يُقال في المؤتمرات الدولية، وما يُترك من دماء على رمال غزة الجائعة.
تحولات اقتصادية ودبلوماسية في دمشق.. الشرع يبحث مع رجال أعمال سعوديين تعزيز التعاون
السبت 19 تموز/يوليو 2025
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، وفدًا سعوديًا رفيع المستوى من رجال الأعمال، في قصر الشعب بدمشق، لبحث آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين سوريا والمملكة العربية السعودية.
جاء ذلك في إطار مساعي دمشق لإعادة بناء علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع محيطها العربي بعد فترة من القطيعة والتوترات خلال حكم نظام الأسد السابق، الذي انتهى في ديسمبر 2024.
ضم الوفد السعودي محمد أبو نيان، عضو الهيئة الاستشارية في المجلس الاقتصادي الأعلى بالمملكة، وسليمان المهيدب، عضو مجلس إدارة البنك السعودي البريطاني، إلى جانب ممثلين من قطاعات مالية واستثمارية متعددة.
ووفق وكالة الأنباء السورية "سانا"، فقد تناول الاجتماع بحث آفاق التعاون في مجالات التمويل، البنية التحتية، الطاقة، التكنولوجيا، والطيران المدني، إضافة إلى بحث إنشاء شراكات استراتيجية مستدامة تخدم مصالح البلدين.
يأتي هذا الاجتماع بعد زيارة وفد سعودي إلى مطار دمشق الدولي في 11 يوليو الجاري، حيث جرت لقاءات مكثفة مع مسؤولي الجانب السوري لبحث فرص استثمارية في قطاع الطيران المدني. وترأس الوفد حينها الرئيس التنفيذي لشركة مطارات الرياض، أيمن أبو عباة، بمشاركة شركات أخرى منها "مطارات القابضة" و"نيرا".
وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد زار دمشق في مايو الماضي، في زيارة رسمية ركزت على دعم الاقتصاد السوري وفتح قنوات تعاون متعددة.
من جانبه، تسعى الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، إلى تعزيز شرعيتها الداخلية والخارجية من خلال انفتاح اقتصادي وإقليمي. ويأتي هذا ضمن خطة مرحلية تمتد لخمس سنوات تستهدف إعادة إعمار سوريا وتحسين الأوضاع المعيشية، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الخليجية.
تشير المصادر إلى أن هناك تركيزًا على تطوير العلاقات مع دول الخليج عبر ملفات اقتصادية، خاصة في ظل استمرار العقوبات الغربية، التي تعيق تعافي الاقتصاد السوري. كما تسعى القيادة السورية إلى تنويع شراكاتها لتشمل عدة دول خليجية، خصوصًا السعودية، بهدف كسر العزلة الاقتصادية والسياسية.
رؤية خاصة:
يُظهر الحراك السعودي نحو دمشق تحوّلًا ملحوظًا في السياسات الخليجية، حيث يتم استبدال العزل السياسي بالتفاعل الاقتصادي المباشر. هذا التحول يعكس رغبة السعودية في إعادة تموضع نفوذها ضمن النظام الإقليمي السوري الجديد، مستفيدة من إدارة انتقالية تسعى لتثبيت شرعيتها عبر الشراكات الاقتصادية. من جهة أخرى، يسعى النظام السوري الجديد إلى استثمار هذه الديناميكية لكسب دعم عربي أوسع وتقليل الاعتماد على المحاور التقليدية مثل روسيا وإيران، ما قد يساهم في إعادة تشكيل خريطة النفوذ الإقليمية على المدى المتوسط.
الغارات الإسرائيلية على دمشق تمهد لتوسيع الصراع جنوب سوريا
الأربعاء 16 تموز/يوليو 2025
تشكل الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على العاصمة السورية دمشق، فجر الأربعاء، تطورًا خطيرًا في مسار التصعيد الإقليمي، بعد أن طالت للمرة الأولى منذ سنوات مقرات سيادية كوزارة الدفاع، وهيئة الأركان، ومحيط القصر الرئاسي، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف المدنيين. هذا التصعيد، الذي ترافق مع تحشيد عسكري في الجولان المحتل، يكشف عن تحول نوعي في قواعد الاشتباك الإسرائيلية داخل العمق السوري، بذريعة "حماية الدروز" جنوب البلاد.
وأفادت وزارة الصحة السورية أن الغارات أسفرت عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 34 آخرين، فيما أشارت مصادر محلية إلى أن الأهداف شملت مهبط طائرات قرب القصر الرئاسي، ومواقع في قطنا وريف دمشق، إلى جانب غارات مكثفة على مناطق في درعا والسويداء. كما هاجم سلاح الجو الإسرائيلي آليات ودبابات سورية كانت تتحرك نحو مدينة السويداء، وفق بيان رسمي.
الجيش الإسرائيلي أكد أنه استهدف أكثر من 160 موقعًا منذ بداية الهجمات، في وقتٍ أرسل فيه كتيبتين إضافيتين إلى الحدود مع سوريا. وفي مؤشر على نية التوسع، صرح وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن "الهجوم المؤلم على سوريا قد بدأ"، مشيرًا إلى أن الغارات ستستمر ما لم تنسحب القوات السورية من جنوب البلاد، محذرًا بأن "السويداء قد تصبح منطقة منزوعة السلاح".
ويأتي التصعيد في أعقاب اشتباكات عنيفة اندلعت بين مجموعات درزية محلية ومسلحين عشائريين في السويداء خلال الأيام الماضية، أسفرت عن عشرات القتلى، ما دفع الجيش السوري للتدخل وفرض سيطرته على المدينة. لكن دعوات بعض الزعامات الدرزية لتدخل دولي، وتحديدًا من إسرائيل، أعطت الأخيرة الذريعة لتوسيع عملياتها تحت غطاء "حماية الأقليات".
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ظهر في تسجيل مصور مؤكدًا "التزام الجيش بإنقاذ الدروز والقضاء على عصابات النظام"، فيما أشار المحلل العسكري أسعد الزعبي إلى أن الغارات تأتي في سياق الضغط على دمشق لفتح تفاوض حول الجولان، مؤكدًا أن إسرائيل تستثمر في تفجير الأوضاع بالسويداء لتحسين موقعها التفاوضي.
في المقابل، ترى الحكومة السورية أن ما يجري عدوان صريح على السيادة، وأن دخول قواتها إلى السويداء يندرج في إطار حفظ الأمن، محذرة من أن استمرار التصعيد سيُقابل بإجراءات ردعية، وفق ما نقلته وكالة سانا الرسمية.
رؤية خاصة:
يؤكد تصعيد إسرائيل العسكري ضد دمشق والسويداء أن تل أبيب تتحرك لإعادة ترسيم خرائط النفوذ جنوب سوريا، مستفيدة من هشاشة الوضع المحلي والانقسام المجتمعي. كما يعكس هذا التصعيد استغلالًا سياسيا لحالة الفوضى الديمغرافية، وسط صمت دولي، وتواطؤ بعض العواصم الغربية. ومن غير المستبعد أن يتحول الجنوب السوري إلى ساحة اختبار جديدة، ما لم يتم تفعيل تدخل دبلوماسي إقليمي يحول دون انهيار معادلات الردع بالكامل.
فيدان يؤكد فشل كل محاولة لاستهداف تركيا: خطاب سيادي في ذكرى الانقلاب الفاشل
الثلاثاء 15 تموز/يوليو 2025
رسالة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، التي نشرها الثلاثاء بمناسبة إحياء الذكرى التاسعة لمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/يوليو 2016، تعكس تأكيدًا رسميًا على وحدة مؤسسات الدولة وتمسّكها بنهج السيادة الشعبية ومواجهة التحديات الأمنية الداخلية والخارجية. وجاء تصريح فيدان عبر منصة "إكس"، مؤكدًا أن "كل محاولة تهدف إلى إلحاق الضرر بتركيا، محكومة بالفشل".
وتحيي تركيا في هذا التاريخ من كل عام "يوم الديمقراطية والوحدة الوطنية"، في ذكرى محاولة انقلاب نفذتها مجموعة محدودة من الجيش تتبع لتنظيم "غولن" الإرهابي، حاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية، ما أسفر عن استشهاد 253 مواطنًا وإصابة آلاف آخرين.
وفي تصريحاته، شدد فيدان على أن "شبكات الخيانة التي كانت تتابع أجندات الاستخبارات الأجنبية وتسعى لإخضاع تركيا" لم تدرك حجم التلاحم بين القيادة السياسية والشعب، مشيرًا إلى أن فطنة الرئيس رجب طيب أردوغان، وإرادة الشعب، كانتا العامل الحاسم في إفشال الانقلاب خلال ساعاته الأولى.
الوزير أشار أيضًا إلى أن الدولة التركية مستمرة في ملاحقة عناصر تنظيم "غولن" حول العالم، مشددًا على أن الإجراءات القضائية والدبلوماسية مستمرة، سواء داخل البلاد أو خارجها، لتقديم المتورطين إلى العدالة. كما عبّر في منشوره عن تقديره للشهداء والجرحى الذين وقفوا لحماية الديمقراطية، مؤكدًا أن تركيا لن تسمح بتكرار مثل هذه المحاولات مستقبلاً.
وتأتي تصريحات فيدان في ظل ما تشهده تركيا من تحولات سياسية داخلية، وحضور إقليمي متنامٍ، جعل منها فاعلاً رئيسيًا في ملفات معقدة مثل الأمن الأوروبي، وأزمات البحر الأسود، واستقرار شرق المتوسط، مما يجعل أي خطاب سياسي في ذكرى 15 تموز يكتسب بعدًا استراتيجيًا.
من جانب آخر، يرى مراقبون أن تصريحات فيدان، التي اختلط فيها البعد العاطفي بالثبات الأمني، تؤكد توجه السياسة الخارجية التركية نحو خطاب يقوم على مزيج من الذاكرة الوطنية والمواجهة الجيوسياسية، خاصةً في ظل التحديات الدولية والإقليمية المتزايدة.
وتمثل ذكرى 15 تموز أيضًا نقطة إجماع سياسي في البلاد، حيث تشهد المدن التركية فعاليات رسمية وشعبية في هذا اليوم، تضم مسيرات وندوات ومعارض وصلاة جماعية على أرواح الشهداء، وتأكيدًا على وحدة الدولة ومؤسساتها.
رؤية خاصة:
يُظهر خطاب فيدان عودة الذاكرة السياسية إلى جذور تأسيس الجمهورية الحديثة على مبدأ الإرادة الشعبية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الخطاب التركي، تتسم بالحزم الخارجي والتماسك الداخلي. في لحظة إقليمية تعج بالتحولات، تتقدم تركيا نحو ترسيخ نموذجها في الحكم، وتبعث برسالة واضحة: "السيادة لا تُساوَم، والشعب هو درع الدولة".
غزة تحت النار: 50 شهيدًا في يوم واحد بينهم أطفال وطبيب و10 أثناء انتظار المياه
الأحد، 13 تموز/يوليو 2025
تواصل إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة، إذ شهد يوم الأحد 13 تموز/يوليو 2025 واحدًا من أعنف الهجمات منذ أشهر، حيث أسفرت الغارات الجوية والإعدامات الميدانية عن مقتل 50 فلسطينيًا، بينهم 6 أطفال وطبيب، و10 مدنيين أثناء انتظارهم الحصول على المياه، إضافة إلى عشرات المصابين في أنحاء متفرقة من القطاع.
الهجمات بدأت فجر الأحد واستهدفت مناطق مكتظة بالسكان في مدينة غزة ومخيم الشاطئ وحي الصبرة، بالإضافة إلى مناطق في النصيرات وخان يونس ورفح. وفي إحدى أكثر المجازر دموية، قصفت طائرات الاحتلال نقطة تعبئة مياه غرب النصيرات، ما أسفر عن مقتل 10 فلسطينيين كانوا يصطفون للحصول على المياه، وأُصيب 16 آخرون بجروح متفاوتة. الحادثة لم تكن الأولى، إذ تتكرر هذه الاعتداءات منذ بدأت إسرائيل والولايات المتحدة بتنفيذ ما يسمى بـ"خطة توزيع مساعدات" خارج إشراف الأمم المتحدة.
وفي غزة، قُتل 11 فلسطينيًا بينهم طبيب وطفل بقصف استهدف منطقة الصبرة ومخيم الشاطئ، فيما قُتل 9 أفراد من عائلة واحدة في غارة على منزلهم غرب النصيرات. أما في خان يونس، فقد قُتل ثلاثة فلسطينيين بقصف استهدف خيامًا تؤوي نازحين في منطقة المواصي، وقتلت طفلة وأُصيب 5 آخرون في قصف مماثل. وفي رفح، أطلق جنود الاحتلال النار مباشرة على مدنيين كانوا ينتظرون المساعدات، ما أدى إلى مقتل 3 فلسطينيين.
خلفية الوضع
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، تشمل القصف المتعمد للمنازل والمدارس والمستشفيات، إضافة إلى الحصار والتجويع والتشريد، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 196 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، بينهم آلاف الأطفال والنساء، وتدمير 70% من البنية التحتية للقطاع، وتهجير أكثر من مليون ونصف المليون نسمة. كما لا تزال آلاف الجثث تحت الأنقاض، في ظل عجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.
ومنذ 27 أيار/مايو الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي نحو 833 فلسطينيًا وجرح أكثر من 5400 آخرين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية "المصيدة"، التي توزعها ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" بدعم إسرائيلي أمريكي مباشر، وسط اتهامات باستخدام المساعدات كأداة قمع.
رؤية خاصة
تؤشر الاعتداءات المتواصلة على المدنيين في غزة إلى تصميم إسرائيلي واضح على تصفية مقومات الوجود الفلسطيني، عبر استخدام أدوات التجويع والترويع والقتل الجماعي. تواطؤ المجتمع الدولي، وصمت الأطراف الفاعلة، يرسخ شرعية القتل الإسرائيلي في المشهد العالمي. وفي ظل غياب أي ردع فعّال أو مساءلة حقيقية، تتحول كل نقطة انتظار للماء أو الغذاء في غزة إلى ساحة إعدام علني، بما يحوّل ملف المساعدات من استجابة إنسانية إلى أداة قتل جماعي. استمرار هذا النمط يؤكد فشل النظام الدولي في توفير الحماية، ويضع العالم بأسره أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية لا يمكن التنصل منها
غزة.. ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية إلى 57 ألفًا و882 شهيدًا و138 ألفًا و95 مصابًا
السبت 12 تموز/يوليو 2025
ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 57,882 شهيدًا و138,095 مصابًا، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في القطاع السبت، في ظل ظروف إنسانية كارثية ومجازر متواصلة تحصد أرواح المدنيين.
وقالت الوزارة في بيانها الإحصائي اليومي، إن المستشفيات استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 59 شهيدًا و208 مصابين جراء الغارات والقصف المدفعي على مناطق متفرقة من القطاع. وأشارت إلى أن العديد من الضحايا لا يزالون تحت أنقاض المباني المدمرة وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب استمرار القصف ونقص الوقود والمعدات.
كما أوضحت الوزارة أن ضحايا "المساعدات الإنسانية" التي تُوزع دون إشراف الأمم المتحدة بلغوا منذ 27 مايو/أيار 805 شهداء وأكثر من 5,252 مصابًا، بعد أن فتحت قوات الاحتلال نيرانها بشكل مباشر على آلاف المدنيين الجوعى الذين اصطفوا عند مراكز التوزيع. وذكرت أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال يوم أمس فقط 17 شهيدًا و53 مصابًا ضمن هذه الفئة، فيما أكد المكتب الإعلامي الحكومي أن توزيع المساعدات بهذا الشكل تحوّل إلى مصيدة دموية تستهدف المدنيين الفقراء.
وتشير بيانات الوزارة إلى أن حصيلة العدوان الإسرائيلي المتجدد منذ 18 مارس/آذار 2025 بلغت 7,311 شهيدًا و26,054 مصابًا، في تصعيد دامي بدأ عقب فشل مساعي التهدئة في مفاوضات الدوحة والقاهرة.
ومنذ بداية الحرب، تؤكد وزارة الصحة أن الغالبية العظمى من الضحايا هم من الأطفال والنساء، مع ارتفاع عدد المفقودين إلى أكثر من 10,000 شخص، فيما تشير التقارير الحقوقية إلى أن مئات آلاف الفلسطينيين باتوا نازحين دون مأوى، وسط انهيار شامل للخدمات الصحية والإنسانية.
وتتهم منظمات حقوق الإنسان الدولية، بما فيها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما في ظل تجاهلها لقرارات محكمة العدل الدولية التي طالبتها مرارًا بوقف العدوان وتسهيل دخول المساعدات.
ويقول مسؤولون في القطاع إن ما يجري في غزة هو حرب تجويع منظمة، يقودها الاحتلال بدعم أميركي سياسي وعسكري كامل، في محاولة لتركيع الشعب الفلسطيني وكسر مقاومته.
وفي ظل هذه الكارثة، حذرت وزارة الصحة من انهيار تام للمنظومة الطبية، بعد توقف معظم المستشفيات عن العمل بسبب نفاد الوقود والأدوية، فيما تعمل الفرق الطبية تحت القصف وعلى مدار الساعة.
رؤية خاصة:
تكشف الأرقام المتصاعدة عن مجزرة تاريخية مستمرة في غزة وسط صمت دولي مخزٍ، ما يضع منظومة القانون الدولي ومؤسساته على المحك. كما تؤكد الإبادة الجارية على أن إسرائيل تتعمد استخدام سلاح الحصار والتجويع كأداة إبادة جماعية. استمرار العدوان دون محاسبة حقيقية يعكس خللاً جوهريًا في النظام الدولي، ويجعل من القضية الفلسطينية معيارًا أخلاقيًا لإنسانية العالم.
صمت العالم عن سربرنيتسا يتكرر في فلسطين: رسالة أردوغان تفضح ازدواجية المعايير الدولية
الخميس 11 تموز/يوليو 2025
رسالة رمزية قوية بعث بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الذكرى الثلاثين لمجزرة سربرنيتسا، حين قارن بين صمت المجتمع الدولي في 1995 عن إبادة آلاف البوسنيين، وصمته المتواصل حاليًا عن الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، خصوصًا في قطاع غزة. التصريحات التي ألقاها أردوغان عبر كلمة مصورة خلال مراسم إحياء الذكرى، جاءت لتُسجّل موقفًا سياسيًا وأخلاقيًا يعيد تذكير العالم بمأساة كبرى لم يُحاسَب مرتكبوها بعد، ويضع المجازر الجارية في غزة تحت مرآة التاريخ.
أردوغان اعتبر أن "الإبادة المنسية ستتكرر"، مستشهدًا بعبارة الرئيس البوسني الراحل علي عزت بيغوفيتش، وهو ما عكس نبرة تحذيرية قوية بشأن مستقبل العدالة الدولية، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023. كما أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية، "ستُحاسب عاجلاً أم آجلاً أمام القانون والتاريخ"، على الجرائم التي راح ضحيتها أكثر من 57 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء.
الرئيس التركي لم يكتفِ بالتنديد، بل دعا مجددًا إلى إصلاح منظومة الأمم المتحدة، معتبرًا أن "فشلها في منع المذابح واستمرار ازدواجية المعايير يُثبت ضرورة مراجعة بنيتها ووظائفها". وأكد أنّ إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 11 تموز/يوليو يومًا دوليًا لإحياء ذكرى إبادة سربرنيتسا، يُعدّ اعترافًا سياسيًا وأخلاقيًا بعمق الجريمة، لكنه لا يكفي، ما لم يُقرن بسياسات ردعية تمنع تكرار الإبادة بحق شعوب أخرى.
تاريخيًا، قُتل أكثر من 8 آلاف بوسني على يد القوات الصربية في 11 يوليو 1995، بينما كانت قوات حفظ السلام الهولندية التابعة للأمم المتحدة عاجزة عن حمايتهم. المقارنة التي قدّمها أردوغان بين مشهد الجنود الهولنديين المتفرجين آنذاك، والمجتمع الدولي الصامت حاليًا أمام مشاهد القصف والتجويع في غزة، تضع العالم أمام مسؤولياته المتجددة.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن خطاب أردوغان يشكّل استراتيجية تركية واضحة، تُعيد التموضع الأخلاقي والسياسي لتركيا على الساحة الدولية، وتُزاوج بين السياسة الخارجية الإنسانية والدفاع عن الشعوب المظلومة، بما يعزز سردية "العدالة العالمية" التي تروّج لها أنقرة.
كما لم يغفل الرئيس التركي عن ملف البوسنة والهرسك، حيث أكد أن "السلام في البلقان جزء من السلام الأوروبي"، مشددًا على دعم بلاده لوحدة أراضي البوسنة ونظامها الدستوري. هذا الربط بين الماضي والحاضر، يعكس فهماً تركيًا واسعًا لطبيعة التحالفات الجيوسياسية والتحديات الأخلاقية.
رؤية خاصة:
خطاب الرئيس أردوغان يعكس تصعيدًا دبلوماسيًا أخلاقيًا مدروسًا، يربط ما بين المأساة البوسنية في سربرنيتسا والمأساة الفلسطينية الجارية. إن تكرار صمت العالم عن الجرائم الجماعية يؤكد هشاشة النظام الدولي الحالي، ويدفع أنقرة للتموضع كقوة أخلاقية تسعى لتوازن جديد بين القيم والمصالح. هذا الموقف قد يُسهم في إعادة تنشيط الحراك القانوني والدولي لمحاكمة مجرمي الحرب، ويفتح الباب أمام مبادرات تركية جديدة تحت مظلة الأمم المتحدة لإعادة تعريف مفهوم "الحماية الدولية" في النزاعات المعاصرة.
المجازر تتواصل في غزة: دير البلح تنزف ومقتل جندي إسرائيلي في الضفة
الخميس 10 يوليو/تموز 2025
تواصلت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة اليوم الخميس 10 يوليو/تموز 2025، مخلفة عشرات الشهداء والجرحى، في تصعيد ميداني دموي يتزامن مع جولة مفاوضات غير مباشرة تجري في العاصمة القطرية الدوحة. وقد ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة مروعة استهدفت بوابة مركز طبي في دير البلح، راح ضحيتها 15 شهيدًا.
حصيلة اليوم الميدانية تُظهر استشهاد 74 فلسطينيًا منذ ساعات الفجر، بينهم 38 في جنوب ووسط القطاع. وقد شملت الغارات أحياء سكنية ومخيمات للنازحين ومناطق طبية مأهولة، بينما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن المشافي أصبحت عاجزة عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين، مع نفاد كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الجراحية الأساسية.
أُفيد أن طائرات الاحتلال استهدفت بشكل مباشر مبنى ملاصقًا لمركز طبي في دير البلح، ما أدى إلى وقوع عدد من الضحايا من الطواقم الطبية والمرضى ومرافقيهم. كما تسببت الغارات بتدمير عدة منازل بشكل كامل، فيما نُقل المصابون إلى مستشفى شهداء الأقصى وسط المدينة.
شهدت مناطق خان يونس والمواصي حالات نزوح جماعي جديدة بعد توغل محدود لآليات الاحتلال بالقرب من تجمعات نازحين، فيما أفاد شهود عيان بأن مدفعية الاحتلال قصفت أطراف مناطق سكنية أثناء محاولة الأهالي الفرار.
في تطور ميداني موازٍ، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بإصابة ثلاثة من جنوده بنيران المقاومة الفلسطينية، أحدهم في حالة حرجة، خلال اشتباكات وقعت داخل مدينة غزة. كما أعلن عن مقتل جندي احتياط في عملية مزدوجة بالضفة الغربية، إثر هجوم مسلح نفذه فلسطينيان في مفترق مستوطنة "غوش عتصيون"، باستخدام الطعن وإطلاق النار.
المفاوضات الجارية في الدوحة دخلت يومها الخامس، وسط حديث متصاعد عن تحقيق تقدم ملموس. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الاتفاق بات قريبًا، مؤكدًا أن الجانبين ناقشا مقترح تهدئة لمدة 60 يومًا، يتبعها بحث إمكانية وقف دائم لإطلاق النار.
أفادت وسائل إعلام أميركية أن اجتماعًا سريًا جرى في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، ضمّ مبعوثين من إسرائيل وقطر والولايات المتحدة، وأسهم في تضييق فجوة الخلافات بشأن جدول تنفيذ الاتفاق وتبادل الأسرى.
من جانبها، أعلنت حركة حماس أنها قدمت مقترحات مرنة ووافقت على إطلاق سراح عشرة أسرى، مشددة على أن تحقيق اتفاق شامل يتطلب انسحاب الاحتلال من القطاع ورفع الحصار وضمان تدفق المساعدات. وأكدت الحركة استمرار جهودها بالتعاون مع الوسطاء لتجاوز العقبات المتبقية.
في المقابل، تصاعدت التصريحات المتناقضة داخل حكومة الاحتلال. ففي حين تحدث نتنياهو عن تقدم في المحادثات، رفض وزراء من اليمين المتطرف أي اتفاق مع حماس. وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إن "أي صفقة تمنح حماس فرصة جديدة هي جريمة بحق الجنود والمستوطنين"، فيما حذّر وزير المالية سموتريتش من "الانسحاب من المناطق المسيطر عليها ميدانيًا".
تتحدث التقارير العبرية عن نية إسرائيل الاحتفاظ بجزء من القطاع، خاصة محور "موراغ"، مع الإبقاء على آلية توزيع المساعدات التي تُشرف عليها مؤسسة "غزة الإنسانية" المدعومة أميركيًا، رغم الانتقادات الدولية الواسعة لها.
رؤية خاصة
تُوظف إسرائيل جرائمها اليومية في غزة كأوراق ضغط تفاوضي، غير أن المعادلة السياسية باتت تتآكل داخليًا في تل أبيب تحت ضغط عائلات الأسرى وتآكل الثقة بالحكومة. وتُظهر المعطيات أن المقاومة ما تزال قادرة على فرض كلفة ميدانية مرتفعة، بينما تسعى واشنطن إلى إنتاج اتفاق "هدنة مشروطة" يُراد به إنقاذ إسرائيل سياسيًا لا إنهاء الحرب فعليًا.
تصعيد إسرائيلي بهدم المنازل بالضفة.. فلسطين تحذّر من "تطبيع الجرائم"
الأربعاء 09 تموز/يوليو 2025
تصاعدت وتيرة عمليات الهدم التي ينفذها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية المحتلة خلال الأيام الماضية، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى توجيه تحذير رسمي للمجتمع الدولي من "خطر التعايش والتطبيع" مع هذه الجرائم، التي تُرتكب بشكل يومي، وتستهدف البنية السكنية الفلسطينية في المناطق المصنفة "ج".
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، إن القوات الإسرائيلية أقدمت الأربعاء على هدم 8 منازل سكنية، إضافة إلى كرفانين (بركسين)، في محافظات القدس ورام الله ونابلس، مما أدى إلى تشريد عشرات العائلات، وتفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي في المناطق المستهدفة.
وأضاف البيان: "نحذر من أن التعامل مع هذه الانتهاكات كأحداث اعتيادية هو بمثابة تشجيع على ارتكاب المزيد منها"، مشيرًا إلى أن استمرار هدم المنازل يعكس "سياسة تطهير عرقي ممنهجة، هدفها إفراغ الضفة من الوجود الفلسطيني، وفرض واقع استيطاني نهائي يقطع الطريق أمام حل الدولتين".
تصعيد منهجي
تشير المعطيات الفلسطينية إلى أن السلطات الإسرائيلية صعّدت في النصف الأول من عام 2025 سياسة الهدم والتشريد، إذ وثّقت مؤسسات حقوقية 588 عملية هدم لمنازل ومنشآت في الضفة، تسببت بتضرر مباشر لـ843 مواطنًا. كما أُخطرت 556 منشأة أخرى بالهدم، من بينها 322 منزلًا مأهولًا.
وتتركز عمليات الهدم في المناطق المصنفة "ج"، التي تشكّل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة بحسب اتفاق "أوسلو 2" الموقع عام 1995. وتبرر سلطات الاحتلال عمليات الهدم بعدم وجود تراخيص بناء، رغم أن منح هذه التراخيص للفلسطينيين نادر جدًا.
خلفية سياسية
يتزامن هذا التصعيد مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والذي خلّف حتى الآن أكثر من 195 ألف شهيد وجريح، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين، وفق إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.
وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة "غير قانوني"، ويمثّل خرقًا فادحًا للقانون الدولي واتفاقيات جنيف. لكن رغم هذه الإدانات، لم تتمكن مؤسسات المجتمع الدولي من اتخاذ إجراءات رادعة توقف سياسة الهدم والتهويد.
تداعيات إنسانية
لا تقتصر آثار الهدم على فقدان المأوى فحسب، بل تؤدي إلى تدمير البنية الاقتصادية للعائلات، إذ تُستهدف أيضًا المنشآت الزراعية والورش والمحال، ما يعمّق من أزمة الفقر والبطالة، خاصة في القرى المحاذية للمستوطنات الإسرائيلية التي تتعرض بشكل دائم لاعتداءات المستوطنين المسلّحين.
رؤية خاصة:
تعكس سياسة هدم المنازل تصعيدًا إسرائيليًا ممنهجًا في الضفة الغربية، يستهدف تفكيك المجتمع الفلسطيني وترسيخ وقائع استعمارية على الأرض. كما تمثل هذه السياسة أحد أوجه "الهندسة الديموغرافية" التي تسعى لفرض خارطة أمنية جديدة في الضفة، تخدم أهداف اليمين الإسرائيلي وتُجهض أي مسار تفاوضي مستقبلي. وبغياب ردع دولي حاسم، تمضي إسرائيل في تحويل المناطق المصنفة "ج" إلى "جغرافيا مغلقة"، تُفرغ من سكانها الفلسطينيين وتُمنح للمستوطنين، ما يُعمق الفجوة ويؤجج جذور الصراع.
الاستجابة السورية لحرائق اللاذقية تجسّد جهداً حكومياً منسقاً وتعاوناً إقليمياً لافتاً
الثلاثاء 08 تموز/ يوليو 2025
الاستجابة السورية للحرائق التي اندلعت في ريف محافظة اللاذقية منذ الثالث من تموز، عكست تماسكًا مؤسساتيًا واستعدادًا ميدانيًا ملحوظًا، في وقت تزايدت فيه التحديات المناخية واشتدت ظروف الرياح. فقد أعلنت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية أن الحكومة طلبت رسميًا دعمًا من الاتحاد الأوروبي، ضمن سياسة الانفتاح الإغاثي والحرص على حماية السكان.
وأكد وزير الطوارئ رائد الصالح أن فرق الإطفاء المحلية مدعومة بطواقم من الدفاع المدني وبتنسيق جوي من طائرات سورية وتركية وأردنية ولبنانية، نجحت في إخماد بؤر متعددة للنيران، خاصة في قرية الغسانية ومحيط ناحية كسب، دون تسجيل خسائر بشرية، رغم تسجيل عشر إصابات بين عناصر الدفاع المدني، معظمها حالات اختناق.
وأوضح الصالح أن الظروف الجوية القاسية، وانفجار بعض مخلفات الحرب في الأحراج، عقّدت عمليات الإطفاء، إلا أن التنسيق الميداني ووعي السكان أسهما في احتواء الخطر حتى الآن. وأشار إلى أن عدد الطائرات المشاركة قد يرتفع إلى 20، في إشارة إلى توسّع الدعم الإقليمي والدولي المنتظر.
وشدد على أن حماية المدنيين تبقى أولوية مطلقة للحكومة، مؤكدًا أن ما تم اتخاذه من إجراءات يعكس جدية الدولة في التعاطي مع الكوارث الطبيعية بأعلى درجات التنظيم والمسؤولية.
رؤية خاصة – دمشق تعيد بناء الجسور عبر بوابة الإغاثة
تُظهر الاستجابة السورية للأزمة البيئية الحالية تحوّلًا مهمًا في آليات إدارة الكوارث، من خلال اعتماد الحكومة سياسة الانفتاح والتواصل الدولي، وطلب الدعم من الاتحاد الأوروبي كمؤشر على تجاوز مرحلة الانعزال والانتقال نحو مرحلة تنسيق مشترك مع المؤسسات الغربية. هذه الخطوة قد تفتح المجال أمام دعم طويل الأمد لإعادة تأهيل الغابات المحترقة والبنى البيئية المدمّرة، وتعزيز قدرات الإنذار المبكر في المناطق المعرضة سنويًا للحرائق.
كما أن انخراط الطيران التركي والأردني واللبناني في عمليات الإطفاء يعكس عودة التفاهم الإقليمي مع سوريا في قضايا الأمن الإنساني والمناخي، وهو ما قد يُوظَّف لاحقًا لبناء شبكات تدخل مشترك تتجاوز الاعتبارات السياسية الضيقة.
وفي ضوء انحسار الأزمة جزئيًا، تملك الحكومة السورية فرصة لاستثمار هذه الاستجابة كنموذج للدولة القادرة على حماية شعبها، والفاعلة في المنظومة الدولية حين تستدعي الضرورة. ومن شأن تطوير هذا المسار أن يُسهم في تحسين صورة دمشق خارجيًا، ويمنحها مزيدًا من الشرعية في المحافل الإنسانية.
تأسيس ماسك لحزب "أمريكا".. اختبار جديد لنظام الحزبين وضغط مباشر على الجمهوريين
7 تموز/يوليو 2025
تشكل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تأسيس إيلون ماسك حزبًا سياسيًا جديدًا نقطة انطلاق لجدل واسع في الولايات المتحدة حول مستقبل نظام الحزبين، في لحظة سياسية دقيقة تسبق انتخابات 2028. ووصف ترامب هذه الخطوة بأنها "سخيفة" و"مزعجة"، معتبرًا أنها قد تسبب "إرباكًا" في النظام السياسي الأمريكي الذي يتمحور حول حزبي الجمهوريين والديمقراطيين منذ قرن ونصف.
وأعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، مؤسس شركات "تسلا" و"سبيس إكس" ومالك منصة "إكس"، عن تأسيس حزب جديد تحت مسمى "حزب أمريكا"، متسائلًا في منشور بمناسبة يوم الاستقلال: "هل آن الأوان للاستقلال عن نظام الحزبين؟". ورافق سؤاله استطلاعًا على "إكس" أظهر أن ثلثي المشاركين أيّدوا الفكرة، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة رمزية عن حالة الغضب الشعبي من الانقسام الحزبي والمؤسسي.
وفي تصريحات لاحقة من مطار نيوجيرسي، اعتبر ترامب أن هذه الخطوة تعكس اضطرابًا سياسيًا لدى ماسك، مؤكدًا أن حزبه الجمهوري يحقق النجاحات ولا حاجة لتأسيس كيانات جديدة "تشتت الصف المحافظ"، حسب تعبيره. كما هاجم ترامب ماسك عبر منصة "تروث سوشيال"، قائلاً إنه "خرج عن المسار" وأصبح "حطام قطار سياسي"، في إشارة إلى تدهور علاقتهما بعد انتقاد ماسك لمشروع قانون الضرائب الذي قدمته إدارة ترامب ومرّره الكونغرس مؤخرًا.
وبحسب مراقبين، فإن الصدام العلني بين الرجلين يعكس تحوّلًا في التحالفات داخل اليمين الأمريكي، حيث يسعى ماسك إلى تقديم نفسه بوصفه "القوة الثالثة" بين الجمهوريين والديمقراطيين، خصوصًا مع تصاعد شعبيته في أوساط الشباب والليبراليين غير الحزبيين.
ويأتي إعلان تأسيس الحزب الجديد بعد يوم واحد فقط من تمرير الكونغرس قانونًا جديدًا للضرائب وصفه ماسك بأنه "كارثي ومدمر للاقتصاد"، ما عزز قناعته – كما صرح لاحقًا – بأن "السياسات تُدار من نخب لا تمثل القواعد".
رؤية خاصة:
يعكس المشهد الحالي اهتزازًا في بنية النظام الحزبي الأمريكي، ويعيد إلى الواجهة محاولات سابقة لتأسيس أحزاب ثالثة فشلت في الاستمرار، مثل حزب "روز بيرو" عام 1992. لكن ما يميز تجربة ماسك هو امتلاكه أدوات تواصل عملاقة وجمهور واسع عبر "إكس" ومنصات أعماله، ما يجعله قادرًا على التغلغل في المشهد السياسي من خارج البنى التقليدية. ومع ذلك، فإن نجاح الحزب الجديد يبقى مشروطًا بالقدرة على بناء قاعدة تنظيمية حقيقية وتحقيق تمثيل مؤسسي، وهو ما لم يتحقق لأي حزب ثالث خلال القرن الأخير.
حصيلة شهداء غزة تتجاوز 57 ألفًا.. استمرار العدوان الإسرائيلي وسط صمت دولي
السبت 5 تموز/يوليو 2025
تُواصل آلة الحرب الإسرائيلية حصد الأرواح في قطاع غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة في القطاع، السبت 5 يوليو/تموز 2025، ارتفاع عدد الشهداء منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 57,338 شهيدًا، وإصابة 135,957 فلسطينيًا، معظمهم من النساء والأطفال. وفي الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، وصل إلى مستشفيات القطاع 70 شهيدًاو332 مصابًا، في وقت تستمر فيه العمليات العسكرية التي تصفها مصادر حقوقية بـ”الإبادة الجماعية المنظمة”.
التقرير اليومي الصادر عن وزارة الصحة بغزة أشار كذلك إلى أن عدد ضحايا العدوان منذ استئنافه في 18 مارس/آذار 2025 بلغ 6,780 شهيدًاو23,916 مصابًا، ما يعكس شراسة الهجمات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة، وتكثيف عمليات الاستهداف ضد الأحياء السكنية، ومراكز الإيواء، ومناطق توزيع المساعدات.
وفي ظل غياب رقابة دولية، وابتعاد الأمم المتحدة عن آليات التوزيع، بدأت إسرائيل منذ أواخر مايو الماضي تنفيذ آلية “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا، والتي باتت تتحكم بالمساعدات، وتعيد تنظيم توزيعها بعيدًا عن الإشراف الأممي. ووفق وزارة الصحة، فقد ارتفع عدد شهداء لقمة العيش ممن سقطوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات إلى 743 شهيدًا، فضلًا عن 4,891 مصابًا، في استهداف مباشر للمواطنين أثناء اصطفافهم في طوابير الطعام.
ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن قوات الاحتلال تطلق الرصاص يوميًا على مراكز توزيع المساعدات، في سياسة ترهيب منظمة تهدف إلى ترك المواطنين بين خيارين: الموت جوعًا أو الموت برصاص الجيش الإسرائيلي. وأشار البيان إلى أن المساعدات التي تدخل عبر الآلية الإسرائيلية لا تُوزع بشكل عادل، وتخدم أهدافًا سياسية لتكريس واقع التجزئة والتحكم في المعابر.
وفي ظل هذه الجرائم، تحذّر المؤسسات الطبية في غزة من انهيار القطاع الصحي، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود، مع تعطل أكثر من 60% من المرافق الصحية في القطاع، نتيجة القصف أو انقطاع الدعم. وتشير وزارة الصحة إلى أن غالبية المصابين لا يتلقون العلاج الكافي بسبب شح الموارد، ما يزيد من معدل الوفيات والإعاقات.
في المقابل، تُواصل إسرائيل حربها دون اكتراث للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية، التي طالبت بوقف فوري للعدوان وتوفير حماية للمدنيين. وتؤكد معطيات فلسطينية رسمية أن الحرب خلفت أيضًا ما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح عشرات الأطفال نتيجة الحصار والتجويع.
وبحسب تقديرات مؤسسات دولية، فإن نحو 1.5 مليون فلسطيني باتوا بلا مأوى، بعد تدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية، وسط استمرار العمليات الإسرائيلية تحت غطاء دعم أميركي سياسي وعسكري.
وسط هذا الواقع الكارثي، تبرز الحاجة إلى موقف دولي واضح وفاعل، لا يكتفي بالتعبير عن القلق، بل يتجه نحو وقف إطلاق النار الفوري، وفتح تحقيقات جنائية بحق المسؤولين عن جرائم الحرب، وتوفير حماية دولية عاجلة للمدنيين.
بريطانيا تعيد علاقاتها مع دمشق: بداية مرحلة جديدة أم ضرورات جيوسياسية؟
السبت، 5 تموز/يوليو 2025
اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في العاصمة دمشق شكّل علامة فارقة في مسار العلاقات بين البلدين، بعد قطيعة دامت أكثر من 14 عامًا.
الزيارة الرسمية الأولى لوزير بريطاني منذ عام 2011 فتحت الباب لتساؤلات عديدة حول تحولات السياسة الغربية تجاه سوريا الجديدة، لا سيما في ظل سقوط نظام بشار الأسد نهاية عام 2024.
الإعلان البريطاني بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا جاء مصحوبًا بحزمة مساعدات عاجلة بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني، خصصت لدعم الاحتياجات الإنسانية والإنمائية في البلاد.
البيان الصادر عن الحكومة البريطانية أكد أن زيارة لامي تهدف إلى "دعم الحكومة السورية الجديدة في تنفيذ التزاماتها وتعزيز جهودها نحو الاستقرار".
الرئاسة السورية من جهتها، أشارت إلى أن اللقاء تضمن مناقشة التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية وسبل التعاون، وسط تأكيد على الانفتاح الكامل على الشراكات مع الدول الأوروبية بعد سنوات من العزلة.
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وصف اللقاء بأنه "خطوة جادة نحو استعادة مكانة سوريا في محيطها الدولي"، مشيدًا بـ"التحول الإيجابي في الموقف البريطاني".
الخطوة البريطانية لم تكن معزولة عن السياق الدولي المتغير، حيث شهدت الأشهر الأخيرة رفعًا للعقوبات الأميركية عن دمشق بقرار من الرئيس دونالد ترامب، عقب توقيعه أمرًا تنفيذيًا في مايو الماضي لدعم الحكومة السورية الجديدة.
الشيباني كان قد بحث أمس الجمعة مع نظيره الأميركي ماركو روبيو ملف العقوبات وملف الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب السوري، مؤكدًا أن "دمشق سترد سياسيًا وقانونيًا على أي اعتداء جديد".
التحول البريطاني يأتي بعد سنوات من المواقف المتشددة تجاه دمشق منذ قمع نظام الأسد للثورة السورية عام 2011، وما تلاها من عقوبات أوروبية وأميركية، شملت تجميد الأصول، ووقف التحويلات، وفرض حظر واسع على التعامل مع النظام السابق.
التحليلات الغربية تشير إلى أن تحولات الشرق الأوسط، وتراجع النفوذ الإيراني والروسي، وعودة سوريا إلى الحاضنة الإقليمية بدعم تركي وخليجي، دفعت لندن لإعادة التموضع دبلوماسيًا في الملف السوري.
الشارع السوري استقبل الزيارة بحذر وترقّب، حيث قال محمد الرفاعي، وهو تاجر من دمشق القديمة: "لا نثق بسهولة، لكننا نحتاج لكل دعم ممكن، خاصة إذا التزموا بالاحترام والمساعدة دون شروط سياسية مجحفة".
وفي المقابل، رأت آمنة السقا، أستاذة العلوم السياسية بجامعة حلب، أن "الزيارة تحمل أبعادًا استراتيجية أكثر من كونها إنسانية، فبريطانيا لا تتحرك دون حسابات دقيقة في منطقة الشرق الأوسط".
العديد من المحللين يربطون هذا التطور بتزايد الحضور التركي في إدارة مرحلة ما بعد الأسد، وبمحاولة بريطانية لاستعادة نفوذ أوروبي مفقود في الملف السوري، بعد أن تصدّرت واشنطن ترتيب المشهد الدبلوماسي.
الزيارة قد تشكّل مقدمة لمزيد من الانفتاح الغربي على الحكومة السورية الجديدة، في حال توافقت المصالح الإقليمية والدولية، وظهرت دمشق كطرف قادر على ضبط الاستقرار في المنطقة.
فلسطين: دعوات الضم الإسرائيلية تفجّر القلق وتنسف فرص التهدئة
الجمعة 4 تموز/يوليو 2025
تسببت دعوة 14 وزيرًا من الحكومة الإسرائيلية، يتقدمهم رئيس الكنيست أمير أوحانا، إلى ضم الضفة الغربية فورًا وتفكيك السلطة الفلسطينية، في موجة من التحذيرات السياسية داخل الأراضي الفلسطينية، وسط تأكيدات رسمية بأن هذه الخطوة تمثل إفشالًا متعمدًا لأي جهود لتحقيق التهدئة في المنطقة.
وزارة الخارجية الفلسطينية اعتبرت في بيان رسمي أن التصعيد السياسي المتزامن مع العمليات العسكرية في غزة يعكس نية مبيتة لإجهاض أي مسعى دولي لحل الصراع، مشيرة إلى أن الدعوات الإسرائيلية للضم تأتي في سياق "تهويد شامل وتفريغ الأرض من سكانها". البيان طالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل، محذرًا من أن استمرار التحريض على تفكيك السلطة يفتح الباب أمام موجة جديدة من الانفجار.
الدعوة التي تقدم بها وزراء من حزب "الليكود"، وطالبت بفرض السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة" (التسمية التوراتية للضفة)، تزامنت مع تصاعد غير مسبوق في عمليات الاستيطان، وارتفاع في وتيرة الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وخصوصًا في المناطق المصنفة (ج) والقرى البدوية.
في المقابل، شدد الوزير الإسرائيلي ياريف ليفين على ضرورة "فرض السيادة الإسرائيلية" باعتبار أن الوقت الحالي هو الأفضل لـ"استكمال المشروع الصهيوني التاريخي". فيما لم يصدر عن مكتب نتنياهو أي تعليق رسمي حتى اللحظة، وسط ترجيحات بأن يكون هذا التوجه جزءًا من خارطة طريق سياسية داخلية استعدادًا لأي انتخابات قادمة.
تأتي هذه الدعوات في وقت تستمر فيه إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بشنّ حرب إبادة على قطاع غزة، أدت إلى مقتل ما يزيد عن 192 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، فضلًا عن فقدان أكثر من 10 آلاف شخص ونزوح مئات الآلاف، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
كما يتزامن التصعيد مع ارتفاع خطير في اعتداءات المستوطنين في الضفة، حيث رصدت تقارير أمنية إسرائيلية مؤخرًا زيادة بنسبة 30% في الهجمات التي ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم.
تحليل محتمل
التحول من ضم تدريجي صامت إلى دعوات علنية يقودها وزراء في الحكومة، يعكس تغييرًا في قواعد الاشتباك السياسي الإسرائيلي، ويشير إلى محاولات لفرض واقع جديد على الأرض يستبق أية تسوية مستقبلية. في المقابل، تبقى السلطة الفلسطينية في وضع سياسي هش، لا سيما مع تعثر جهود المصالحة الداخلية وغياب موقف عربي موحّد.
رؤية خاصة
ضمن إطار خرائط النفوذ والتحالفات، تُظهر التحركات الإسرائيلية الأخيرة سعيًا لتكريس مشروع "إسرائيل الكبرى" برعاية أمريكية غير مباشرة، وفي ظل انشغال إقليمي ودولي بملفات أكثر سخونة. هذا التصعيد يهدد بتحويل الضفة إلى ساحة صراع مفتوحة، ويقضي فعليًا على ما تبقى من فرص تطبيق حل الدولتين، فيما تتحول السلطة الفلسطينية تدريجيًا إلى كيان إداري منزوع السيادة، أمام مجتمع دولي يتجاهل المؤشرات الاستعمارية المتسارعة.
العنوان: أنقرة تتحدى أوروبا: مذكرة ليبيا خط أحمر في معركة النفوذ البحري
الخميس 3 تموز/يوليو 2025
في تصعيد دبلوماسي جديد، أعلنت وزارة الدفاع التركية تمسك أنقرة الكامل بمذكرة التفاهم البحرية الموقعة مع ليبيا عام 2019، ورفضها القاطع لما اعتبرته "استهدافًا سياسيًا من الاتحاد الأوروبي"، في أعقاب البيان الختامي لقمة بروكسل الذي وصف الاتفاق بأنه "غير قانوني ويقوّض الاستقرار الإقليمي".
الرد التركي جاء حاسمًا، إذ أكدت مصادر رسمية في وزارة الدفاع – خلال إحاطة صحفية يوم الخميس – أن الاتفاق البحري مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية تم توقيعه بما "يضمن حماية المصالح البحرية لكلا الطرفين، ويستند إلى مبادئ العدالة ومبادئ القانون البحري الدولي".
ووفقًا للمصادر، فإن أنقرة وليبيا قد أبلغتا الأمم المتحدة رسميًا بالمذكرة عقب توقيعها، ما يمنحها شرعية قانونية كاملة. كما رفضت تركيا اتهامات الاتحاد الأوروبي التي ترى في الاتفاق "تعديًا على الحقوق البحرية لليونان وقبرص الجنوبية"، واعتبرتها "توجيهًا سياسيا مدفوعًا بأجندات أحادية الجانب".
وكانت أنقرة وطرابلس قد وقعتا مذكرتي تفاهم في 27 نوفمبر 2019، تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية في شرق البحر المتوسط. وقد صادق البرلمان التركي على الاتفاق في 5 ديسمبر من العام ذاته، ودخل حيز التنفيذ بعد ثلاثة أيام.
تركيا شددت، من خلال بيان وزارة الدفاع، على أن مذكرة التفاهم رُسمت وفق "الخط الوسطي" بين البرين الليبي والتركي، وراعت مبدأي "عدم الإغلاق" و"التماثل الجغرافي"، بما يتفق مع القانون الدولي للبحار.
وفيما يعتبر مراقبون أن التصعيد التركي يندرج ضمن استراتيجية أوسع لتثبيت النفوذ البحري لأنقرة في شرق المتوسط، ترى أطراف أوروبية في الاتفاق التركي الليبي تهديدًا لمشروعات أنابيب الغاز ومسارات الطاقة التي تمولها بروكسل، لا سيما مشروع "EastMed" الذي كان يهدف لربط إسرائيل باليونان وإيطاليا عبر قبرص.
ورغم المعارضة الغربية، لا تزال تركيا تتوسع في بناء تحالفات بحرية وجيوسياسية بديلة، تشمل ليبيا وقطر والجزائر وبعض دول البحر الأحمر. وتشير المعطيات إلى استمرار التنسيق العسكري بين أنقرة وطرابلس، خصوصًا في حماية المياه الإقليمية الليبية من "الاختراقات اليونانية" المتكررة، بحسب التصريحات التركية.
رؤية خاصة:
تستثمر تركيا في الاتفاق البحري مع ليبيا كأداة توازن إقليمي لاحتواء التحالفات المعادية في شرق المتوسط. الاتفاق ليس فقط إطارًا قانونيًا لترسيم الحدود، بل يمثل تحولا استراتيجيا في تموضع أنقرة كلاعب محوري في أمن الطاقة وممرات التجارة. ومع تصاعد الضغوط الأوروبية، يتوقع أن تمضي أنقرة في استراتيجية التصعيد الدبلوماسي، مترافقة مع تعزيز حضورها العسكري في المتوسط لحماية مكتسباتها. وإذا استمرت أوروبا في الضغط، فإن أنقرة قد تلجأ إلى خطوات استباقية، تشمل توسيع الاتفاق ليشمل دولًا أفريقية مطلة على المتوسط.
مشاورات حماس والوسطاء تُحيي آمال التهدئة في غزة وسط انقسام إسرائيلي داخلي
الأربعاء 2 تموز/يوليو 2025
تشهد مشاورات حثيثة بين حركة حماس والوسطاء الإقليميين، وسط تطورات متسارعة في ملف التهدئة في غزة. إذ أعلنت الحركة أنها تلقت مقترحات جديدة تهدف للوصول إلى اتفاق شامل يضمن وقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال، مع بدء مفاوضات جدية.
تُشير تصريحات حماس إلى انفتاحها على تلك المقترحات، حيث أكد كمال أبو عون، عضو المكتب السياسي للحركة، أن "المشاورات تجري بمسؤولية عالية وبروح وطنية، في سبيل الوصول إلى صيغة تضمن أمن شعبنا وكرامته"، مشيدًا في الوقت ذاته بتماسك الفلسطينيين في وجه محاولات فرض إدارة بديلة في القطاع.
تتزامن هذه الجهود مع تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن فيها أن إسرائيل وافقت مبدئيًا على وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، شريطة أن توافق حماس على المبادئ المطروحة. ومن المقرر أن يجتمع ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع المقبل في البيت الأبيض لمتابعة هذا الملف.
تنقسم المواقف داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن الاتفاق، إذ يعارضه بشدة كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، في حين عبّر وزير الخارجية جدعون ساعر عن دعمه لفكرة إطلاق سراح الرهائن واغتنام الفرصة إن توفرت.
تحاول المعارضة الإسرائيلية كذلك توفير شبكة أمان سياسية لنتنياهو إن قرر المضي قدمًا في الاتفاق، وهو ما قد يحرمه بن غفير وسموتريتش من القدرة على إسقاط الحكومة، رغم امتلاكهم 13 مقعدًا فقط مقابل 23 لحزب لابيد.
من جانبها، تؤكد حماس أن أي اتفاق يجب أن يتضمن وقفًا شاملًا للعدوان، وانسحابًا كاملاً من غزة، وضمان تدفق المساعدات، وبدء الإعمار، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. في المقابل، تسعى إسرائيل لصفقة تبادل محدودة دون إنهاء الحرب، مما يطرح تحديات كبيرة أمام جهود التهدئة.
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر حتى الآن عن أكثر من 191 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، وتدمير شبه كلي للبنية التحتية المدنية في القطاع.
رؤية خاصة
يعكس موقف حماس من المقترحات المطروحة تحولًا استراتيجيًا باتجاه إدارة تفاوضية تستند إلى وحدة الميدان وصمود السكان، فيما يبدو أن إسرائيل تبحث عن مخرج سياسي أكثر من رغبتها في تهدئة حقيقية، الأمر الذي يُعيد تعريف ميزان الإرادة بين طرفي الصراع.
تصعيد دموي جديد في غزة ومباحثات أميركية–إسرائيلية مرتقبة
الثلاثاء 1 يوليو/تموز 2025
استمرّت المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة لليوم الثالث بعد المئة من استئناف القصف المكثف، وسط انهيار كامل للمنظومة الصحية وتصاعد التحذيرات الدولية من مجاعة وشيكة تفتك بالأطفال.
أكثر من مئة شهيد فلسطيني سقطوا منذ فجر اليوم، بحسب ما أكدته مصادر طبية في مستشفيات القطاع، مشيرة إلى أن القصف طال منازل، وخيامًا تؤوي نازحين، ومراكز توزيع للمساعدات الإنسانية.
مستشفى المعمداني في مدينة غزة تلقّى جثامين 8 شهداء في قصف عنيف استهدف شارع كشكو بحي الزيتون، بينما أعلن مجمع ناصر الطبي استشهاد فلسطيني وإصابة آخر في منطقة جورة العقاد شمال خان يونس.
منطقة المواصي غربي خان يونس شهدت استهداف خيمة نازحين بالقصف، مما أدى إلى سقوط 5 شهداء وعدد من المصابين، وفق روايات شهود عيان وفِرق الإسعاف التي أكدت أن القصف استهدف المدنيين بشكل مباشر.
المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة صرّح بأن حصيلة الشهداء منذ صباح اليوم بلغت 102 شهيد، لافتًا إلى أن معظم الضحايا هم من النساء والأطفال، وأن الطواقم الطبية تعمل تحت القصف وبإمكانات معدومة.
وكالة الأونروا وصفت الوضع في غزة بـ"المجزرة المفتوحة"، مؤكدة أن الجوع يُستخدم كسلاح ضد المدنيين، وأن التهجير القسري والحرمان من المساعدات أصبحا نمطًا ممنهجًا لسحق السكان المحاصرين.
بيان صادر عن حركة حماس حذّر من كارثة صحية تهدد حياة الأطفال، بعد رصد حالات إصابة بمرض التهاب السحايا، في ظل الانهيار الكامل لشبكات المياه والصرف الصحي ونقص الأدوية والمضادات الحيوية.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن عن لقاء سيجمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين المقبل، وقال في تصريح مقتضب إنه سيبحث ملفي غزة وإيران، بالإضافة إلى قضية الأميركيين المحتجزين في غزة.
مصادر إعلامية أميركية ذكرت أن المباحثات المرتقبة في البيت الأبيض ستُركز على إمكانية الوصول إلى وقف إطلاق نار إنساني، غير أن موقف نتنياهو المعلن لا يزال يربط إنهاء الحرب بالقضاء الكامل على حركة حماس.
تقديرات سياسية في تل أبيب أشارت إلى انقسام داخل مجلس الحرب، بين من يرى أن إسرائيل بلغت الحد الأقصى من قدرتها على الاستمرار، وبين من يدفع باتجاه التصعيد لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.
مراكز إيواء النازحين باتت هدفًا مباشرًا للقصف، بحسب ما أكدته فرق الإغاثة، التي أشارت إلى استشهاد عدد من المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية في شمال رفح ووسط القطاع.
منظمة الصحة العالمية أعربت عن خشيتها من تفشي أوبئة خطيرة، بعد تسجيل أكثر من 8923 حالة سوء تغذية بين الأطفال، ونحو 70 ألف حالة تعاني من مستويات حادة تهدد الحياة، في ظل تعذّر إدخال المساعدات والحليب العلاجي.
رؤية خاصة:
يمثّل التصعيد المتواصل في غزة، مقرونًا بالحصار وغياب أي أفق سياسي جاد، جريمةً مركّبة تُرتكب على الهواء مباشرة. ومع اقتراب موعد المباحثات الأميركية–الإسرائيلية، يبقى السؤال: هل تملك واشنطن شجاعة وقف الحرب، أم ستكتفي بإدارة مجازرها بصمت استراتيجي؟
زيارة نتنياهو إلى واشنطن: غزة وإيران في صدارة مباحثاته مع ترامب
الثلاثاء 1 يوليو/تموز 2025
في تطور جديد يعكس تسارع الاتصالات الأميركية–الإسرائيلية في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن مباحثاته المرتقبة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع المقبل ستشمل ملفات شائكة على رأسها قطاع غزة والملف النووي الإيراني، إلى جانب ترتيبات أمنية أوسع.
تصريحات ترامب وخلفيات الزيارة
وخلال تصريح للصحفيين أثناء مغادرته البيت الأبيض متوجهاً إلى ولاية فلوريدا، قال ترامب: “نتنياهو قادم إلى هنا، وسنتحدث عن أمور كثيرة، وعن النجاح المذهل الذي حققناه في إيران”، مضيفاً أنه سيبحث معه قضية استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
وتأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد المطالب الداخلية في إسرائيل بشأن ملف الأسرى، وتزايد الضغوط على حكومة نتنياهو عقب فشل عدة جولات تفاوضية مع حركة “حماس”.
الملف الإيراني: من التصعيد إلى التهدئة
تشكل زيارة نتنياهو إلى واشنطن أول اتصال مباشر رفيع بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، الذي أُعلن في 24 يونيو/حزيران الماضي، عقب حرب استمرت 12 يوماً.
وقد شنت إسرائيل، بدعم عسكري واستخباري أميركي، ضربات مكثفة استهدفت مواقع نووية وعسكرية إيرانية، وأسفرت عن مقتل عدد من القادة والعلماء، فيما ردّت طهران بقصف بالصواريخ والطائرات المسيرة استهدف قواعد إسرائيلية، إضافة إلى قصف قاعدة العديد الأميركية في قطر.
غزة: صفقة كبرى أم تعقيد إضافي؟
بحسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، فإن ترامب يسعى من خلال اللقاء إلى بلورة “صفقة كبرى” تنهي الحرب المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتشمل تبادل الأسرى وتوسيع دائرة التطبيع العربي مع إسرائيل.
غير أن نتنياهو، الذي يواجه مذكّرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب في غزة، يرفض مقترحات التسوية الشاملة، متمسكًا بشروط أحادية تشمل نزع سلاح الفصائل الفلسطينية و”إعادة احتلال” القطاع.
موقف حماس والتوازنات الميدانية
في المقابل، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل وقف كامل للحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني.
وتقدّر تل أبيب وجود نحو 50 أسيراً إسرائيلياً في غزة، بينهم 20 على قيد الحياة، بينما تشير تقارير فلسطينية وإسرائيلية إلى أن ظروف اعتقال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية تتسم بالتعذيب والإهمال وسوء المعاملة، ما تسبب بوفاة عدد منهم.
رؤية خاصة :
يحاول ترامب استثمار وقف التصعيد مع إيران لفتح نافذة تسوية في غزة، ضمن مسار أوسع يشمل تطبيعاً إقليميًا وتخفيف التوترات العسكرية. غير أن تمسك نتنياهو بحل أمني قائم على شروط إسرائيلية، قد يجهض أي مسار تفاوضي متوازن.
تبدو زيارة نتنياهو محاولة لاختبار مدى استعداد إدارة ترامب لإعطائه الغطاء السياسي لمواصلة سياسات التفرد، بينما تظل فرص التسوية رهناً بموقف المقاومة، وتوازن القوى الميداني، وضغوط الرأي العام الأميركي والدولي تجاه إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة.
انفجار في وتيرة عنف المستوطنين بالضفة: أكثر من 400 اعتداء منذ بداية العام
الأحد 29 يونيو 2025
تسجّل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدًا الضفة الغربية، تصاعدًا خطيرًا في وتيرة الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون بحق المدنيين الفلسطينيين منذ بداية عام 2025. فقد كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، استنادًا إلى بيانات المؤسسة الأمنية، عن ارتفاع نسبة هذه الجرائم بنسبة 30% مقارنة بالنصف الأول من عام 2024، ما يعكس تحولًا لافتًا في نمط العنف الإسرائيلي الداخلي، وتحديدًا في المستوطنات.
ووفق التقرير، فقد تم تسجيل 414 اعتداءً من قبل مستوطنين ضد فلسطينيين خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ318 اعتداء في الفترة ذاتها من العام الماضي. وتشمل هذه الاعتداءات – وفق التصنيف الإسرائيلي – عمليات إحراق متعمد لمنازل ومزارع فلسطينية، تخريب للممتلكات، رشق بالحجارة، إطلاق نار، وكتابات تحريضية عنصرية، إضافة إلى اقتحامات جماعية للمناطق الريفية.
ونقلت الإذاعة عن ضابط رفيع في جيش الاحتلال قوله: "الارتفاع ينعكس في مستوى الخطورة، فالحوادث لم تعد احتجاجية فقط، بل تتحول إلى اعتداءات ميدانية عنيفة تتسبب بإصابات وخسائر كبيرة"، مضيفًا أن بعض المستوطنين ينفذون الاعتداءات بـ"إحساس الحصانة الكاملة".
هذه التطورات تأتي في سياق معقّد، فبينما ينشغل الرأي العام العالمي بما يجري في غزة، يواصل المستوطنون تنفيذ هجمات منظمة ضد الفلسطينيين في الضفة، وسط تقارير تؤكد تواطؤ قوات الاحتلال في حماية المعتدين وتسهيل عملياتهم. ويشير مراقبون إلى أن التصعيد يتزامن مع دعم سياسي غير مسبوق من وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وفي الميدان، يربط الفلسطينيون بين هذه الاعتداءات وبين مشروع استيطاني متسارع يهدف إلى تفريغ مناطق "ج" – التي تشكّل 60% من الضفة الغربية – من سكانها الأصليين. ويقول الناشط الحقوقي إياد زيد من قرية ترمسعيا شمال رام الله: "في كل ليلة تقريبًا، نتعرض لهجوم.. تكسير سيارات، إشعال النار في الحقول، إطلاق نار مباشر.. ولا نرى حماية لا من السلطة ولا من المجتمع الدولي".
من جهة أخرى، يتهم الفلسطينيون حكومة الاحتلال بتحويل المستوطنين إلى أداة غير رسمية لتنفيذ سياسات التهجير والضغط، تمهيدًا للضم الزاحف، خصوصًا مع انشغال المجتمع الدولي بملفات أخرى أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية وتدهور الأوضاع في غزة.
وبينما تتحدث الحكومة الإسرائيلية عن "أعمال فردية"، يؤكد مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) أن هذه الاعتداءات تتم بعلم الجيش وتحت حمايته، بل وفي بعض الحالات بمشاركته.
رؤية خاصة:
تُمثّل الجرائم المتزايدة للمستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية مؤشرًا خطيرًا على انهيار ما تبقى من منظومة الردع القانونية داخل إسرائيل نفسها، وتحوّل المستوطنين إلى أداة صدام مباشر لإعادة تشكيل الواقع الجغرافي والديمغرافي في الضفة. وفي ظل غياب أي ضغط دولي فعّال، تصبح احتمالات الانفجار الأمني واسعة، خصوصًا في المناطق الريفية التي لا تغطيها أجهزة الأمن الفلسطينية، ولا تتلقى حماية دولية، وهو ما ينذر بتحوّل الضفة إلى ساحة صراع أهلي موسّع بمظلة حكومية غير معلنة.
أردوغان: مشروع "طريق التنمية" يحوّل الجغرافيا إلى قوة اقتصادية شاملة
السبت 28 يونيو/حزيران 2025
يشكّل منتدى "ممرات النقل العالمية" المنعقد في إسطنبول، محطة مفصلية في إعادة تعريف أدوار الجغرافيا السياسية في خدمة الاقتصاد العالمي، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التزام بلاده بتحويل الإمكانات الجيوسياسية إلى ميزة اقتصادية شاملة من خلال مشروع "طريق التنمية" الذي يربط العراق بتركيا وصولًا إلى أوروبا.
يُعد المنتدى، الذي جمع ممثلين من أكثر من 70 دولة، تعبيرًا عن سعي دولي لإيجاد بدائل آمنة ومستقرة لممرات التجارة والنقل في ظل التوترات الإقليمية، خاصة في مضيق هرمز والمجالات الجوية الملتهبة. وقد شكّل "طريق التنمية" نجم المنتدى الأبرز، كونه يمثّل محورًا بريًا وسكة حديدية بطول 1200 كيلومتر داخل العراق، ويهدف إلى نقل البضائع من دول الخليج إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.
تُظهر تصريحات أردوغان أن المشروع يتجاوز كونه مبادرة لوجستية، ليصبح أداة استراتيجية تعزز النفوذ التركي في المعادلات الدولية، حيث أشار إلى أن أثر المشروع على الإنتاج قد يتجاوز 50 مليار دولار خلال عقد واحد، مع توفير 63 ألف فرصة عمل سنويًا.
تؤكد الأرقام المعلنة أن استثمارات تركيا في البنية التحتية للنقل بلغت نحو 300 مليار دولار خلال 22 عامًا، منها 177 مليارًا في الطرق السريعة، و64 مليارًا في السكك الحديدية، و25 مليارًا في النقل الجوي، و4 مليارات في النقل البحري، و25 مليارًا في قطاع الاتصالات. وقد بلغ الأثر التراكمي لهذه الاستثمارات أكثر من تريليون دولار على الناتج القومي، وفق تصريحات الرئيس التركي.
يشير أردوغان إلى أن مشروع "طريق التنمية" ليس منفصلًا عن المبادرات الدولية الكبرى، بل يتكامل مع مشروع "الممر الأوسط" الذي يربط الصين بأوروبا مرورًا بتركيا، حيث يوفر هذا الممر بديلًا اقتصاديًا وفعالًا للطريق البحري عبر قناة السويس، وأسرع مرتين من المسار البحري، وأرخص أربع مرات من النقل الجوي.
يعكس الخطاب الرسمي التركي قناعة بأن ازدهار التجارة العالمية يحتاج إلى شراكات مستدامة واستقرار سياسي، ويأتي هذا الموقف في ظل صراع الممرات الدولي بين القوى الكبرى، حيث تُقدّم تركيا نفسها كدولة جسر بين آسيا وأوروبا، ومركزًا لوجستيًا عالميًا يتمتع بالأمن، والسرعة، والتكلفة التنافسية.
يشكل مطار إسطنبول نموذجًا آخر على التحول التركي في البنية التحتية، إذ ارتفع عدد المسافرين فيه إلى 32 مليونًا خلال خمسة أشهر فقط من عام 2025، فيما بلغ عدد الوجهات التي تخدمها الخطوط الجوية التركية 353 وجهة مقارنة بـ60 فقط عام 2002، ما يعكس صعود تركيا كمركز طيران عالمي.
تظهر هذه الأرقام والمؤشرات مدى انخراط أنقرة في إعادة تشكيل خريطة التجارة الدولية، عبر استثمار موقعها الجغرافي وتراكمها الاقتصادي والسياسي.
رؤية خاصة
لا يقتصر "طريق التنمية" على مدّ قضبان سكك الحديد، بل يمهّد لمسار نفوذ اقتصادي–استراتيجي تركي يعيد تشكيل معادلات القوة في الإقليم، ويمنح العراق وتركيا فرصة التمركز في قلب الاقتصاد العالمي بدلًا من أطرافه.
أطفال غزة يموتون جوعًا و"القسام" ترد بكمائن وعبوات ناسفة
السبت 28 يونيو/حزيران 2025
يشهد قطاع غزة موجة جديدة من الانهيار الإنساني، مع ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وفي مقدمتهم الأطفال، الذين يموتون تباعًا بسبب الحصار الخانق ومنع الغذاء والدواء، بالتزامن مع تصاعد العمليات العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من القطاع.
يمثّل استشهاد الطفلة الرضيعة "جوري المصري" (3 أشهر) أحدث حلقة في سلسلة الموت البطيء الذي يلاحق أطفال غزة. وتشير بيانات وزارة الصحة في القطاع إلى أن عدد الأطفال الذين قضوا بسبب الجوع وسوء التغذية بلغ حتى اليوم 66 طفلًا، في ظل عجز القطاع الطبي عن تأمين الحليب العلاجي أو وسائل الإنقاذ.
يؤكد الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد حرمان الأطفال من الغذاء كوسيلة قتل بطيء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. ويضيف أن نحو 1.2 مليون فلسطيني في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 785 ألف طفل، بينما سُجّلت 8923 حالة سوء تغذية، منها أكثر من ألف حالة خطيرة.
تتضاعف المأساة مع استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات، وسط تقارير أممية تُحذر من مجاعة وشيكة قد تحصد أرواح الآلاف. وتكشف تقارير "برنامج الغذاء العالمي" أن غزة دخلت مرحلة "انعدام الأمن الغذائي الكامل"، فيما توفي 546 مريضًا منذ بداية العام بسبب تعذر السفر للعلاج.
يتزامن التصعيد الإنساني مع تصاعد ميداني لافت. فقد أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، تنفيذ كمين مركّب استهدف 4 حفارات هندسية إسرائيلية شرق خان يونس، باستخدام قذائف "الياسين 105". وأسفر الهجوم، وفق بيان القسام، عن مقتل وجرح جنود إسرائيليين، فيما رُصدت مروحيات تهبط لإجلاء المصابين وسط بلدة عبسان الكبيرة.
تُظهر مشاهد نشرتها كتائب القسام احتراق الآليات المستهدفة، كما أعلنت استهداف دبابة "ميركافا" وجرافة "دي–9" في البلدة ذاتها يوم الجمعة بعبوتين ناسفتين. وتفيد بيانات المقاومة أن العمليات شملت قصف تجمعات إسرائيلية بقذائف الهاون في مناطق السطر الغربي، ومحيط مسجد حليمة جنوب خان يونس.
تؤكد "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، في بيانين منفصلين، تنفيذ عدة عمليات في خان يونس وشرق حي الشجاعية، شملت تفجير عبوات شديدة الانفجار واستهداف آليات بأسلحة رشاشة. كما نُقل عن المقاتلين قصف خط الإمداد الإسرائيلي في محور "نتساريم" بصواريخ من نوع 107.
يكشف التقرير الميداني عن تفاقم وضع الجيش الإسرائيلي أيضًا، إذ تنقل وسائل إعلام عبرية شكاوى من ذوي الجنود، تؤكد أن أبناءهم "منهكون نفسيًا وجسديًا"، وأن بعضهم أصيب بأمراض واضطرابات متصلة بطول المكوث في غزة. وتؤكد شهادات جنود من الكتيبة 605 للهندسة القتالية وجود نقص بالمعدات والأسلحة، ما أدى إلى سقوط خسائر فادحة بينهم.
تعود أصوات الغضب من الشارع الإسرائيلي، في وقت تزداد فيه معدلات القتلى والجرحى. وتشير آخر إحصائيات الجيش إلى مقتل 879 جنديًا منذ بدء الحرب، وجرح أكثر من 6 آلاف.
رؤية خاصة
يبدو أن الحرب على غزة لم تعد مجرّد صراع عسكري، بل تحوّلت إلى إبادة مزدوجة: واحدة بالقنابل والكمائن، وأخرى بالمجاعة والبؤس، في وقت تفقد فيه إسرائيل تدريجيًا قدرتها على التغطية السياسية والداخلية. وبينما يشتد الخناق على غزة، يزداد الضغط داخل إسرائيل نفسها… والمأساة تفتح بوابة نحو الانفجار الإقليمي أو الانهيار الإنساني الكامل.
العنوان: البنتاغون يردّ على تسريبات “ضربة إيران النووية”: المعركة في واشنطن لا تقل سخونة
الخميس 26 يونيو 2025
في تطور لافت يعكس التوتر السياسي في الداخل الأميركي، تحوّلت العملية العسكرية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية الأسبوع الماضي إلى محور سجال بين وزارة الدفاع ودوائر استخباراتية، مع تسريبات إعلامية شكّكت بفعالية الضربة، وردود رسمية اعتبرتها “استهدافًا للرئيس دونالد ترامب لأغراض انتخابية”.
التسريب الأولي الذي نشرته شبكة “سي إن إن” مساء الثلاثاء، أشار إلى أن الضربات الأميركية – رغم دقتها – لم تؤدِ سوى إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر، دون تدمير العناصر الأساسية في منشأة فوردو الجوفية أو المكونات الحرجة المرتبطة بتخصيب اليورانيوم. كما أشار التقرير إلى أن إيران ربما تكون قد سبقت القصف بإخلاء مواقعها الحيوية، استنادًا إلى تحذيرات رصدت عبر الأقمار الصناعية قبل العملية.
في مواجهة هذه التقارير، عقد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ورئيس هيئة الأركان دان كين مؤتمرًا صحفيًا في البنتاغون صباح الخميس، أكدا فيه أن الضربة تم تنفيذها بعد تحضير تقني واستخباراتي دام 15 عامًا، وأن “النتائج كانت ناجحة بكل المقاييس العسكرية”.
وقال هيغسيث إن “من يريد تصوير هذه العملية على أنها فاشلة، يتجاهل الحقائق ويخدم سردية سياسية معادية للرئيس ترامب”، مضيفًا أن وسائل الإعلام “تبحث عن فضيحة وتتجاهل حجم الإنجاز العسكري”. وأكد أن وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” لديها تقييم داخلي يُظهر أن الضربات أخّرت البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات.
من جانبه، شدد كين على أن الضربة أصابت جميع الأهداف المرسومة، وأن “القنابل الموجهة بدقة استهدفت منشآت فوردو وأراك ونطنز”، مع اعتماد تكتيك “الاختراق الحراري” لتدمير البنية التحتية تحت الأرض.
المشهد الإعلامي الأميركي: الأمن في قلب الاستقطاب
المفارقة أن الهجوم، الذي اعتبره ترامب “نقطة تحول في مسار الردع النووي”، تحوّل داخليًا إلى ساحة تصفية حسابات بين وسائل الإعلام المحافظة والليبرالية. فقد اعتبر بعض الصحفيين في “نيويورك تايمز” و”سي إن إن” أن إدارة ترامب تسعى لاستغلال الضربة لإعادة الزخم لحملته الانتخابية، بينما شدد معلقو “فوكس نيوز” على أن من يهاجم العملية “يشكك في قدرة الجيش الأميركي أكثر مما يشكك في الرئيس”.
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر مطلعة أن التسريبات جاءت من مسؤولين سابقين في مجتمع الاستخبارات، “غير المرتاحين” لسياسات ترامب في الملف الإيراني.
رؤية خاصة:
الضربة الأميركية على إيران فتحت بابًا على جبهتين: جبهة الردع النووي في الشرق الأوسط، وجبهة المعركة السياسية داخل واشنطن. وعلى الرغم من أن آثار القصف في إيران بدأت تتكشف تدريجيًا، فإن المشهد الأميركي يكشف عن انقسام حاد بين مؤسسات الدولة بشأن جدوى الخيار العسكري.
الرئيس ترامب يرى أن الضربة رسّخت مبدأ “الردع الاستباقي”، وأنها أربكت خطط إيران النووية بشكل يصعب تجاوزه. لكن خصومه يربطون الهجوم بروزنامة انتخابية تتطلب “نصرًا خارجيًا” لتقوية جبهة الداخل.
أما إيران، فاختارت الصمت النسبي حتى الآن، مع تأكيدها أن منشآتها لا تزال “قائمة”، ما يعكس توجّهًا لتقليل الهزيمة إعلاميًا، والاستفادة من “التسريبات الأميركية” لتقوية موقفها أمام جمهورها.
أردوغان من لاهاي: “لن نسمح بتجاهل غزة”.. وتركيا تدعو إلى تحرك دولي فاعل
الخميس 26 يونيو 2025
جدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقف بلاده الرافض لـ”الإبادة الجماعية” التي يتعرض لها قطاع غزة، مؤكدًا أن أنقرة لن تسمح بتجاهل ما يجري من قتل وتجويع وتدمير في القطاع، وذلك في تصريحات أدلى بها خلال عودته من قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي، مساء الأربعاء 25 يونيو 2025.
وقال أردوغان للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية إن “أمن إسرائيل لا يمكن أن يتحقق إلا باستقرار جيرانها، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني في غزة”، مؤكدًا أن بلاده “لن تعتاد على هذا القتل وهذه الوحشية”. وأضاف: “سنواصل التمرد على الظلم بأيدينا وألسنتنا وأفكارنا وأرواحنا”.
وأوضح أردوغان أنه طرح قضية غزة بقوة خلال اجتماعات قمة الناتو، ولفت إلى أن إسرائيل تستهدف نقاط توزيع المساعدات الإنسانية وتمنع دخول منظمات كالصليب الأحمر، في ظل تصاعد عمليات القتل الجماعي منذ أكتوبر 2023. وقال: “ما يحدث في غزة وصمة على جبين الإنسانية، وصراخ الأطفال يجب أن يُسمع الآن”.
لقاء أردوغان – ترامب: تهدئة في إيران… فهل يشمل غزة؟
وفي حديثه عن لقائه بنظيره الأميركي دونالد ترامب في لاهاي، كشف الرئيس التركي أنه ناقش معه العلاقات الثنائية، وملف الشراكة في الناتو، والأزمات الإقليمية، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة. وقال: “نأمل أن يبذل الرئيس ترامب نفس الجهود التي بذلها لوقف إطلاق النار مع إيران، لإنهاء الإبادة في غزة”.
وأشار أردوغان إلى أنه قدم للرئيس الأميركي رؤية متكاملة تتضمن حلولاً للقضايا الإقليمية، وأن ترامب تفاعل معها بإيجابية، بحسب تعبيره. وأضاف أن استمرار الحرب لا يخدم أي طرف، مؤكدًا أن “تركيا تتحمّل مسؤولية أخلاقية وتاريخية تجاه غزة”، وأنها مستعدة لقيادة تحرك دولي يحقق وقفًا دائمًا لإطلاق النار.
موقف دولي غائب ودعوة للحوار
وحذّر أردوغان من خطر التعود الدولي على المجازر، قائلًا: “للأسف، يُعوَّد الناس على هذا القتل والظلم”، وأشار إلى أن على المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته، وأن يحوّل الغضب الإنساني إلى تحرك سياسي ملزم. كما دعا إلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، محذرًا من أن المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من التوترات والصراعات.
رؤية خاصة:
أردوغان لا يتحدث إلى الداخل التركي فقط، بل يوجه رسائل مباشرة إلى الحلفاء الغربيين، في لحظة تشهد فيها غزة أعنف موجات القصف منذ بدء الحرب. اختياره منصة “الناتو” لطرح القضية يعكس رهان أنقرة على كسر الجمود الدولي، بينما تسعى لبناء محور إنساني – دبلوماسي قادر على إحداث توازن، وسط غياب إرادة فاعلة من الأطراف الكبرى، وتواطؤ أمريكي مستتر. تصريحات أردوغان تفتح المجال أمام عودة الدور التركي كوسيط مركزي في ملف غزة، وتمنح أنقرة موقعًا أخلاقيًا في معادلة شرق أوسطية تتجه نحو إعادة التشكل.
المراوحة مستمرة في مفاوضات غزة… وحماس تشترط اتفاقًا رباعيّ الأركان
26 يونيو/حزيران 2025
وسط الجمود الذي يخيم على مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، جدّدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تمسكها بمطالب رئيسية مقابل الدخول في أي اتفاق مع إسرائيل. فقد أكد طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، أن الحركة لم تتلق حتى الآن مؤشرات جدية من الوسطاء الدوليين تدل على حدوث تحول فعلي في الموقف الإسرائيلي، رغم استمرار قنوات الاتصال.
وفي تصريح لموقع “الجزيرة نت”، شدد النونو على أن الحركة تعتبر أي اتفاق غير متكامل بمثابة “تنازل مرفوض”. وأضاف: “أي مبادرة لا تتضمن أربع نقاط أساسية لن تكون مقبولة: وقف كامل للعدوان، انسحاب شامل من القطاع، إعادة الإعمار، وإنهاء الحصار، إضافة إلى صفقة تبادل شاملة”.
يأتي هذا الموقف في وقت تواصل فيه إسرائيل هجماتها على مواقع مدنية وعسكرية في القطاع، فيما ترد فصائل المقاومة بإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات الجنوبية. وتتزامن هذه التصريحات مع محاولات تجريها أطراف إقليمية ودولية، على رأسها مصر وقطر والولايات المتحدة، لإعادة تفعيل المبادرة الأخيرة التي قدمها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز.
لكن حماس كانت قد أعلنت قبل أسبوعين رفضها للتعديلات الإسرائيلية على مبادرة بيرنز، معتبرة أنها “تُفرغ المقترح من مضمونه”، وتُعيد إنتاج شروط إسرائيلية سابقة رفضتها الحركة مرارًا.
في السياق ذاته، شكك النونو في جدوى التصريحات الأميركية الأخيرة، وتحديدًا ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول “أخبار جيدة” قادمة بشأن غزة. وقال إن “حماس لا تتعامل مع التصريحات، بل تنتظر أفعالًا واضحة”، مشيرًا إلى أن واشنطن تملك من النفوذ ما يمكّنها من الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب، لكنها لم تُظهر حتى اللحظة أي مؤشرات على ممارسة هذا الدور بشكل فعلي.
وفي المقابل، تواصل المعارضة الإسرائيلية ضغوطها على الحكومة، مطالبة بإبرام اتفاق ينهي الحرب ويعيد الأسرى. وأصدرت عائلات الأسرى الإسرائيليين بيانًا قالت فيه إن “من يفاوض إيران على تهدئة، قادر على إنهاء حرب غزة”. فيما دعا زعيم المعارضة يائير لابيد إلى التوصل لاتفاق فوري “لإنقاذ ما تبقى من الأمن القومي الإسرائيلي”.
من جهته، يتمسك نتنياهو برفضه لأي اتفاق لا يحقق ما يسميه “تفكيكًا كاملاً لقدرات حماس العسكرية”، في وقت تواجه حكومته أزمات داخلية متصاعدة، ليس فقط في الشارع، بل أيضًا داخل الائتلاف الحكومي نفسه.
رؤية خاصة
رغم تشبث حماس بشروطها، وتزايد الضغط الدولي على إسرائيل، لا تزال المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، ما يعكس أن حسابات الداخل الإسرائيلي، وتردد الإدارة الأميركية في ممارسة ضغط جاد، يشكلان عائقًا أساسيًا أمام أي تقدم ملموس. ويبدو أن قطاع غزة سيبقى رهينة الانتظار بين انفراجة سياسية مؤجلة، واحتمال تصعيد عسكري متجدد في أي لحظة.
تصعيد دموي جديد في غزة… 80 شهيدًا بكمائن وقصف إسرائيلي
الثلاثاء، 24 يونيو/حزيران 2025
مجزرة مروّعة شهدها قطاع غزة، فجر الثلاثاء، إثر تصعيد عسكري إسرائيلي استهدف المدنيين ومراكز توزيع المساعدات، وأدى إلى سقوط عشرات الشهداء والمصابين، بينهم نساء وأطفال.
حصيلة الضحايا بلغت وفق مصادر طبية فلسطينية 80 شهيدًا على الأقل، بينهم 56 مدنيًا كانوا بانتظار المساعدات الغذائية، في وقت استمرت فيه الغارات على مختلف مناطق القطاع، لا سيما شرق خان يونس، ومحيط حي الشجاعية في غزة.
هجمات المقاومة الفلسطينية تصاعدت بالتوازي، إذ أعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عن تنفيذ كمائن محكمة ضد قوات الاحتلال شرق خان يونس، مستخدمة عبوات ناسفة وأسلحة رشاشة. وأكدت الكتائب في بيانٍ مصور أنها أوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي، ونشرت صورًا تظهر استهداف جنود وتفجير آليات.
تسجيلات بثتها قناة الجزيرة أظهرت تنفيذ عمليات التفاف نفذتها وحدات القسام خلف خطوط التوغل الإسرائيلي، وبيّنت صورًا لاستهداف مباشر لقوة خاصة إسرائيلية، أسفر عن احتراق آليات عسكرية بالكامل في محور التقدم الجنوبي.
وسائل إعلام إسرائيلية نقلت أن الجيش تكبّد خسائر كبيرة، مشيرة إلى مقتل 3 جنود وإصابة 7 آخرين، بعضهم بحالة حرجة. وأضافت أن المقاتلين الفلسطينيين نصبوا كمينًا مركبًا لقوة متقدمة وأخرى لقوة إنقاذ، ما أدى إلى تفجير متتالٍ لعدد من المركبات العسكرية.
تصريحات رسمية إسرائيلية أكدت أن “الحدث الأمني في غزة معقّد ومكلف”، فيما قال متحدث باسم الجيش إن “الكمين في خان يونس كان مدروسًا واحتوى على مستوى عالٍ من الاحترافية في التخطيط والتنفيذ”.
سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أعلنت أيضًا أنها فجّرت عبوة شديدة الانفجار وسط خان يونس، مما أدى إلى تدمير آلية عسكرية بالكامل، ونشرت صورًا للاستيلاء على مسيّرة إسرائيلية في حي الشجاعية.
الشارع الفلسطيني في غزة يشهد حالة حداد وغضب، وارتفعت أصوات المؤذنين والشيوخ في الجوامع داعين للصلاة على الشهداء، في وقت تحاول فيه طواقم الإسعاف انتشال جثامين الضحايا من مناطق الاستهداف التي تحوّلت إلى حطام.
في الضفة الغربية، قُتل طفل فلسطيني (13 عامًا) بنيران الاحتلال قرب رام الله، فيما واصلت القوات الإسرائيلية عمليات هدم واسعة في مخيم نور شمس بطولكرم، في سياق ما وصفه نشطاء محليون بـ"سياسة العقاب الجماعي".
رؤية خاصة:
التصعيد الإسرائيلي يبدو أنه فقد زمام المبادرة، إذ تشير الكمائن المتكررة إلى تطور تكتيكي في أداء المقاومة، واختلالات في قدرة الردع لدى الجيش الإسرائيلي. ومع اتساع الخسائر، فإن السيناريو الأقرب هو مزيد من العنف العشوائي ضد المدنيين، ما قد يضع الاحتلال أمام مساءلة دولية متزايدة ويمنح المقاومة نقاط تفوق أخلاقي وسياسي.
أردوغان: هجوم إسرائيل على إيران يهدد المنطقة وأوروبا بخطر الانفجار النووي
الجمعة 20 يونيو/حزيران 2025
في أعقاب التصعيد العسكري غير المسبوق بين إسرائيل وإيران، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن المنطقة باتت على حافة الخطر، وأن آثار الصراع قد تمتد لتشمل أوروبا والعالم. وفي اتصال هاتفي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس، وصف أردوغان الهجوم الإسرائيلي بأنه تصعيد ينذر بانفجار إقليمي، وأكد أن استمرار العدوان من شأنه أن يطلق موجات هجرة ويعرض المنشآت النووية لخطر التسرب والانهيار.
البيان الصادر عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية أفاد بأن الاتصال الهاتفي ركّز على الهجوم الإسرائيلي واسع النطاق الذي بدأ فجر 13 يونيو/حزيران، والذي استهدف منشآت نووية ومقار عسكرية وعلماء إيرانيين. أردوغان شدد خلال الاتصال على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات كمسار وحيد لحل أزمة البرنامج النووي الإيراني، منتقدًا في الوقت ذاته الصمت الدولي والضعف الأوروبي تجاه التصعيد.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده تواصل جهودها لتفكيك الأزمة من خلال الوساطة السياسية، معبرًا عن تخوفه من أن تؤدي المواجهة إلى اختلالات واسعة في أمن الطاقة والتجارة واللوجستيات الإقليمية، خاصة في الخليج العربي وشرق المتوسط. كما أشار إلى أن احتمالية توسع الصراع لتشمل "وكلاء إيران" في لبنان واليمن والعراق قد يشعل جبهات إضافية ويزيد من حدة النزاع في أكثر من منطقة.
وفي حين لم تصدر دول أوروبية كبرى مواقف واضحة تجاه الهجوم، أوضح أردوغان أن تركيا تشعر بقلق بالغ من تهاون المجتمع الدولي إزاء خطر اندلاع مواجهة نووية غير محسوبة. وأضاف أن تكرار سيناريو الهجوم على العراق عام 1981 وسوريا عام 2007، بأسلوب وقائي إسرائيلي، لا يمكن أن يُقبل في ظل هشاشة الوضع الجيوسياسي الراهن.
رؤية خاصة:
ترى "نافذة خاصة" أن الموقف التركي يُمثّل محاولة لتثبيت موقع أنقرة كوسيط إقليمي بين طهران وتل أبيب، مع الاحتفاظ بخيوط اتصال نشطة مع واشنطن وبرلين. تحذير أردوغان من تسرب نووي ليس فقط إنذارًا أمنيًا، بل ورقة ضغط دبلوماسية لتسريع انخراط القوى الكبرى في جهود التهدئة. ويعكس استخدامه لمفردات مثل "الهجرة" و"التسرب النووي" استشعارًا لترابط المهددات، وطرح بلاده كلاعب احتواء في صراع يمكن أن يتحول إلى زلزال سياسي وأمني تتردد أصداؤه من قزوين حتى قلب أوروبا.
تحالف الضرورة: كيف توظّف إيران شراكتها مع موسكو وبكين في مواجهة الغرب؟
الخميس 19 يونيو/حزيران 2025
تُعدّ العلاقة المتنامية بين إيران وروسيا والصين واحدة من أبرز ملامح التشكّلات الجيوسياسية الجديدة في عالم ما بعد الحرب الأوكرانية والتصعيد مع إسرائيل. هذا التحالف الثلاثي، الذي كثيرًا ما يُصنّف بوصفه "شراكة تكتيكية"، يتأسس على قاعدة المصالح المتبادلة والرغبة في كسر الأحادية الأميركية، دون أن يبلغ مستوى الالتزام الإستراتيجي المتين.
تُدرك موسكو وبكين أن طهران تمثّل ورقة ضغط حيوية في لعبة الشطرنج العالمية، خاصة عند اشتداد المواجهة بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، أو تصاعد التوتر الأميركي–الصيني في بحر الصين الجنوبي. في المقابل، ترى طهران في هذه العلاقة طوق نجاة اقتصاديًا وسياسيًا، بعد سنوات من العقوبات والعزلة الدولية.
وقد برز الدور الإيراني بوضوح خلال السنوات الثلاث الأخيرة، من خلال انخراطها المتزايد في دعم روسيا عسكريًا بمسيّرات هجومية في أوكرانيا، وتعزيز التنسيق الاقتصادي مع الصين التي أصبحت أكبر مستورد لنفطها المخفّض. كما أتاحت التحالفات مع موسكو وبكين لإيران هامش مناورة أكبر ضد الضغط الغربي المتصاعد.
لكن خلف هذا التقارب، تكمن مفارقات عميقة. فروسيا، التي تتحدث كثيرًا عن مبدأ "السيادة"، تنتهك هذا المفهوم في أوكرانيا. والصين، التي تتبنى خطاب عدم التدخل، تتجنب بشكل صارم الانجرار في النزاعات العسكرية بالشرق الأوسط، وتتحاشى استفزاز السعودية وتركيا الحليفتين الحيويتين لها اقتصاديًا. هذه الازدواجية تكشف هشاشة الالتزامات تجاه طهران، التي بدورها تشعر بالعزلة مع كل جولة تصعيد دون دعم حقيقي.
وتكشف المواجهة الأخيرة مع إسرائيل عن مدى ضآلة ما يمكن أن تُعوّل عليه إيران في هذا التحالف. فبينما تتعرّض منشآتها النووية والعسكرية لهجمات إسرائيلية غير مسبوقة، اكتفت موسكو وبكين بالإدانات الدبلوماسية، دون دعم ميداني فعلي أو حتى تحركات سياسية ضاغطة.
اقتصاديًا، ورغم التعاون في كسر العقوبات، إلا أن إيران باتت أكثر تبعية لبكين، وسط خلل فادح في الميزان التجاري، وتحكم شبه مطلق للصين في مفاصل التبادل النفطي والتقني. أما روسيا، فترى في إيران حليفًا ضروريًا، لكن منافسًا محتملاً في سوق الطاقة، وخاصة في آسيا.
وتلعب مبادرة "الحزام والطريق" الصينية دورًا محوريًا في هذا المشهد، حيث تُعدّ إيران بوابة جغرافية مهمة، لكنها أيضًا منطقة قلق أمني قد يُهدّد استثمارات بكين إذا انفلت الوضع الإقليمي أكثر.
رؤية خاصة:
إن تحالف روسيا والصين مع إيران ليس تحالفًا بالمفهوم التقليدي، بل هو شبكة مصالح مرنة قابلة للتغيير وفق ميزان القوى الدولي. وتُظهر الوقائع أن طهران توظّف هذا التحالف لتقوية موقفها التفاوضي، لكن دون أن تنال ضمانات فعلية للحماية. ومع تصاعد المواجهة مع إسرائيل، ستجد إيران نفسها أمام اختبار مرير لحقيقة ما إذا كانت هذه الشراكة تمثل سندًا إستراتيجيًا، أم مجرد غطاء ظرفي في لعبة المصالح الكبرى.
تصعيد شامل بين إيران وإسرائيل.. قصف متبادل وخسائر متفاقمة
الخميس 19 يونيو/حزيران 2025
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل صباح الخميس إلى مستوى غير مسبوق، بعد أن أطلقت طهران نحو 30 صاروخًا باتجاه وسط إسرائيل، ما أسفر عن إصابة 45 شخصًا، بينهم 4 في حالة حرجة، بحسب هيئة البث الإسرائيلية. ويعد هذا الهجوم، الذي طال مناطق تل أبيب ورمات غان وحولون، هو الأوسع منذ بدء التصعيد المتبادل قبل أسبوع، وأحدث أضرارًا في منشآت اقتصادية ومنازل مسؤولين بارزين، في وقت ردّت فيه إسرائيل بغارات جوية واسعة على مواقع نووية وعسكرية إيرانية.
أعلنت القناة "12" العبرية أن أحد الصواريخ الإيرانية أصاب منطقة بورصة تل أبيب، مسببًا دمارًا واسعًا. كما طال صاروخ آخر منزل داني نافيه، الوزير السابق من "الليكود"، في رمات غان، بحسب ما أفادت الصحافة الإسرائيلية، التي نقلت عنه قوله: "تم إنقاذ من كان في المنزل بأعجوبة". وفي بئر السبع، أصيب مبنى جراحي قديم تابع لمستشفى سوروكا، بينما أكدت طهران أن الضربة استهدفت مقرًا استخباريًا بجوار المستشفى، وليس المنشأة الطبية نفسها.
في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي إنه نفذ هجومًا جديدًا فجر الخميس، شاركت فيه 40 طائرة مقاتلة، واستهدف منشآت نووية ومواقع تطوير صواريخ باليستية ومراكز قيادة في طهران وأراك ونطنز، مدعيًا أنه قصف مرافق تستخدم لتجميع الرؤوس الحربية ومصانع إنتاج أنظمة دفاع جوي.
حصيلة أسبوع من المواجهات
وفق مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي، فإن الهجمات الإيرانية منذ الجمعة أسفرت عن مقتل 24 إسرائيليًا، وإصابة أكثر من 838، بينما تم إجلاء أكثر من 5 آلاف مواطن من مناطق متفرقة. وقدمت سلطات الضرائب أكثر من 22 ألف مطالبة تعويض عن أضرار لحقت بالمباني والمركبات والمحتويات.
من جهتها، أكدت طهران أن هجماتها جزء من "حق الدفاع السيادي" في مواجهة ما وصفته بـ"عدوان واسع يهدد الأمن الإقليمي". ونقلت وكالة "إرنا" عن مصادر عسكرية قولها إن الضربات نُفذت بعد تحذير مسبق، وأصابت البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية بدقة.
في المقابل، اعتبرت إسرائيل أن الهدف هو "منع إيران من الوصول إلى السلاح النووي"، وقال نتنياهو: "أحبطنا تهديدًا مزدوجًا متمثلًا في السلاح النووي والصواريخ الباليستية".
رؤية خاصة
تؤشر وتيرة التصعيد على تحول نوعي في قواعد الاشتباك بين الجانبين. لم تعد الحرب محصورة في "ضربات دقيقة" أو مواجهات غير معلنة، بل تحوّلت إلى صراع علني يخترق المدن والرموز الاقتصادية. ومع كل موجة جديدة، تتقلص فرص الوساطة، ويزداد خطر الانزلاق إلى حرب إقليمية مفتوحة. إن استمرار إسرائيل في قصف مواقع عسكرية حساسة داخل إيران، وردّ طهران باستخدام صواريخ ومسيّرات بعيدة المدى، يعكس إرادة متبادلة لإعادة رسم ميزان الردع، لكن الثمن قد يكون اشتعال الجبهات الأخرى في المنطقة، من لبنان إلى العراق واليمن.
تلويح نتنياهو باغتيال خامنئي يفتح الباب على صراع القيادات
تحول إسرائيلي من "حرب الظل" إلى المواجهة العلنية يضع المنطقة على شفا انفجار استراتيجي
الأثنين 16 يونيو 2025
في تطور لافت يعكس تصعيدًا غير مسبوق في لهجة الخطاب الإسرائيلي تجاه طهران، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لا يستبعد اغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، معتبرًا أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى تصعيد الحرب، بل إلى إنهائها.
جاءت تصريحات نتنياهو خلال مقابلة مع شبكة "ABC" الأمريكية، ردًا على تقارير صحفية أمريكية تحدثت عن رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي خشية التورط في صدام إقليمي واسع. وردّ نتنياهو قائلًا: "هذا لا يؤدي إلى تصعيد، بل يضع حدًا للصراع"، متهمًا إيران بأنها "تسعى لحرب أبدية وتدفع العالم إلى شفا حرب نووية".
من التصعيد إلى التصفية: منحى غير مسبوق
التصريحات الإسرائيلية تأتي بعد ثلاثة أيام من أعنف تصعيد بين الجانبين منذ عقود، حيث شنت إسرائيل فجر الجمعة الماضي، ما سمّته عملية "الأسد الصاعد"، مستهدفة منشآت نووية وقواعد صواريخ وقادة عسكريين وعلماء إيرانيين، ما أدى إلى مقتل 224 شخصًا على الأقل، وفق مصادر طبية إيرانية.
وردّت إيران مساء اليوم نفسه بـ8 موجات من الضربات الباليستية والمسيّرة، استهدفت مواقع عسكرية ومدنية داخل إسرائيل، وأسفرت عن مقتل 24 إسرائيليًا وإصابة 592، بحسب بيان لمكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي.
وتعد هذه الجولة من المواجهة الأكبر بين الجانبين، ويمثل الانتقال من ضربات محدودة واستخباراتية إلى مواجهات مفتوحة تحولًا نوعيًا في الصراع.
الرأي العام الإسرائيلي والخلاف مع واشنطن
رغم الإشارات إلى دعم أمريكي جزئي للهجوم الإسرائيلي، كشفت التسريبات الإعلامية عن خلاف حاد داخل الإدارة الأمريكية، إذ عبّر ترامب عن قلقه من أن يؤدي اغتيال خامنئي إلى إشعال حرب شاملة في المنطقة، فيما ترى تل أبيب أن "ضرب الرأس" أفضل وسيلة لردع النظام الإيراني ومنعه من استكمال برنامجه النووي.
ويحظى نتنياهو بدعم واسع من الأوساط اليمينية المتطرفة داخل إسرائيل، التي ترى في الهجوم الأخير "استعادة لهيبة الردع"، لكنه يواجه انتقادات من قيادات عسكرية إسرائيلية سابقة تحذر من الدخول في صراع استنزافي طويل.
إيران: استعداد وردع ورسائل متعددة
في المقابل، تشير مصادر إعلامية مقربة من الحرس الثوري إلى أن طهران تأخذ تهديدات إسرائيل على محمل الجد، وتعكف على مراجعة أمنية شاملة حول سلامة القيادة الإيرانية، فيما تؤكد قنوات رسمية أن الرد الإيراني سيكون متناسبًا و"موجعًا إذا تم تجاوز الخطوط الحمراء".
خلاصة تحليلية
يعكس تصريح نتنياهو بشأن اغتيال خامنئي تحوّلًا خطيرًا في قواعد الاشتباك، ينقل المواجهة من ساحات الوكلاء والعمليات النوعية إلى تصفية الرموز السيادية، ما يهدد بانفجار الصراع إلى مستويات غير قابلة للاحتواء. وفي حال المضي بهذا الخيار، قد تدفع المنطقة ثمن دخولها في صدام القيادات، حيث تغيب المسارات الدبلوماسية، وتعلو أصوات "الضربة الوقائية" بدل التهدئة.
أنقرة تدق ناقوس الخطر: العراق ليس ساحة لتصفية الحسابات بين إيران وإسرائيل
أردوغان يحذر من الانزلاق إلى الفوضى ويحمّل إسرائيل مسؤولية تفجير الأوضاع
الأحد 15 يونيو 2025
وسط تصعيد عسكري غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء الأحد، اتصالًا هاتفيًا برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حذّر فيه من مغبة انجرار العراق إلى ساحة مواجهة إقليمية مفتوحة، مؤكدًا أهمية النأي بالبلاد عن الاستقطاب الجيوسياسي القائم.
وأفادت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية أن المحادثات الهاتفية تطرقت إلى التصعيد الراهن في المنطقة، وخاصة تبعات الهجوم الإسرائيلي الواسع على الأراضي الإيرانية، والذي جاء ضمن عملية حملت اسم "الأسد الصاعد"، وخلّفت أضرارًا بشرية ومادية واسعة بعد استهداف منشآت نووية وعسكرية واغتيال عدد من القادة والعلماء الإيرانيين.
وشدّد أردوغان على أن السلوك الإسرائيلي بات يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الإقليم، مشيرًا إلى أن “دوامة العنف التي أطلقتها تل أبيب تؤدي إلى زعزعة التوازنات الهشة”. كما دعا إلى تحكيم منطق التفاوض في الملف النووي الإيراني، ورفض الانجرار نحو ردود أفعال غير محسوبة.
قراءة تركية للتصعيد
في لهجة واضحة، اعتبر الرئيس التركي أن الغارات الإسرائيلية المكثفة التي نُفذت بدعم ضمني من الولايات المتحدة، تسعى إلى فرض معادلة ردع جديدة في المنطقة، لكنها تحمل في طياتها مخاطر الانفجار الشامل، خاصة مع بدء إيران الرد بـ8 موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة، خلفت حتى ظهر الأحد 13 قتيلًا ونحو 345 مصابًا.
وأشار أردوغان إلى أن هذه التطورات لا يجب أن تغطي على "الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة"، مؤكدًا أن أنقرة ترى في استمرار العدوان على الفلسطينيين سببًا جوهريًا لتصعيد التوتر على المحور الإيراني الإسرائيلي.
موقف بغداد وانتظار الترجمة العملية
من جهتها، لم تصدر الحكومة العراقية تعليقًا رسميًا فوريًا حول الاتصال، إلا أن مصادر عراقية مقرّبة من رئاسة الوزراء أكدت أن السوداني "يتفهم خطورة المرحلة" ويشدد على أن العراق "لن يكون ساحة لتصفية الحسابات الدولية". ويأتي هذا الموقف في وقت تخشى فيه بغداد من ارتدادات أمنية محتملة نتيجة القرب الجغرافي من إيران، ونشاط الميليشيات المرتبطة بها داخل الأراضي العراقية.
رؤية خاصة:
يحمل الاتصال التركي–العراقي دلالة استراتيجية في لحظة شديدة الحساسية، حيث تسعى أنقرة لضبط التوازنات الإقليمية وتفادي أي اختراق أمني يطال خاصرتها الجنوبية. ويبدو أن تركيا تراقب عن كثب مآلات الاشتباك الإيراني الإسرائيلي، وتخشى من استثمار بعض الفواعل غير الدولتية للفوضى لإعادة التموضع داخل العراق. في هذا السياق، تمثل دعوة أردوغان رسالة وقائية للعراق كما للفاعلين الدوليين، بأن تجاوز خطوط الاشتباك نحو أراضٍ ثالثة قد يُدخل المنطقة في دوامة لا يمكن السيطرة على تداعياتها.
من ناتانز إلى تل أبيب… اشتباك نووي بين إيران وإسرائيل يُشعل الشرق الأوسط
السبت 14 يونيو/حزيران 2025
شهدت المنطقة فجر الجمعة أخطر تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل منذ قيام الجمهورية الإسلامية، حيث شنّت تل أبيب ضربة جوية مركزة استهدفت العمق الإيراني، وردّت طهران بإطلاق وابل من الصواريخ والطائرات المسيّرة على الأراضي الإسرائيلية، وسط تحذيرات دولية من اندلاع مواجهة إقليمية شاملة.
العملية الإسرائيلية، التي وصفتها مصادر أمنية غربية بأنها "الأوسع منذ 1981"، جاءت بعد تقارير استخباراتية تؤكد اقتراب طهران من "العتبة النووية". وتم استهداف أكثر من 100 موقع، شملت منشآت لتخصيب اليورانيوم في ناتانز وأصفهان، ومقار للحرس الثوري، ومراكز أبحاث عسكرية في بوشهر، إضافة إلى قوافل نقل صواريخ باليستية.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن صراحة أن العملية هدفت إلى "إعادة البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء"، مضيفًا أن "ما شعروا به حتى الآن لا يقارن بما سيحدث لهم الأيام المقبلة".
في المقابل، توعد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الباكستاني، بـ"رد أشد وأقوى" إذا استمرت الضربات، مؤكدًا أن الجيش الإيراني مستعد للدفاع عن سيادة البلاد. كما أفادت تقارير رسمية بمقتل عدد من القيادات، بينهم اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، واللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان، إلى جانب علماء في المجال النووي.
ورغم أن طهران أطلقت ست دفعات صاروخية كثيفة، فإن الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية – لا سيما القبة الحديدية و"مقلاع داوود" – تمكّنت من اعتراض معظمها، مع تسجيل ثلاث وفيات وأكثر من 170 إصابة، وأضرار مادية وُصفت بـ"الواسعة وغير المسبوقة" في أحياء تل أبيب ورامات جان.
في خلفية التصعيد، تقف واشنطن في موقف لافت. فقد أعلنت الإدارة الأميركية رسميًا عدم مشاركتها في العملية، لكنها امتنعت عن إدانتها، مشيرة إلى "حق إسرائيل في الدفاع الوقائي". مصادر استخباراتية رجّحت أن واشنطن وفّرت دعماً لوجستيًا ومعلوماتيًا للعملية دون الظهور المباشر في واجهتها.
على الصعيد الإقليمي، صدرت مواقف حذرة من عواصم الخليج. بيانات رسمية من الرياض وأبو ظبي دعت إلى "ضبط النفس"، لكن مصادر أمنية أفادت باستنفار واسع في قواعد عسكرية أميركية وخليجية تحسّبًا لأي تصعيد عابر للحدود.
أما في الداخل الإيراني، فقد سادت حالة من الصدمة والغضب الشعبي. انتشرت صور الانفجارات في وسائل التواصل رغم الحجب الجزئي للإنترنت، وارتفعت أصوات المعارضة مطالبة بتغيير سياسي واسع بدل الانجرار إلى حرب قد تعمّق الانهيار الداخلي.
رؤية خاصة:
إسرائيل نقلت المعركة من مرحلة "الردع" إلى "الوقاية المسلحة"، مدفوعةً بشبح قنبلة إيرانية وشيكة. أمّا إيران، فرُميت في الزاوية، تُقاتل بردود غير متكافئة وتخسر قيادات عليا في غياب خطاب تعبوي موحد. السؤال الآن ليس هل ستردّ إيران، بل كيف ستردّ… ومتى؟
إسرائيل تقصف العمق الإيراني وتغتال قيادات عليا في الحرس الثوري
الجمعة 13 يونيو 2025
في تطور خطير يُنذر بتصعيد إقليمي واسع، نفّذت إسرائيل فجر الأربعاء ضربة جوية موسّعة استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل العمق الإيراني، طالت منشآت حساسة في طهران وأصفهان وناتانز وبوشهر، وأسفرت عن مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري، بينهم اللواء حسين سلامي، واللواء محمد باقري، إلى جانب 3 من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين.
وأطلق على العملية اسم "الأسد الصاعد"، ونُفذت بمشاركة أكثر من 200 طائرة مقاتلة، حسب ما نقلته تقارير استخبارية غربية، وسط صمت رسمي أولي من تل أبيب، قبل أن تصدر وزارة الدفاع الإسرائيلية بيانًا مقتضبًا أكدت فيه "ضرب أهداف تشكل تهديدًا وجوديًا".
مصادر استخباراتية أميركية أكدت أن واشنطن كانت على علم مسبق بالضربة، وقدمت دعمًا معلوماتيًا ولوجستيًا محدودًا، لكنها لم تشارك عسكريًا. وصرّح متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن "الولايات المتحدة تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد تهديد نووي وشيك".
جاءت العملية بعد تحذيرات إسرائيلية متكررة من اقتراب طهران من امتلاك قدرات نووية عسكرية، فيما لم تُفلح المفاوضات النووية الأخيرة في فيينا في تحقيق اختراق.
في المقابل، أطلقت إيران بعد ساعات أكثر من 100 طائرة مسيّرة وصواريخ قصيرة المدى باتجاه أهداف إسرائيلية شمالًا وجنوبًا. وتمكنت أنظمة "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود" من اعتراض معظمها، بحسب الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن حالة الطوارئ ورفع درجة التأهب في الجليل، والنقب، وغور الأردن.
الداخل الإيراني شهد توترًا غير مسبوق؛ إذ امتلأت المستشفيات بالمصابين، وانتشرت مشاهد الانفجارات على وسائل التواصل رغم تقييد الإنترنت. وفرضت السلطات حظرًا جزئيًا على الشبكة، وأوقفت بث بعض القنوات المعارضة. في المقابل، استغلت قوى المعارضة الحدث للمطالبة بإسقاط النظام، واصفة الضربة بأنها "دليل على هشاشة السلطة العسكرية".
الدول الإقليمية أصدرت مواقف حذرة؛ إذ دعت السعودية والإمارات إلى "ضبط النفس" دون إدانة واضحة للضربة. وشهدت قواعد أميركية في الخليج استعدادات أمنية مكثفة خشية استهدافها بردّ إيراني.
في السياق ذاته، أعلنت إسرائيل استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط، وإخلاء مقار رسمية حساسة، في خطوة وقائية تحسبًا لهجمات من حزب الله أو الميليشيات المدعومة من طهران في العراق وسوريا واليمن.
الموقف الروسي كان باهتًا، واكتفى بيان وزارة الخارجية بالتعبير عن "القلق من التصعيد"، فيما دعت الصين إلى "الحوار الفوري"، دون إدانة الضربة أو دعم صريح لطهران.
ويُعدّ هذا التصعيد الأخطر منذ سنوات، ويضع المنطقة أمام احتمالات مفتوحة، تشمل: ردًّا إيرانيًا مباشرًا أو تصعيدًا عبر الوكلاء، أو تحريك الجبهات غير التقليدية، وهو ما يهدد باندلاع مواجهة أوسع لا يمكن احتواؤها بسهولة.
خلاصة:
الضربة الإسرائيلية لم تكن مجرد ردع استباقي، بل محاولة لتفكيك منظومة الرد الإيرانية بالكامل، وسط توازن هشّ في الجبهة الداخلية والخارجية لطهران. المنطقة الآن تقف على مفترق ناري، وتنتظر من يضغط الزناد التالي.
سوريا تطالب بتدخل دولي بعد "توغل بيت جن".. وغياب الردع الأممي يعيد التوتر للجولان
الخميس 12 يونيو 2025
في تطور ميداني ينذر بتصعيد جديد في الجنوب السوري، اقتحمت وحدات من الجيش الإسرائيلي فجر الخميس 12 يونيو بلدة بيت جن بريف دمشق، ما أدى إلى مقتل شاب سوري واختطاف سبعة آخرين، وسط صمت دولي خجول وردود فعل غاضبة من دمشق التي وصفت العملية بـ"الانتهاك السافر للسيادة والقانون الدولي".
وفي بيان رسمي، أدانت وزارة الخارجية السورية الهجوم، مؤكدة أن "قوات الاحتلال أطلقت النيران مباشرة على المدنيين، واقتادت سبعة منهم إلى جهة مجهولة"، كما دعت مجلس الأمن إلى "اتخاذ خطوات حازمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة"، مطالبة قوات الأمم المتحدة العاملة في الجولان (أندوف) بتحمل مسؤولياتها.
التوقيت والسياق
تزامن الاقتحام مع تصريحات إسرائيلية متكررة عن "حق الدفاع المسبق" داخل الأراضي السورية، في حين تؤكد الحكومة السورية أن الهجمات المتكررة تعرقل جهود الاستقرار وإعادة الإعمار، خاصة في مناطق الجنوب التي خرجت عن السيطرة المؤقتة بعد انهيار اتفاق فض الاشتباك نهاية 2024.
وكانت إسرائيل قد أعلنت في ديسمبر الماضي انهيار اتفاق 1974 الذي ينظم فض الاشتباك بين الجيشين السوري والإسرائيلي في الجولان، متذرعة بـ"غياب الطرف المقابل" بعد إسقاط نظام بشار الأسد. ومنذ ذلك الحين، نفذت تل أبيب عدة عمليات عسكرية في الجنوب السوري، استهدفت منشآت عسكرية ومجموعات موالية لإيران، فيما يبدو أنه إعادة صياغة لخريطة النفوذ العسكري في الهضبة المتنازع عليها.
صمت أممي وتساؤلات حول دور "أندوف"
رغم تأسيس قوة أندوف بقرار أممي عام 1974 لمراقبة خطوط وقف إطلاق النار في الجولان، فإنها لم تصدر أي تعليق رسمي على التوغل الأخير، ما يفتح باب التساؤل حول مدى قدرتها أو استعدادها لتنفيذ ولايتها، خاصة في ظل تعقيد المشهد الأمني والسياسي على جانبي الحدود.
ويعتبر مراقبون أن غياب الردع الأممي شجّع إسرائيل على تكثيف تدخلاتها الميدانية، مستغلة الفراغ القانوني في الجنوب السوري، وتشتت القرار الدولي بشأن الوضع ما بعد الأسد.
رد دمشق: دبلوماسي وحذر
على الرغم من التوغل الدموي، اكتفت الحكومة السورية الجديدة بإصدار بيان إدانة شديد اللهجة دون الإعلان عن أي رد عسكري، وهو ما يعكس بحسب محللين استراتيجية حذرة تتجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة، خاصة في ظل الأولويات المحلية لإعادة الإعمار وترسيخ السلطة الجديدة بعد سقوط النظام السابق.
رؤية خاصة
يرى "التحليل الإخباري – نافذة خاصة" أن التوغل في بيت جن ليس حادثًا معزولًا، بل يأتي ضمن سلسلة عمليات إسرائيلية تهدف إلى فرض معادلة ردع جديدة في جنوب سوريا، مستفيدة من تراخي الضمانات الأممية وتراجع الأطراف الدولية عن دورها في ضبط التوازن الأمني في الجولان. ومن المرجح أن تشهد الفترة القادمة تصاعدًا في وتيرة هذه العمليات، ما لم يُبادر المجتمع الدولي إلى إعادة تفعيل آليات الضغط والردع القانونية لمنع الانزلاق نحو فوضى إقليمية مفتوحة.
الجيش الإسرائيلي يختطف نشطاء سفينة "مادلين": حصار غزة يتجدد بحراً
الاثنين 9 يونيو 2025
في تطور يعيد إلى الأذهان مشاهد أسطول الحرية عام 2010، أقدم الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الاثنين على اعتراض سفينة "مادلين" التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة، بهدف كسر الحصار البحري المفروض منذ أكثر من 17 عاماً. وأفاد "ائتلاف أسطول الحرية"، المنظم للرحلة، بأن الاتصال انقطع تماماً مع السفينة فور اقتحامها من قبل قوات إسرائيلية خاصة، مشيراً إلى "اختطاف المتطوعين الدوليين على متنها".
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن البحرية الإسرائيلية سيطرت على السفينة واعتقلت النشطاء الـ12 الذين كانوا على متنها، بمن فيهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، تمهيداً لترحيلهم إلى خارج البلاد. وتم قطر السفينة إلى ميناء أسدود، حسب ما أكدته القناة 12 العبرية، مشيرة إلى عدم وقوع إصابات خلال العملية.
عملية الاقتحام سبقها بث مباشر للمتضامنين من على سطح السفينة، أظهر تحليق طائرات مسيّرة إسرائيلية فوقها، وإلقاء سائل أبيض غير معروف المصدر، وسط تطويق بحري مكثف. كما ظهرت لقطات للجنود الإسرائيليين وهم يطالبون النشطاء برفع أيديهم استعداداً للاعتقال.
ويأتي الهجوم الإسرائيلي بعد ساعات من تحذير علني أصدرته وزارة الخارجية الإسرائيلية واعتبرت فيه محاولة الوصول إلى غزة عبر البحر "خرقاً للقانون الدولي". كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، مساء الأحد، أنه أعطى أوامر صريحة للجيش بمنع السفينة من إكمال مسارها، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لمنع تجدد حملة دولية لإدانة الحصار.
تجدر الإشارة إلى أن سفينة "مادلين" انطلقت في سياق مبادرة جديدة تنفذها اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، بالتعاون مع عدة منظمات إنسانية أوروبية. وتحمل السفينة مواد رمزية ومساعدات رمزية، لكن رمزية الرحلة تتجاوز البُعد الإنساني لتشكل رسالة سياسية تتحدى الصمت الدولي تجاه استمرار الحصار، الذي تفاقم منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تبعها من إبادة موثقة خلفت أكثر من 181 ألف قتيل وجريح، وفق أرقام فلسطينية.
وتأتي هذه العملية بعد أكثر من شهر من استهداف مماثل لسفينة "الضمير" التي حاولت الإبحار إلى غزة، وتعرضت لهجوم بمسيّرة إسرائيلية أدى إلى أضرار مادية.
رؤية خاصة:
تكشف عملية اختطاف نشطاء "مادلين" عن انتقال إسرائيل من سياسة الحصار الصامت إلى الدفاع العسكري العنيف عن شرعيته، ما يعكس قلقاً إسرائيلياً متزايداً من تحركات رمزية ذات طابع إنساني قد تُفكك الرواية الرسمية. وفي ظل صمت أوروبي واضح، تُطرح تساؤلات جدية حول مصير أدوات القانون الدولي أمام وقائع التهجير والقتل والحصار، لا سيما حين يُختطف ناشطون دوليون لا يحملون سوى شعارات إنسانية.
الأسرى في غزة.. ملف "معلّق" بين حسابات نتنياهو وتآكل الثقة بالمؤسسة الأمنية
الأحد 8 يونيو 2025
في منعطف جديد يعكس تفاقم التصدعات داخل المنظومة الإسرائيلية، وصف الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية عاموس مالكا، أداء حكومة نتنياهو في ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس بـ"الفضيحة"، مؤكدًا أن الحرب على غزة تدار باعتبارات سياسية بحتة.
جاء ذلك في تصريح صادم خلال مقابلة له مع إذاعة "ريشت بيت" العبرية، حيث أبدى شكوكًا عميقة بشأن وجود رؤية واضحة للحرب، متسائلًا بسخرية: "هل سننهي الحرب بعد إسكات آخر بندقية كلاشينكوف؟ هذا خيال علمي". وأضاف مالكا أن رئيس الوزراء يؤجل البت في ملف الأسرى إلى "الوقت السياسي المناسب"، في إشارة إلى أن نتنياهو يوظف الملف كورقة انتخابية لا كورقة أمن قومي.
تصدّع داخلي يعبّر عن أزمة قيادة
تأتي هذه التصريحات في وقت يتزايد فيه الضغط الداخلي على حكومة نتنياهو، لا سيما من أهالي الأسرى وجنرالات سابقين في الجيش، وسط اتهامات لحكومته بأنها تُطيل أمد الحرب من أجل البقاء السياسي وتجنب المحاسبة على الإخفاقات العسكرية والاستخباراتية المرتبطة بعملية 7 أكتوبر.
ووفق بيانات إسرائيلية، فإن أكثر من 120 إسرائيليًا ما يزالون محتجزين لدى حركة حماس منذ 7 أكتوبر، وسط تعثر مسارات التفاوض، رغم عروض قدمتها الحركة تشمل إطلاق جميع الأسرى مقابل وقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
لكن حكومة نتنياهو ترفض هذا السيناريو، وتطرح شروطًا تصعيدية مثل نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وفرض ترتيبات أمنية دائمة، ما أدى إلى تعقيد أي تسوية محتملة. ويذهب محللون إسرائيليون إلى اعتبار ذلك "مماطلة ممنهجة" تهدف لتجميد الملف حتى استحقاق انتخابي داخلي أو تفاوض سياسي دولي.
خلفية دموية: حرب مستمرة ومأزق إنساني
تستمر الحرب الإسرائيلية على غزة لليوم الـ245، وقد أسفرت حتى الآن عن أكثر من 180 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، فضلًا عن تشريد أكثر من مليون ونصف مدني، وسط دمار شبه كامل للبنية التحتية.
ورغم تصاعد الإدانات الدولية، بما فيها أوامر صريحة من محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية، تواصل إسرائيل حملتها مدعومة من الولايات المتحدة، متجاهلة كل محاولات الوساطة لوقف إطلاق النار.
رؤية خاصة
تكشف تصريحات مالكا عن معادلة حرجة داخل إسرائيل: حرب لا أفق لها، وملف أسرى مُعلّق، وجبهة داخلية مضطربة. فالتآكل في ثقة الرأي العام الإسرائيلي بالمؤسسة العسكرية والحكومة أصبح جليًّا، بينما تتصاعد نداءات تطالب بتغييرات جذرية في قيادة الدولة.
في ضوء ذلك، يرى "التحليل الإخباري – رؤية خاصة" أن ملف الأسرى تحوّل إلى مرآة لأزمة قيادة سياسية وأمنية مزدوجة في إسرائيل، تضعف قدرتها على اتخاذ قرارات سيادية، وتعرض شرعيتها الأخلاقية والدستورية للانهيار، في ظل حرب تُدار بلا أفق ولا استراتيجية.
الضفة الغربية تحترق: التهجير يتسارع والهدم يتسع والخليل وجنين على خط النار
السبت 7 يونيو/حزيران 2025
في مشهد يؤرخ لتصعيد جديد في الهندسة الإسرائيلية لخرائط الضفة الغربية، شهدت محافظات الخليل وطولكرم وجنين موجة واسعة من الاعتداءات العسكرية والاستيطانية، أسفرت عن استشهاد شاب فلسطيني، وإصابة اثنين، وتهجير عشرات الآلاف، وسط تصاعد عمليات الهدم والمداهمات والاعتقالات الجماعي
في الخليل، ارتقى شاب فلسطيني برصاص الاحتلال عند حاجز الظاهرية صباح السبت، فيما أصيب آخران بجراح. أعقب ذلك فرض حظر تجوال شامل على أحياء "جابر" و"السلايمة" و"وادي الحصين"، تخلله اعتقال فلسطينيين خلال حملة اقتحام شرسة استهدفت "جبل جوهر" و"وادي النصارى". كما اعتدى مستوطنون على رعاة أغنام في منطقة "تل ماعين" جنوب الخليل.
أما في مدينة طولكرم، فقد دخلت العملية العسكرية الإسرائيلية يومها الـ132 على التوالي، مترافقة مع تجدد أوامر هدم لـ106 مبانٍ في مخيمي طولكرم ونور شمس. وأكدت مصادر محلية أن الاحتلال شرّد قسرًا أكثر من 25 ألف مواطن، ما يمثل واحدة من أكبر موجات النزوح الداخلي منذ بداية العدوان الإسرائيلي على الضفة. الجرافات تعمل بكثافة وسط دمار كبير، وانقطاع البنى التحتية الأساسية.
في جنين، انفجرت عبوة ناسفة بآلية عسكرية إسرائيلية في وسط المدينة، تبعها اقتحام لحي "وادي برقين"، واعتقالات ميدانية. كما شهدت بيت لحم حملة اعتقالات طالت خمسة شبان قرب نبع ماء في بلدة نحالين. وفي مسافر يطا، اعتقل جيش الاحتلال الشقيقين الحمامدة أثناء رعي الأغنام، إلى جانب مداهمات في الشيوخ واعتقال رشاد نزار عويضات.
توازيًا مع العمليات العسكرية، تتصاعد اعتداءات المستوطنين بشكل ممنهج. ففي الساعات الأولى من صباح السبت، قطع مستوطنون نحو 100 شتلة زيتون شمال شرق رام الله، وهاجم آخرون تجمّعًا بدويًا شمال أريحا. وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن مايو/أيار الماضي شهد 1691 اعتداء، منها 415 نفذها مستوطنون، وتركزت في رام الله والخليل ونابلس.
تؤشر هذه الممارسات إلى انتقال الاحتلال من استراتيجيات "الردع والتشتيت" إلى سياسة "الإحلال المكاني القسري"، عبر تفريغ مناطق ذات ثقل ديمغرافي فلسطيني، خاصة مخيمات اللاجئين. كما يمثل طولكرم نموذجًا صارخًا لسياسة التطهير الديموغرافي التدريجي، دون الحاجة لإعلان نكبة جديدة.
الخليل بدورها تعيش مرحلة "التقسيم الأمني العنيف"، حيث تُفصل أحياؤها بقوة الحديد والنار. أما جنين، فتظل هدفًا لعمليات الكسر الأمني بسبب موقعها الجغرافي ودورها النضالي المتجدد، بينما تشكل اعتداءات المستوطنين غلافًا شعبويًا مساندًا للعمليات الرسمية الإسرائيلية.
خلاف حاد بين ترامب وماسك يهدد تحالفاً سياسياً وتقنياً
الجمعة 6 يونيو/حزيران 2025
واشنطن – شهدت العلاقات بين الرئيس الأمريكي السابق والحالي، دونالد ترامب، والملياردير ورجل الأعمال إيلون ماسك تصعيداً حاداً خلال الأيام الأخيرة، ما أدى إلى تدهور التحالف الذي جمعهما في السنوات الماضية، وفتح الباب أمام تداعيات سياسية واقتصادية واسعة.
بدأ الخلاف العلني حين انتقد ماسك مشروع قانون خفض الضرائب والإنفاق الذي أعلنه ترامب، مما أثار حفيظة الأخير. رد ترامب بوصف ماسك بأنه "فقد عقله" خلال تصريحات لشبكة "إيه بي سي"، مشيراً إلى أنه غير مستعد للتحدث مع ماسك حالياً، رغم أن ماسك هو من يسعى لإجراء اتصال معه. ومن جانبه، عبر ماسك عن استيائه من السياسات الاقتصادية لترامب عبر حسابه على منصة "إكس"، وعلق على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة بطريقة استفزازية.
هذا التوتر السياسي انعكس بشكل واضح على سوق الأسهم، حيث شهدت شركة تسلا، التي يملكها ماسك، خسائر تجاوزت 14% في تداولات يوم الخميس، مسجلة أكبر هبوط يومي في تاريخها مع خسارة 150 مليار دولار من قيمتها السوقية. ورغم ارتفاع الأسهم بنسبة 5% في تداولات ما قبل السوق يوم الجمعة، فإن المخاوف ما تزال قائمة حول استقرار الشركة وسوق التكنولوجيا بشكل عام.
وفي تطور لافت، أعلن ماسك نيته وقف تشغيل مركبة "دراغون" الفضائية، المركبة الأمريكية الوحيدة التي تنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، مشيراً إلى تهديدات سياسية من جانب ترامب، قبل أن يتراجع عن قراره بعد ساعات.
على الصعيد السياسي، أعرب مسؤولون في البيت الأبيض عن عدم وجود خطط حالية لإجراء اتصال بين ترامب وماسك، رغم محاولات بعض الأطراف لتهدئة الوضع.
تاريخياً، كان ماسك أحد أبرز داعمي ترامب في حملته الانتخابية، ومشاركاً في جهود تقليص حجم القوى العاملة الفدرالية وخفض الإنفاق، مما يجعل هذا الخلاف مفاجئاً ومؤثراً في الأوساط السياسية والاقتصادية.
رؤية خاصة:
يعكس هذا الصدام العمق المتزايد للانقسامات بين الأجنحة المحافظة الأمريكية، ولا سيما بين رجال الأعمال وأوساط الحكم التقليدية، مما قد ينعكس سلباً على جهود تنسيق السياسات الاقتصادية والتكنولوجية في المستقبل القريب. كما يسلط الضوء على هشاشة التحالفات السياسية التي تعتمد بشكل كبير على مصالح فردية وشخصيات قوية، بدلاً من رؤى موحدة وأطر مؤسساتية متينة.
أردوغان وابن سلمان... تقارب مستمر على إيقاع فلسطين وسوريا
الجمعة 6 يونيو/حزيران 2025
في اتصال هاتفي وصفته الدوائر الرسمية بـ"البنّاء"، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العلاقات الثنائية، وعددًا من الملفات الإقليمية الحساسة، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات استراتيجية متسارعة، لاسيما في مساري فلسطين وسوريا.
بيان دائرة الاتصال في الرئاسة التركية أشار إلى أن الطرفين ناقشا "سبل تعزيز العلاقات بين البلدين"، مع التأكيد على "دعم تركيا المستمر للقضية الفلسطينية على جميع المستويات"، ما يُفهم منه أن أنقرة تسعى لتثبيت موقعها السياسي في خريطة الحلفاء الإقليميين الداعمين لغزة، لا سيما بعد القمة العربية الأخيرة في بغداد التي شهدت إجماعًا على دعم المقاومة ووقف العدوان الإسرائيلي.
في المقابل، أعرب أردوغان عن ترحيبه بما وصفه "رفع العقوبات الغربية عن سوريا"، وهي إشارة سياسية واضحة إلى تطورات متقدمة في موقف أنقرة من النظام السوري، وسط وساطات إقليمية تُرجّح قرب فتح قنوات حوار رسمي بين أنقرة ودمشق برعاية سعودية.
ويرى مراقبون أن هذا الاتصال يأتي بعد تقارب تركي سعودي طويل النفس، منذ زيارة أردوغان إلى جدة في 2022، ثم توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى، وصولًا إلى تنسيق سياسي لافت في ملفات ليبيا، السودان، واليمن، والآن في القضية السورية.
وتُعدّ تهنئة أردوغان لابن سلمان بـ"نجاح موسم الحج" وبـ"عيد الأضحى المبارك" بمثابة مؤشر على استمرارية التواصل الرمزي والدبلوماسي، الذي يُغذّي التفاهمات الاستراتيجية بين الجانبين، خصوصًا في ظل تقاطع مصالحهما في إدارة ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، وإعادة توجيه ميزان القوى في الهلال الخصيب.
رؤية خاصة:
تعكس المحادثة التركية السعودية لحظة سياسية دقيقة في المنطقة، تحاول فيها الرياض تعزيز مركزيتها الإقليمية، بينما تسعى أنقرة لإعادة تموضع استراتيجي يوازن بين دعم المقاومة الفلسطينية والانفتاح على ترتيبات جديدة في الملف السوري، في ظل تراجع دور طهران وتصاعد الوساطة العربية. ويبدو أن تحالفات "ما بعد قمة بغداد" تفرز تفاهمات أعمق بين أنقرة والرياض، قد تشمل ترتيب ملفات النفط، المعابر، وإعادة الإعمار في سوريا.
هجوم دامٍ على قافلة إغاثة في السودان يثير إدانة دولية واسعة
الخميس 5 حزيران/يونيو 2025
الهجوم الذي استهدف قافلة تابعة للأمم المتحدة في ولاية شمال دارفور، والذي أسفر عن مقتل وإصابة عدد من العاملين في المجال الإنساني، كشف مجددًا هشاشة الوضع الأمني في السودان وعرّض الجهود الإغاثية لخطر كبير.
القافلة الأممية التي تعرّضت للهجوم كانت مؤلفة من 15 شاحنة تحمل مساعدات غذائية موجّهة إلى مدينة الفاشر، مركز العمليات الإنسانية لإقليم دارفور. وأفاد بيان مشترك صادر عن برنامج الأغذية العالمي ومنظمة يونيسف أن الهجوم أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين، بالإضافة إلى إحراق شاحنات وتدمير مساعدات إنسانية حيوية. وذكر البيان أن مسار القافلة كان معروفًا ومبلّغًا لجميع الأطراف المتصارعة، مما يطرح تساؤلات خطيرة عن الجهة الفاعلة.
الرد الدولي لم يتأخر، حيث أدانت مجموعة "متحدون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" الهجوم بشدة، معتبرة أنه يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. وشددت المجموعة التي تضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر وسويسرا والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، على ضرورة حماية المدنيين والعاملين في المجال الإغاثي. وطالبت جميع الأطراف في السودان بالاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني وتسهيل وصول المساعدات إلى جميع المتضررين.
في المقابل، تبادلت الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع الاتهامات بالمسؤولية عن الهجوم، في مشهد يعكس الانقسام العميق وانعدام الثقة بين الطرفين. ومنذ أيار/مايو 2024، تشهد مدينة الفاشر مواجهات دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على الرغم من التحذيرات الدولية المتكررة من خطورة الاشتباكات في هذه المدينة الحيوية. وتتهم السلطات السودانية قوات الدعم السريع بشن هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت منشآت مدنية في شمال وشرق البلاد.
الوضع الإنساني في دارفور يزداد تفاقمًا مع تصاعد القتال وتدمير البنية التحتية الإغاثية، حيث تشير التقارير إلى مستويات غير مسبوقة من الحاجة الإنسانية. وحذرت الأمم المتحدة من أن استهداف القوافل الإغاثية قد يؤدي إلى كارثة إنسانية في مناطق واسعة من السودان. في هذا السياق، تتعالى الدعوات الدولية لتأمين ممرات آمنة للمساعدات وتوفير حماية خاصة للعاملين في المجال الإنساني.
رؤية خاصة:
الهجوم على القافلة الأممية لا يُعد مجرد خرق إنساني فادح، بل مؤشر على تعقّد المشهد السوداني واتجاهه نحو تفكك المنظومة الأخلاقية للحرب. إن استهداف العاملين في المجال الإغاثي يمثل منعطفًا خطيرًا قد يُقوّض ما تبقى من الثقة في أي مسار تفاوضي مستقبلي، ويستدعي تحركًا قانونيًا أمميًا أكثر صرامة.
هدنة مؤقتة أم مناورات تفاوضية؟ زيلينسكي يدعو للقاء بوتين والكرملين يربط الرد بتقييم الوثائق
الأربعاء 4 يونيو 2025
في مشهد جديد من مشاهد التعثر الدبلوماسي بين موسكو وكييف، طرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مبادرة تهدف إلى وقف إطلاق النار تمهيدًا لعقد لقاء مباشر بينه وبين نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها محاولة للخروج من مأزق المحادثات العقيمة التي شهدتها إسطنبول مطلع الأسبوع الجاري.
وقال زيلينسكي في إفادة صحفية إن "اقتراحي الذي أعتقد أن شركاءنا سيدعمونه، هو أن نطرح على الروس وقف إطلاق النار إلى أن يجتمع الزعيمان"، مضيفًا أن محادثات إسطنبول بصيغتها الحالية "غير مجدية"، وداعيًا إلى الانتقال مباشرة إلى لقاء القمة، باعتبار أن مستوى الوفود لم يعد كافيًا لإنتاج حلول.
وتأتي تصريحات زيلينسكي بعد أيام من جولة جديدة من المحادثات بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول، والتي انتهت دون نتائج ملموسة، باستثناء تبادل وثيقتين تتضمنان تصورات الطرفين لوقف الحرب، إضافة إلى خطة مبدئية لتبادل واسع للأسرى.
من جانبها، ربطت موسكو موافقتها على أي لقاء رئاسي بتقييم شامل لمذكرتين تبادلهما الوفدان يوم الاثنين الماضي. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "تحديد موعد المفاوضات المقبلة مرتبط بجاهزية الطرفين، وهو أمر يتطلب أولاً تقييمًا جديًا للمذكرتين المتبادلتين".
ولم يُبدِ الجانب الروسي حماسة تُذكر لاقتراح زيلينسكي، فيما واصل وزير الخارجية سيرغي لافروف التأكيد على أن روسيا "لن تنساق وراء استفزازات أوكرانيا"، وأنها تستخدم "المفاوضات كوسيلة من بين أدوات متعددة لتحقيق أهداف الحرب".
خلفية تفاوضية جامدة
كانت إسطنبول قد احتضنت في الثاني من يونيو/حزيران الجاري جولة ثانية من محادثات السلام، بمشاركة وفدين رسميين من روسيا وأوكرانيا. وأكد رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي حينها أن بلاده قدمت مذكرة تتضمن رؤية موسكو لوقف إطلاق النار، بينما عرض الجانب الأوكراني مسودة مذكرة تقترح ترتيبات لوقف الأعمال العدائية والإفراج المتزامن عن الأسرى.
يُذكر أن الحرب الروسية الأوكرانية دخلت عامها الثالث منذ انطلاق الهجوم الروسي في 24 فبراير/شباط 2022، مع إصرار موسكو على شروط تتضمن منع أوكرانيا من الانضمام إلى أي تكتلات عسكرية غربية.
مساعدات عسكرية في الأفق
على هامش التحركات السياسية، صرّح وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن برلين بصدد إطلاق مبادرة جديدة لجمع مزيد من أنظمة الدفاع الجوي لأوكرانيا، مشيرًا إلى أن ألمانيا تضغط على الولايات المتحدة وشركاء آخرين لتوفير منظومات مثل "باتريوت" وغيرها من الأسلحة المضادة للطيران.
واعتبر بيستوريوس أن "النجاح الروسي في ساحة المعركة ليس وشيكًا ولا متوقعًا"، في إشارة إلى أن الغرب لا يرى في المبادرة الأوكرانية تنازلًا، بل محاولة لكسب الوقت وترتيب الجبهة الداخلية.
تشير المبادرة الأوكرانية إلى رغبة كييف في تخفيف الضغط العسكري والسياسي عبر محاولة خلق اختراق دبلوماسي مباشر، بينما يظهر تمسك موسكو بالتقييم الفني للمذكرتين كتكتيك لتأجيل الرد، ريثما تبلور ميزان القوى على الأرض. وبينما تسعى أوكرانيا لدعم سياسي وعسكري متزامن، تتحرك روسيا بحذر، محكومة بعوامل التفاوض والشروط المسبقة التي تعتبرها غير قابلة للتنازل.
أزمات أفريقيا في الظل: إهمال دولي يقود القارة نحو كارثة ممتدة
الثلاثاء 3 يونيو 2025
في تقريره السنوي الصادر مطلع يونيو 2025، سلّط المجلس النرويجي للاجئين الضوء على ما وصفه بـ"النكبة الإنسانية المنسية في أفريقيا"، مؤكدًا أن 9 من أصل 10 أزمات إنسانية مهملة على مستوى العالم تقع في القارة الأفريقية. وبحسب التقرير، تصدّرت الكاميرون للعام الثاني على التوالي قائمة الدول الأكثر تهميشًا، تلتها بوركينا فاسو، جمهورية الكونغو الديمقراطية، مالي، النيجر، الصومال، إثيوبيا، موزمبيق، وإفريقيا الوسطى.
يعتمد التصنيف على ثلاثة معايير متقاطعة: غياب التغطية الإعلامية الدولية، قلة التمويل الإنساني، وانعدام الحلول السياسية. ويشير التقرير إلى أن هذه المعايير لا تعكس فقط قصورًا في الاهتمام الدولي، بل تعبّر عن انهيار منهجي في مقاربة الأزمات داخل المنظومة الأممية.
10 ملايين نازح و25 مليار دولار فجوة تمويلية
أبرز التقرير أن النزاعات المسلحة، والانقلابات العسكرية، والكوارث المناخية، دفعت نحو 10.3 مليون شخص إلى النزوح القسري في عموم القارة خلال عام واحد فقط. وعلى الرغم من هذه الأرقام الصادمة، تعاني برامج المساعدات من عجز تمويلي يتجاوز 25 مليار دولار، في ظل تراجع واضح للدعم الأوروبي والأميركي، وتركيز الاهتمام على أزمات أكثر شهرة مثل أوكرانيا وغزة والسودان.
كما أوضح التقرير أن بعض الحكومات الأفريقية متورطة في عرقلة الاستجابة الإنسانية، إما بسبب البيروقراطية، أو عبر استخدام المساعدات كأداة سياسية ضد المعارضين، وهو ما لوحظ في مناطق النزاع بالكاميرون وإثيوبيا.
تجاهل إعلامي شامل
رغم حجم المأساة، أشار التقرير إلى أن الأزمات الأفريقية لا تحظى إلا بنسبة 1% فقط من التغطية الإعلامية الدولية، وهو ما ينعكس سلبًا على حجم التبرعات، وضغط الرأي العام، وتشكيل السياسات الغربية.
انهيار القيادة الإقليمية
تُظهر الوقائع الميدانية أن الاتحاد الأفريقي لا يزال عاجزًا عن لعب دور فاعل في الوساطة أو الحشد، وسط انقسامات سياسية بين الدول الأعضاء، وضعف الإرادة السياسية، مقابل تزايد أدوار اللاعبين الخارجيين مثل روسيا وتركيا في ملفات السلاح والتدريب، دون التزام واضح بالأبعاد الإنسانية.
رؤية خاصة
إن تصاعد أزمات أفريقيا دون تدخل دولي فاعل يعكس خللًا عميقًا في أولويات النظام الدولي. فبينما يُضخ الدعم المالي والإعلامي في مناطق الصراع ذات الوزن الجيوسياسي، تترك أفريقيا، بكل ما تحمله من هشاشة اجتماعية ومناخية، لتغرق وحدها في دوامة الإهمال. وهذا يفتح الباب أمام انفجارات أمنية عابرة للحدود، وهجرات جماعية، ويزيد من فرص تجنيد الفئات الهشة في حروب غير نظامية، ما يُهدد مستقبلاً جيوسياسيًا قاتمًا للقارة والعالم معها.
جولة السلام في إسطنبول: تركيا تدفع باتجاه تسوية روسية–أوكرانية وسط تناقض المطالب
الاثنين 2 حزيران/يونيو 2025
جولة جديدة من المحادثات الروسية–الأوكرانية انعقدت صباح الاثنين في قصر تشيراغان بمدينة إسطنبول، لتكون الثانية من نوعها خلال أقل من شهر، وسط حضور رسمي تركي لافت يؤكد رغبة أنقرة في تثبيت دورها كوسيط دولي مؤثر في واحدة من أعقد الأزمات الجيوسياسية المعاصرة.
الاجتماع شهد مشاركة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي استقبل الوفدين الروسي والأوكراني، في محاولة لإعادة زخم التفاوض إلى مساره، رغم استمرار العمليات العسكرية على الأرض. وقد ترأس الوفد الأوكراني وزير الدفاع رستم عمروف، فيما مثّل الجانب الروسي مستشار الرئيس بوتين، فلاديمير ميدينسكي.
وثائق رسمية تبادلها الطرفان خلال اللقاء، تضمنّت مقترحات متباينة تعكس الهوة القائمة بين رؤيتي موسكو وكييف حول مفهوم "السلام العادل". الوفد الأوكراني سلّم مذكرة تطالب بوقف شامل وغير مشروط لإطلاق النار لمدة ثلاثين يومًا، وإعادة الأطفال المرحّلين قسرًا، وتبادل شامل للأسرى، بالإضافة إلى إطار دولي لضمانات أمنية مستقبلية. بينما عرض الوفد الروسي مطالب تشمل انسحاب أوكرانيا من أربع مناطق متنازع عليها، وتعهدًا قانونيًا بعدم السعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
تقدّم نسبي تم تسجيله في الجانب الإنساني من التفاوض، حيث وافقت أوكرانيا مبدئيًا على إعادة رفات 6,000 جندي روسي، وقدّمت قائمة بأسماء مئات الأطفال المرحّلين من شرق البلاد، مطالبة بترتيب عودتهم عبر آلية أممية محايدة. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها بداية لتطبيع المشهد الإنساني تمهيدًا لتفاهمات سياسية لاحقة.
دعوة مفاجئة طرحتها أوكرانيا خلال المحادثات لعقد قمة رئاسية مباشرة بين زيلينسكي وبوتين، بمشاركة محتملة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أثارت اهتمام الوفد التركي الذي رأى في المبادرة فرصة لإعادة صياغة خريطة الحوار على مستوى أعلى، قد يُخرج التفاوض من عنق الزجاجة.
تركيا أكدت عبر وزير خارجيتها أن دورها لن يقتصر على استضافة الجولات، بل يشمل ضمان تدفق التفاهمات إلى مراحل تنفيذية. وأوضح هاكان فيدان في تصريحه عقب الجلسة أن "تركيا ستستمر في لعب دور نشط ومسؤول لتقريب وجهات النظر، بما يضمن أمن المنطقة واستقرار أوروبا الشرقية".
السياق العام للمحادثات لم يخرج عن الإطار التمهيدي. لم يُوقَّع أي اتفاق، ولم تُحدّد مواعيد ملزمة للجولة المقبلة، لكن مجرد انعقاد المحادثات وسط التصعيد الميداني، يُعد مؤشرًا على إرادة كامنة لدى الطرفين لوقف النزيف، حتى لو كانت هذه الإرادة مشروطة ومترددة.
الولايات المتحدة تابعت الجولة بصمت إعلامي، فيما التزمت الأطراف الأوروبية موقف المراقبة الحذِر، بانتظار نتائج ملموسة قد تبرر الدخول في جهد دبلوماسي أكثر انخراطًا. وفي المقابل، رحّبت الأمم المتحدة بالتقدم في الملفات الإنسانية، واعتبرت ما جرى في إسطنبول خطوة مشجعة "يجب البناء عليها فورًا".
رؤية خاصة
انطلاق الجولة الثانية من محادثات السلام في إسطنبول لا يعكس فقط مرونة لحظية من روسيا وأوكرانيا، بل يشير إلى تحوّل تدريجي في تموضع تركيا على خارطة الوساطة الدولية. النجاح في إحداث اختراق سياسي يبقى مشروطًا بكسر الجمود الاستراتيجي، لكن الإنجاز الحقيقي الآن يتمثل في ترسيخ قاعدة تفاوض قادرة على احتواء الانفجار لا تغطية رماده.
أول زيارة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع إلى الكويت: رسائل سياسية تتجاوز البروتوكول
الأحد 1 حزيران/يونيو 2025
زيارة رسمية شهدها قصر البيان في العاصمة الكويتية، حيث استقبل أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، صباح الأحد، الرئيس السوري أحمد الشرع، في أول محطة كويتية للرئيس الجديد منذ توليه منصبه في يناير الماضي.
مراسم الاستقبال التي جرت على مستوى رفيع عكست حرص الكويت على تثبيت مسار انفتاح سياسي محسوب تجاه الإدارة السورية الجديدة، بعد سنوات من القطيعة والجمود الذي رافق نظام الأسد السابق، خاصة خلال سنوات الصراع الممتد.
جلسة المباحثات الثنائية التي ترأسها الزعيمان، بحسب ما أفادت به وكالتا الأنباء الكويتية والسورية، تناولت آفاق تعزيز العلاقات بين البلدين، ومستجدات الوضع السياسي في سوريا، إضافة إلى "تأكيد الجانبين على دعم جهود المجتمع الدولي لضمان استقرار سوريا وصون وحدتها وسيادتها"، وفق ما صرّح به وزير شؤون الديوان الأميري، محمد عبد الله المبارك الصباح.
الرئيس السوري أحمد الشرع كان قد وصل إلى الكويت في مستهل زيارته الرسمية التي أعلنت عنها دمشق مساء السبت، والتي تأتي ضمن سلسلة تحركات دبلوماسية نشطة شهدها منذ تنصيبه رئيسًا لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات، عقب سقوط النظام السابق في ديسمبر الماضي، وسيطرة قوى المعارضة المدنية والمسلحة على دمشق، وما تبع ذلك من إعادة هيكلة شاملة للمؤسسات.
البيان الرسمي الصادر عن وكالة سانا وصف الزيارة بأنها تأتي في "إطار تعزيز العلاقات الأخوية والتنسيق الثنائي"، وشدّد على أن مباحثات الرئيس الشرع مع القيادة الكويتية ستتطرق إلى "ملفات التعاون السياسي والاقتصادي، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين ويعزز العمل العربي المشترك".
التحركات الإقليمية للرئيس السوري الجديد، والتي شملت منذ مطلع العام زيارات إلى السعودية وتركيا ومصر والأردن وقطر والإمارات، ثم فرنسا والبحرين، تعكس سعيًا حثيثًا لإعادة تثبيت موقع سوريا في المشهدين العربي والدولي، وفتح نوافذ جديدة للتفاهمات الثنائية بعيدًا عن المحاور التقليدية التي كانت تُقيد الحركة السياسية لدمشق خلال عقود من حكم البعث.
أوساط سياسية عربية اعتبرت زيارة الشرع للكويت مؤشرًا على "تغيّر المزاج الخليجي تجاه سوريا الجديدة"، وعلى استعداد بعض العواصم لمقاربة مختلفة في التعامل مع القيادة التي جاءت عبر مسار انتقالي واضح، يحظى بتأييد قطاعات مدنية وشعبية واسعة داخل سوريا.
ورغم أن الجانب الكويتي لم يعلن عن اتفاقات رسمية خلال هذه الزيارة، إلا أن المراقبين يرون في هذا اللقاء فرصة لصياغة تصور أولي حول مجالات التعاون المستقبلية، وفتح مسارات للعودة التدريجية لسوريا إلى المؤسسات العربية، في ضوء المشاورات الجارية حول مستقبل العمل العربي المشترك ما بعد دمشق القديمة.
رؤية خاصة
الزيارة الأولى للرئيس الشرع إلى الكويت ليست مجرد لقاء بروتوكولي، بل إشارة رمزية إلى تحوّل في مفاهيم الشرعية والقبول السياسي في الخليج. إعادة تشكيل العلاقات مع سوريا الجديدة لم تعد قائمة على الحذر الأمني، بل على اختبار النوايا والمؤسسات. وهو ما يجعل هذه الخطوة اختبارًا مزدوجًا: لسوريا في قدرتها على إثبات استقرارها، وللدول الخليجية في جرأتها على كسر أطواق المواقف القديمة.
تركيا: مقاومة الفلسطينيين امتداد أخلاقي لمعركة إنسانية شاملة
السبت 31 مايو 2025
في ظل استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة للشهر العشرين على التوالي، أكد فخر الدين ألطون، رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، أن مقاومة الشعب الفلسطيني "هي مقاومة مشرفة باسم الإنسانية"، مشددًا على أن ما يجري في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 يمثل "إبادة جماعية ترتكب أمام أعين العالم".
وجاءت تصريحات ألطون خلال مشاركته في بث مباشر استمر 24 ساعة من ميدان السلطان أحمد في إسطنبول، نظمته مجموعة من الصحفيين والنشطاء الأتراك تحت عنوان "لا تصمت من أجل فلسطين"، بدعوة من اتحاد الصحافة التركية. وقد حظيت الفعالية بتغطية واسعة ومشاركة شعبية لافتة في عموم تركيا، تنديدًا بالجرائم الإسرائيلية ودعمًا للحق الفلسطيني.
ألطون وصف إسرائيل بـ"آلة شر" ترتكب الجرائم ضد المدنيين وتحاول في الوقت نفسه طمس هذه الجرائم عبر وسائل إعلام دولية ولوبيات ضغط تعمل على إعادة صياغة الوقائع. واتهم الدول الغربية والمنظومة الدولية بالصمت المتعمد واللامبالاة، مؤكدًا أن هذا التجاهل ساهم في تفاقم الوضع وتحويله إلى كارثة إنسانية.
كما اعتبر أن المقاومة الفلسطينية ليست فقط معركة ضد الاحتلال، بل تمثل صوتًا إنسانيًا يطالب بالحرية والعدالة والكرامة. وأضاف: "الشعب الفلسطيني لا يقاوم من أجل نفسه فقط، بل من أجل الإنسانية كلها. وعلينا، كمجتمع دولي، ألا نخذله".
وأشار إلى أن تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، تواصل جهودها في مختلف المحافل الدولية من أجل إيقاف الحرب والعمل على إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في غزة. وأوضح أن تركيا تطالب بمحاكمة قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتؤمن بأن أي سلام في المنطقة يجب أن يُبنى على العدالة، وليس على شرعنة الاحتلال.
من جهته، اعتبر اتحاد الصحافة التركية أن البث المباشر على مدار اليوم يأتي ردًا على محاولات تكميم الأفواه وفرض الرواية الإسرائيلية في وسائل الإعلام العالمية، مؤكدًا أن الصحافة الحرة لها دور محوري في كشف الجرائم وتسليط الضوء على أصوات الضحايا.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه الضغوط على إسرائيل بسبب حجم الدمار والضحايا في قطاع غزة، حيث تشير بيانات منظمات حقوقية إلى سقوط أكثر من 50 ألف شهيد منذ بدء العدوان، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى تدمير البنية التحتية الصحية والتعليمية بشكل شبه كامل.
رؤية خاصة
تبرز تركيا اليوم كواحدة من الدول القليلة التي توظف خطابًا أخلاقيًا وسياسيًا متماسكًا في الدفاع عن فلسطين، مستندة إلى رواية تتجاوز الأبعاد الجغرافية للنزاع، وتطرح القضية بوصفها تحديًا للنظام الدولي برمّته. خطاب ألطون ليس مجرد تعبير عن تضامن، بل يضع تركيا في موقع القوة الأخلاقية والدبلوماسية، ويكرّس سردية ترى في فلسطين رمزًا لمقاومة عالمية ضد الظلم والازدواجية الغربية.
تقرير إخباري | الشيخ نائل مصران: شهيد الكلمة والمعنى في غزة
الجمعة 30 أيار/مايو 2025
حادثة دامية شهدها قطاع غزة صباح الجمعة، حين استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي خيام نازحين في منطقة مواصي القرارة شمال خان يونس، مخلّفة مجزرة راح ضحيتها الشيخ والداعية الدكتور نائل مصران وعدد من أفراد عائلته.
موقع الاستهداف كان خيمة سكنية مؤقتة أقامتها العائلة في منطقة تم تهجيرهم إليها سابقًا بسبب القصف الإسرائيلي المستمر. القصف أسفر عن استشهاد 14 مدنيًا، بينهم أطفال ونساء، جلّهم من عائلة واحدة، مما يعكس طبيعة العدوان المركّز على النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
أسماء الشهداء التي أعلنتها المصادر الطبية شملت: محمود، شيماء، سهام، سمية، وريم نائل مصران، إلى جانب نائل غازي مصران، وداليا زكي مصران، وثلاثة أطفال وسيدة لم تُعرف هويتهم بعد. كما أُصيب عدد آخر من النازحين بجروح متفاوتة، بعضهم في حالات حرجة.
الشيخ نائل مصران كان من الشخصيات الدعوية البارزة في غزة، وقد عُرف بجمعه بين التخصص الأكاديمي في الهندسة المدنية والتحصيل الشرعي الرفيع، حيث نال الدكتوراه في الفقه وأصوله، وتعمّق في القضايا الفقهية الحديثة. خطابه الجمعي وقدرته على الربط بين الدين والواقع الفلسطيني أكسباه تأثيرًا واسعًا في الأوساط العلمية والفكرية.
ردود الفعل على استشهاده اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر آلاف النشطاء عن حزنهم وصدمتهم، ونعوه بعبارات تفيض بالإجلال. واعتُبر استهدافه رسالة تهديد لكل الرموز الفكرية والدعوية في غزة، خصوصًا ممن يمثلون تيارًا وطنيًا جامعًا يرفض الاستقطاب والانقسام.
البيئة التي استُهدف فيها الشيخ كانت خالية من أي منشآت عسكرية، ما يُفنّد ادعاءات الاحتلال المتكررة بأن ضرباته تستهدف مواقع عسكرية أو مقاتلين. مصادر حقوقية أشارت إلى أن الخيمة المستهدفة كانت ضمن تجمّع نزوح مدني كامل، مُعتمد من قبل منظمات الإغاثة، ومعروف للجهات الدولية.
في سياق متصل، استشهدت المواطنة بسمة إبراهيم حسين البيوك بعد إطلاق الرصاص عليها من قبل جنود الاحتلال قرب كراج رفح وسط خان يونس، مما يفتح تساؤلات حول سياسة الاستهداف المفتوح التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين حتى في مناطق التجمعات السكانية الآمنة نسبيًا.
الصمت الدولي إزاء هذه الجريمة يعيد إلى الواجهة الموقف المتواطئ لكثير من العواصم المؤثرة، لا سيما مع استمرار التعامل مع العدوان على غزة كملف أمني لا كقضية إنسانية وسياسية ذات أبعاد إبادة جماعية ممنهجة.
الدكتور نائل مصران لم يكن فقط خطيبًا أو فقيهًا، بل كان صوتًا فكريًا راسخًا، حرص على تعميق المعاني الشرعية وسط أجيال تعاني الحصار والتجهيل والتفكيك. وقد مثّل نموذجًا نادرًا في الجمع بين المعرفة الهندسية والمنهج الأصولي، في بيئة تفتقر غالبًا لهذه التركيبة العلمية.
رؤية خاصة
استهداف الشيخ نائل مصران يرمز إلى تحول خطير في استراتيجية الاحتلال: الانتقال من قصف الحجر إلى إسكات الكلمة. حين تُستهدف العقول في أماكن نزوحها، فإن المشروع الإسرائيلي لا يقاتل مقاومةً فقط، بل يُحاول محو الوعي الجماعي. إننا أمام جريمة ليست فقط في الجسد، بل في المعنى ذاته.
تركيا بوابة التفاوض بين روسيا وأوكرانيا في ظل صراع متواصل
الخميس 29 مايو 2025
تتصدر تركيا المشهد الدولي كطرف إقليمي فاعل في محاولة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير 2022، عبر استضافتها لجولات تفاوضية حاسمة بين موسكو وكييف. يأتي ذلك في ظل تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان التي أكد فيها أن بلاده "مكان مثالي" لاستضافة هذه المفاوضات، مشيراً إلى الحاجة الملحة للطرفين للجلوس وجهاً لوجه بهدف البحث عن حلول سلمية للخلافات العميقة التي أثرت على الأمن والاستقرار في أوروبا والعالم.
وزير الخارجية التركي أشار خلال لقاء مع الصحفيين أثناء انتقاله من بولندا إلى أوكرانيا عبر القطار، إلى أن تبادل ألف أسير بين روسيا وأوكرانيا مؤخراً شكل خطوة إيجابية ومهمة في مسار المفاوضات، وأوضح أن هذا التبادل يعد من العوامل التي تعزز فرص استئناف الحوار البناء بين الطرفين.
تركيا، التي استضافت في منتصف مايو جولات سلام مهمة في إسطنبول، تعمل على استثمار موقعها الجغرافي والسياسي لتسهيل تواصل الأطراف المتصارعة، وهو ما يعكس رغبتها في تقديم حلول دبلوماسية تتجنب المزيد من التصعيد العسكري وتفتح الباب أمام اتفاقيات وقف إطلاق النار الدائمة.
وأكد فيدان أن نجاح المفاوضات مرهون بقبول الطرفين بالحوارات المتبادلة والالتزام بنتائجها، مشدداً على ضرورة إعلان مواقف رسمية واضحة بخصوص وقف إطلاق النار، الأمر الذي يعد أساساً للانطلاق في جولات تفاوضية فعالة. ويأتي هذا في ظل اختلافات واضحة في مطالب كل طرف، حيث تصر روسيا على شروط أمنية تتعلق بعدم انضمام أوكرانيا إلى تحالفات عسكرية غربية، بينما تصر كييف على حماية سيادتها واستقلالها.
وتتزامن هذه الجهود مع تصريحات متكررة لمسؤولين روس وأوكرانيين تفيد بوجود نية لإجراء جولات تفاوضية جديدة، حيث أشار متحدث الكرملين دميتري بيسكوف إلى انتظار ردود فعل رسمية من كييف حول مقترحات وقف إطلاق النار التي قدمتها موسكو.
جانب آخر مهم هو التفاعل التركي مع مختلف الأطراف، حيث أوضح فيدان أنه سيجري لقاءات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومسؤولين آخرين لبحث ملاحظاتهم وآرائهم، بعد أن أجرت تركيا مشاورات مماثلة مع الجانب الروسي. هذا النهج يعكس محاولة أنقرة للعب دور وسيط متوازن يدعو إلى الحوار الشامل دون الانحياز لأي طرف، ويعمل على بناء جسر من الثقة بين الطرفين.
في الوقت نفسه، تشكل هذه الوساطات فرصة لتركيا لتعزيز مكانتها الدبلوماسية على الساحة الدولية، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية بين روسيا والغرب، إضافة إلى اهتمامها بالحفاظ على استقرار حدودها وتأمين مصالحها الاقتصادية والسياسية في منطقة البحر الأسود والشرق الأوسط.
يبدو أن تركيا تراهن على أن دورها كمنصة محايدة للتفاوض، ونقطة التقاء في منطقة جغرافية استراتيجية، يمكن أن يسهم في إحراز تقدم ملموس نحو إنهاء النزاع، وهو ما من شأنه أن يقلل من التداعيات الإنسانية والاقتصادية التي خلفتها الحرب على المنطقة والعالم.
في ظل تعقيدات الصراع ورفض الطرفين التخلي عن بعض المطالب، تظل الوساطة التركية مهمة شاقة تتطلب دبلوماسية دقيقة وصبراً كبيراً، لكن استمرار أنقرة في هذا المسار يعكس إيمانها بأهمية الحلول السلمية والحوار كطريق وحيد لتحقيق السلام والاستقرار في أوروبا والعالم.
غزة في اليوم الـ600: استمرار المجازر وانهيار منظومة الإغاثة
الأربعاء 28 أيار/مايو 2025
يومٌ دامٍ جديد يمرّ على قطاع غزة، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه في اليوم الـ600 من حرب الإبادة، مخلفًا عشرات الشهداء والجرحى في أنحاء متفرقة من القطاع المحاصر.
مجزرة مروّعة وقعت فجر اليوم شمال مدينة غزة، حيث استُهدف منزل يعود لعائلة في منطقة الصفطاوي، وأسفر القصف عن استشهاد تسعة من أفراد العائلة، بينهم نساء وأطفال، بينما أُصيب 15 آخرون بجروح متفاوتة. لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين تحت الأنقاض، وسط دمار شبه كامل للمنزل المستهدف.
قصفٌ مماثل استهدف مجموعة من المواطنين قرب منطقة الفاخورة في مخيم جباليا شمال القطاع، وأدى إلى استشهاد أربعة مدنيين. مناطق الوسط لم تسلم من العدوان، إذ أدى قصف عنيف على منزل في دير البلح إلى استشهاد ستة مواطنين وسقوط عدد من الجرحى.
جنوب القطاع يعيش بدوره تحت وابل من الغارات، إذ سُجّلت أربع حالات استشهاد في بلدات القرارة والفخاري وعبسان الكبيرة، إضافة إلى قيزان رشوان في محيط خان يونس. انتشلت الفرق الطبية جثمان مواطن من تحت أنقاض منزله في حي المنارة، بعد أيام من استهدافه.
مدينة رفح شهدت اعتداءً على المدنيين في محيط نقاط توزيع المساعدات، حيث استُشهدت سيدة مسنة وأُصيب طفلان بنيران الاحتلال في منطقة ميراج، بينما استُشهد مواطن آخر متأثراً بجراح أُصيب بها في نفس المكان أمس.
حصيلة الضحايا الكلية ارتفعت اليوم إلى 54,056 شهيدًا و123,129 مصابًا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، مما يعكس حجم الكارثة المتفاقمة على مدى ستمئة يوم متواصلة من العدوان.
الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءًا مع فشل النظام الجديد لتوزيع المساعدات، الذي أقرته سلطات الاحتلال بدعم أميركي. المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، اعتبر هذا النظام "هدراً للموارد وإلهاء عن الفظائع"، منتقدًا تحويل مراكز التوزيع من 400 مركز إلى 3 أو 4 فقط، الأمر الذي يزيد من تفاقم أزمة الغذاء والنزوح.
تحذيرات صدرت كذلك عن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث أكد مديره في الأراضي الفلسطينية، أجيت سونغهاي، أن حادثة رفح التي سقط فيها 3 شهداء و47 مصابًا، تعكس مخاطر آلية التوزيع المعتمدة حاليًا، مشيرًا إلى أن غالبية الإصابات وقعت نتيجة إطلاق نار مباشر من الجيش الإسرائيلي.
موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جاء متناقضًا، إذ أقرّ بـ"فقدان السيطرة مؤقتًا" خلال حادثة التوزيع، قبل أن يعلن استعادتها. في المقابل، أكدت منظمات إنسانية دولية، بما في ذلك وكالات أممية، أنها لن تتعاون مع مؤسسة "غزة الإنسانية" المدعومة من واشنطن، بسبب تغييبها للجهات الفلسطينية.
رؤية خاصة
غزة تتحوّل إلى مختبر دموي لانهيار النظامين الإنساني والأخلاقي الدوليين. معادلة الموت الجماعي والإغاثة المشروطة تؤكد أن الاحتلال لا يكتفي بالقتل، بل يستخدم الغذاء كسلاح للتركيع والنزوح.
العدالة والتنمية يُحيي خيار الولاية الثالثة لأردوغان: التوقيت والدستور والواقع السياسي
الثلاثاء، 27 مايو/أيار 2025
أعادت تصريحات صادرة عن قيادات حزب العدالة والتنمية التركي الجدل بشأن ترشح الرئيس رجب طيب أردوغان لولاية رئاسية ثالثة، بعد أن أعلن في وقت سابق أنه لا يعتزم خوض الانتخابات القادمة. الدعوة التي أطلقها مساعد رئيس الحزب حسين يامان جاءت في فعالية حزبية بولاية موغلا، متضمنة إشارات إلى استمرار دعم القواعد الشعبية لأردوغان، ومطالبة مباشرة له بالترشح.
هذه التصريحات لم تأتِ بمعزل عن الموقف القومي المتحالف مع الحزب الحاكم، إذ عززها زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، الذي أشار إلى أن "الرئيس لا يملك حق التنحي"، في محاولة لمنح الموقف بعدًا وطنيًا يتجاوز الحسابات الحزبية.
في المقابل، تبرز عقبة دستورية أساسية، إذ لا يتيح الدستور التركي الحالي أكثر من ولايتين للرئيس. ومع ذلك، يرى الحزب الحاكم أن دعوة البرلمان لانتخابات مبكرة قد تفتح مخرجًا قانونيًا يتيح إعادة ترشيح أردوغان، وهو ما يتطلب غالبية من 360 صوتًا، لا يملكها التحالف الحاكم بمفرده.
رؤية خاصة
من منظور حزب العدالة والتنمية، لا يُعد طرح ولاية رئاسية ثالثة لأردوغان مجرد تحدٍ دستوري، بل خيارًا استراتيجيًا تفرضه اعتبارات الأمن القومي والاستقرار السياسي في ظل بيئة إقليمية متوترة وتحديات داخلية مركبة. فالحزب يعتبر أن بقاء أردوغان في السلطة ضرورة لضمان الانتقال المنضبط نحو "تركيا القرن" كما يصفها، وأن تعديل المسار الدستوري يجب أن يخضع للبراغماتية السياسية لا للنص الجامد، ما دامت الإرادة الشعبية حاضرة.
ترامب يؤجل فرض الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي إلى يوليو في خطوة دبلوماسية تجارية حساسة
الاثنين 26 مايو 2025
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأحد، تأجيل موعد بدء فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، إلى 9 يوليو/تموز 2025، بدلاً من الأول من يونيو كما كان مقرراً سابقاً. وجاء هذا القرار عقب محادثة هاتفية بين ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي طلبت مهلة إضافية للمفاوضات بشأن هذه الرسوم.
ترامب أوضح في منشور على منصة "تروث سوشيال" أن التأجيل جاء استجابة لطلب فون دير لاين، مؤكداً أن الموعد الجديد للبدء في تطبيق الرسوم هو التاسع من يوليو. من جهتها، أكدت فون دير لاين في منشور على منصة "إكس" أن المحادثة كانت "جيدة" وعبرت عن حرص الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على "العلاقة التجارية الأهم والأوثق في العالم" مع الولايات المتحدة.
تأتي هذه الخطوة في سياق سياسة جمركية أعلنتها إدارة ترامب في أبريل 2025، تهدف إلى فرض رسوم جمركية "متبادلة" على مختلف الدول بنسبة لا تقل عن 10%، مع إجراءات تصعيدية تجاه الاتحاد الأوروبي الذي يعد شريكاً تجارياً رئيسياً للولايات المتحدة. في التاسع من أبريل، أعلن ترامب تعليق تنفيذ الرسوم على الاتحاد الأوروبي ودول أخرى لمدة 90 يوماً بهدف إجراء مفاوضات تجارية.
لكن في 23 مايو، أعرب ترامب عن إحباطه من عدم إحراز تقدم في المباحثات، وأعلن عزمه فرض رسوم مباشرة بنسبة 50% بدءاً من الأول من يونيو، ما أثار قلقاً كبيراً في بروكسل وفي أوساط المستثمرين والأسواق العالمية.
يرى مراقبون أن قرار التأجيل يمثل محاولة من الإدارة الأمريكية لموازنة بين الضغوط الاقتصادية والسياسية والاعتبارات الاستراتيجية، خاصة في ظل توترات جيوسياسية متصاعدة مع الصين وروسيا، ورغبة في الحفاظ على وحدة التحالف الغربي.
من جانب الاتحاد الأوروبي، يُنظر إلى الرسوم الجمركية على أنها تهديد مباشر لاقتصاد دوله، خاصة قطاع السيارات والتكنولوجيا، الذي يعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكية. كما يُخشى أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تصعيد حرب تجارية قد تؤثر سلباً على التعافي الاقتصادي العالمي بعد سنوات من اضطرابات التجارة.
يُنتظر أن تكون هذه القضية محوراً رئيسياً في القمة المرتقبة بين واشنطن وبروكسل، حيث يسعى الطرفان إلى تفادي التصعيد وفتح مسارات جديدة للتعاون التجاري، مع تأكيد الاتحاد الأوروبي على ضرورة احترام قواعد منظمة التجارة العالمية وعدم اللجوء إلى سياسات حمائية أحادية الجانب.
رؤية خاصة
يشكل تأجيل ترامب تنفيذ الرسوم الجمركية مؤشراً على حساسية العلاقة التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث تلعب السياسة دوراً محورياً في القرارات الاقتصادية.
تستخدم إدارة ترامب الرسوم كأداة ضغط تفاوضية ضمن استراتيجية أشمل تهدف لإعادة صياغة قواعد التجارة العالمية بما يعزز الصناعة الأميركية في مواجهة المنافسة الأوروبية والآسيوية.
لكن مع تصاعد التحديات الأمنية العالمية، خاصة في مواجهة النفوذ الصيني والروسي، هناك مصلحة مشتركة في الحفاظ على تحالف غربي قوي، ما يدفع الجانبين إلى إظهار مرونة مؤقتة دون التنازل عن أهدافهما الجوهرية.
هذا الملف سيبقى نقطة توتر واستقطاب سياسي داخل كل من واشنطن وبروكسل، مع احتمال تأثيره على قرارات سياسية داخلية خاصة مع اقتراب الانتخابات في الولايات المتحدة.
غزة بين التجويع والتهميش: خطة إنسانية أم آلية تهجير؟
غزة – 25 مايو 2025
في ظل تصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية في قطاع غزة، جدّدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) موقفها الرافض لتهميش دور الأمم المتحدة في توزيع المساعدات، محذّرة من محاولات تمرير مخطط إنساني جديد خارج الإطار الدولي، يتقاطع –وفق تعبيرها– مع مشاريع "مشبوهة" تستهدف التهجير وتغيير الواقع الديموغرافي.
وقالت الحركة، في بيان رسمي الأحد، إن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تأخير المساعدات، بعد إدخال "كميات محدودة جدًا" خلال الأيام الماضية، معتبرة أن سياسة التجويع الجارية تمثل "نهجًا ممنهجًا" لفرض أمر واقع سياسي على الأرض تحت غطاء العمل الإغاثي.
خطة بديلة: مؤسسة إنسانية برعاية أميركية
تأتي هذه التحذيرات في وقت تتزايد فيه الأنباء حول مبادرة جديدة تقودها إسرائيل والولايات المتحدة، عبر منظمة أنشئت مؤخرًا في سويسرا باسم "مؤسسة غزة الإنسانية". ووفقًا لتقارير عبرية، فإن الجهة المؤسسة يقف خلفها المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، أحد عرّابي خطة إعادة هندسة المشهد الإنساني في غزة.
إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلت عن مصادر أمنية أن المبادرة تهدف إلى "تنظيم تدفق المساعدات إلى جنوب القطاع"، لكنها في جوهرها تُسهّل، بحسب مراقبين، عملية نزوح واسعة من شمال غزة، ما يُعتبر تمهيدًا لخطة تهجير تتوافق مع الرؤية السياسية للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، قد صرّح مرارًا أن "إفراغ شمال غزة" أصبح هدفًا للحرب الجارية.
رفض أممي ومحلي واسع
من جانبه، رفض المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني الخطة الأميركية – الإسرائيلية الجديدة، قائلًا إنها "لن تنجح"، لأنها تفرض مسارًا إنسانيًا ذا طابع عسكري، وتهدف لإعادة هندسة التوزيع الجغرافي للسكان، لا لتلبية الاحتياجات الإنسانية.
وأضاف لازاريني أن إقصاء المنظمات الأممية وفرض آلية منفصلة يهدد وحدة العمل الإنساني وحياده، في وقت تتزايد فيه انتهاكات القانون الدولي بحق المدنيين في القطاع.
كما أعلنت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية رفضها التعاون مع ما سمّته "آلية أميركية أمنية"، مؤكدة أن لا جهة محلية أو دولية شرعية مستعدة للمشاركة في خطة تقايض الغذاء بالولاء السياسي أو تسهّل عمليات النزوح القسري.
واقع إنساني كارثي
منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، يعيش القطاع أوضاعًا كارثية، حيث تشير إحصائيات فلسطينية إلى أكثر من 176 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب 11 ألف مفقود، وتدمير شامل للبنية التحتية الصحية والتعليمية والبلدية.
وتُعدّ قضية المساعدات اليوم محورًا مركزيًا في المعركة السياسية، حيث تحاول إسرائيل –بدعم أميركي– إعادة تعريف مفهوم "العمل الإنساني" ليصبح جزءًا من أدوات الحرب، لا جسرًا للنجاة.
رؤية خاصة
تسعى إسرائيل والولايات المتحدة إلى خلق واقع إنساني موازي خارج أطر الشرعية الدولية، يُمكّنها من هندسة جغرافيا النزوح وتفكيك الشراكات الأممية القائمة. وإذا تم تثبيت "مؤسسة غزة الإنسانية" كفاعل بديل، فإن ذلك سيشكل سابقة خطيرة في تسييس الإغاثة وتفريغ المنظومة الدولية من دورها، مما يمهّد فعليًا لمرحلة "الإدارة الأمنية للمساعدات" بوصفها أداة ضغط وتطويع لا أداة إنقاذ.
تركيا في "يوم إفريقيا": تعميق الشراكة ومأسسة النفوذ عبر القارة
25 مايو 2025
جدّدت تركيا، في "يوم إفريقيا" الموافق 25 مايو، تأكيدها على الشراكة الاستراتيجية مع القارة السمراء، في وقت تُواصل فيه أنقرة توسيع حضورها السياسي والاقتصادي والثقافي في إفريقيا، وسط مشهد دولي يتسم بتنافس محتدم على النفوذ داخل القارة.
وأعلنت وزارة الخارجية التركية، في منشور رسمي عبر منصة "إكس"، أن الاستعدادات جارية لاستضافة القمة الرابعة للشراكة التركية الإفريقية عام 2026، والتي تأتي بعد ثلاث قمم سابقة عُقدت في أعوام 2008 (إسطنبول)، 2014 (مالابو)، و2021 (إسطنبول)، عاكسةً مسارًا تصاعديًا للعلاقات بين الجانبين.
وأكد البيان أن العام الحالي يُصادف مرور 20 عامًا على حصول تركيا على صفة المراقب في الاتحاد الإفريقي، وهو تطور مهّد لاحقًا لمنح أنقرة صفة "الشريك الاستراتيجي" للاتحاد عام 2008، ما منحها غطاءً دبلوماسيًا لمأسسة تعاون متعدد الأوجه.
شبكة دبلوماسية وتعليمية موسّعة
تملك تركيا اليوم 44 سفارة نشطة في القارة الإفريقية، فيما تحتضن العاصمة أنقرة 38 سفارة تمثل دولًا إفريقية، مما يشير إلى بنية علاقات متبادلة تجاوزت الطابع الرمزي إلى مستوى الشراكة الفعلية.
على صعيد القوة الناعمة، تلعب مدارس وقف المعارف التركي دورًا بارزًا في توسيع التأثير الثقافي والتربوي، إذ يستفيد منها نحو 22 ألف طالب إفريقي، في وقت تعمل فيه أنقرة على تعميق دورها التعليمي في دول عدة عبر المنح، التوأمة الجامعية، وتبادل الكفاءات.
اقتصاد متنامٍ وربط لوجستي متسارع
في الجانب الاقتصادي، كشفت الخارجية التركية أن حجم التبادل التجاري مع إفريقيا بلغ 36.7 مليار دولار عام 2024، مع تطلع لرفعه إلى 50 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، خصوصًا في مجالات البناء، التكنولوجيا، الطاقة، والتصدير الغذائي.
ويُعزز هذا التعاون التوسع اللافت لشبكة الخطوط الجوية التركية، التي تُسيّر رحلات إلى 64 وجهة في 41 دولة إفريقية، ما يجعلها من أكثر شركات الطيران الأجنبية انتشارًا داخل القارة، ويسهم في تسهيل التدفقات الاقتصادية والدبلوماسية.
رؤية خاصة
تُوظف تركيا في إفريقيا مزيجًا محسوبًا من الدبلوماسية، التعليم، والبنية التحتية التجارية، في استراتيجية طويلة المدى تهدف لبناء شراكات مرنة خارج الإطار التقليدي للقوى الاستعمارية السابقة. وبينما يتصاعد الحضور الصيني والروسي والغربي في القارة، تسعى أنقرة إلى لعب دور متوازن كطرف "بديل" يمنح الدول الإفريقية خيارات متعددة.
ويبدو أن القمة المرتقبة عام 2026 ستشكّل اختبارًا سياسيًا واقتصاديًا لهذا التوجه التركي، خاصة في ظل الأزمات العالمية المتشابكة، والمنافسة الجيوسياسية المتنامية على إفريقيا بوصفها ساحة المستقبل.
"طبيبة تنقذ الأرواح وتفقد أبناءها: مأساة آلاء النجار تجسّد عمق الجريمة في غزة"
السبت 24 مايو 2025
مُنقذة لأرواح الأطفال إلى أمٍّ مكلومة تفترش جثامين تسعة من أبنائها في ممرات الطوارئ. القصة التي هزّت وجدان الفلسطينيين والعالم العربي، بدأت صباح السبت عندما غادرت آلاء، وهي طبيبة أطفال في مستشفى التحرير، منزلها الواقع جنوب القطاع برفقة زوجها الطبيب حمدي النجار إلى عملهما، قبل أن تلاحقهما النكبة بلحظات.
فقد أفادت وزارة الصحة في غزة، عبر مديرها العام الدكتور منير البرش، أن الطائرات الإسرائيلية استهدفت منزل العائلة بعد مغادرتهم بدقائق، ما أسفر عن استشهاد تسعة أطفال هم: يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين، لقمان، وسيدرا. أما الطفل العاشر، آدم، فأصيب بجراح بالغة، فيما أُصيب والده الدكتور حمدي، ويخضع حاليًا للعناية المركزة.
البرش وصف الحادث بأنه "تجسيد لأقصى درجات الإجرام بحق الطواقم الطبية وعائلاتهم"، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ باستهداف المرافق الصحية، بل وسّع من جرائمه لتطال بيوت الأطباء، بما تحمله من حيوات وأحلام ومبادئ إنسانية.
القصة سرعان ما تحولت إلى رمز للألم الفلسطيني، إذ تفاعل معها آلاف الناشطين عبر منصات التواصل الاجتماعي، واعتبرها كثيرون "نقطة سوداء جديدة في سجل الإبادة المستمرة". وكتب الأكاديمي الفلسطيني فايز أبو شمالة عبر منصة "إكس": "في غزة، أشياء لا يصدقها العقل. مجندة إسرائيلية جاءت من أوكرانيا، تضغط زرًا، فتُباد عائلة كاملة بأطفالها التسعة". وتابع: "آلاء اختارت أسماء أطفالها بحب الأم وأمل المستقبل، لكنها لم تكن تعلم أن الاحتلال سيقرر مصيرهم خلال ثانية".
الطبيبة، التي اعتادت إسعاف الأطفال وتضميد جراحهم، وجدت نفسها محاطة بأشلاء أبنائها على أسرّة الطوارئ، في مشهد يصعب تخيله أو وصفه. الطبيب في مجمع ناصر الطبي، د. أحمد منصور، قال للجزيرة إن المشهد كان مفجعًا بكل المعايير، مضيفًا: "اعتقدنا في البداية أن المصابين أبناء مرضى أو مواطنين... ثم عرفنا الحقيقة القاسية: هؤلاء أبناء زميلتنا آلاء".
رؤية خاصة:
تُجسد هذه القصة واحدًا من آلاف النماذج التي تظهر فشل العالم في حماية المدنيين في غزة، وخصوصًا الكوادر الطبية الذين يتعرضون للاستهداف الممنهج. إن تكرار هذه الجرائم دون رادع قانوني أو تحرك دولي حاسم يعكس اختلال النظام الدولي وعجزه عن تطبيق أبسط قواعد العدالة.
كما تعكس القصة المدى الذي وصل إليه الانهيار الأخلاقي في الحرب، حين تتحول غرف الطوارئ التي تمثل الحياة إلى مساحات حداد جماعي. إن قصة آلاء ليست فقط عن الحزن، بل عن صرخة توثيق يجب أن تُسمع في محافل العالم كافة، وأن تُحوَّل إلى ملف جنائي حقيقي ضد المسؤولين عن هذه الجرائم.
وتطرح هذه الحادثة أيضًا سؤالًا قاسيًا: إذا لم تكن أرواح الأطفال محمية في ظل الحرب، فهل تبقى هناك أي قيمة للقانون الدولي؟
أردوغان يلتقي أحمد الشرع في إسطنبول
اللقاء السياسي الأعلى منذ الثورة يعيد ترتيب أولويات أنقرة ودمشق
السبت 24 مايو 2025
اللقاء الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري أحمد الشرع في إسطنبول، يشكل منعطفًا استراتيجيًا في مسار العلاقات السورية التركية، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون السياسي والأمني بعد أكثر من 12 عامًا من القطيعة والتوتر. وقد جرى اللقاء في قصر دولما بهتشة بحضور وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء الأجهزة الاستخباراتية من الطرفين، في مؤشر واضح على عمق الملفات المطروحة وجدّية الحوار.
تأتي هذه القمة في ظل متغيرات إقليمية متسارعة، على رأسها الانسحاب الأميركي الجزئي من شمال شرق سوريا، وتراجع أدوار كل من إيران وروسيا في الساحة السورية. وبالتوازي، تسعى دمشق بقيادة الشرع إلى ترميم موقعها الإقليمي بعد تصدع النظام السابق، بينما تبدو أنقرة في موقع القادر على ملء الفراغ السياسي والأمني عبر استراتيجية تعتمد على الواقعية والتنسيق المباشر مع الفاعلين الجدد.
منذ بداية عام 2025، شهدت مناطق الشمال السوري تصعيدًا أمنيًا متزايدًا بين تركيا والوحدات الكردية، خاصة بعد انسحاب نحو 1000 جندي أميركي من قواعد الحسكة والرقة، الأمر الذي حرّك ديناميكيات النفوذ وأعاد خلط أوراق السيطرة في المنطقة. وبدت أنقرة، من خلال هذا اللقاء، حريصة على تثبيت معادلة جديدة بالشراكة مع الشرع، توازن بين مصالحها الأمنية وواقع السلطة الجديدة في دمشق.
لقاء أردوغان والشرع لا يُقرأ كبداية لتطبيع ثنائي فحسب، بل كمحاولة لبناء نموذج جديد لإدارة الملف السوري يعتمد على الشرعية الثنائية والاعتراف المتبادل بالمصالح الأمنية. الجانب التركي، كما تشير المعطيات، ركز على قضايا مكافحة "الإرهاب"، خاصة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وعلى مستقبل المناطق الآمنة واللاجئين السوريين، إضافة إلى التعاون في إعادة الإعمار بتمويل إقليمي محتمل.
اللافت أن اللقاء ضمّ رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، ما يفتح احتمالًا لتعاون أمني أو لوجستي في مجالات تكنولوجيا المراقبة والطائرات المسيرة، وهو تطور غير مسبوق في مسار العلاقة مع دمشق منذ 2011.
أما من جهة الشرع، فإن اللقاء يُمثل اعترافًا ضمنيًا بدور تركيا الحاسم في مستقبل سوريا، وخطوة مدروسة لفك الارتباط المتراكم مع النفوذ الإيراني، مقابل تعويم جديد للشرعية السورية عبر البوابة التركية. ويُتوقع أن يكون الوفد السوري قد عرض ترتيبات ميدانية جديدة في إدلب وشرق الفرات تضمن لدمشق دورًا في إدارة هذه المناطق عبر تنسيق مباشر مع أنقرة.
رؤية خاصة:
التحول التركي نحو الشراكة مع دمشق بقيادة الشرع يُعد ترجمة لتبدّل عميق في العقيدة السياسية لأردوغان، من أولوية "إسقاط النظام" إلى إدارة مصالح الدولة. بالمقابل، فإن الشرع، الذي جاء إلى السلطة كجزء من ترتيب ما بعد الأسد، يسعى لتثبيت شرعيته داخليًا وخارجيًا من خلال التحالف مع أنقرة، وليس عبر المراهنة على حلفاء متراجعين.
بكلمة، يعكس هذا اللقاء هندسة جديدة للنفوذ في سوريا، لا تقوم على التحالفات العقائدية بل على تبادل المصالح الإقليمية. الأيام المقبلة ستكون حاسمة في اختبار نتائج هذا التفاهم الأولي، وما إذا كان سيفتح طريقًا لتسويات أشمل تشمل شرق الفرات، وعودة اللاجئين، وملفات إعادة الإعمار.
أنقرة وبكين.. طريق الحرير الجديد يمر عبر الممر الأوسط
الجمعة 23 أيار – مايو 2025
شكل اللقاء الذي جمع وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو بنظيره الصيني ليو وي في العاصمة بكين، محطة مهمة على طريق تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين أنقرة وبكين، في ملف بالغ الحساسية والأولوية الجيوسياسية: "الممر الأوسط" ومبادرات النقل الأخضر.
يُعد "الممر الأوسط" أحد المشاريع الكبرى التي تراهن عليها تركيا لتأمين موقعها المركزي في التجارة العالمية، ويقوم على ربط الصين بأوروبا عبر بحر قزوين والقوقاز وتركيا، متجاوزًا المسارات التقليدية التي تمر عبر روسيا أو الممر الجنوبي. في هذا السياق، أكد الوزير التركي أن بلاده تسعى لأن تكون جسرًا متكاملاً بين الشرق والغرب، وشمالًا وجنوبًا، من خلال بنية تحتية حديثة تشمل السكك الحديدية والموانئ وشبكات النقل متعدد الوسائط.
الوزير الصيني من جانبه، عبّر عن تقديره للتعاون المتزايد بين البلدين، مبرزًا أهمية تركيا في شبكة النقل الدولي التي تستخدمها الشركات الصينية لربط الصين بأوروبا. وأشار إلى أن خطوط السكك الحديدية العابرة لبحر قزوين والتي تمر عبر تركيا، أصبحت عنصرًا حيويًا في سلسلة الإمداد العالمية خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في ظل الأزمات التي أصابت طرق الملاحة التقليدية.
اللافت في لقاء الوزيرين هو التركيز على "التحول إلى النقل الأخضر"، وهو المفهوم الذي يلقى دعمًا عالميًا متزايدًا في ظل التحديات المناخية. وقد دعا الوزير الصيني إلى توقيع بروتوكول تعاون في هذا المجال، يشمل إشراك الموانئ الرئيسية وشركات الشحن في البلدين ضمن خطة موحدة للتحول نحو وسائل نقل صديقة للبيئة.
هذا الطرح يتماشى مع الطموح التركي المتنامي في مجال "الاقتصاد المستدام"، حيث تسعى أنقرة إلى تخفيف الانبعاثات وتحسين كفاءة الوقود في أنظمة النقل، بالتوازي مع تحديث بنيتها التحتية. وقد أكد الوزير أورال أوغلو استعداد بلاده لتوسيع التعاون التقني والفني مع الصين، بما يشمل تطوير نظم السكك الحديدية الذكية، وربط الموانئ التركية بشبكة الحزام والطريق.
وفي مؤشر على جدية الطرفين، كلّف الوزيران مسؤولين اثنين من وفدي البلدين بمتابعة التفاصيل الفنية والتنسيق حول خطوات التعاون المقبلة. ويُنتظر أن يُشكّل هذا اللقاء أرضية لتوقيع اتفاقات نوعية خلال الشهور القادمة، قد تشمل تطوير محاور السكك الحديدية العابرة للقارات، وربما الاستثمار المشترك في موانئ لوجستية.
رؤية خاصة
ما يميز هذه الجولة من الحوار التركي–الصيني هو أنها لم تكن بروتوكولية فقط، بل استراتيجية. فأنقرة تتحرك بثقة لترسيخ موقعها الجغرافي كمفصل مركزي في المعادلة التجارية بين الشرق والغرب. وبكين، التي تبحث عن مسارات مستقرة لمبادرتها الكبرى، وجدت في تركيا شريكًا موثوقًا ومستقرًا في منطقة تموج بالاضطرابات. "الممر الأوسط" قد لا يكون فقط طريقًا للبضائع، بل لتحالف طويل الأمد يُعيد رسم خطوط التبادل والنفوذ في أوراسيا.
الجولة الخامسة من محادثات النووي: غياب التقنيين ومراوحة في الخطوط الحمراء
الجمعة 23 أيار – مايو 2025
الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية–الأميركية بشأن البرنامج النووي انطلقت اليوم في العاصمة الإيطالية روما، بوساطة سلطنة عُمان، وسط ملاحظة لافتة تمثلت في غياب الوفود التقنية عن كلا الطرفين. هذا الغياب أضفى على الجولة طابعًا سياسيًا صرفًا، ما يعكس أن المفاوضات الحالية لا تزال في مرحلة فرز الشروط وليس صياغة تفاهمات قابلة للتنفيذ.
الوفد الإيراني الذي دخل مقر السفارة العُمانية بعد وصول الوفد الأميركي بنحو عشرين دقيقة، جاء برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي، وضَمّ شخصيات دبلوماسية مثل مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، دون أي تمثيل للهيئة الفنية أو خبراء الطاقة الذرية. في المقابل، حضر المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، برفقة مسؤول الخارجية مايكل أنطون، ضمن وفد محدود ركّز بدوره على تمثيل الدائرة السياسية دون مشاركة فنية.
غياب الفريق التقني الإيراني الذي شارك في الجولات السابقة يعكس حالة من الحذر الشديد داخل طهران، التي تبدو غير مستعدة للانخراط في نقاشات تفصيلية قبل اتضاح المسارات الكبرى للمفاوضات. المحلل مسعود الفك اعتبر أن الجولة الحالية ليست جولة تفاوض تقني بل جولة رسائل سياسية، مؤكدًا أن غياب الخبراء يُشير إلى غياب النية الميدانية لأي خطوات تنفيذية فورية.
الوساطة العُمانية احتفظت بدورها كجسر هادئ بين الطرفين، في ظل انعدام القنوات المباشرة، حيث تتنقل الرسائل والمقترحات عبر فريق السفارة العمانية في روما، والتي تستضيف الجلسات خلف الأبواب المغلقة. وتُعد هذه الوساطة امتدادًا للدور العُماني التقليدي الذي احتضن المفاوضات السرية الأولى قبيل اتفاق 2015.
مسألة تخصيب اليورانيوم لا تزال تشكل جوهر الخلاف. الوفد الأميركي أبلغ الوسطاء أن "الولايات المتحدة لا يمكنها قبول حتى نسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب"، في إشارة إلى نية إدارة الرئيس ترامب الثانية تبني موقف أكثر تشددًا من إدارة بايدن السابقة. في المقابل، تمسكت طهران بحقها في مواصلة التخصيب لأغراض مدنية، مؤكدة أن هذا المطلب الأميركي يتعارض مع نصوص الاتفاق الدولي الذي وُقّع في 2015.
الجولة الخامسة تأتي قبل اجتماع مقرر لمجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية في يونيو القادم، وهو اجتماع سيشهد نقاشات حاسمة حول طبيعة النشاط النووي الإيراني ومستوى التعاون مع المفتشين. التوقيت الضاغط يفرض على كلا الطرفين التقدم نحو تفاهم سياسي عام، حتى وإن تأجلت التفاصيل الفنية.
الاتفاق النووي الذي تحوّل فعليًا إلى "حبر على ورق" منذ انسحاب ترامب في 2018، ما زال يشكل الإطار المرجعي رغم أن صلاحيته القانونية تنتهي في أكتوبر 2025. الولايات المتحدة تسعى لإعادة تفاوضه من منطلق جديد، بينما تأمل طهران برفع العقوبات دون التنازل عن ما تعتبره حقوقًا سيادية.
رؤية خاصة
الجولة الخامسة في روما تمثل اختبارًا سياسيًا أكثر منها مفاوضة نووية. غياب الوفود التقنية لا يعكس ضعفًا في الجاهزية بل تموضعًا تفاوضيًا محسوبًا، من الجانبين. في ظل استمرار الخلاف حول التخصيب، وتصلّب إدارة ترامب الثانية، تبدو المفاوضات رهينة التوازن بين "الضغط الأقصى" و"الصبر الإستراتيجي"، بانتظار لحظة دولية تسمح بإعادة إنتاج اتفاق لا ينهار سريعًا كما انهار سابقه.
خط الغاز التركي – السوري: شراكة طاقة في سياق سياسي جديد
الجمعة 23 أيار – مايو 2025
خط أنابيب الغاز الممتد من ولاية كيليس التركية إلى مدينة حلب السورية أصبح واقعًا فعليًا بعد إعلان وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار الانتهاء من ربطه في 21 مايو. هذه الخطوة تمثل أول تنفيذ عملي لاتفاقيات التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق بعد سقوط النظام السابق في سوريا، وتشير إلى تغير نوعي في طبيعة العلاقة بين البلدين.
المشروع يُعد أحد أبرز مشاريع الطاقة التركية الموجهة نحو الداخل السوري، ويهدف إلى تصدير مليارَي متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا إلى سوريا، حيث سيُستخدم الغاز في تشغيل محطات توليد الكهرباء، بما يغطي احتياجات السكان المحليين ويؤسس لبنية تحتية تُسهم في إعادة الإعمار.
العلاقات التركية–السورية دخلت مرحلة جديدة منذ ديسمبر 2024، بعد انهيار نظام البعث وتسلُّم الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع زمام السلطة. التعاون في مجال الطاقة لم يأتِ فقط من باب المصالح المشتركة، بل كمحورٍ لبناء شراكة استراتيجية تهدف إلى تطبيع الحياة في الداخل السوري، خصوصًا في مناطق الشمال والوسط.
اللقاء الذي جمع بيرقدار بالرئيس أحمد الشرع ووزير الطاقة السوري محمد البشير في دمشق، أسفر عن توقيع اتفاقية شاملة في مجالات الغاز والطاقة المتجددة والتعدين. الاتفاقية تعزز الرؤية التركية بإعادة دمج سوريا الجديدة في منظومة الاقتصاد الإقليمي عبر أدوات ناعمة، بدلاً من الحضور الأمني أو العسكري المباشر.
البنية التحتية للطاقة في سوريا تعرّضت لانهيار شبه كامل خلال سنوات الحرب، وغياب الكهرباء مثّل تحديًا وجوديًا أمام جهود الحكومة الجديدة. المشروع التركي يتضمن ليس فقط ضخ الغاز، بل أيضًا تطوير أنظمة النقل والتوزيع، مع خطة لنقل الغاز من حلب إلى حمص في مراحل لاحقة.
مردود المشروع يتجاوز الجانب التقني، إذ يُتوقع أن يسهم الغاز المصدر في توليد ما بين 1200 و1300 ميغاواط من الكهرباء، وهو رقم يُعد حيويًا في سياق إعادة تشغيل المدن والمنشآت الحيوية، خصوصًا المستشفيات والمراكز الصناعية.
الاهتمام التركي بالمجال الطاقي في سوريا يعكس تحولًا في الأولويات الاستراتيجية لأنقرة، فبدلاً من التركيز على الملفات الأمنية فقط، باتت المشاريع الاقتصادية أداة لبناء الاستقرار. هذا النهج يلتقي مع رغبة الحكومة السورية في استقطاب شركاء دوليين لإعادة الإعمار، دون الارتهان لمحاور إقليمية أو دولية ضاغطة.
المشروع جاء بعد أشهر من العمل المشترك بين الفرق الفنية التركية والسورية، حيث تم تقييم واقع البنية التحتية ووضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد تشمل التوليد والتوزيع وحتى الاستثمار في الطاقة المتجددة، بحسب ما أشار إليه بيرقدار في تصريحاته.
رؤية خاصة:
تصدير الغاز التركي إلى سوريا ليس مجرد مشروع طاقة، بل هو عنوان لتحوّل جيوسياسي جديد في العلاقة بين أنقرة ودمشق. الربط الطاقي يعني ربطًا في المصالح والرؤى المستقبلية، ويمنح سوريا الجديدة متنفسًا اقتصاديًا حيويًا في لحظة مفصلية. من جهة أخرى، يُشكل المشروع رسالة إقليمية بأن تركيا اختارت دعم استقرار سوريا عبر التنمية لا التبعية، وأن الغاز هذه المرة ليس أداة صراع، بل منصة لإعادة بناء الثقة.
غزة – مجزرة في جباليا واستهداف مباشر لفرق الإغاثة
الجمعة 23 أيار – مايو 2025
المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الجمعة، في جباليا شمال قطاع غزة، تمثل واحدة من أعنف الضربات التي طالت المدنيين منذ استئناف العدوان في مارس الماضي. مبنى سكني مكون من عدة طوابق يعود لعائلة دردونة دُمر بالكامل، وأسفر الهجوم عن أكثر من 50 شهيدًا ومفقودًا، وفق ما أفاد به المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
العدد الإجمالي للشهداء ارتفع صباح اليوم إلى 40، حسب ما أعلنت وزارة الصحة، في غارات طالت دير البلح، ومدينة غزة، ومناطق متفرقة من خان يونس ورفح. الخسائر البشرية لم تقتصر على السكان المدنيين، بل شملت 6 من عناصر فرق تأمين المساعدات، استُهدفوا في أثناء عملهم بمحيط دير البلح وسط القطاع.
الاستهداف الإسرائيلي طال أيضًا شقة سكنية عند مفترق عبد العال بشارع الجلاء وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 4 مدنيين، بينهم طفلان. فرق الدفاع المدني والخدمات الطبية واجهت صعوبة شديدة في عمليات الإنقاذ، نتيجة استمرار القصف المدفعي وتردي الإمكانيات التشغيلية داخل المستشفيات.
المعاناة تفاقمت في مناطق تل السلطان غرب رفح، والمناطق الشرقية من خان يونس، حيث نفذت قوات الاحتلال قصفًا متواصلًا ترافق مع عمليات نسف لمبانٍ في شمال القطاع، بحسب ما أكدته فرق ميدانية وشهود عيان لمراسلي الجزيرة.
التدهور الصحي والإنساني بات شاملاً، مع إعلان وزارة الصحة انهيار المنظومة الطبية في الشمال، ونفاد الوقود من غالبية المستشفيات، بما فيها مجمع الشفاء الطبي الذي استقبل عشرات الشهداء والمصابين منذ ساعات الفجر الأولى.
الحصيلة التراكمية للعدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر ارتفعت إلى 53,762 شهيدًا و122,197 جريحًا، بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الصحة أمس الخميس. ومنذ استئناف العمليات في 18 مارس، بلغ عدد الشهداء 3,613، فيما تجاوز عدد الجرحى 10,000 خلال شهرين فقط.
الإدانات الدولية لا تزال خجولة ومتقطعة، بينما يُواصل الاحتلال ضرباته على مواقع مدنية دون تمييز، وسط غياب أي مؤشرات لاتفاق تهدئة أو تدخل دولي فاعل لإيقاف آلة القتل.
الموقف الإنساني بلغ مستويات حرجة، إذ يعجز الدفاع المدني عن الوصول إلى مواقع القصف في المناطق الشرقية لمدينة غزة وشمال جباليا، في وقت تُحذر فيه منظمات الإغاثة من كارثة صحية وأمنية كبرى في حال استمرار استهداف فرق الإنقاذ وتوزيع المساعدات.
رؤية خاصة:
استهداف عناصر تأمين المساعدات في وضح النهار يشير إلى تحول استراتيجي في قواعد الاشتباك، حيث تسعى إسرائيل إلى تفكيك آخر خطوط الصمود الإنساني في غزة. تزامن المجازر مع شلل المنظومة الطبية يعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى دفع المجتمع المحلي نحو الانهيار الكامل. ومع غياب ردع دولي حقيقي، تبدو الساحة مفتوحة لتكرار سيناريوهات أكثر دموية، ما لم يتم فرض وقف فوري للعدوان، وربط ذلك بضمانات دولية لحماية البنية المدنية والكوادر الإغاثية.
بريطانيا تحت ضغط الشارع: مظاهرة طبية وشعبية تطالب بوقف دعم الحرب الإسرائيلية على غزة
الأربعاء، 21 مايو/أيار 2025
في مشهد لافت وغير معتاد منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت العاصمة البريطانية لندن، اليوم الأربعاء، تظاهرة حاشدة انطلقت من أمام وزارة الخارجية البريطانية، شارك فيها مئات المواطنين، وعلى رأسهم طواقم طبية، للمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية ووقف تصدير الأسلحة من بريطانيا إلى إسرائيل.
التحرك الشعبي الذي نظمته نقابات طبية وإنسانية، حمل رسالة واضحة إلى حكومة ديفيد لامي: كفى صمتًا، وكفى تواطؤًا. الطواقم الطبية التي قادت المسيرة رفعت لافتات تطالب بإنقاذ الأطفال في غزة، حيث تشير التقارير الأممية إلى انهيار كامل للمنظومة الصحية في القطاع، نتيجة الحصار والتجويع المستمر منذ أكثر من سبعة أشهر.
هذه التظاهرة تأتي بعد إعلان الحكومة البريطانية، الثلاثاء، عن حزمة من الإجراءات التي وُصفت بأنها "أقوى رسالة سياسية" منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023. وتشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات على مستوطنين متهمين بارتكاب انتهاكات، وتعليق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، واستدعاء السفيرة الإسرائيلية لدى لندن تسيبي هوتوفيلي.
وفي جلسة مجلس العموم، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن بلاده تسعى لاستخدام نفوذها لوقف الكارثة في غزة، مضيفًا أن الإجراءات الأخيرة "مجرد بداية"، ما يوحي بوجود نية للتصعيد الدبلوماسي، لا سيما في ظل الضغط الشعبي المتزايد.
التقارير الواردة من القطاع تُظهر حجم الكارثة الإنسانية، إذ بلغ عدد الشهداء والجرحى أكثر من 175 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما تستمر عمليات التجويع والتهجير، وسط تجاهل إسرائيل للقرارات الدولية، وعلى رأسها أوامر محكمة العدل الدولية بوقف الحرب وفتح المعابر.
التحليل السياسي يشير إلى أن الحكومة البريطانية وجدت نفسها أمام معادلة حساسة: من جهة، علاقة استراتيجية طويلة الأمد مع إسرائيل، ومن جهة أخرى، تنامي الغضب الداخلي وتزايد الأصوات الحقوقية التي تتهم لندن بالتواطؤ أو اللامبالاة. وقد يؤدي استمرار العدوان إلى تصدع داخل الائتلاف الحكومي، خصوصًا من جهة نواب حزب العمال اليساريين الذين يطالبون بقطع العلاقات الدفاعية مع إسرائيل.
في السياق ذاته، اعتبر مراقبون أن خروج الطواقم الطبية في الصدارة يعكس تحولًا مهمًا في ديناميكية الاحتجاج، إذ إن القطاع الصحي البريطاني يتمتع بمصداقية عالية، وتحركاته لا تُقرأ سياسيًا فقط، بل أخلاقيًا وإنسانيًا، ما قد يفتح الباب أمام ضغوط نقابية ومهنية على الحكومة.
من ناحية أخرى، تحاول إسرائيل التقليل من شأن التظاهرات الأوروبية، إذ ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن "لندن تتحرك تحت ضغط الإعلام والمجتمع المدني"، متجاهلة عمق الأزمة السياسية التي بدأت تتشكل داخل الدول الداعمة لها.
رؤية خاصة:
تكشف هذه التظاهرة عن تحوّل نوعي في المزاج الشعبي والسياسي في الغرب، وخاصة في لندن، حيث لم تعد الحرب على غزة مجرد ملف خارجي، بل أصبحت شأنًا داخليًا يؤثر على سمعة الحكومة ومواقفها. وإذا استمر الشارع البريطاني في التصعيد، فإن ذلك قد يدفع نحو مراجعة شاملة لسياسة المملكة المتحدة في الشرق الأوسط، وربما إعادة تقييم علاقتها مع إسرائيل، ليس فقط أخلاقيًا، بل استراتيجيًا أيضًا.
رصاص الاحتلال على وفد دبلوماسي في جنين: اختبار سافر للأعراف الدولية وتحدٍ للغطاء السياسي الدولي
الأربعاء 21 أيار/مايو 2025
في تصعيد خطير جديد ضمن سياسة استباحة الضفة الغربية، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح الأربعاء، على إطلاق الرصاص الحي المباشر على وفد دبلوماسي رسمي كان يتفقد الوضع الإنساني بمخيم جنين، شمال الضفة الغربية. الحادثة وقعت عند البوابة الحديدية الشرقية التي نصبتها قوات الاحتلال حديثًا، بالتزامن مع توسع الحصار على المخيمات الفلسطينية ضمن خطة عدوانية ممنهجة تُعرف باسم "كسر بيئة المقاومة في الشمال".
الوفد الذي ضمّ سفراء من عدة دول عربية وأجنبية، إلى جانب صحفيين وموظفين أمميين، كان قد التقى صباحًا بمحافظ جنين، واستمع إلى عرض تفصيلي عن الوضع الاقتصادي والإنساني المتدهور بفعل الهجمات الإسرائيلية، والتي تسببت في نزوح أكثر من 22 ألف فلسطيني، وتدمير واسع للبنية التحتية والخدمات العامة.
لكن المفاجئ هو ردة فعل الاحتلال التي بدت متعمّدة ومنسقة، حين بادر الجنود الإسرائيليون بإطلاق النار باتجاه الوفد لحظة اقترابه من مدخل المخيم، دون سابق إنذار، ودون وقوع اشتباكات في المكان.
وزارة الخارجية الفلسطينية سارعت إلى إصدار بيان رسمي وصفت فيه الحادثة بأنها "انتهاك خطير لاتفاقية فيينا لعام 1961"، والتي تنص بوضوح على حماية الوفود الدبلوماسية، خاصة في مناطق النزاع. الوزارة حمّلت إسرائيل "المسؤولية الكاملة"، ودعت الدول التي ينتمي إليها أعضاء الوفد إلى اتخاذ مواقف رادعة، معتبرة أن استهداف ممثلي المجتمع الدولي يكشف عن استهتار إسرائيل بالسيادة الفلسطينية وبالمنظومة القانونية الدولية.
على الجانب الإسرائيلي، نقلت إذاعة الجيش عن مصدر أمني أن "الوفد دخل منطقة يمنع التواجد فيها لأسباب أمنية"، وهو تصريح اعتبره مراقبون محاولة للالتفاف على جريمة موثقة، خاصة في ظل وجود طواقم إعلامية كانت ترافق الوفد لحظة إطلاق النار.
الهجوم يأتي في ظل حملة إسرائيلية متواصلة على مدن شمال الضفة، خاصة جنين وطولكرم، بدأت منذ كانون الثاني/يناير الماضي، وخلّفت حتى اليوم أكثر من 13 شهيدًا في طولكرم فقط، ودمار 400 منزل، وتهجير آلاف العائلات. ووفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن الحصيلة الإجمالية في الضفة منذ بداية الحرب على غزة تجاوزت 969 شهيدًا وأكثر من 7 آلاف جريح.
محللون اعتبروا أن استهداف الوفد هو رسالة مزدوجة: من جهة، ردٌّ على تصاعد الخطاب الدولي الناقد للعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة، ومن جهة أخرى، اختبار لمدى جدية العواصم الغربية والعربية في حماية ممثليها ومصالحها. في الوقت ذاته، يعكس الحدث أن الاحتلال ماضٍ في سياسة تحطيم الأعراف الدولية، بدعم أمريكي وغربي، وهو ما يجعل أي وجود دبلوماسي غير إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية مهدّدًا وموضع استهداف محتمل.
كما تأتي الحادثة في وقت تتعالى فيه الأصوات داخل مجلس الأمن والمجتمع الدولي بخصوص ضرورة فرض آليات حماية دولية للشعب الفلسطيني، وهو مطلب جددته الخارجية الفلسطينية في بيانها اليوم، داعية إلى "توفير حماية عاجلة للدبلوماسيين والمدنيين على حد سواء".
بالمجمل، يعيد هذا الحادث فتح نقاشات عميقة حول شرعية الاحتلال في عيون القانون الدولي، ومدى قدرة النظام العالمي على مساءلة كيانٍ يضرب بالمعاهدات عرض الحائط، وسط صمتٍ أو تواطؤ من بعض القوى المؤثرة.
مجازر ومقاومة في غزة – الاحتلال يتكتم على "حدث أمني خطير" وسقوط 79 شهيدًا
الثلاثاء 20 أيار – مايو 2025
شهد قطاع غزة، منذ فجر الإثنين، تصعيدًا عسكريًا واسعًا من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفر عن استشهاد 79 فلسطينيًا وإصابة المئات، في وقت أعلنت فيه مصادر إسرائيلية عن "حدث أمني خطير" داخل القطاع، وسط تعتيم رسمي وتكتم عسكري على تفاصيله.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن مستشفيات القطاع استقبلت 87 شهيدًا و290 جريحًا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، في حصيلة وصفتها بأنها مرشحة للارتفاع. وأضافت الوزارة أن القصف استهدف بشكل مباشر خيامًا تؤوي نازحين، ومبانٍ سكنية ومدارس في شمال ووسط وجنوب القطاع، مما تسبب بمجزرة جديدة.
ومن أبرز الضربات، قصفت طائرات الاحتلال مدرسة "خليفة" في مشروع بيت لاهيا ومدرسة "موسى بن نصير" في حي الدرج شرق مدينة غزة، وأسفرت الغارتان عن استشهاد 17 فلسطينيًا بينهم أطفال ونساء، كما استهدفت غارة أخرى محطة وقود مكتظة بالنازحين غرب مخيم النصيرات، ما أدى إلى استشهاد 15 آخرين.
وفي جنوب القطاع، أفاد مراسلو الجزيرة أن الغارات طالت دير البلح وخان يونس ومنطقة المواصي، حيث استشهد 13 فلسطينيًا في قصف عنيف استهدف منزلاً لعائلة بدير البلح، بينما قُتل آخرون في غارات متفرقة على خيام ومنازل نازحين غربي خان يونس.
وفي تطور عسكري لافت، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بانهيار مبنى على قوة من جيش الاحتلال شرق خان يونس، مما أسفر عن إصابة جنديين بجراح خطيرة وثالث بجراح متوسطة، مع ترجيحات بفقدان جندي تحت الأنقاض. وفرضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية حظرًا شاملًا على نشر أي معلومات تتعلق بالحادث، ما يشير إلى حساسيته وحجم الخسائر المتوقعة.
وأعلنت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مسؤوليتها عن استهداف دبابة ميركافا إسرائيلية بقذيفة "آر بي جي" في منطقة خزاعة، مؤكدة اشتعال النيران فيها وانسحاب القوة تحت غطاء ناري كثيف.
وتتزامن هذه التطورات مع اتساع رقعة العمليات المسلحة للمقاومة الفلسطينية في شمال وجنوب القطاع، لا سيما في بيت حانون وبيت لاهيا وخزاعة وشرق خان يونس، حيث وثّقت تقارير ميدانية مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين في اشتباكات وكمائن.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي منذ 18 مارس/آذار الماضي، بعد تراجع تل أبيب عن اتفاق وقف إطلاق النار، وقد أسفرت الهجمات منذ ذلك التاريخ عن استشهاد أكثر من 3400 فلسطيني وإصابة ما لا يقل عن 9600، وفق بيانات وزارة الصحة.
رؤية خاصة:
تكتم الاحتلال على خسائره وازدياد وتيرة العمليات النوعية للمقاومة يكشفان عن فشل استراتيجي في تحقيق الردع، ويضعان إسرائيل أمام مأزق عسكري ومعنوي متزايد. في المقابل، تواصل غزة دفع ثمنًا إنسانيًا فادحًا في ظل صمت دولي وعجز أممي، فيما تبدو بوادر انفجار إقليمي أكثر اتساعًا في الأفق، إذا استمر هذا المسار التصعيدي.
عملية "عربات جدعون": تصعيد إسرائيلي واسع ينسف جهود التهدئة.. وتركيا تحذّر من تقويض السلام
19 مايو/أيار 2025
في خطوة تصعيدية تنذر بانهيار ما تبقى من محاولات التهدئة، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية برية واسعة النطاق في قطاع غزة، تحت مسمى "عربات جدعون"، وسط قصف عنيف واشتباكات ميدانية على أكثر من محور داخل القطاع، ما دفع وزارة الخارجية التركية إلى إصدار بيان شديد اللهجة، اعتبرت فيه أن توسيع الهجمات يكشف بوضوح "عدم نية إسرائيل تحقيق سلام دائم".
البيان التركي، الذي صدر الاثنين، أدان العملية ووصفها بأنها "ضربة جديدة لمساعي الحل السياسي"، محذرًا من تداعياتها على الاستقرار الإقليمي. وقالت الخارجية: "إسرائيل تقوض المفاوضات الجارية باستمرار عملياتها، وتبرهن من جديد أنها لا تسعى لأي تسوية، بل تنتهج منطق الإبادة والعقاب الجماعي".
عملية "عربات جدعون": مناورات برية تحت غطاء أمريكي
وفق مصادر عسكرية، بدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذ العملية البرية في ساعات الفجر من الأحد، مستهدفًا مناطق تمتد من شمال القطاع إلى عمقه الجنوبي، معزَّزًا بألوية مدرعة ووحدات خاصة، ومستخدمًا أسلوب الكماشة من عدة محاور. وأُرفق الهجوم بقصف جوي مكثف استهدف المخيمات ومنازل المدنيين والبنى التحتية الحيوية، ما أسفر عن عشرات الشهداء خلال الساعات الأولى فقط.
العملية تأتي بعد أسبوع من التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظل إخفاق جيشه في حسم المعركة منذ أكثر من سبعة أشهر. وبحسب خبراء عسكريين، فإن تسمية العملية بـ"عربات جدعون" تشير إلى نية توجيه ضربة استئصالية للبنية الدفاعية في غزة، غير أن الحقائق الميدانية تؤكد استحالة تحقيق "نصر نظيف" في بيئة مدنية محاصرة.
تركيا: من الوساطة إلى الإدانة
التحول التركي من وساطة نشطة إلى خطاب إدانة يعكس إدراك أنقرة أن إسرائيل تمضي في مشروع طويل الأمد لتفريغ غزة ديموغرافيًا. وبحسب مسؤولين أتراك، فإن العملية الجديدة تهدد بتعطيل أي مبادرات تركية – قطرية – مصرية لوقف إطلاق النار، في ظل صمت أمريكي وتواطؤ أوروبي متزايد.
البيان التركي لم يكتف بالإدانة، بل دعا المجتمع الدولي إلى "التحرك وفق التزاماته القانونية والإنسانية"، مطالبًا بوقف العمليات العسكرية فورًا، وفتح ممرات إنسانية عاجلة. كما جددت تركيا التزامها بملاحقة إسرائيل أمام المحافل الدولية، رغم تأخر اتخاذ إجراءات ملموسة حتى الآن.
مشهد إنساني كارثي ومفاوضات تتلاشى
منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، قُتل وجُرح أكثر من 174 ألف فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 11 ألف شخص تحت الأنقاض، وفق وزارة الصحة بغزة. وتفاقمت الأزمة الإنسانية مع استهداف المستشفيات ومراكز الإيواء، وحرمان مئات الآلاف من النازحين من المأوى، والغذاء، والخدمات الأساسية.
وبالتوازي مع العملية البرية، تعثّرت مفاوضات القاهرة التي كانت تهدف للوصول إلى هدنة إنسانية، بعد انسحاب الوفد الإسرائيلي وعدم تقديمه أي ضمانات لوقف إطلاق النار. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن التصعيد العسكري كان مبيّتًا مسبقًا، واستُخدم التفاوض كغطاء دبلوماسي فقط.
دلالات استراتيجية ومآلات محتملة
عملية "عربات جدعون" ليست مجرد مناورة ميدانية، بل مؤشر على مسار استراتيجي تتبناه إسرائيل لمحو معادلة الردع وتفكيك البيئة الجغرافية والديموغرافية لغزة، وهو ما تعتبره تركيا وبعض الأطراف الإقليمية "تهديدًا مباشرًا للسلم الدولي".
وإذا لم تُقابل هذه العملية بردع سياسي أو قانوني فعّال، فقد تتكرر سيناريوهات الإبادة في مناطق أخرى مثل جنوب لبنان أو الضفة الغربية، وهو ما تحذّر منه تركيا علنًا. في المقابل، تصاعدت الأصوات داخل الأوساط التركية والعربية المطالبة بتعليق العلاقات مع تل أبيب، ووقف كافة أشكال التعاون.
خلاصة
في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل حربها المفتوحة على غزة، تمثل عملية "عربات جدعون" تصعيدًا خطيرًا يقضي على فرص الحل، ويكشف هشاشة المواقف الدولية. أما تركيا، فعليها أن تحسم خياراتها بين الاكتفاء بالإدانة أو الانتقال إلى أدوات ضغط أكثر جدية، في معركة تتجاوز حدود غزة إلى مصير النظام الدولي ذاته.
الأحد 18 أيار – مايو 2025
غزة: تصعيد دموي يستهدف الصحفيين.. خمسة شهداء في غارات إسرائيلية
الأحد 18 أيار – مايو 2025
في تصعيد دموي جديد ضمن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، قُتل فجر الأحد خمسة صحفيين فلسطينيين في غارات استهدفت مناطق مأهولة بالنازحين، لترتفع بذلك حصيلة شهداء العمل الإعلامي إلى 222 منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأكدت مصادر طبية وصحفية لوكالة الأناضول أن الغارات الإسرائيلية التي وقعت فجر 18 مايو استهدفت منازل وخيامًا في رفح والمنطقة الوسطى من القطاع، وأسفرت عن مقتل الصحفيين عبد الرحمن العبادلة، وخالد أبو سيف، وعزيز الحجار، وأحمد الزيناتي، ونور قنديل، بينهم صحفية كانت تعمل على تغطية أوضاع النزوح.
وشهدت الساعات الماضية تصعيدًا في وتيرة القصف، في وقت تستمر فيه إسرائيل في تنفيذ ما يصفه مسؤولون فلسطينيون بـ"سياسة استهداف متعمد للصحفيين"، في محاولة لمنع توثيق المجازر والانتهاكات بحق المدنيين.
في السياق، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان له الخميس الماضي إن الاحتلال قتل 217 صحفيًا منذ بداية الحرب، قبل أن ترتفع الحصيلة صباح الأحد إلى 222 بعد الإعلان عن استشهاد الصحفيين الخمسة. وأكد البيان أن الاحتلال يستهدف الصحافة كجزء من حرب إبادة منظمة، مشيرًا إلى أن معظم الضحايا سقطوا خلال أدائهم لمهامهم المهنية.
وأضاف البيان أن هذه الجرائم تُرتكب "بدعم أمريكي مطلق وصمت دولي مريب"، مشددًا على أن "الاحتلال يسعى إلى إخفاء الحقيقة وطمس الرواية الفلسطينية".
من جهتها، دانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين الجريمة الجديدة بحق الإعلاميين، وقالت في بيان خاص إن استهداف العاملين في المؤسسات الإعلامية يشكل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حماية الصحفيين في مناطق النزاع"، ودعت إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جرائم الاحتلال بحق الصحفيين.
وأوضحت النقابة أن بعض الصحفيين المستهدفين كانوا يقيمون في خيام للنازحين بعد تدمير منازلهم، ما يؤكد أن الاستهداف لم يكن عرضيًا، بل وفق إحداثيات معدّة مسبقًا.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية في غزة منذ أكثر من سبعة أشهر، وسط تحذيرات أممية من انهيار تام للوضع الإنساني. وتشير آخر الإحصاءات إلى مقتل أكثر من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، وفقدان أكثر من 11 ألف شخص، فضلًا عن تهجير مئات الآلاف.
وتُصنَّف غزة اليوم كأخطر منطقة للعمل الصحفي في العالم، وفق تقارير منظمات دولية، أبرزها "مراسلون بلا حدود" و"لجنة حماية الصحفيين"، اللتين طالبتا مرارًا بوقف استهداف الإعلاميين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
في ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى حماية الصحافة الفلسطينية، ليس فقط كحق مهني، بل كجزء أساسي من مقاومة محو الذاكرة الجماعية والشهادة على المجازر.
إعادة هيكلة الجيش السوري: خطوة حاسمة لترسيخ السلطة المركزية
الأحد 18 أيار – مايو 2025
قرار وزارة الدفاع السورية بدمج كافة الوحدات العسكرية تحت مظلتها الرسمية يمثل نقطة تحوّل مركزية في المشهد الأمني السوري، في ظل ما تمر به البلاد من تحولات جذرية بعد إسقاط نظام حزب البعث في ديسمبر 2024. وقد أعلن اللواء مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في الحكومة السورية الجديدة، القرار عبر منصة "إكس"، مؤكدًا أن عملية الدمج المؤسسي باتت واقعًا، وحدد مهلة عشرة أيام لاستكمال الانضمام الكامل لبقية التشكيلات العسكرية المتفرقة.
إعلان الوزير تضمن إشارات واضحة إلى انتهاء مرحلة التعددية الفصائلية التي ميزت الخريطة العسكرية في البلاد منذ العام 2012، مشددًا على أن التوحيد يأتي في إطار تعزيز الشرعية وبناء جيش وطني موحد. وقد اعتُبر القرار بمثابة استجابة مباشرة لاتفاق دمشق الموقع أواخر ديسمبر الماضي، والذي التزمت فيه مختلف الفصائل بحل نفسها والاندماج في الجيش السوري الموحد تحت إشراف الدولة.
عملية الدمج تحمل رمزية كبيرة في سياق إعادة بناء الدولة السورية، لا سيما بعد عقود من انقسام المؤسسات الأمنية وتعدد مراكز القوة، ما أضعف أداء الدولة وساهم في إطالة أمد الصراع. ويشكل دمج القوى العسكرية ضمن وزارة الدفاع خطوة حاسمة نحو تعزيز الانضباط، وإنهاء فوضى السلاح، وتوحيد القرار العسكري تحت قيادة مركزية تخضع للمؤسسات الشرعية.
الجهود التي بذلتها وزارة الدفاع لتنسيق عملية الدمج استندت إلى أرضية توافق سياسي نادرة في سوريا، إذ حظي القرار بتأييد واسع من مختلف القوى التي شاركت في الثورة على نظام الأسد. وقد أشار اللواء أبو قصرة إلى ما وصفه بـ"التعاون المثمر والروح الوطنية العالية" التي أبداها القادة الميدانيون، مشيدًا بانضباط الجنود واستعدادهم للاندماج الكامل في إطار الدولة.
البيئة الأمنية التي سبقت هذا القرار كانت تتسم بتعدد المرجعيات العسكرية ووجود مجموعات مسلحة غير خاضعة لسلطة الدولة، وهو ما أفرز اختلالات خطيرة على مستوى الأمن المحلي وتوزيع الصلاحيات. ومع الإعلان الجديد، تتجه سوريا إلى مرحلة جديدة من فرض سيادة الدولة على القرار العسكري، وهي خطوة يُفترض أن تؤسس لاستقرار طويل الأمد وتهيئ الظروف لإصلاحات عسكرية أوسع.
المراقبون يعتبرون أن عملية دمج الوحدات العسكرية تأتي في سياق رؤية شاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس مهنية ومؤسساتية، تضع نهاية لمرحلة الحرب وتفتح المجال أمام مشروع وطني جامع. كما يربط محللون هذا التطور باستعداد الحكومة الجديدة لإطلاق عملية مصالحة وطنية وتفكيك البنى الموازية التي تشكلت خلال الحرب، تمهيدًا لمرحلة دستورية جديدة واستحقاقات انتخابية منتظرة.
المعادلة السياسية التي أفرزها سقوط نظام الأسد خلقت ديناميات جديدة في إدارة الدولة، أهمها التزام القيادة الحالية بمبدأ العمل المؤسساتي، وهو ما ظهر جليًا في التعامل مع الملف العسكري. ومع دخول القرار حيز التنفيذ، تبدو الحكومة السورية عازمة على استعادة زمام المبادرة، ليس فقط عسكريًا، بل إداريًا ومدنيًا أيضًا.
مجزرة في خان يونس وتوسّع دائرة الاشتباك الإقليمي
الأحد 18 أيار – مايو 2025
استفاق قطاع غزة، صباح الثلاثاء، على مجزرة جديدة نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن استهدفت الطائرات الحربية خيامًا ومنازل نازحين في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس، ما أسفر عن استشهاد 35 فلسطينيًا في حصيلة أولية. ومع استمرار القصف على مناطق مختلفة من شمال ووسط وجنوب القطاع، ارتفع عدد الشهداء منذ منتصف الليل إلى 57، وفق وزارة الصحة في غزة.
وأفاد مراسلو الجزيرة ومصادر طبية بأن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضًا منازل في جباليا البلد شمال القطاع، ما أدى إلى استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة. وفي مدينة الزوايدة وسط القطاع، أسفر قصف جوي عن استشهاد عدد من المواطنين من عائلة واحدة قرب دوار أبو أنور، في حين تواصلت الهجمات على أحياء الزيتون والتفاح وحي الأمل في مدينة غزة وخان يونس.
في المقابل، أعلنت جماعة الحوثيين في اليمن تصعيد عملياتها العسكرية ردًا على استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، مؤكدة أنها "ستفرض حظرًا جويًا على مطارات فلسطين المحتلة"، ودعت شركات الطيران الدولية إلى وقف رحلاتها "لحماية سلامة المدنيين"، في مؤشر على اتساع دائرة الاشتباك الإقليمي المرتبط بمعركة غزة.
وجاء الرد الإسرائيلي سريعًا، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن باتجاه الأراضي المحتلة. وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن صاروخًا واحدًا على الأقل أصاب منطقة بات يام جنوب تل أبيب، وأدى إلى إصابة مدني أثناء ركضه نحو أحد الملاجئ، ما دفع سلطات الطيران الإسرائيلية إلى تعليق الرحلات في مطار بن غوريون احترازيًا.
على الصعيد السياسي، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن العمليات ستتواصل "حتى تحقيق الأهداف"، في إشارة إلى القضاء على ما يسميه بـ"البنى التحتية لحماس والفصائل الفلسطينية المسلحة".
لكن في واشنطن، ارتفعت نبرة الانتقادات من داخل أروقة الكونغرس، إذ اتهم السيناتور الديمقراطي البارز كريس فان هولن حكومة نتنياهو بـ"تجويع مليوني مدني في غزة"، محذرًا من أن "الولايات المتحدة تتواطأ في انتهاك صارخ للقانون الدولي" إذا لم تُمارس ضغطًا حقيقيًا. وأضاف أن شاحنات الطعام التي تنتظر منذ أيام على المعابر ما زالت ممنوعة من الدخول، و"أطفال يموتون جوعًا بينما العالم يكتفي بالمراقبة".
وفي ظل استمرار الحصار الشامل المفروض على غزة، والذي منع منذ مارس الماضي دخول الأدوية والمواد الغذائية، تزداد المؤشرات على كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط شح في المواد الطبية وتفشي الأمراض بين النازحين في المخيمات والملاجئ.
رؤية خاصة:
التطورات الأخيرة تُشير إلى أن الحرب على غزة لم تعد محصورة جغرافيًا، بل انزلقت إلى اشتباك إقليمي مفتوح يشمل جبهات اليمن ولبنان، ويهدد بجر أطراف أخرى إلى الصراع. إصرار إسرائيل على التصعيد، وامتناع واشنطن عن فرض وقف فوري لإطلاق النار، يضعان المنطقة على حافة انفجار أكبر، حيث لم تعد غزة مجرد ملف إنساني، بل ساحة لإعادة تعريف موازين الردع بين القوى الإقليمية والدولية.
تركيا تجدّد وساطتها وتستضيف انفراجة روسية أوكرانية
السبت، 17 مايو/أيار 2025
التحركات الدبلوماسية التركية دخلت مرحلة جديدة من الزخم مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزم أنقرة الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة بين موسكو وكييف، وتجديد استعداد بلاده لاستضافة جولات تفاوض مباشرة بين الطرفين. جاءت هذه التصريحات خلال رحلة عودة أردوغان من العاصمة الألبانية تيرانا بعد مشاركته في القمة السادسة للمجموعة السياسية الأوروبية.
المساعي التركية لم تتوقف عند التصريحات، بل ترافق معها استضافة إسطنبول خلال اليومين الماضيين لجولة مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا، انتهت باتفاق لتبادل 2000 أسير. وأعلن وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، أن الاجتماع الثلاثي بين ممثلي روسيا وتركيا وأوكرانيا ناقش وقف إطلاق النار وتنظيم اجتماع محتمل على مستوى القادة، ما يشير إلى تصعيد إيجابي في جهود الوساطة.
التأكيد التركي على "سلام عادل ودائم" ترافق مع اتصالات متعددة أجراها أردوغان مع زعماء أوروبيين، أطلعهم خلالها على نتائج الجهود الأخيرة، وفق ما ورد في تصريحاته على متن الطائرة. الرئيس التركي شدد على أهمية التعاون مع بلاده لضمان استقرار أوروبا، في ظل ما وصفه بإعادة النظر في البنية الأمنية للاتحاد الأوروبي وآليات الصناعات الدفاعية، وهي إشارات تحمل دلالة سياسية أعمق على موقع تركيا الإقليمي.
الدور التركي الحيادي نسبيًا في الحرب الروسية الأوكرانية مكّن أنقرة من لعب دور الوسيط المقبول من الطرفين، كما أن تجاربها السابقة في رعاية "اتفاق الحبوب" وتبادل الأسرى عززت من مصداقية جهودها. مقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخير، باستئناف المفاوضات دون شروط مسبقة في إسطنبول، يمثل تحولًا استراتيجيًا، إذ يكسر الجمود السياسي الذي خيم على العلاقات الروسية الأوكرانية طيلة الأشهر الماضية.
الترحيب الأوكراني بمقترح استئناف الحوار، وموافقة كييف على المفاوضات من حيث المبدأ، يعكسان إدراكًا مشتركًا لدى الطرفين بضرورة كبح التصعيد المتزايد، خاصة في ظل الإنهاك العسكري والضغوط الدولية. وتؤكد مصادر دبلوماسية أن أنقرة بصدد اقتراح جدول زمني أولي لمسارات التفاوض، يتضمن ملفات وقف إطلاق النار، إعادة الإعمار، وتبادل مزيد من الأسرى.
الدبلوماسية التركية تعتبر الملف الروسي الأوكراني بوابة لاستعادة دورها الأوروبي المفقود، خاصة في ضوء الانتقادات التي تعرضت لها علاقات أنقرة بالغرب في السنوات الأخيرة. تصريح أردوغان بأن "الوقت حان لتجاوز العوائق السياسية والمواقف المتحيزة" حمل رسالة موجهة لعواصم أوروبية تنظر بريبة إلى التوجهات التركية، لكن التطورات الأخيرة قد تفتح نافذة جديدة للثقة المتبادلة.
الظروف الميدانية في أوكرانيا وتوازنات القوى الدولية تشي بأن فرص نجاح وساطة إسطنبول قد تكون أعلى من محاولات سابقة، إذا ما ترافقت مع إرادة دولية داعمة. وتشير تحليلات إلى أن العودة لمفاوضات حقيقية قد تُحدث اختراقًا في الحرب الأطول في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وتضع تركيا في قلب المعادلة الأمنية للقارة العجوز.
بغداد تستعد لاستضافة القمة العربية بعد غياب طويل
الجمعة | 16 أيار / مايو 2025
تستعد العاصمة العراقية بغداد لاستضافة القمة العربية في أول استضافة لها منذ سنوات طويلة، في خطوة تحمل دلالات سياسية كبيرة في المنطقة. تأتي هذه الاستضافة في وقت تشهد فيه المنطقة تقلبات متعددة وتحديات كبيرة على المستويين السياسي والأمني.
تؤكد مصادر حكومية عراقية أن استضافة بغداد لهذه القمة تمثل علامة فارقة في تعزيز مكانة العراق الإقليمية والدولية، وتفتح صفحة جديدة في العلاقات العربية بعد سنوات من التوتر والانقسام. ويشير وزير الخارجية العراقي إلى أن بغداد ستعمل على توفير مناخ إيجابي يُسهم في نجاح القمة وتحقيق أهدافها.
يقول أحد الدبلوماسيين العرب إن حضور القمة سيكون موسعًا، مع توقع مشاركة زعماء الدول العربية كافة، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية ومنظمات إقليمية. ويضيف أن العراق يسعى لاستغلال هذه المناسبة لطرح مبادرات تهدف إلى تعزيز التضامن العربي والتنسيق في مواجهة التحديات المشتركة.
تأتي هذه القمة في ظل استمرار النزاعات الإقليمية والصراعات السياسية التي أثرت على وحدة الصف العربي، ما يجعل من النجاح التنظيمي والسياسي للقمة في بغداد مؤشرًا مهمًا على قدرة العراق على لعب دور الوسيط والفاعل الإقليمي.
تشير تحليلات خبراء سياسيين إلى أن استضافة القمة تعكس رغبة الدول العربية في إعادة ترميم العلاقات وتعزيز التعاون، خاصة في ملفات الأمن والطاقة والتنمية الاقتصادية. ويعتبر مراقبون أن بغداد أمام فرصة تاريخية لتأكيد نضجها السياسي وإعادة بناء الثقة بين الدول العربية.
وأخيرًا، تبرز التوقعات أن تكون القمة منصة لإطلاق مبادرات اقتصادية وإنسانية تهدف إلى تخفيف الأزمات في المنطقة، مع التأكيد على أهمية دعم العراق في دوره الجديد كعاصمة سياسية إقليمية.
هجوم إسرائيلي واسع يُعمّق المأساة الإنسانية في غزة
الجمعة | 16 أيار / مايو 2025
تُواصل القوات الإسرائيلية تنفيذ واحدة من أعنف العمليات العسكرية على قطاع غزة، وسط تحذيرات حقوقية من أن الهجوم الأخير يمثل مرحلة جديدة في سياسة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا.
يُعدّ الهجوم الذي وثقه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، الأوسع من حيث حجم التدمير وعدد الضحايا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث وصفه بأنه "الأكثر فتكًا"، مشيرًا إلى استخدام سياسة الأرض المحروقة والتدمير الكلي للأحياء السكنية والبنية التحتية.
تُظهر البيانات الميدانية أن ما لا يقل عن 115 فلسطينيًا، معظمهم من النساء والأطفال، لقوا حتفهم خلال ساعات فجر الجمعة نتيجة قصف عشرات المنازل في تل الزعتر بجباليا وحي السلاطين ببيت لاهيا شمال قطاع غزة، وفق ما ورد في بيان المرصد.
تُشير التقارير إلى أن عشرات الجثث لا تزال تحت الأنقاض، في ظل عجز فرق الإنقاذ والدفاع المدني عن الوصول إلى أماكن الاستهداف، نتيجة لانعدام المعدات والوقود، وتدهور الخدمات الأساسية بفعل الحصار الممتد منذ 18 عامًا.
تُوثق إفادات شهود العيان أن الجيش الإسرائيلي استهدف مدنيين أثناء محاولتهم الفرار من القصف، حيث قُتل عشرة فلسطينيين في منطقة الدوار الغربي ببيت لاهيا، وثمانية آخرون في عزبة عبد ربه بجباليا، في مشهد أعاد للأذهان مجازر الأيام الأولى من الحرب.
تُعدّ هذه الهجمات امتدادًا لنهج عسكري قائم على القتل الجماعي، والتجويع، والهدم المنهجي لمقومات الحياة، وفق المرصد، الذي حذر من أن الغاية الإسرائيلية تتجاوز البعد الأمني لتصل إلى محاولة "إفناء المجتمع الفلسطيني" وتهيئة الأرض لضم فعلي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف
تُؤكد الخلفيات القانونية أن ضم الأراضي بالقوة محظور دوليًا، وأن ما يجري في غزة يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي يتطلب تحركًا قانونيًا عاجلًا من المحكمة الجنائية الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، كما يطالب به المرصد ومنظمات حقوقية دولية.
تُشير التطورات السياسية إلى أن التصعيد الإسرائيلي تزامن مع جولة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة، ما يُثير تساؤلات بشأن التغطية السياسية والدبلوماسية التي تمنحها واشنطن لتل أبيب، في ظل غياب أي ردود فعل دولية حاسمة توقف شلال الدم في القطاع.
تُضاف المعطيات الجديدة إلى سياق أوسع يشمل تصديق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) على خطة جديدة باسم "عربات جدعون"، تتضمن توسيع العمليات البرية والجوية، وزيادة عدد قوات الاحتياط في القطاع.
تركيا ترسم خطًا استراتيجيًا بين غزة ودمشق: معادلة أخلاق وقوة في شرق يتغير
الجمعة – 16 مايو/أيار 2025
خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة "المجموعة السياسية الأوروبية" لم يكن عرضًا للواقع، بل إعلانًا لمعادلة جديدة في الشرق الأوسط. فبين نداء إنساني صريح لوقف إطلاق النار في غزة، وترحيب ذكي بقرار أميركي كبير رفع العقوبات عن سوريا، بدا واضحًا أن تركيا لم تعد تُخاطب العالم من موقع الطرف المحايد، بل من موقع الشريك الفاعل في هندسة التوازنات الجديدة.
ما تغيّر في سوريا لم يكن مجرد تغيير حكومي، بل انقلاب استراتيجي شامل على نظام عقيم استنزف الدولة والمجتمع طيلة سنوات. حكومة أحمد الشرع، التي تحظى بدعم مباشر من أنقرة، باتت تلقى اعترافًا عربيًا ودوليًا متسارعًا، تجلّى في قمة الرياض الأخيرة حيث أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات رسميًا. في هذا السياق، تحرّكت تركيا لترسيخ موقعها كلاعب ضامن في عملية الانتقال، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، وباتت شريكًا مركزيًا في إعادة تشكيل "سوريا الجديدة".
خطاب أردوغان تجاه أوروبا لم يكن فقط مناشدة لوقف نار في غزة، بل تذكيرٌ بأنها تتهرّب من دورها في منع الانهيار الإنساني والسياسي في المنطقة. دعوته لتعبئة الموارد لا تأتي من موقع الواعظ، بل من موقع المشارك في تقديم نموذج ناجح: دعم حكومة انتقالية شرعية في سوريا، وضبط سلاسل الإمداد الإنساني في غزة عبر التنسيق مع الدوحة والقاهرة. هكذا يتكامل الدور التركي في مسارين: حماية المدنيين من آلة الحرب، وحماية الدولة من آلة التفكك.
أما العلاقات السورية الخليجية، فهي تشهد الآن تحوّلًا كبيرًا. السعودية، التي استضافت الإعلان الأميركي برفع العقوبات، باتت ترى في الحكومة السورية الجديدة شريكًا شرعيًا يمكن البناء عليه. الإمارات تسعى لإعادة فتح بوابات الاستثمار، وقطر تعمل ضمن إطار إنساني تنموي مباشر في الشمال السوري. هذا المشهد لا يمكن فصله عن تناغم تركي–خليجي يُعدّل موازين المبادرة في الإقليم بعد سنوات من الاصطفاف الحاد.
في الخاتمة، لا يبدو أن تركيا تناور في الظلال، بل تتحرك في الضوء، كدولة لديها مشروع واضح: حماية الأمن الإقليمي عبر دعم الاستقرار السياسي، وتثبيت خطاب أخلاقي حيال غزة دون التنازل عن ضرورات التأثير. ومع سقوط النظام السوري القديم، وتراجع المحور الإيراني، وانفراد أميركي بترتيب المشهد، تبدو تركيا أقرب من أي وقت مضى إلى أن تكون "الضامن القوي" في مرحلة ما بعد الانهيار، وفي لحظة تتطلب أكثر من مجرد بيانات إدانة.
هناك المزيد من مقالات الرأي والتحليلات المرتبطة بهذا الموضوع. مقالات رأي
توقيع صفقة "بوينغ" يعيد تموضع قطر في خارطة التحالفات الكبرى
الأربعاء 14 مايو/أيار 2025
تشكل اتفاقية شراء قطر 160 طائرة من شركة "بوينغ" الأمريكية، بتكلفة تتجاوز 200 مليار دولار، نقطة تحوّل في بنية العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين الدوحة وواشنطن. فقد شهدت العاصمة القطرية مراسم توقيع رسمية بين الجانبين، بحضور الأمير تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتكون هذه الصفقة واحدة من أكبر صفقات الطيران التجاري والعسكري في التاريخ المعاصر.
يُعد توقيت الصفقة عنصرًا دالًا على تحولات إقليمية متسارعة، إذ تأتي بالتوازي مع تصاعد التوترات الدولية في عدد من الملفات، أهمها الحرب الروسية الأوكرانية، والملف النووي الإيراني. وقد أشار ترامب خلال المؤتمر الصحفي عقب اللقاء المغلق مع الأمير تميم، إلى أنّ قطر "تلعب دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران"، واصفًا العلاقة مع الأمير تميم بأنها "تاريخية ومتميزة".
تشير بيانات وزارة الاقتصاد القطرية إلى أنّ شراء 160 طائرة من "بوينغ" يعزز قدرة الخطوط الجوية القطرية على توسيع شبكتها العالمية، ما يجعل الاتفاقية ذات أبعاد اقتصادية مضافة إلى بعدها السياسي. وبحسب خبراء، فإن الاتفاق يعكس تحولا مدروسًا في سياسة قطر التوسعية باتجاه دعم قطاع النقل الجوي وربط مصالحها التجارية بالأمن الاستراتيجي الأمريكي.
تُعد المباحثات التي سبقت توقيع الاتفاق، والتي استمرت نحو ساعتين، مؤشراً على دخول العلاقات الثنائية مرحلة أكثر عمقًا وتكاملًا. وقد أكد الأمير تميم في تصريحاته الرسمية، أنّ توقيع هذه الاتفاقيات "يرفع مستوى العلاقات ويؤسس لتعاون طويل الأمد"، فيما شدد ترامب على أن الاتفاقية "أكبر صفقة في تاريخ شركة بوينغ"، في إشارة إلى الثقل المالي والسياسي الذي باتت تمثله قطر في منطقة الخليج.
يُذكر أن الدوحة استقبلت ترامب ضمن جولته الخليجية التي بدأت من الرياض وتشمل الإمارات، حيث حطت طائرته في مطار حمد الدولي، وكان الأمير تميم في مقدمة مستقبليه. وتُعد هذه الزيارة الثانية لرئيس أمريكي إلى قطر بعد زيارة جورج بوش الابن في 2003، ما يضيف رمزية دبلوماسية إلى أبعادها العملية.
يعكس الإعلان المشترك الموقع بين البلدين، والذي تضمّن بنودًا للتعاون في مجالات الدفاع والتدريب وتبادل المعلومات، رغبة أمريكية في تثبيت شراكة أكثر اتساقًا مع الدولة الخليجية التي تشكل اليوم ركيزة أساسية في إدارة التوازنات الإقليمية، خاصة في ظل انسحاب نسبي للولايات المتحدة من بعض بؤر الصراع.
يُفهم من سياق الصفقة وتوقيعها أنّ الولايات المتحدة تسعى لتأكيد التزامها بأمن حلفائها في الخليج عبر الاقتصاد والسلاح معًا، لا عبر التواجد العسكري فقط، وهو ما يمنح الصفقة وزنًا مزدوجًا في الحسابات الجيوسياسية.
تُظهر قراءة تطورات الحدث أنّ الصفقة بوصفها اتفاقًا اقتصاديًا، تحمل في طياتها بنية هندسية لعقد استراتيجي طويل الأمد، تستفيد منه قطر عبر تعزيز حضورها في الأسواق العالمية، وتستفيد منه واشنطن عبر فتح منافذ تمويل لصناعتها الدفاعية والمدنية.
رؤية خاصة: يُظهر توقيع اتفاقية بوينغ أنّ قطر لم تعد تكتفي بدور الوسيط الإقليمي، بل تسعى لأن تكون قوة اقتصادية سياسية توازن بين الشركاء وتستثمر التحديات لبناء تموقع متقدم في المشهد الدولي.
المملكة العربية السعودية تعتزم ضخ 600 مليار دولار في قطاعات حيوية داخل الولايات المتحدة
الاستثمارات السعودية الجديدة في الاقتصاد الأمريكي تُعيد رسم ملامح العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن والرياض، وتُدخلها مرحلة أكثر عمقًا وتشبيكًا من أي وقت مضى، في وقت تتجه فيه التحديات الدولية إلى مستويات غير مسبوقة من التعقيد والتنافس بين القوى الكبرى. وأعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن المملكة العربية السعودية تعتزم ضخ 600 مليار دولار في قطاعات حيوية داخل الولايات المتحدة، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، وهي الزيارة الأولى له منذ إعادة انتخابه رئيسًا في يناير الماضي.
وجاء الإعلان في بيان رسمي صادر عن البيت الأبيض، أوضح أن الاستثمارات السعودية ستشمل قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والصناعات الدفاعية، والخدمات اللوجستية، وتهدف إلى تعزيز التبادل الاستثماري طويل المدى، وخلق عشرات الآلاف من فرص العمل في الداخل الأمريكي، إلى جانب تحقيق عوائد استراتيجية للمملكة في سياق تنويع اقتصادها الوطني. ويُعد هذا الرقم من بين أضخم حزم الاستثمار التي يُعلن عنها طرف دولي في الولايات المتحدة على الإطلاق.
ووصل ترامب صباح الثلاثاء إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث كان في استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وكبار المسؤولين في الحكومة. وتُعد هذه الزيارة محورية من حيث التوقيت، حيث تأتي في ظل تصاعد التحديات الإقليمية في الشرق الأوسط، خصوصًا ما يتعلق بمسارات الطاقة العالمية، والتحولات الجيوسياسية في آسيا وأفريقيا، والنفوذ الصيني المتزايد في ممرات التجارة.
ومن المقرر أن تُعقد خلال الزيارة قمة ثنائية موسعة تجمع كبار مسؤولي البلدين، بالإضافة إلى منتدى اقتصادي يُشارك فيه ممثلو أكثر من 80 شركة كبرى من الجانبين، تشمل قطاعات النفط والغاز، الاتصالات، الأمن السيبراني، والسياحة، في مسعى لإعادة هيكلة التعاون الاقتصادي نحو مشاريع استراتيجية مشتركة متعددة السنوات.
كما يُنتظر أن تُناقش خلال الزيارة ملفات إقليمية مثل أمن الخليج، والوضع في اليمن، ومسار التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، إلى جانب التهديدات الأمنية العابرة للحدود. وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن واشنطن تسعى إلى توسيع دور الرياض في إدارة الاستقرار الإقليمي، خصوصًا في ظل الانشغال الأمريكي بملفات شرق آسيا وأوكرانيا.
ويرى مراقبون أن ضخ هذه الاستثمارات الضخمة يأتي كجزء من ترتيبات سياسية واقتصادية أوسع تهدف إلى إعادة ترسيخ العلاقة بين الرياض وواشنطن في مواجهة تنامي علاقات المملكة مع قوى مثل الصين وروسيا، وتزايد دور السعودية في منظمة البريكس، ومساعيها لتعزيز شراكاتها غير الغربية.
رؤية خاصة:
هذه الخطوة الاستثمارية تُعيد تموضع السعودية كفاعل اقتصادي دولي في قلب المنظومة الأمريكية، وتُشكّل ركيزة في تحالف استراتيجي يتجاوز مبدأ الحماية العسكرية نحو تبادل المصالح الكبرى. لكنها أيضًا تضع الرياض أمام تحدي موازنة علاقاتها مع الشرق والغرب، في عالم يعيد توزيع أدواره بقوة.
نقص المعدات يهدد بانهيار المنظومة الصحية في غزة
الإثنين 12 مايو/أيار 2025
تشهد مستشفيات قطاع غزة انهيارًا متسارعًا في قدرتها التشغيلية، مع تحذيرات رسمية أطلقتها وزارة الصحة، الإثنين، بشأن النقص الحاد في الأجهزة والمستلزمات الطبية الأساسية، وسط استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية والحصار المتواصل منذ 18 عامًا.
تشير البيانات الصادرة عن الوزارة إلى أن أقسامًا حساسة كالعناية المركزة، والعمليات، والطوارئ، أصبحت تعمل بأجهزة مستهلكة تفتقر إلى الدقة أو الكفاءة، الأمر الذي يعوق جهود إنقاذ الجرحى والمصابين بشكل مباشر، ويضاعف أعداد الوفيات الناتجة عن قصور التجهيزات لا عن الإصابات وحدها
تؤكد الوزارة أن الجراحات التخصصية، مثل جراحة العظام والأوعية الدموية والعيون، لم تعد ممكنة بسبب غياب الأدوات الجراحية الدقيقة، في وقت تتكدّس فيه مئات الحالات الحرجة داخل المستشفيات دون تدخل فعّال.
تُظهر التحذيرات الرسمية أن أرصدة الغازات الطبية الأساسية وصلت إلى مرحلة الانعدام، لا سيما غاز الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون والغازات المساعدة في التخدير، ما يمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المرضى في غرف العمليات وأقسام العناية الفائقة.
تعاني أقسام المبيت من عجز كبير في الأسرّة والأغطية والمستلزمات الأساسية للراحة والنظافة، فضلًا عن عدم توفر أماكن كافية لاستقبال المصابين الذين تجاوز عددهم الـ172 ألفًا، منذ اندلاع الهجوم الإسرائيلي الواسع في 7 أكتوبر 2023.
تشير بيانات الوزارة إلى أن إجراءات مكافحة العدوى تواجه خطر الانهيار الكامل، بسبب نفاد مواد التعقيم والنظافة مثل الكلور المركّز، وأنزيمات الغسيل، والملح الخشن البلوري، مما يفتح المجال لانتشار الأوبئة داخل المرافق الصحية المنهكة أصلًا.
تشكو الطواقم الطبية من عدم توفر أدنى احتياجاتهم الغذائية والتموينية، في ظل العمل المتواصل دون توقف منذ أكثر من 18 شهرًا، حيث لا وجود لقوائم تغذية ولا لإمدادات طارئة، الأمر الذي يؤثر على جاهزيتهم البدنية والنفسية في ظل ظروف طبية شديدة التعقيد.
تشير خلفية الأزمة إلى أن الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 2007، والعدوان العسكري المتواصل، دمّرا بنية القطاع الصحي بشكل ممنهج. كما ترفض إسرائيل السماح بإدخال الإمدادات الطبية الكافية رغم مناشدات المؤسسات الدولية.
تلفت تقارير دولية إلى أن 1.5 مليون فلسطيني باتوا بلا مأوى، في حين يعيش القطاع حالة مجاعة شديدة، وسط نقص في المياه النظيفة، وانهيار البنية التحتية، وانعدام الكهرباء لأيام متواصلة.
تظهر الأزمة الصحية المتفاقمة كإحدى أبرز نتائج الحرب طويلة الأمد التي تقودها إسرائيل ضد سكان غزة، حيث باتت الحياة داخل المستشفيات أشبه بمراكز احتضار، تفتقر للحد الأدنى من مقومات الرعاية.
تطالب وزارة الصحة والمؤسسات الإنسانية المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لتأمين ممرات آمنة لدخول المعدات الطبية والغازات والأدوية، مؤكدة أن الاستمرار في هذا المسار ينذر بانهيار تام للمنظومة الصحية، ومجزرة إنسانية غير مسبوقة.
تصاعد الغارات على غزة – 25 شهيدًا وأزمة صحية خانقة
الأحد 11 أيار – مايو 2025
الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة تتواصل بلا هوادة، مخلفة وراءها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، في تصعيد عسكري متواصل يزيد من معاناة السكان المحاصرين. استشهد 25 فلسطينيًا، بينهم 5 أطفال، اليوم الأحد في سلسلة من الغارات التي استهدفت مناطق متفرقة من القطاع، وفق ما أفادت به وزارة الصحة في غزة.
الغارات شملت قصفًا بطائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت مجموعة من المواطنين في منطقة البصة غرب مدينة دير البلح وسط القطاع، ما أسفر عن استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة. وفي هجوم آخر شرق دير البلح، استشهد شاب فلسطيني في قصف استهدف منزله في منطقة حكر الجامع، بينما توفي فلسطيني آخر متأثرًا بجروح أصيب بها في قصف سابق.
في مدينة خان يونس جنوب القطاع، استشهد فلسطيني ونجله في قصف استهدف خيمة تؤوي نازحين في محيط أبراج طيبة غربي المدينة، كما استشهد 10 فلسطينيين -بينهم 5 أطفال- وأصيب آخرون في قصف استهدف خيامًا تؤوي نازحين غربي المدينة. كما شهد حي الأمل غربي خان يونس قصفًا آخر أسفر عن استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين بعد استهداف مركبة مدنية بطائرة مسيرة إسرائيلية.
في شمال القطاع، استشهد طفل وأصيب آخر بجروح خطيرة في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف تجمعًا مدنيًا في عزبة عبد ربه شرقي مخيم جباليا، فيما استشهد فلسطينيان آخران وأصيب آخرون في قصف مدفعي استهدف حي الشيخ رضوان غربي مدينة غزة. كما استشهد فلسطينيان آخران في قصف استهدف منزلاً في حي الزيتون جنوبي غزة.
في الأحياء الشرقية من مدينة غزة، واصلت المدفعية الإسرائيلية قصف المنازل والمنشآت المدنية، حيث استهدف القصف مناطق مثل حي التفاح وحي الزيتون، ما أسفر عن دمار واسع في البنية التحتية والممتلكات، وزاد من معاناة السكان الذين يواجهون نقصًا حادًا في الخدمات الأساسية.
من جهة أخرى، أفادت وزارة الصحة في غزة بوفاة عدد كبير من الأشخاص -بينهم أطفال- نتيجة انتشار الأمراض ونقص الأدوية في القطاع. ووفقًا للوزارة، فقد توفي 57 طفلًا نتيجة سوء التغذية والمضاعفات الصحية خلال الأسبوع الماضي فقط، في ظل نقص حاد في الحليب العلاجي والأدوية الأساسية. وتأتي هذه الأزمة الإنسانية في ظل نزوح أكثر من 90% من سكان القطاع من منازلهم، حيث يعيش الكثيرون في ملاجئ مكتظة أو في العراء دون مأوى، ما يُفاقم من انتشار الأمراض والأوبئة.
وتُشير التقارير إلى أن إسرائيل منعت دخول كافة المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية إلى قطاع غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، مما أدى إلى تدهور كبير في الأوضاع الإنسانية لسكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
رؤية خاصة:
استمرار الغارات الإسرائيلية والحصار الخانق يضع سكان غزة أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة، في وقت تبدو فيه الحلول السياسية غائبة، وتتفاقم فيه المعاناة اليومية تحت القصف والجوع والمرض.
أزمة صحية خانقة تهدد 16 مليون سوري
السبت 11 مايو 2025
تُواجه سوريا أزمة صحية إنسانية متفاقمة تهدد حياة أكثر من 16 مليون شخص، بحسب تصريحات المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي أكد السبت أن الاستجابة الدولية ما تزال أقل بكثير من حجم الاحتياج المتزايد على الأرض.
التقديرات الأممية تشير إلى أن أكثر من 70% من السكان المتبقين داخل سوريا يعانون من غياب الخدمات الطبية الأساسية، بسبب تدهور البنية التحتية الصحية، وتدمير مستشفيات، ونقص الإمدادات، وهجرة الكوادر الطبية. ووفق منظمة الصحة، فإن الدعم المقدم حتى الآن لا يغطي إلا شريحة محدودة لا تتجاوز نصف مليون شخص.
التدخل الأبرز حتى اللحظة جاء عبر مساهمة صندوق التمويل المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ التابع للأمم المتحدة، الذي قدم دعمًا بقيمة 3 ملايين دولار، مكّن المنظمة من توسيع خدمات الرعاية الصحية العاجلة. ويشمل هذا الدعم توفير الأدوية الأساسية، وخدمات الطوارئ، والرعاية النفسية للمجتمعات المتأثرة بالنزوح.
الأزمة الصحية في سوريا لا تنفصل عن المشهد السياسي والعسكري العام، فالصراع المستمر منذ 13 عامًا ألقى بظلاله الكثيفة على نظام الرعاية، ما أدى إلى انهيار المؤسسات الصحية، وخاصة في مناطق النزاع التي يصعب الوصول إليها. وتشير تقارير أممية سابقة إلى أن 60% من المنشآت الطبية خارج الخدمة.
الاحتياجات النفسية تزايدت بشكل ملحوظ، خاصة بين النساء والأطفال والنازحين قسرًا. وقال غيبريسوس إن المنظمة ركزت خلال الفترة الأخيرة على تعزيز خدمات الصحة النفسية، نتيجة للآثار العميقة التي خلّفها النزاع المسلح، وعمليات النزوح المتكررة، وفقدان الأهل والممتلكات.
الأرقام المعلنة تعكس حجم الفجوة الهائلة بين ما هو مطلوب وما هو متاح. وتشير بيانات المنظمة إلى أن بعض المناطق لا تحتوي على أي نقطة طبية نشطة، ما يدفع المدنيين لقطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مركز صحي، وغالبًا ما يُواجهون بعدم وجود أطباء أو نقص في العلاجات المنقذة للحياة.
الدعوة التي أطلقها مدير منظمة الصحة جاءت كنداء طارئ للمجتمع الدولي والمانحين، مؤكدًا أن حياة ملايين السوريين تعتمد بشكل مباشر على مستوى الدعم المقدم في هذه المرحلة الحرجة. وأوضح أن مواصلة هذا التقاعس قد تؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها.
التحذيرات المتكررة من منظمة الصحة العالمية ومنظمات الإغاثة لم تلقَ بعد التجاوب المناسب، ما يطرح تساؤلات جدية حول الالتزام الدولي بحماية المدنيين في أزمات ممتدة مثل سوريا. وتبقى مسألة التمويل، وفتح الممرات الإنسانية، وتنسيق الجهود الدولية، عوامل حاسمة في مستقبل الوضع الصحي للبلاد.
أردوغان يعرض استضافة مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا
الأحد 11 أيار – مايو 2025
استضافة تركيا لمفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا تعكس تحولًا جديدًا في دور أنقرة كلاعب رئيسي على الساحة الدولية. يأتي هذا التحول في وقت تشهد فيه المنطقة تغيرات جيوسياسية عميقة، مع تصاعد التوترات بين موسكو وكييف، واستمرار الغرب في دعم أوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا.
أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد، عن استعداد بلاده لاستضافة محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وفق بيان صادر عن دائرة الاتصال بالرئاسة التركية. وأكد أردوغان، خلال الاتصال، ترحيبه باقتراح بوتين استئناف المحادثات في إسطنبول، مشددًا على أهمية وقف إطلاق النار الشامل كخطوة أولى نحو التوصل إلى حل دائم.
الرئاسة التركية أوضحت أن الاتصال تضمن مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك. وأكد البيان أن أردوغان شدد على ضرورة استغلال الفرصة الحالية لتحقيق السلام، معتبرًا أن وقف إطلاق النار الشامل سيُهيئ الأجواء لمفاوضات أكثر فعالية بين موسكو وكييف.
يأتي هذا الاتصال بعد أيام من اقتراح بوتين استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، حيث أشار إلى إمكانية عقد جولة جديدة من المحادثات في إسطنبول الخميس المقبل، في خطوة قد تُعيد إحياء المسار الدبلوماسي بعد شهور من التصعيد العسكري.
تاريخيًا، كانت إسطنبول منصة مهمة لمفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، حيث استضافت عدة جولات من المحادثات منذ بدء الحرب في فبراير 2022. ومن أبرز هذه الجولات تلك التي أفضت إلى توقيع اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود في يوليو 2022، بوساطة تركية ورعاية من الأمم المتحدة، وهو الاتفاق الذي سمح لأوكرانيا بتصدير ملايين الأطنان من الحبوب رغم الحصار البحري الروسي.
لكن هذه المرة، تبدو الظروف أكثر تعقيدًا، حيث لم تعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا مجرد نزاع إقليمي، بل أصبحت ساحة لصراع جيوسياسي أوسع، يُشارك فيه الغرب بقيادة الولايات المتحدة، التي تُواصل تزويد كييف بالأسلحة المتقدمة. وهذا ما يُعقّد أي محاولات للتوصل إلى هدنة دائمة أو اتفاق شامل بين موسكو وكييف.
في المقابل، تسعى تركيا إلى تعزيز مكانتها كوسيط موثوق في النزاعات الدولية، مستفيدة من موقعها الجيوسياسي الفريد وعلاقاتها المتوازنة مع كل من روسيا وأوكرانيا. أنقرة تُدرك أن نجاحها في رعاية هذه المفاوضات قد يُعزز من نفوذها الدولي، ويُعطيها دورًا أكبر في تشكيل معادلات السلام والأمن في أوروبا وآسيا.
إشارات التهدئة تتكسر على وقع التصعيد الهندي–الباكستاني
السبت 10 مايو 2025
التصعيد العسكري بين الهند وباكستان عاد إلى الواجهة مجددًا بعد سنوات من التوتر المتقطع، مدفوعًا بهجوم صاروخي استهدف ثلاثة مطارات داخل الأراضي الباكستانية، وردّ مضاد تبنّاه الجيش الباكستاني، ما أعاد الأذهان إلى سيناريوهات المواجهة الشاملة.
التصريحات الرسمية الصادرة عن وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحق دار عكست رغبة إسلام آباد في تجنب التصعيد، إذ أكد أن بلاده ستوقف الردّ العسكري فور توقف الهجمات الهندية، مشيرًا إلى أن الكرة باتت في ملعب نيودلهي، وهو ما أوضحه في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي ماركو روبيو صباح السبت.
الموقف الباكستاني جاء عقب قصف جوي نفذته القوات الهندية، الثلاثاء، على تسعة مواقع في باكستان، قالت نيودلهي إنها "بنى إرهابية"، بينما أكدت الحكومة الباكستانية أن الضربات استهدفت ستة مواقع مدنية بالكامل، وأسفرت عن مقتل 31 شخصًا بينهم نساء وأطفال، وإصابة 57 آخرين، في هجوم وصفته إسلام آباد بـ"العدوان المنظم".
المواجهات المتصاعدة بين البلدين النوويين أعادت إلى الواجهة قضية إقليم كشمير، المتنازع عليه منذ عقود، حيث أدى هجوم مسلح على سائحين في بلدة باهالغام بجامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية في 22 أبريل/نيسان إلى مقتل 26 شخصًا، في حادثة سارعت الهند إلى تحميل إسلام آباد مسؤوليتها، رغم عدم تبني أي جهة لها.
التحركات الدبلوماسية لم تغب عن المشهد، إذ أشارت باكستان إلى ضغوط أميركية وصينية لخفض التصعيد، في وقت لم تصدر فيه الحكومة الهندية إشارات مباشرة إلى التهدئة، بل أعلنت، الجمعة، تمديد إغلاق 24 مطارًا حتى 15 مايو/أيار، في إجراء يعكس استمرار الاستنفار العسكري الداخلي.
التوازنات الإقليمية المعقدة تلقي بظلالها على الموقف، حيث تشكل الصين عنصر ضغط غير مباشر على الطرفين، بحكم استثماراتها الواسعة في الممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني، فيما تحاول واشنطن احتواء التصعيد نظرًا لتداعياته المحتملة على استقرار آسيا الوسطى وعملياتها في المحيطين الهندي والهادئ.
الحكومة الباكستانية حمّلت الهند مسؤولية خرق السيادة، معتبرة أن استهداف مطارات مدنية "تصعيد خطير"، فيما أعلن المتحدث باسم الجيش الباكستاني أن الردّ جاء "محسوبًا وبحجم العدوان"، محذرًا من أي عمليات مستقبلية ضد أراضي البلاد.
الخطاب السياسي الباكستاني اتسم بتقديم مبادرة وقف الرد المشروط بوقف الهجمات، وهو ما أعلنه إسحق دار بوضوح، قائلاً إن باكستان "لا تريد الهدم ولا إهدار الأموال، وتبحث عن سلام حقيقي دون هيمنة أي بلد".
المشهد الميداني لا يزال مفتوحًا على احتمالات متعددة، أبرزها الدخول في حرب قصيرة الأمد أو العودة إلى حالة الاشتباك البارد التي تسود العلاقات الثنائية غالبًا، بينما يبقى المجتمع الدولي مطالبًا بلعب دور فاعل لكبح جماح الطرفين قبل تفاقم الموقف.
القلق الإقليمي يتصاعد في ظل غياب قنوات حوار مباشرة بين الجانبين، وغياب ضمانات دولية حقيقية تمنع الانزلاق نحو مواجهة أكبر، في وقت تتعالى فيه أصوات داخل باكستان تدعو لردع "الاستفزازات الهندية" دون الانجرار إلى حرب شاملة.
المراقبون يضعون تحركات واشنطن وبكين تحت المجهر، حيث تشكل استجابتهما لاختبار الردع الهندي–الباكستاني مؤشراً على اتجاه الأحداث في الأيام المقبلة، بينما تبقى المبادرة الباكستانية بالتوقف عن الرد خطوة مرهونة بإرادة نيودلهي وحدها.
قصف إسرائيلي يحصد أرواح عائلة كاملة في غزة والمجاعة تفتك بالأطفال
السبت 10 مايو 2025
الليلة الدامية في قطاع غزة كشفت مجددًا حجم المأساة التي تعيشها العائلات الفلسطينية تحت الحصار والقصف المتواصل. فجر اليوم السبت، استشهد سبعة فلسطينيين، بينهم خمسة من عائلة واحدة، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت خيامًا للنازحين وأحياءً مدنية، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية نتيجة المجاعة التي تهدد عشرات الآلاف من الأطفال.
العائلة التي قضت نحبها في حي الصبرة هي عائلة طليب، وقد شُيّع أفرادها اليوم بعد أن استُهدفت خيمتهم بشكل مباشر. وأكدت وزارة الصحة في غزة أن صقر طليب وزوجته هند وأطفالهما الثلاثة أحمد وحمزة وعبد العزيز، استشهدوا على الفور، فيما أُصيب آخرون بجراح متفاوتة الخطورة.
الغارات لم تقتصر على حي الصبرة، إذ أطلقت طائرة مسيرة صاروخًا على تجمع مدني في حي التفاح شرق غزة، ما أدى إلى استشهاد شاب فلسطيني لم تُعلن هويته بعد. في الوقت ذاته، قصفت مدفعية الاحتلال أطراف حي الشجاعية، بينما أفاد شهود عيان بحدوث عمليات نسف وهدم لمنازل على الأطراف الشرقية للمدينة.
المياه الإقليمية لمدينة رفح الجنوبية شهدت أيضًا تصعيدًا عنيفًا، حيث فتحت زوارق الاحتلال النار بشكل مكثف تجاه الشاطئ، مما أدى إلى استشهاد محمد سعيد البردويل، وهو أب لثلاثة أطفال كان يعمل صيادًا. واستشهد طفل آخر شمال المدينة برصاص مباشر أثناء محاولته جمع مياه صالحة للشرب من منطقة قريبة من السياج الحدودي.
المصادر الطبية تحدثت عن إصابة مدنيين آخرين في قصف استهدف غرب رفح، بينما واصلت المدفعية الإسرائيلية قصفًا متقطعًا على بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس طوال ساعات الليل، وسط انقطاع تام للكهرباء وخدمات الاتصالات.
المجاعة المتفاقمة تضرب الآن كل أرجاء القطاع، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي أعلن أن أكثر من 65 ألف طفل مهددون بالموت نتيجة الحصار الكامل ومنع دخول الغذاء والماء والدواء منذ أكثر من شهرين. وأشار البيان إلى توقف جميع المخابز عن العمل منذ 40 يومًا، ما فاقم أزمة الغذاء وانعدام الأمن الغذائي.
المكتب الإعلامي وصف ما يجري بأنه "جريمة هندسية متعمدة"، حيث تمنع إسرائيل دخول أكثر من 39 ألف شاحنة مساعدات، بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه. وأكد أن الاحتلال يستخدم سياسة التجويع كسلاح ممنهج ضد المدنيين.
العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأسفر حتى الآن عن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى 11 ألف مفقود لم تُعرف مصائرهم بعد.
المجتمع الدولي لا يزال عاجزًا عن وقف هذه الحرب، رغم قرارات محكمة العدل الدولية والدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار. سكان غزة يعيشون بين القصف والجوع، في ظل غياب تام لأي أفق للحل أو الاستجابة الإنسانية الجادة.
كشمير في مرمى النيران – تصاعد الصراع بين الهند وباكستان
الجمعة 9 أيار – مايو 2025
تصاعد النزاع بين الهند وباكستان بشكل خطير في الأيام الأخيرة، بعد قصف مدفعي هندي أودى بحياة 17 مدنيًا -بينهم طفلة- وأدى إلى إصابة 51 آخرين في كشمير الباكستانية ليلة الجمعة. التصعيد العسكري على طول خط الهدنة في الإقليم المتنازع عليه أثار مخاوف من اتساع نطاق المواجهة بين الجارتين النوويتين، في وقت تصاعدت فيه حدة التصريحات من الجانبين.
مصادر محلية أفادت بأن القصف الهندي استهدف قرى ومنازل في الجزء الباكستاني من كشمير، ما تسبب في دمار واسع وأضرار جسيمة بالمنازل والبنية التحتية. سكان المنطقة أكدوا أن القذائف سقطت بشكل عشوائي على مناطق مدنية، ما أثار حالة من الذعر بين السكان ودفع مئات العائلات إلى النزوح نحو مناطق أكثر أمانًا.
في المقابل، قالت مصادر أمنية في إقليم البنجاب الباكستاني إن الجيش الباكستاني أسقط 6 طائرات تجسس هندية صباح الجمعة في منطقة أوكاره، مشيرة إلى أن هذه الطائرات كانت تقوم بمهام استطلاعية فوق مواقع عسكرية حساسة. وأضاف المصدر أن الدفاعات الجوية الباكستانية أسقطت ما مجموعه 77 طائرة تجسس هندية منذ بدء التصعيد العسكري بين البلدين فجر أول أمس الأربعاء، وهو ما يُظهر تصاعدًا في حجم ونوعية الاشتباكات على طول الحدود.
في سياق متصل، أعلنت السلطات الباكستانية إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المدنية حتى إشعار آخر، وقررت حكومة إقليم البنجاب إغلاق كافة الهيئات التعليمية والجامعات والمدارس حتى الأسبوع المقبل، في خطوة تعكس حجم التوتر المتصاعد.
على الجانب الهندي، أعلنت وسائل إعلام محلية أن وزارة الدفاع الهندية عقدت اجتماعًا رفيع المستوى اليوم الجمعة لبحث التطورات على الحدود الغربية، مع تأكيدات بأن البحرية الهندية بدأت عملية "انتقامية" ردًا على التصعيد الباكستاني. ونقلت وسائل الإعلام عن متحدث باسم الجيش الهندي قوله إن الدفاعات الجوية الهندية نجحت في صد هجمات بمسيّرات باكستانية الليلة الماضية.
كما اتهمت المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، شازيا إلمي، القوات الباكستانية بشن هجمات على طول الحدود الغربية، زاعمة أن باكستان كانت دائمًا مصدر الاستفزازات في المنطقة، وأن الهند لا تستهدف المدنيين بل "جماعات مسلحة معروفة".
من جهته، نفى وزير الإعلام الباكستاني عطاء الله تارار هذه الاتهامات، مؤكدًا أن القوات الباكستانية لم تقم بأي أعمال هجومية على مناطق داخل كشمير الهندية أو خارج الحدود الدولية، مشددًا على أن الدفاعات الجوية الباكستانية في حالة يقظة كاملة. وأكد الوزير أن بلاده أسقطت 5 مقاتلات هندية و29 طائرة تجسس من نوع "هيروب" حصلت عليها الهند من إسرائيل، داعيًا نيودلهي إلى التراجع خطوة إلى الوراء لخفض التصعيد.
في الأثناء، نقل مراسل الجزيرة عن مصدر في الجزء الباكستاني من إقليم كشمير أن مواقع عدة على امتداد خط الهدنة الفاصل بين شطري الإقليم شهدت اشتباكات وتبادلاً لإطلاق النار خلال الليلة الماضية، ما يُنذر بتصعيد أكبر في الأيام المقبلة.
رؤية خاصة:
التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يُشير إلى تحول خطير في مسار النزاع المستمر منذ عقود على كشمير. مع استمرار القصف المتبادل وإغلاق المجال الجوي، يزداد خطر الانزلاق نحو مواجهة أوسع قد تُهدد الاستقرار الإقليمي وتفتح الباب أمام تدخلات دولية واسعة.
أنقرة تحتضن أول اجتماع للحوار العسكري التركي المصري
الخميس 8 أيار – مايو 2025
انعقاد أول اجتماع للحوار العسكري رفيع المستوى بين تركيا ومصر في العاصمة أنقرة يُعد خطوة جديدة في مسار تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين، بعد سنوات من التوتر والقطيعة السياسية.
الاجتماع، الذي جرى بين رئيس الأركان التركي متين غوراك ونظيره المصري أحمد فتحي إبراهيم خليفة، يُعتبر إشارة واضحة على تحسن العلاقات بين القاهرة وأنقرة، في وقت تشهد فيه المنطقة تغيرات جيوسياسية كبيرة.
مراسم رسمية ومناقشات مغلقة
بدأت فعاليات الاجتماع بمراسم استقبال عسكرية لرئيس الأركان المصري في مقر رئاسة الأركان التركية، حيث جرى استعراض حرس الشرف وعزف النشيدين الوطنيين للبلدين، في خطوة تعكس مستوى الأهمية التي يُوليها الجانبان لهذا الحوار.
وعُقد الاجتماع خلف أبواب مغلقة، بعيدًا عن أعين الإعلام، وهو ما يُشير إلى أهمية وحساسية الموضوعات التي نوقشت بين الطرفين.
وقالت رئاسة الأركان التركية في بيان إن الحوار العسكري يُخطط تنظيمه سنويًا على مستوى رئاسة الأركان في البلدين، بهدف تعزيز التنسيق العسكري وتطوير القدرات الدفاعية في مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة.
أهداف الحوار ومجالات التعاون
وفقًا للبيان، تركزت المناقشات على عدة محاور رئيسية، من بينها تبادل المعلومات الاستخبارية، التدريب العسكري المشترك، مكافحة الإرهاب، والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية.
كما تناول الاجتماع قضايا تتعلق بالأمن الإقليمي، وعمليات حفظ السلام، والمناورات العسكرية المشتركة، في إشارة إلى أن البلدين يسعيان لتعزيز قدراتهما الدفاعية في ضوء التحولات الجيوسياسية في المنطقة.
وتسعى تركيا ومصر من خلال هذا الحوار إلى تجاوز الخلافات السياسية السابقة، وبناء شراكة استراتيجية تُسهم في تحقيق الاستقرار في منطقة شرق المتوسط وشمال أفريقيا.
ومن المتوقع أن يتم تطوير هذا الحوار ليشمل تنسيقًا أوسع في الملفات الأمنية الحساسة، مثل تأمين الحدود البحرية ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ومواجهة التهديدات المشتركة التي تشمل التنظيمات المسلحة والشبكات الإجرامية.
تحول استراتيجي في ظل المتغيرات الإقليمية
انعقاد هذا الحوار يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة، تشمل عودة النفوذ الأمريكي إلى الشرق الأوسط، وتزايد الدور الروسي في أفريقيا، وصعود الصين كلاعب اقتصادي قوي في المنطقة.
كما يأتي في سياق الصراع على السيطرة على خطوط الطاقة في شرق المتوسط، حيث تتنافس تركيا ومصر على النفوذ في هذه المنطقة الحيوية.
لكن هذا الحوار يُشير إلى أن البلدين قد يكونان بصدد تجاوز الخلافات القديمة، وبناء شراكة جديدة قائمة على المصالح المشتركة.
رؤية خاصة
الحوار العسكري بين تركيا ومصر يُعد خطوة استراتيجية تتجاوز حسابات السياسة التقليدية، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون في مجالات الدفاع والأمن، بما يُعزز استقرار المنطقة ويُعيد رسم خرائط النفوذ فيها.
لكن نجاح هذا الحوار يعتمد على قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات التاريخية، وبناء جسور الثقة، وتحقيق التوازن بين مصالحهما الإقليمية والدولية.
أنقرة تستقبل السوداني في زيارة تحمل رسائل سياسية واقتصادية متعددة الطبقات
الخميس 8 أيار – مايو 2025.
زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى العاصمة التركية أنقرة تندرج ضمن سلسلة التحركات السياسية الإقليمية التي يسعى من خلالها العراق إلى تثبيت حضوره كفاعل متوازن في منظومة العلاقات الإقليمية.
الزيارة التي جاءت بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحمل دلالات تتجاوز الإطار البروتوكولي، لتأخذ طابعًا استراتيجيًا مرتبطًا بالمصالح المتبادلة في مجالات الاقتصاد والأمن والطاقة والحدود.
لقاء السوداني بأردوغان في المجمع الرئاسي، والجلسات الموسعة المقررة بين الوفدين، تمثل نقطة تركيز على ملفات حيوية شائكة تتقاطع فيها الجغرافيا السياسية مع البنية التحتية العابرة للحدود.
مشروع "طريق التنمية"، الذي طرحه العراق كبديل جيوسياسي للطريق الصيني في مبادرة الحزام والطريق، يُمثل أحد أبرز البنود المطروحة على طاولة المباحثات، خاصة بعد توقيع التفاهم الرباعي الأخير بين بغداد وأنقرة وأبو ظبي والدوحة بشأنه.
العلاقات التركية العراقية شهدت تطورًا تدريجيًا في السنوات الأخيرة، إلا أن الملفات العالقة ما تزال حاضرة، وعلى رأسها ملف المياه، وملف حزب العمال الكردستاني، والوجود العسكري التركي في شمال العراق.
زيارة السوداني تأتي في وقت حساس تمر فيه المنطقة بإعادة تشكيل المحاور، في ظل التراجع الإيراني في بعض الساحات، وتصاعد الدور التركي كموازن أمني واقتصادي في المشرق العربي.
التبادل التجاري بين بغداد وأنقرة، الذي تخطى 24 مليار دولار سنويًا، يسعى الطرفان إلى رفعه إلى سقف 30 مليار دولار، وهو هدف مشترك تُراد ترجمته عبر فتح معابر جديدة، وتوسيع الاستثمارات، وتفعيل المشاريع الحدودية.
ملف الطاقة يظل من أكثر العوامل حساسية، خاصة في ظل استمرار تعليق تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، نتيجة خلافات قانونية وسياسية لم تُحل منذ قرار التحكيم الدولي في مارس 2023.
السوداني يُدرك أهمية تأمين هذه القناة الحيوية، ويُرجّح أن يُطرح الملف بقوة خلال اللقاء الثنائي مع أردوغان، في محاولة لإيجاد صيغة توافقية تُرضي بغداد وأنقرة وأربيل على حد سواء.
الوفد العراقي المرافق للسوداني يضم وزراء ومسؤولين كبار، ما يُشير إلى أن الزيارة ليست رمزية، بل تحمل نية جدية للوصول إلى اتفاقات تنفيذية تعكس المصالح المشتركة وتُخفف من حدة الملفات الخلافية.
الجانب التركي كذلك يُراهن على تعزيز حضوره في السوق العراقية، التي تُعد ثاني أكبر سوق للصادرات التركية، ويرى في "طريق التنمية" فرصة تاريخية لجعل تركيا مركزًا لوجستيًا إقليميًا عابرًا للحدود.
البيئة الدولية المحيطة تمنح هذه الزيارة أهمية إضافية، خاصة في ظل تصاعد الصراع بين المحاور الدولية، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وتوتر المشهد في سوريا وغزة، ما يجعل العراق وتركيا بحاجة إلى تنسيق أوثق يحفظ الاستقرار على المدى القريب والمتوسط.
رؤية خاصة:
زيارة السوداني إلى أنقرة ليست زيارة علاقات ثنائية اعتيادية، بل تمثل محورًا في إعادة رسم التوازن الإقليمي، وتفتح نافذة لإعادة التموضع بين بغداد وأنقرة على قاعدة المشاريع الكبرى والشراكات طويلة الأمد.
التوتر النووي بين الهند وباكستان يهدد باندلاع حرب شاملة
الأربعاء 7 أيار – مايو 2025
التوتر بين الهند وباكستان في تصاعد مستمر، مع تحذيرات من احتمالات نشوب حرب نووية قد تغير موازين القوى في جنوب آسيا، وتهدد الاستقرار العالمي. تصريحات وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف بأن بلاده قد تُجبر على استخدام الأسلحة النووية إذا ما دفعتها الهند نحو مواجهة شاملة، تُشكّل منعطفًا خطيرًا في الأزمة القائمة، في وقت تتصاعد فيه المواجهات العسكرية على طول خط السيطرة في إقليم كشمير.
التصريحات جاءت بعد يوم من إعلان الجيش الهندي إطلاق عملية "سيندور" العسكرية، التي تشمل ضربات جوية ضد تسعة مواقع في باكستان ومنطقة آزاد كشمير الخاضعة لإدارتها. الهند تزعم أن الهجوم استهدف "بنى تحتية إرهابية"، بينما تؤكد باكستان أن المواقع المستهدفة كانت مناطق مدنية، ما أسفر عن مقتل 26 شخصًا وإصابة 46 آخرين، بينهم نساء وأطفال.
القوات المسلحة الباكستانية تحتفظ بحق الرد في "الوقت والمكان المناسبين"، بعد إعلانها عن إسقاط خمس طائرات مقاتلة هندية خلال الهجوم. مراقبون يرون في هذه التطورات واحدة من أخطر مراحل التصعيد بين البلدين منذ أزمة بالاكوت عام 2019، حين كادت الدولتان تقتربان من مواجهة نووية بسبب هجمات جوية متبادلة.
المخاوف من اندلاع حرب نووية تبقى قائمة، مع غياب قنوات التواصل الدبلوماسي بين الجانبين، وارتفاع مستوى الخطاب التصعيدي في كلا البلدين. وزير الدفاع الباكستاني شدد على أن حكومة نيودلهي "ستتحمل كافة النتائج" إذا فرضت حربًا شاملة على باكستان، محذرًا من أن أي تصعيد قد يخرج عن السيطرة في أي لحظة.
الأمم المتحدة تُعرب عن قلقها من خطورة الوضع، وتدعو الطرفين إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات، في وقت يعرب فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أمله في توقف القتال قريبًا، مؤكدًا أن أي مواجهة نووية بين الهند وباكستان ستكون كارثية على الاستقرار العالمي.
الأزمة الحالية تنبع من تصاعد التوتر بعد هجوم مسلح استهدف سياحًا في منطقة باهالغام بإقليم جامو وكشمير الخاضع للإدارة الهندية في 22 نيسان – أبريل الماضي، ما أسفر عن مقتل 26 شخصًا وإصابة آخرين. ومنذ ذلك الحين، يشهد خط السيطرة في كشمير تبادلًا للقصف المدفعي وتحركات عسكرية مكثفة على الحدود، مما يزيد من احتمال اندلاع صراع نووي شامل.
رؤية خاصة:
التصعيد بين الهند وباكستان يعكس هشاشة الاستقرار في جنوب آسيا، ويضع العالم أمام اختبار جديد في إدارة الأزمات النووية.
إعلان غزة "منطقة مجاعة" والأمم المتحدة: التجويع جريمة حرب
الأربعاء 7 أيار – مايو 2025
تُعتبر خطوة إعلان قطاع غزة "منطقة مجاعة" من قبل رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، اليوم الأربعاء، تصعيدًا غير مسبوق في مواجهة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من 20 شهرًا، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر، الذي يضم أكثر من 2.4 مليون نسمة يعيشون تحت حصار شامل يمنع دخول الغذاء والماء والدواء.
الإعلان جاء خلال مؤتمر صحفي عقده مصطفى في مدينة رام الله، حيث أكد أن حكومته قررت إعلان غزة منطقة مجاعة استجابة للوضع الكارثي الذي يعانيه السكان، ودعا كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل وفق التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني. وطالب مصطفى بتفعيل آليات الحماية الدولية بشكل فوري، ورفض بشدة الخطة الإسرائيلية المقترحة لتوزيع المساعدات الإنسانية، معتبرًا إياها محاولة للالتفاف على المؤسسات الأممية وتقويض عملها في إنقاذ الأرواح.
التقارير الدولية تُظهر أن سكان غزة يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، مع تحذيرات من أن مئات الآلاف من الفلسطينيين يتناولون وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة، وفقًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وتؤكد الوكالة أن الأوضاع الإنسانية في غزة تدهورت بشكل غير مسبوق، حيث يعاني السكان من انعدام الأمن الغذائي والمائي، في ظل سياسة تجويع ممنهجة تتبعها إسرائيل بهدف كسر إرادة الفلسطينيين في القطاع.
وفي السياق نفسه، اعتبر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك أن استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين يُشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي، مشددًا على أن سكان القطاع قد حُرموا من جميع الضروريات الأساسية للحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والدواء. وحذر تورك من أن خطط إسرائيل لترحيل سكان غزة قسرًا تثير مخاوف جدية من فرض ظروف تهدد بقاء الفلسطينيين، مؤكدًا أن توسيع الهجوم العسكري على القطاع سيؤدي حتمًا إلى مزيد من التهجير الجماعي وسقوط ضحايا.
من جهة أخرى، حذر أكثر من 20 خبيرًا مستقلًا في الأمم المتحدة من أن المجتمع الدولي يواجه "هاوية أخلاقية" في حال استمراره في الصمت تجاه ما وصفوه بـ"الإبادة الجماعية" التي تُمارس ضد الفلسطينيين في غزة. وفي بيان مشترك، دعا الخبراء الدول الأعضاء إلى التحرك الفوري لمنع "القضاء" على الشعب الفلسطيني، مؤكدين أن القرار الآن بين الوقوف موقف المتفرج على مذبحة الأبرياء، أو المشاركة في صياغة حل عادل يُنقذ أرواح المدنيين.
وفي سياق متصل، دانت منظمة العفو الدولية بشدة ما وصفته بـ"أعمال الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة، مشيرة إلى أن سياسة الحصار والتجويع التي تُمارس ضد السكان تُعد جرائم ضد الإنسانية، وفق المعايير الدولية. وأكدت المنظمة في بيان لها أن أي تحرك لترحيل الفلسطينيين قسرًا أو حصرهم في مناطق ضيقة أشبه بـ"الفقاعات المغلقة" يُشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي، ويُعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة.
وتُظهر بيانات البنك الدولي أن سكان غزة، البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، يعيشون تحت خط الفقر، بعدما حولتهم الحرب والحصار إلى مجتمع يعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية. ووفقًا لتقارير أممية، تواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تنفيذ هجمات عسكرية مكثفة على قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط أكثر من 171 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقدان الآلاف تحت الأنقاض، في عمليات وُصفت بأنها "جرائم إبادة جماعية" بدعم أمريكي كامل.
رؤية خاصة:
إعلان غزة منطقة مجاعة يفتح الباب أمام مواجهة قانونية وإنسانية معقدة، في وقت يُطالب فيه العالم بموقف حازم لوقف التجويع وإنهاء الحصار، قبل أن يتحول القطاع إلى مقبرة جماعية.
لقاء الشرع و"قيصر" في باريس: بين العدالة الانتقالية وذاكرة الدم
الأربعاء 7 أيار – مايو 2025
يُمثل لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالمساعد أول فريد المذهان، المعروف بـ"قيصر"، في العاصمة الفرنسية باريس، لحظة فارقة في مسار العدالة الانتقالية في سوريا، حيث تُفتح ملفات الجرائم التي ارتكبها النظام المخلوع بقيادة بشار الأسد على مصراعيها، وسط اهتمام دولي متزايد بتوثيق الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وتأتي هذه الخطوة في سياق أول زيارة رسمية للرئيس الشرع إلى أوروبا منذ توليه السلطة بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو التاريخ الذي شهد استعادة فصائل المقاومة السورية السيطرة على العاصمة دمشق، منهية بذلك 61 عامًا من حكم حزب البعث و53 سنة من هيمنة عائلة الأسد.
ويُعد فريد المذهان، الذي كشف عن هويته في فبراير/شباط الماضي، أحد أبرز الشهود على الجرائم التي ارتكبت في سجون النظام السابق. ويُعرف بـ"قيصر" نسبةً إلى الاسم الرمزي الذي استخدمه لتسريب عشرات الآلاف من الصور المروعة لضحايا التعذيب، والتي نُشرت للعالم للمرة الأولى في عام 2014، وأصبحت الأساس الذي بُني عليه قانون "قيصر" الأمريكي، الذي أقره الكونغرس في 11 ديسمبر/كانون الأول 2019.
ويُذكر أن المذهان كان يشغل منصب رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق، وقد روى في مقابلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة تفاصيل مروعة عن كيفية توثيقه لمقتل نحو 11 ألف معتقل تحت التعذيب في الفترة بين مايو/أيار 2011 وأغسطس/آب 2013. وأكد المذهان أن الأوامر كانت تصدر مباشرة من أعلى هرم السلطة في دمشق، بهدف توثيق عمليات التعذيب والقتل للتأكد من تنفيذها بفعالية، وهو ما اعتبره أحد أبرز الشواهد على الطبيعة المنهجية للعنف الذي مارسه النظام.
وتُشير تقارير دولية إلى أن هذه الوثائق كانت العامل الأساسي في دفع الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات اقتصادية خانقة على النظام السوري، وحلفائه، عبر قانون "قيصر" الذي يهدف إلى منع أي دعم مالي أو عسكري لنظام بشار الأسد، ويُعتبر من أقوى القوانين التي فرضت على أي نظام في الشرق الأوسط.
ويُمكن لهذا اللقاء أن يُعيد فتح ملفات العدالة الدولية المتعلقة بجرائم الحرب في سوريا، خاصة مع تزايد الضغوط الأوروبية لدفع الحكومة السورية الجديدة نحو مسار محاسبة شامل، يعيد الثقة للمجتمع الدولي ويؤسس لعهد جديد من الشفافية والمساءلة.
ولقاء الشرع و"قيصر" في باريس يُعتبر أيضًا رسالة رمزية قوية للعالم، بأن سوريا الجديدة تسعى لطي صفحة الماضي عبر مواجهة الحقائق، وفتح ملفات الجرائم دون مواربة، في وقت تشهد فيه البلاد مرحلة حرجة من إعادة الإعمار وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية والأمنية.
ورغم كل هذه التطورات، لا تزال التحديات هائلة، فالعدالة الانتقالية ليست مجرد إجراءات قانونية، بل عملية شاملة تستهدف ترميم المجتمع، واستعادة الثقة بين الدولة والشعب، وفتح حوار جاد حول الهوية والذاكرة المشتركة، في بلد مزقته الحرب لأكثر من عقد.
وتُطرح الآن تساؤلات حول مدى قدرة الرئيس الشرع على تحقيق هذا الهدف، وهل سيكون قادرًا على بناء دولة تُحاكم الجلادين وتُعيد حقوق الضحايا، أم أن العراقيل السياسية والأمنية قد تحول دون ذلك؟
رؤية خاصة:
لقاء الشرع و"قيصر" قد يكون بداية لتصفية إرث الأسد، أو مجرد صفحة جديدة في تاريخ طويل من المواجهة مع الماضي.
المُسيّرات تُشعل بورتسودان: تصعيد خطير يضرب آخر معاقل الاستقرار في شرق السودان
الثلاثاء 6 أيار – مايو 2025
تشهد مدينة بورتسودان الساحلية واحدة من أعنف موجات التصعيد العسكري منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان، حيث تعرضت خلال الأيام الماضية لهجمات مكثفة بطائرات مسيرة، استهدفت منشآت بالغة الحساسية، من بينها مخازن الوقود والميناء ومحطة الكهرباء، في تطور نوعي يفتح جبهة جديدة للصراع على ساحل البحر الأحمر.
وتُعدّ هذه الهجمات هي الأشد منذ بدء الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في نيسان/أبريل 2023، خاصة أنها تطال ولأول مرة مدينة بورتسودان، التي كانت تُصنّف حتى وقت قريب على أنها منطقة آمنة نسبياً وتُستخدم قاعدة لعمليات الحكومة الشرعية، والدبلوماسيين، ووكالات الإغاثة الدولية.
وتشير التقارير إلى أن قوات الدعم السريع – رغم عدم إعلانها رسميًا مسؤوليتها – استخدمت طائرات مسيرة في استهداف محطة الحاويات ومرافق الميناء الاستراتيجية، ما أسفر عن دمار واسع النطاق، تضمن إحراق أكبر مخازن الوقود في البلاد وإلحاق أضرار بمحطة كهرباء وفندق قرب مقر حكومي.
وتُظهِر مشاهد الدخان المتصاعد من المنشآت المستهدفة عمق الأثر الميداني لهذه الضربات، والتي شلّت جزءًا كبيرًا من البنية التحتية لبورتسودان، وهدّدت مباشرة شريان المساعدات الإنسانية، الذي يعتمد على الميناء كمركز رئيسي لوصول الإغاثة الدولية إلى الداخل السوداني.
وتعكس هذه الهجمات تطورًا في تكتيكات الحرب الجارية، إذ انتقلت قوات الدعم السريع من المعارك الأرضية في وسط السودان ودارفور إلى شن ضربات جوية نوعية تستهدف مواقع داخل العمق الاستراتيجي لمناطق سيطرة الجيش، مما يكشف عن امتلاكها قدرات مسيرة باتت أكثر تنظيمًا وجرأة.
ويُضاف إلى ذلك أن توقيت الهجوم جاء بعد أيام من إعلان الجيش السوداني تدمير مستودعات أسلحة ومسيّرات لقوات الدعم السريع في مطار نيالا، الأمر الذي يُفسر الضربات على بورتسودان كنوع من الردع المضاد، ضمن سباق السيطرة والتأثير في المناطق الحيوية.
وتنبع خطورة استهداف بورتسودان من كون المدينة كانت الملاذ الأخير للهياكل المؤسسية للدولة السودانية، وملجأً للنازحين والدبلوماسيين ووكالات الأمم المتحدة، ما يجعل هذا التصعيد إشارة خطيرة إلى أن كل خطوط التماس باتت مفتوحة، وأن استراتيجية "المناطق الآمنة" لم تعد قائمة في ظل سلاح المسيّرات الذي تجاوز خطوط الجبهات.
وتحمل هذه التطورات أبعادًا إقليمية لا يمكن تجاهلها، فموقع السودان على البحر الأحمر، وبالقرب من موانئ استراتيجية وممرات التجارة العالمية، يجعله محط اهتمام قوى إقليمية ودولية تسعى لبسط النفوذ أو الحفاظ عليه. وقد عبّرت كل من مصر والسعودية عن قلقهما من هذا التصعيد، فيما أعادت الحكومة السودانية اتهامها للإمارات بدعم قوات الدعم السريع، وهي اتهامات ما تزال قيد التحقيق من قبل الأمم المتحدة رغم النفي الإماراتي المتكرر.
رؤية خاصة:
استهداف بورتسودان بمسيّرات الدعم السريع ليس مجرد هجوم، بل إعلان بفتح جبهة البحر الأحمر في حرب النفوذ.
العراق يعزز موقعه كمصدر استراتيجي للطاقة في آسيا عبر بوابة الهند
الثلاثاء 6 أيار – مايو 2025
تُظهر البيانات الرسمية الصادرة اليوم أن العلاقات الاقتصادية بين العراق والهند قد بلغت ذروتها في قطاع الطاقة، بعدما تجاوزت قيمة الصادرات النفطية العراقية إلى نيودلهي خلال عام 2024 مبلغ 29 مليار دولار، في مؤشر لافت على تصاعد التعاون بين البلدين.
ويُعَدّ هذا الرقم الضخم – البالغ 29 مليارًا و579 مليونًا و961 ألف دولار – ثمرة لتصدير العراق ما مجموعه 52 مليونًا و284 ألفًا و377 طنًا من النفط الخام والمشتقات إلى السوق الهندية خلال عام واحد فقط، وفق ما أكدته الإحصاءات الصادرة عن الجهات المعنية.
وتعكس هذه البيانات نموًا سنويًا بنسبة 15% في الصادرات النفطية العراقية إلى الهند خلال السنوات الأربع الأخيرة، مما يجعل العراق أحد أبرز موردي الطاقة إلى الهند، ويمنحه موقعًا محوريًا ضمن خارطة الشراكات النفطية الآسيوية.
وتُشير الأرقام إلى أن النفط الخام استحوذ على الحصة الأكبر من قيمة الصادرات، بإجمالي 28 مليارًا و601 مليون و225 ألف دولار، ما يدل على اعتماد الهند المتزايد على النفط العراقي كمصدر رئيسي لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة.
وتُسهم صادرات الزيوت البترولية والمشتقات الأخرى بمبلغ مليار و773 مليون و204 آلاف دولار، بينما بلغت صادرات فحم البترول وبتومين البترول وغاز البترول 223 مليونًا و531 ألف دولار، ما يُبرز تنوع المواد النفطية العراقية المصدّرة، وإن بقي النفط الخام في الصدارة.
ويُعد العراق من بين الدول القليلة التي تجمع بين القدرة الإنتاجية العالية والاستقرار النسبي في عمليات التصدير، مما يجعله خيارًا جذابًا للهند التي تسعى لتأمين إمدادات مستقرة لتغطية احتياجاتها الصناعية والاستهلاكية المتنامية.
وتنبع أهمية هذه الصادرات من كونها تشكل نحو 20% من إجمالي واردات الهند النفطية من مختلف دول العالم، مما يعني أن خمس السوق النفطية الهندية أصبحت تعتمد على النفط العراقي، وهو ما يمنح بغداد ورقة قوة على مستوى التفاوض الاستراتيجي والاقتصادي مع ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.
وتُعدّ هذه الأرقام مؤشرًا على قدرة العراق على استعادة دوره المحوري في سوق الطاقة العالمية، رغم التحديات الداخلية والضغوط الإقليمية، في وقت تتغير فيه أولويات الشراكات العالمية بفعل التحولات الجيوسياسية.
وتُبرز هذه المعطيات نجاح العراق في تنويع أسواقه التصديرية وتوسيع حصته في الأسواق الصاعدة، في وقت تتزايد فيه المنافسة مع منتجين كبار مثل السعودية وروسيا وإيران، مما يُشير إلى نجاح في السياسة النفطية العراقية على مستوى التخطيط الاستراتيجي والموقع الجغرافي.
رؤية خاصة:
تمثل الشراكة النفطية مع الهند بوابة للعراق نحو دور آسيوي متعاظم في سوق الطاقة العالمية.
أردوغان يحذر من كارثة في غزة ويعرض دور تركيا في استقرار سوريا
الاثنين – 5 أيار 2025
الاتصال الهاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترامب يعكس حجم القلق الإقليمي والدولي من تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصًا في غزة وسوريا. الرئاسة التركية أوضحت أن الاتصال ركز على محورين رئيسيين: الوضع الإنساني في قطاع غزة، والموقف التركي من الأزمة السورية.
الرئيس أردوغان وصف الأوضاع الإنسانية في غزة بأنها "بلغت مستويات كارثية"، نتيجة استمرار القصف الإسرائيلي وتعطل قنوات الإغاثة. الدعوة التي وجهها إلى نظيره الأميركي تضمنت التأكيد على "ضرورة إيصال المساعدات دون انقطاع"، في ظل تصاعد عدد الضحايا وانهيار البنية الصحية للقطاع المحاصر.
الموقف التركي من غزة يعكس استمرار سياسة أنقرة في تبنّي نهج دعم المقاومة الفلسطينية سياسيًا، والضغط الإقليمي لتأمين ممرات آمنة للمساعدات، خاصة في ظل تفاقم الأزمة بعد توسيع الاجتياح البري الإسرائيلي. أردوغان لم يكتف بإدانة الوضع، بل أشار إلى جهود تبذلها أنقرة من خلال قنوات دبلوماسية مع دول الجوار والمنظمات الإنسانية.
الملف السوري كان حاضرًا أيضًا في الاتصال، حيث أكّد أردوغان أن تركيا "تبذل جهودًا لضمان وحدة الأراضي السورية واستقرارها"، مع استمرار التبدلات السياسية في دمشق، بعد استلام الحكومة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع للسلطة، في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي.
الرؤية التركية تجاه سوريا ترتكز – بحسب البيان الرئاسي – على منع التفكك الجغرافي، واحتواء الانقسامات الطائفية، بالتوازي مع منع التمدد العسكري لأي ميليشيات غير شرعية في الشمال والشرق السوري. أنقرة ترى أن استقرار سوريا جزء من أمنها القومي، وتسعى لإعادة تعريف دورها الإقليمي بعد تحولات كبرى في المشهد الإقليمي.
الاتصال بين أردوغان وترامب يأتي في وقت حساس تشهده الساحة الدولية، حيث تتعدد الأزمات وتتشابك ملفات النفوذ، مما يجعل من كل اتصال رئاسي مؤشرًا على التحولات أو التفاهمات غير المعلنة بين اللاعبين الكبار. البيان التركي لم يتضمن تفاصيل الرد الأميركي، ما يفتح الباب لتأويلات متعددة حول موقف واشنطن الفعلي من تحرّكات تركيا في الملفين الفلسطيني والسوري.
الاهتمام التركي بالضغط الإنساني في غزة، بالتوازي مع التنسيق الجيوسياسي في سوريا، يعكس سياسة مزدوجة تستهدف استعادة دور أنقرة في التوازن الإقليمي، وسط تراجع أدوار بعض القوى التقليدية وارتباك المواقف الأوروبية.
رؤية خاصة:
الاتصال التركي – الأميركي يُظهر أن أنقرة تتحرك بثقة في خطين متوازيين: قيادة الضغط الإنساني في غزة، وترسيخ نفوذها السياسي في سوريا، ما قد يجعلها فاعلًا مركزيًا في أي تسوية إقليمية مقبلة.
الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر: توتر الهند وباكستان يهدد الأمن الإقليمي
الاثنين – 5 أيار 2025
تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تعكس قلقًا دوليًا متصاعدًا من خطورة التوترات بين الهند وباكستان. التصعيد الأخير بين البلدين جاء في أعقاب هجوم مسلح وقع في منطقة باهالغام في الجزء الهندي من كشمير في 22 نيسان/أبريل، أسفر عن مقتل عدد من المدنيين.
بيان غوتيريش تضمّن إدانة واضحة للهجوم، وعبّر فيه عن تضامنه مع أسر الضحايا، مؤكدًا أن "استهداف المدنيين أمر غير مقبول على الإطلاق"، ومشدّدًا على ضرورة تقديم المسؤولين عنه إلى العدالة ضمن آليات قانونية موثوقة.
دعوة الأمم المتحدة إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس جاءت بعد أن سجلت أجهزة الرصد الدبلوماسي ارتفاعًا ملحوظًا في تبادل التهديدات بين نيودلهي وإسلام أباد، وسط تحذيرات باكستانية من "صراع شامل"، ودعوات هندية لتعبئة الدعم الدولي ضد ما تصفه بـ"الإرهاب العابر للحدود".
الأمين العام لم يُخفِ قلقه من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، معتبرًا أن "اللحظة تتطلب حكمة بالغة لتفادي السقوط من حافة الهاوية". كما جدّد التأكيد على أن "الحل العسكري ليس حلا"، مقترحًا تقديم الأمم المتحدة لمساعيها الحميدة في حال رغب الطرفان في التهدئة.
البيان الأممي تضمن إشارة ناعمة إلى دور الهند وباكستان في عمليات حفظ السلام الدولية، كأنما يقول إن الدولتين اللتين تسهمان في دعم الاستقرار العالمي يجب ألا تكونا سببًا في زعزعته على حدودهما.
الموقف الأممي جاء في توقيت حرج، حيث تتزامن التوترات الثنائية مع اضطرابات دولية أخرى، من بينها النزاعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، مما يزيد من حساسية أي تصعيد في منطقة تُعتبر من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان، والأكثر خطورة من حيث القدرات النووية للطرفين المتنازعين.
الدعوات الدولية لتجنّب التصعيد لم تقتصر على الأمم المتحدة، إذ أبدت دول كبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة قلقها من الانفجار المحتمل، وأعربت عن دعمها لأي مبادرة تنزع فتيل الأزمة في شبه القارة الهندية.
جهود الوساطة لا تزال في مرحلة المراقبة، بينما يترقّب المراقبون ما إذا كانت تصريحات غوتيريش ستحرّك عجلة الاتصال بين الطرفين، أو ستُضاف فقط إلى أرشيف النداءات المنسية.
رؤية خاصة:
التحذير الأممي من انفجار الوضع بين الهند وباكستان يكشف هشاشة الردع في بيئة نووية بلا قنوات حوار مستقرة، ويعكس قلقًا عالميًا من أن تتحول كشمير مجددًا إلى شرارة لصدام يعيد تشكيل أمن آسيا وربما ينعكس على خرائط النفوذ الدولية بأكملها.
الحرب على غزة تتصاعد: اجتياح بري موسّع وكمين للقسام شرق الزيتون
الاثنين – 5 أيار 2025
عملية توسيع الاجتياح البري في شمال قطاع غزة تشكل تحولًا خطيرًا في سياق العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من ستة أشهر. جيش الاحتلال الإسرائيلي صدّق فجر اليوم الإثنين على توسيع عملياته البرية باتجاه المناطق الشرقية للقطاع، وتحديدًا في أحياء الزيتون والشجاعية.
تصريحات المسؤولين العسكريين الإسرائيليين تؤكد أن هذه الخطوة جاءت بعد "تقديرات عملياتية" تقضي بضرورة تعميق التوغل البري لتعزيز الضغط على ما تبقى من المقاتلين التابعين لكتائب القسام في مدينة غزة ومحيطها. العملية البرية تأتي مدعومة بغطاء جوي كثيف، حيث سُجل أكثر من 20 غارة خلال ثلاث ساعات فقط، بحسب المصادر الميدانية.
سقوط عشرات الشهداء الفلسطينيين منذ فجر اليوم يضيف فصلًا داميًا إلى مسلسل المجازر المستمرة. مصادر طبية أفادت بأن 43 فلسطينيًا استشهدوا في قصف مكثف استهدف أحياء سكنية مكتظة بالمدنيين، بما في ذلك منازل ومخابز ومراكز إيواء في الشجاعية والتفاح وجباليا.
الضحايا شملوا أطفالًا ونساءً، وأُعلن عن إصابات حرجة تم نقلها إلى مجمع الشفاء الطبي وسط عجز كبير في الكوادر الطبية والمستلزمات العلاجية. فرق الدفاع المدني أكدت أن العديد من العائلات دُفنت تحت الأنقاض نتيجة القصف المفاجئ لمبانٍ مأهولة.
رد المقاومة جاء سريعًا، حيث أعلنت كتائب القسام عن تنفيذ كمين مركّب لقوة مشاة إسرائيلية شرق حي الزيتون. العملية تضمنت تفجير عبوات ناسفة متسلسلة أعقبها إطلاق نار مباشر من مسافة قريبة، وأسفرت – بحسب بيان القسام – عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف جنود الاحتلال، الذين أخلوا المنطقة تحت تغطية نارية كثيفة.
غياب الرواية الإسرائيلية عن نتائج الكمين قد يعكس حجم الخسائر أو استراتيجية التعتيم الإعلامي المعتمدة منذ بدء الحرب. حكومة الاحتلال لم تصدر أي تعليق رسمي حول العملية، بينما اكتفى الناطق باسم الجيش بالقول إن "الوحدات الميدانية تواجه تحديات متزايدة داخل مناطق التماس".
التصعيد الإسرائيلي الجديد يأتي في أعقاب رفض قادة تل أبيب لمقترحات الوساطة القطرية والمصرية المدعومة أمريكيًا، والتي كانت تهدف إلى تثبيت هدنة مؤقتة مقابل إطلاق الأسرى والمحتجزين لدى الطرفين. حكومة نتنياهو رأت في تلك المقترحات "انحيازًا ضمنيًا للمقاومة"، وفق مصادر عبرية.
رؤية خاصة:
تقرير اليوم يكشف أن "العدوان المتجدد" ليس مجرّد تصعيد بل هو جزء من معركة طويلة تهدف إلى كسر الإرادة الفلسطينية. الكمين الذي نفذته القسام يعيد رسم ملامح الردع ويؤكد أن المقاومة لم تُستأصل رغم حجم الدمار، بينما يظهر الاحتلال كمن يُعيد اجتياح غزة مرارًا دون قدرة على كسر جوهرها.
سوريا تطفئ فتيل التوتر في ريف دمشق والجنوب: تهدئة مدعومة من الدولة ورسائل سياسية من جنبلاط
الأحد 4 أيار – مايو 2025
الأسبوع الأول من أيار – مايو حمل مؤشرات واضحة على عودة السيطرة والسيادة إلى المشهد السوري الداخلي، حيث شهدت مناطق متفرقة من ريف دمشق ومحافظة السويداء هدوءًا ميدانيًا لافتًا بعد موجة من التوترات الأمنية، جرت معالجتها بتوافقات محلية وقرارات حاسمة من الدولة السورية.
بلدتا صحنايا وجرمانا كانتا مسرحًا لتوتر محدود مطلع هذا الشهر، حين تحركت مجموعات مسلحة في ظروف غامضة، ما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين وعناصر الأمن. وقد سارعت وحدات الجيش العربي السوري إلى الانتشار وتطويق الحدث، بينما تولّت الأجهزة المختصة احتواء الموقف بالتعاون مع وجهاء وأهالي المنطقتين، في مشهد جسّد حضور الدولة وقدرتها على ضبط الميدان دون انجرار إلى الفوضى.
محافظة السويداء بدورها عرفت خلال الأسابيع الماضية ضغوطًا وتحركات مشبوهة من مجموعات خارجة عن القانون، حاولت استغلال حالة الغياب المؤقت لبعض نقاط الحسم الإداري. غير أن استجابة وجهاء الجبل، ووعي المجتمع المحلي، مكّنا من دفع الأمور نحو مسار التهدئة والاحتكام إلى سلطة الدولة، ما أثمر اتفاقًا محليًا شاملًا، بدعم مباشر من الحكومة السورية برئاسة الدكتور أحمد الشرع.
زيارة الزعيم اللبناني وليد جنبلاط إلى دمشق جاءت في هذا السياق، لتُضيف بعدًا سياسيًا ورسالة رمزية عالية الدلالة. جنبلاط الذي التقى شخصيات رسمية ووجهاء من طائفة الموحدين الدروز، أكد في تصريحاته أن “جبل العرب هو قلب سوريا، وسوريا هي مظلة الجميع”، كما شدد على رفض أي مساعٍ خارجية لعزل المحافظة أو جرّها إلى مشاريع انفصالية أو دولية موازية.
في شمال شرق سوريا، حيث لا تزال بعض مناطق الحسكة ودير الزور تحت تأثير قوى الأمر الواقع، واصلت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحركات ميدانية مدعومة بتنسيق محدود مع الجانب الأميركي، وسط صمت سياسي في واشنطن. في المقابل، أصدرت الحكومة السورية بيانًا مقتضبًا تؤكد فيه أن الدولة تتابع هذه التحركات عن كثب، وترفض أي محاولة لإدارة محلية أو عسكرية خارج إطار السيادة.
الصورة العامة خلال هذه الفترة توضح أن دمشق تمضي بخطى مدروسة نحو تثبيت معادلة "الاستقرار الداخلي أولًا"، مستندة إلى وعي محلي، وغطاء شرعي، وعلاقات إقليمية تحترم الدولة السورية بمؤسساتها وليس بتشظياتها.
رؤية خاصة:
التطورات الأخيرة تُبرهن أن المشروع السوري البديل بدأ يتقدم بثقة على الأرض، ليس من خلال الانفعال العسكري، بل عبر ضبط الداخل، وتحجيم الفوضى، وبناء التوافقات تحت راية الدولة. زيارة جنبلاط، وتهدئة الجبل، ومعالجة ريف دمشق، جميعها إشارات إلى أن دمشق باتت قادرة على إمساك الخيوط، فيما تتهالك مشاريع التفكيك أمام وعي السوريين وحضور الدولة.
زيارة شي جين بينغ إلى موسكو تُعيد تموضع بكين في قلب الاحتفالات الروسية والانقسامات الدولية
الأحد 4 أيار – مايو 2025
زيارة مرتقبة يجريها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى العاصمة الروسية موسكو بين 7 و10 أيار – مايو الجاري، للمشاركة في احتفالات الذكرى الثمانين لهزيمة ألمانيا النازية، وهي مناسبة سنوية تحمل دلالات رمزية كبرى في الوجدان الروسي، لكنها هذا العام تأتي في سياق سياسي معقّد وظروف جيوسياسية مضطربة.
الإعلان الرسمي الصادر عن الكرملين عبر تطبيق تليغرام أشار إلى أن زيارة الرئيس الصيني ستتخللها جلسات محادثات موسعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وسيُوقَّع خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية في إطار ما أسماه البيان "تطوير الشراكة الشاملة والتفاعل الاستراتيجي"، في وقت تتجه فيه العلاقات بين موسكو وبكين نحو مستويات غير مسبوقة من التنسيق.
التوقيت الذي اختاره شي لحضوره إلى موسكو لا يخلو من رسائل مدروسة. فالاحتفال بالنصر السوفياتي في الحرب العالمية الثانية يحمل بعدًا نفسيًا واستراتيجيًا في الذاكرة الروسية، ويمثل مناسبة تُستثمر سياسيًا لتثبيت صورة روسيا كقوة منتصرة رغم الصعوبات، ما يمنح زيارة الزعيم الصيني بُعدًا رمزيًا موازٍ لدلالته السياسية.
الاحتفالات العسكرية المقررة في 9 أيار – مايو ستشهد، وفق الكرملين، مشاركة عدد من زعماء الدول مثل رئيسي البرازيل وصربيا ورئيس وزراء سلوفاكيا، رغم التحذيرات الأوكرانية من أن موسكو لم تعُد مكانًا آمنًا بسبب استمرار العمليات الحربية. وقد حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صراحة من "عجز بلاده عن تأمين سلامة الشخصيات الأجنبية التي تقرر زيارة موسكو".
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح وقفًا لإطلاق النار مدته 3 أيام خلال فترة الاحتفالات، لكن زيلينسكي ربط الموافقة بهدنة تستمر 30 يومًا على الأقل، وهو ما استبعده بوتين، مشددًا على أن روسيا تسعى لتسوية شاملة لا توقفًا مؤقتًا يُستثمر إعلاميًا.
الدلالة العميقة للزيارة الصينية تتجاوز بُعدها الثنائي، حيث يرى مراقبون أن بكين تسعى لتعزيز تموضعها في قلب النظام الدولي الناشئ، من خلال اصطفاف محسوب مع روسيا دون قطع تام مع الغرب، مع الحفاظ على دورها كقوة مفاوضة وليس طرفًا متورطًا في النزاعات.
المفارقة أن ذكرى هزيمة النازية التي توحّد وجدان البشرية، تحوّلت هذا العام إلى مناسبة تعكس حجم الانقسام الدولي، حيث تحتفل موسكو بينما تتصاعد أصوات الاتهام في الغرب ضدها، ويزور حلفاؤها عاصمة تُحاصرها العقوبات، ويحتفلون براية نصر مضى عليه ثمانون عامًا، فيما لا تزال رايات الحرب مرفوعة في قلب أوروبا.
رؤية خاصة:
زيارة شي إلى موسكو ليست مجرّد بروتوكول، بل تعبير استراتيجي عن صياغة محور جديد في ميزان القوة الدولية، حيث تُترجم بكين دعمها لموسكو من بوابة الاحتفال التاريخي، وتؤكّد أن النظام العالمي لم يعُد يُدار من قِبل الغرب وحده، بل من طاولة تتسع للقادمين الجدد... والقدامى العائدين من رماد الحرب.
تصعيد ميداني حاد في غزة: 29 شهيدًا منذ الفجر والمجاعة تخنق المدنيين تحت الحصار
السبت 03/05/2025
مجازر جديدة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم السبت في قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد 29 فلسطينيًا، معظمهم من الأطفال والرضع والنساء، وسط تصعيد ممنهج استهدف مناطق الإيواء والمخيمات المدنية في مدينة خان يونس، وأحياء الشجاعية والدرج والتفاح والزيتون في غزة، بالتزامن مع تدهور كارثي في الوضع الإنساني وبلوغ المجاعة مستوى الانفجار.
العدوان الجديد شمل قصفًا جويًا مباشرًا على خيام النازحين في خان يونس، حيث أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) باستشهاد 11 شخصًا من عائلة بيرم، بينهم 3 رضّع و3 نساء وطفل، بعد استهداف منزلهم في مخيم المدينة، بينما ارتقى شهيد آخر وأُصيبت عائلته عقب قصف خيمة قرب مجمع ناصر الطبي. كما أكدت "وفا" استشهاد طفل نتيجة استهداف خيمة أخرى في منطقة "أصداء".
حي الشجاعية شرقي غزة كان على موعد مع مجزرة أخرى، حيث أفاد مراسل الجزيرة بانتشال جثامين 9 شهداء من تحت أنقاض منزل دُمّر بالكامل، بينما قُتل شابان بنيران طائرة مسيّرة في حي الدرج، وآخر في حي الزيتون. حي التفاح أيضًا شهد سقوط جرحى بعد استهداف مسيّر إسرائيلي لمنطقة الشعف، فيما أصيب آخرون في قصف على شمال القطاع.
قصف مدفعي مكثف طال مناطق شرق مدينة غزة ووسط القطاع، حيث استهدفت المدفعية الإسرائيلية أطراف حي الزيتون ومخيم البريج، بالتزامن مع غارات جوية على حيي الشجاعية والزيتون، ونسف مبانٍ سكنية في رفح، وظهور جثمان شهيد على شاطئ المدينة، ما يشير إلى اتساع نطاق التدمير المنهجي ضد البنية المدنية.
المأساة لم تقتصر على مشاهد القصف، إذ برزت مؤشرات خطيرة على دخول قطاع غزة في مرحلة المجاعة الكاملة، وفق تصريحات القيادي في حركة حماس عبد الرحمن شديد، الذي أكد في كلمة مسجلة حصلت عليها الجزيرة أن أكثر من مليون طفل يعانون من الجوع اليومي، وأن هناك 65 ألف حالة سوء تغذية حاد وصلت إلى المستشفيات وسط انهيار النظام الصحي ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود.
تصريحات القيادي الحمساوي وصفت الوضع القائم بأنه "جريمة إبادة بطيئة" تُرتكب بـ"دم بارد"، محمّلًا الاحتلال مسؤولية تعمد التجويع، ومشيرًا إلى أن "الأطفال في غزة يُقتلون بنفاد الحليب لا بالقذائف فقط"، في إشارة مباشرة إلى الاستراتيجية الإسرائيلية التي توظف الحصار كأداة قتال مركزي.
وزارة الصحة في غزة أكدت من جهتها أن حصيلة الشهداء منذ خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار 2025 ارتفعت إلى 2396 شهيدًا و6325 جريحًا، مشيرة إلى أن 77 شهيدًا و275 مصابًا وصلوا إلى المستشفيات خلال الساعات الـ48 الأخيرة، رغم عجز فرق الإسعاف عن الوصول إلى كافة الضحايا تحت الركام أو في الطرقات المدمرة.
الصورة الميدانية في غزة اليوم لا تقتصر على القتل المباشر، بل تشمل سياسة تجويع ممنهجة، وتدمير البنى التحتية الصحية، وتحويل الخيام إلى أهداف عسكرية مباشرة، ما يعكس تطورًا نوعيًا في سلوك الاحتلال بعد تحلله الكامل من التفاهمات الدولية، في ظل صمت عربي ودولي مطبق، وغطاء سياسي أميركي مكشوف، كما تؤكد المصادر الميدانية والمواقف السياسية الفلسطينية.
رؤية خاصة:
يُظهر هذا التصعيد الإسرائيلي المزدوج – بالقصف والتجويع – انتقال الاحتلال من سياسة "الضغط بالقوة" إلى نهج "الإبادة المركّبة"، في ظل تآكل الردع الإنساني الدولي، وتحوّل غزة إلى حقل اختبار لشرعنة القتل عبر المجاعة. ما يجري ليس فقط خرقًا لاتفاق تهدئة، بل تدشين لمرحلة "القتل البطيء" في ميزان الاستراتيجيات العدوانية الجديدة.
تحرك أميركي مفاجئ شرق سوريا: قافلة عسكرية تغادر دير الزور وتعيد التموضع في الحسكة
03/05/2025
تحرك أميركي مفاجئ شهدته الساحة الشرقية السورية مساء الجمعة، حيث غادرت قافلة عسكرية تابعة للقوات الأميركية قاعدتي حقل العمر وحقل كونيكو في ريف دير الزور الشرقي، متجهة نحو قواعد جديدة في محافظة الحسكة، الخاضعة لتأثير مباشر من واشنطن وشركائها المحليين.
مصدر لقناة الجزيرة أكد أن الانسحاب جاء في إطار إعادة تموضع عسكري، حيث أعادت القوات الأميركية انتشارها داخل قاعدتي قسرك والشدادي بريف الحسكة، وهي مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي ما زالت تحتفظ بشبكة تنسيق نشطة مع القيادة العسكرية الأميركية في المنطقة، رغم التحولات السياسية التي شهدتها البلاد عقب انهيار النظام السابق وتشكيل الحكومة السورية المؤقتة الجديدة.
وكالة الأناضول نقلت بدورها عن مصادر محلية أن أكثر من 200 شاحنة انطلقت من موقعي كونيكو والعمر، محمّلة بحاويات لوجستية ومركبات عسكرية ومنشآت جاهزة للاستخدام، ما يشير إلى عملية إعادة انتشار واسعة النطاق وليس مجرد تحرك لوجستي روتيني.
مراقبون ميدانيون وصفوا العملية بأنها تحمل دلالات حساسة تتعلق بمستقبل التمركز الأميركي في شرق سوريا، خصوصًا في ظل التنافس المستجد على إدارة المناطق النفطية والغازية بعد سقوط النظام، وما تبعه من مفاوضات غير مُعلنة بين الحكومة السورية الجديدة، وقوات التحالف، ومكونات كردية وشركاء محليين آخرين.
المفارقة أن التحرك الأميركي جاء دون إعلان رسمي من البنتاغون أو تعليق علني من وزارة الدفاع السورية الجديدة، ما يعكس استمرار واشنطن في ممارسة سياسات الأمر الواقع على الأرض، مع الحفاظ على شبكة تحالفات محلية مرنة تُمكّنها من التحرك في مناطق النزاع دون صدام مباشر مع القوى الأخرى.
مصادر أمنية محلية أشارت إلى أن القوات الأميركية تميل حاليًا إلى تعزيز وجودها في مناطق أكثر استقرارًا لوجستيًا، وبعيدًا عن خطوط التماس النشطة، في حين تسعى الحكومة السورية المؤقتة إلى بسط سيادتها الكاملة على المناطق النفطية ضمن ترتيبات مع التحالف تضمن تجنب الصدام وتبادل المصالح.
رؤية خاصة:
تُظهر إعادة التموضع الأميركية تركيزًا متزايدًا على مناطق النفوذ الكردي كممر آمن لواشنطن، وسط تصاعد التفاوض الخفي مع حكومة دمشق الجديدة، ومحاولات تحجيم الدور الروسي المنكمش والحد من أي تمدد إيراني مرتد في مرحلة ما بعد الأسد.
استمرار الإبادة في غزة: ثلاثون شهيدًا منذ الفجر ومجاعة تطرق أبواب القطاع
2 أيار/مايو 2025
تشهد غزة منذ ساعات الفجر الأولى موجة تصعيد جديدة من القصف الجوي الإسرائيلي، أسفرت حتى اللحظة عن استشهاد 30 فلسطينيًا بينهم أطفال ونساء، في هجمات استهدفت مناطق سكنية متفرقة في شمال ووسط القطاع، أبرزها بيت لاهيا ومخيم البريج.
تشير إفادات الطواقم الطبية في غزة إلى أن معظم الإصابات ناجمة عن قصف مباشر لمنازل آهلة بالسكان، بينما تعاني فرق الإنقاذ من صعوبات بالغة في الوصول إلى الضحايا بسبب كثافة القصف ونقص المعدات، في وقت تُواصل فيه وزارة الصحة رفع نداءات استغاثة دولية لتأمين الحد الأدنى من المستلزمات الطبية.
يأتي هذا التصعيد في ظل انهيار شبه كامل للبنية الإنسانية في القطاع. فقد أصدر برنامج الأغذية العالمي بيانًا شديد اللهجة، حذر فيه من أن أزمة الجوع في غزة دخلت مرحلة "حرجة تنذر بوقوع وفيات فعلية نتيجة سوء التغذية الحاد"، مؤكدًا أن الأوضاع المعيشية تجاوزت خطّ الخطر، وبات الأطفال وكبار السن والمرضى يواجهون الموت جوعًا في ظل حصار خانق ومنع دخول المساعدات.
وأضاف البرنامج أن مئات آلاف العائلات لا تحصل على وجبة واحدة يوميًا، وأن النظام الغذائي للقطاع بات منهارًا بفعل الحصار الممتد منذ أشهر، ومنع تدفق المواد الأساسية، وتدمير سلاسل التوريد المحلية.
على الجانب الإسرائيلي، أفادت هيئة البث الرسمية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيعقد خلال ساعات اجتماعًا أمنيًا رفيعًا بمشاركة قادة الجيش والمخابرات، بهدف التصديق على خطط عسكرية جديدة تقضي بتوسيع العمليات في غزة، من خلال استهداف "المراكز النشطة" في جنوب ووسط القطاع، مع تلميحات إلى توسيع العملية نحو رفح، رغم الاعتراضات الدولية المتزايدة.
وتأتي هذه التطورات في ظل شلل تام للمفاوضات السياسية، وغياب لأي أفق لوقف إطلاق النار، وسط تصعيد في الخطاب الإسرائيلي باتجاه "استكمال المهمة"، وهو ما تعتبره مؤسسات حقوق الإنسان "غطاءً لجرائم إبادة جماعية تُرتكب تحت عين المجتمع الدولي وصمته المخزي".
وقد عبّرت منظمات إنسانية عن قلق بالغ من أن أي توسيع إضافي للهجوم الإسرائيلي في ظل انعدام الإمدادات الإنسانية، سيؤدي إلى فصول كارثية غير مسبوقة في تاريخ الحروب الحديثة، حيث يموت المدنيون ليس فقط بالقصف، بل أيضًا بالجوع والعطش وتسمم المياه.
رؤية خاصة:
تُظهر معطيات هذا اليوم أن إسرائيل تُدير ما يشبه "الهجوم المزدوج" على غزة: قصف جوي يستهدف المدنيين بلا هوادة، وحرمان ممنهج من الغذاء والدواء والماء، يُستخدم كسلاح إبادة بطيء. وبينما تتفرّج القوى الكبرى على المجزرة بحسابات المصالح، تبدو غزة وكأنها تُترَك عمدًا لتُستنزف حتى الفناء. وإذا لم تتحرك الإرادة الدولية لإنقاذ ما تبقّى من الحياة في هذا القطاع المحاصر، فإن التاريخ سيسجل أن المجاعة لم تكن نتيجة عجز، بل كانت نتيجة قرار.
تقرير إخباري | حضور الشرع في القمة العربية: اعتراف إقليمي بسوريا الجديدة وتكامل أمني مع العراق
02:30:41 – 2 أيار/مايو 2025
تُشكّل مشاركة رئيس الحكومة السورية أحمد الشرع في القمة العربية محطة مفصلية في التحول السياسي الذي شهدته سوريا منذ سقوط النظام السابق أواخر العام 2024، إذ جاء الحضور بدعوة رسمية من الجامعة العربية وبدعم خاص من العراق، الذي أعلن على لسان رئيس وزرائه محمد شياع السوداني أن "الشرع يمثل الدولة السورية الجديدة"، مؤكدًا أن مشاركته "تحمل أهمية في توضيح رؤية سوريا المقبلة".
تعبير السوداني عن هذا الموقف جاء خلال تصريحات إعلامية أدلى بها في جلسة تمهيدية للقمة، حيث قال: "وجود الشرع في القمة مهم لتوضيح رؤية سوريا الجديدة، في ظل الحرص العربي على أن تتجاوز سوريا محنتها"، مشددًا على أن "أمن سوريا جزء من الأمن القومي للعراق".
تُمثّل هذه التصريحات انتقالًا نوعيًا في خطاب بغداد تجاه دمشق، خاصة أن العراق كان من أوائل الدول التي أبقت على تمثيل دبلوماسي محدود مع النظام السابق، لكنه حافظ على توازن دقيق طوال سنوات النزاع. واليوم، يبدو أن العراق قد اختار المضي في شراكة استراتيجية مع السلطة الجديدة في سوريا، متطلعًا إلى دور عربي موحّد في إعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب.
شخصية أحمد الشرع، الذي تولّى رئاسة الحكومة الانتقالية بتوافق داخلي ودولي، ساعدت في تسريع الاعتراف الإقليمي، لما يتمتع به من خلفية قانونية وثقافية، وقدرة على تقديم خطاب إصلاحي ينسجم مع التحولات التي يشهدها النظام العربي الرسمي، خصوصًا في مرحلة ما بعد التحولات الجيوسياسية الأخيرة.
من الناحية الأمنية، ترى بغداد أن إعادة تأهيل سوريا ضمن الفضاء العربي ضرورة استراتيجية، إذ تشترك الدولتان في حدود طويلة ومعقّدة، كانت مسرحًا لحركات تهريب ونشاطات تنظيمات مسلحة. ومن هنا، يأتي حرص العراق على إعادة ربط التعاون الحدودي مع دمشق الجديدة، ضمن أفق شامل للتكامل الأمني والاقتصادي، يشمل الربط السككي والطاقة والتبادل التجاري.
ويُتوقّع أن يعقد رئيسا الوزراء في كل من العراق وسوريا اجتماعًا ثنائيًا خلال القمة، يُناقش فيه آليات التعاون في ملفات شائكة مثل اللاجئين، وإعادة الإعمار، وإعادة تفعيل الاتفاقيات الثنائية التي جُمّدت في عهد النظام السابق. كما يُطرح على الطاولة مشروع ثلاثي يربط العراق بسوريا ولبنان في ممر اقتصادي جديد، بتمويل محتمل من شركاء عرب ودوليين.
رؤية خاصة:
يشير الحضور الرسمي للشرع إلى أن دمشق الجديدة قد قطعت شوطًا في تأكيد وجودها السياسي على الساحة الإقليمية، وأن العراق بات يتصدر مشهد "الاحتضان العربي" لسوريا ما بعد الأسد. وربما تكون هذه القمة لحظة تأسيس لتحالفات عربية جديدة تُراهن على الاستقرار أكثر من الولاءات. ومن هنا، فإن ربط أمن سوريا بأمن العراق ليس مجرد تصريح بروتوكولي، بل تعبير عن استراتيجية تكامل متصاعدة، سيكون لها انعكاسات إقليمية أوسع في المدى القريب.
تقرير: تصعيد دموي متواصل على غزة واتهامات دولية لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب
1/5/2025
تتوالى موجات القصف الإسرائيلي على قطاع غزة بوتيرة متصاعدة، في مشهد دموي بات يوميًا، وأسفر خلال الساعات الماضية عن استشهاد عشرات الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، إلى جانب إصابة العشرات بجروح متفاوتة، وسط تحذيرات منظمات أممية من كارثة إنسانية تلوح في الأفق.
تستمر آلة القتل الإسرائيلية في استهداف منازل المدنيين والمناطق السكنية، حيث استُشهد ثلاثة فلسطينيين في قصف على بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، كما قُتل فلسطينيان في هجوم شنته طائرة مسيّرة على منطقة المواصي جنوبي القطاع، واستُشهدت طفلة في خان يونس متأثرة بجراح سابقة أصيبت بها في قصف سابق. أما في مدينة دير البلح وسط القطاع، فقد أفادت الأنباء بإصابات جديدة جراء قصف عنيف طال أطراف المدينة الشرقية.
تشهد مستشفيات غزة حالة من العجز الكامل في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتزايد عدد الجرحى بشكل يفوق القدرة الاستيعابية للمرافق الصحية. وأفاد مراسل الجزيرة بأن كثيرًا من الإصابات تُعالج على الأرض وفي ممرات المشافي، وسط غياب شبه تام لأي تدخل دولي فعّال.
تتوالى التحذيرات من المنظمات الإنسانية والحقوقية بشأن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، والذي يمنع دخول الغذاء والدواء والمساعدات. وقد أكدت الأمم المتحدة أن غزة دخلت مرحلة "الجوع المتقدم"، معربة عن خشيتها من حدوث مجاعة جماعية خلال أيام في حال استمرار الوضع على ما هو عليه. وقال متحدث رسمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إن ما يحدث في غزة "وصمة في جبين العالم".
تداول نشطاء حقوق الإنسان ووسائل إعلام عربية ودولية مقاطع تُظهر أطفالًا يصرخون تحت الأنقاض، وآباء يحملون جثامين أطفالهم وقد غطّاها الغبار والدم. واعتبر كثير من المراقبين أن هذه المشاهد تشكل دليلًا دامغًا على انتهاك الاحتلال للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب.
تسود حالة من الحداد والغضب الشعبي في شوارع غزة، حيث تم تشييع عشرات الشهداء في دير البلح ومناطق أخرى، في جنازات مهيبة تحولت إلى مظاهرات غاضبة تندد بالصمت الدولي والتواطؤ الغربي. ورددت الحشود شعارات تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ووقف ما وصفوه بـ"الإبادة الممنهجة".
رؤية خاصة:
تمثل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة نموذجًا واضحًا لانهيار القيم الدولية أمام منطق القوة والهيمنة. فالإفلات من العقاب، والصمت المتواطئ لبعض القوى الغربية، يساهمان بشكل مباشر في تحويل الحصار إلى أداة إبادة، والقصف إلى سياسة رسمية. ومع دخول أزمة الجوع مرحلة الخطر، تبرز الحاجة إلى تحرك قانوني وإنساني عاجل، يعيد تعريف العدالة على أسس تليق بالبشر، ويكسر جدار العجز الذي يحاصر غزة كما تحاصرها الطائرات والدبابات.
باكستان تحذّر من ضربة هندية وشيكة والتوتر يبلغ ذروته في كشمير
30 ابريل 2025 – 16:05:00
أعلنت الحكومة الباكستانية، يوم الأربعاء، أنها تمتلك معلومات استخباراتية "جديرة بالثقة" تشير إلى نية الهند تنفيذ ضربة عسكرية وشيكة ضد أراضيها، في تصعيد خطير أعاد إلى الأذهان مشاهد المواجهات المتكررة بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، بسبب النزاع المزمن حول إقليم كشمير المتنازع عليه.
وقال وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار في بيان رسمي مساء الثلاثاء إن باكستان تتوقع ضربة عسكرية هندية خلال الساعات القادمة، استنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة تشير إلى أن الهند تنوي "شنّ هجوم عسكري خلال الـ24 إلى الـ36 ساعة المقبلة، مستخدمة حادثة باهالغام كذريعة واهية".
وتوعّد تارار بأن "أيّ عمل عدواني سيُقابل بردّ حاسم، وستتحمّل الهند المسؤولية الكاملة عن أيّة عواقب وخيمة في المنطقة".
ويأتي هذا التحذير بعد أسبوع من الهجوم الدامي في مدينة باهالغام بكشمير الخاضعة للإدارة الهندية، والذي أسفر عن مقتل 26 مدنيًا في أسوأ اعتداء تشهده المنطقة منذ أكثر من 20 عامًا. ورغم عدم تبني أي جهة للمسؤولية عن الهجوم، فقد حمّلت نيودلهي باكستان المسؤولية عنه، في حين دعت إسلام آباد إلى إجراء تحقيق محايد ونفت أي تورط لها.
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد أعطى الجيش الهندي "حرية التحرك الكاملة" للرد على الهجوم، وأكد خلال اجتماع مع قادة الجيش أن "الهند تعتزم توجيه ضربة ساحقة للإرهاب"، مشيرًا إلى ثقته التامة في قدرات القوات المسلحة، وأن الحكومة تدعم خطواتها بشكل كامل.
وقال مصدر حكومي هندي إن الجيش بات مخوّلاً تحديد "أسلوب، وأهداف، وتوقيت الردّ"، ما فُهم على أنه تفويض مباشر لعملية عسكرية مرتقبة.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الباكستانية أنها في حالة تأهب قصوى، محذّرة من أن الرد الباكستاني سيكون قويًا إذا ما تم تهديد "وجود الدولة". وقال وزير الدفاع خواجة محمد آصف في مقابلة مع رويترز إن باكستان "لن تستخدم أسلحتها النووية إلا إذا كان هناك تهديد مباشر لوجودنا".
وفي تصعيد ميداني متواصل، أعلنت الحكومة الباكستانية إسقاط طائرة استطلاع هندية بدون طيار رباعية المراوح، قالت إنها اخترقت المجال الجوي الباكستاني على طول خط المراقبة الفاصل بين الشطرين الهندي والباكستاني من كشمير. وأفادت الإذاعة الرسمية الباكستانية بأن الدفاعات الجوية أحبطت ما وصفته بـ"انتهاك واضح للسيادة الوطنية".
كما أفاد الجيش الهندي بأن القوات الباكستانية أطلقت النار من أسلحة خفيفة على مواقعه لليلة الخامسة على التوالي قرب خط المراقبة، وأكدت أنه "رد بطريقة منضبطة وفعالة"، بينما لم تؤكد إسلام آباد هذه الرواية، واكتفى شهود عيان على الجانب الباكستاني بالإشارة إلى سماع تبادل إطلاق نار كثيف.
في المقابل، تحركت الأطراف الدولية للتهدئة، حيث حضّ رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على "نصح الهند بضبط النفس"، مؤكدًا أن "باكستان ستدافع عن سيادتها ووحدة أراضيها بكل قوتها". وبدوره، أدان غوتيريش "بشدة" الهجوم على السياح في باهالغام، معتبرًا أن "الهجمات على المدنيين غير مقبولة تحت أي ظرف".
من جانبها، دعت الولايات المتحدة على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس، الطرفين إلى "عدم مفاقمة الوضع"، وكشفت أن الوزير ماركو روبيو سيتحدث إلى وزيري الخارجية في البلدين "اليوم أو غدًا" في محاولة لاحتواء التوتر.
أما الصين، التي تعتبر لاعبًا إقليميًا مؤثرًا، فقد دعت الهند وباكستان إلى "ضبط النفس" و"إدارة الخلافات من خلال الحوار"، مؤكدة أهمية "الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين".
رؤية خاصة:
إن السلام في كشمير لا يمكن أن يُفرض بالسلاح، بل يُبنى على الاعتراف المتبادل بالحقوق، وعلى إرادة صادقة تضع حياة البشر فوق الحسابات السياسية. وإذا كان العالم يراقب، فإن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الهند وباكستان لإعادة تعريف مفردات "القوة" و"النصر" و"السيادة" بما يليق بالقرن الحادي والعشرين، لا بعقلية 1947.
كارثة إنسانية تتفاقم في غزة: حصيلة القتلى تتجاوز 52 ألفًا و"ظاهرة الجوع" تلوح في الأفق
30 ابريل 2025 – 16:45:00
ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى مستوى غير مسبوق، وسط تحذيرات متصاعدة من تحول الأزمة الإنسانية إلى مجاعة واسعة النطاق. فقد أفادت مصادر طبية فلسطينية بأن عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بلغ 52,400 قتيل و118,014 جريحًا، في واحدة من أكثر الحملات دموية التي شهدها القطاع منذ بداية النزاع.
وذكرت المصادر أن 308 قتلى و5,973 إصابة سُجلت منذ الثامن عشر من مارس الماضي فقط، وهو ما يُظهر استمرار ارتفاع معدل الضحايا في ظل تواصل العمليات العسكرية. كما أوضحت أن 35 شهيدًا و109 إصابات نُقلوا إلى مستشفيات غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ما يعكس استمرار التصعيد الإسرائيلي رغم النداءات الدولية المتكررة لوقف إطلاق النار.
وكانت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" قد أفادت في وقت سابق بمقتل 19 فلسطينيًا منذ فجر الأربعاء، إثر سلسلة غارات جوية شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على عدد من المناطق في قطاع غزة، دون أن تبدي الحكومة الإسرائيلية أي مؤشرات على تهدئة أو توقف وشيك للعملية العسكرية.
وفي موازاة القصف الجوي المكثف، تتفاقم الظروف الإنسانية في القطاع بشكل دراماتيكي. فقد صرح عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا، أن الأوضاع في غزة "لم يسبق أن وصلت إلى هذا المستوى من السواد"، محذرًا من أن القطاع قد يشهد خلال الأيام المقبلة "ظاهرة الجوع" للمرة الأولى بهذا الشكل الواسع.
وقال أبو حسنة إن الآلاف من السكان لا يجدون ما يأكلونه، وإن مؤشرات الانهيار الإنساني بدأت تتجلى بوضوح في مناطق واسعة، لاسيما في ظل تعذر وصول المساعدات الغذائية. ولفت إلى أن إدخال المساعدات الإنسانية والغذائية بات أولوية قصوى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مشيرًا إلى أن وكالة الأونروا، التي تُعد شريان الحياة الأساسي لسكان غزة، لم يعد لديها ما توزعه.
وتُعاني المستشفيات في القطاع من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، في وقت تواجه فيه طواقم الإسعاف والعلاج ضغطًا هائلًا لا يمكن مقارنته بأي وقت سابق، بسبب العدد الضخم للجرحى، وغياب الحد الأدنى من التجهيزات.
وتُظهر الصور الخارجة من قطاع غزة مشاهد صادمة لأحياء مدمرة بالكامل، ونزوح جماعي لعائلات تركت منازلها على وقع القصف المتواصل. كما رُصدت طوابير طويلة أمام الأفران ووكالات الإغاثة في محاولة يائسة للحصول على كسرة خبز أو وجبة تسد الرمق.
وتُعاني غزة أيضًا من انقطاع مستمر للكهرباء والمياه، مما أدى إلى تفاقم الوضع البيئي والصحي، وانتشار الأمراض المرتبطة بسوء التغذية والتلوث، وارتفاع حالات الوفاة بين الأطفال والرضع.
ويُشير مراقبون إلى أن الهجمات المكثفة لم تفرّق بين أهداف عسكرية ومدنية، بل طالت منازل ومستشفيات ومدارس ومراكز إيواء، ما أثار إدانات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت ما يحدث في القطاع بمثابة "انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني".
وعلى الرغم من ضخامة الكارثة، لا تزال الاستجابة الدولية محدودة، وسط انقسام في المواقف السياسية، وتردد من جانب بعض الأطراف الفاعلة في ممارسة ضغوط حقيقية على الحكومة الإسرائيلية لوقف العدوان.
ويؤكد خبراء إنسانيون أن الوضع في غزة اليوم لم يعد مجرد أزمة، بل تحول إلى كارثة إنسانية مكتملة الأركان، قد تفضي إلى مجاعة حقيقية إذا لم تُفتح ممرات إنسانية آمنة خلال الساعات القليلة المقبلة.
رؤية خاصة :
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد أرقام تُضاف إلى قوائم الموت، بل هو نداء استغاثة أخلاقي للبشرية جمعاء. أن تصل الأمور إلى حدّ الجوع في القرن الحادي والعشرين، في منطقة تخضع لرقابة العالم، هو جريمة لا تبررها ذرائع الحرب ولا يسكت عنها الضمير.
المجاعة تقتحم غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية وسط صمت دولي
الأحد 27 أبريل 2025 – 10:45:30
يشهد قطاع غزة تصاعدًا خطيرًا في أزمته الإنسانية مع تفاقم نقص المواد الغذائية الأساسية، في ظل استمرار الحصار المشدد المفروض على القطاع منذ أكثر من سبعة أسابيع. وقد اضطرت معظم المخابز في غزة إلى إغلاق أبوابها بسبب نفاد كميات الدقيق، فيما أعلن برنامج الأغذية العالمي عن استنفاد جميع مخزوناته الغذائية في القطاع، محذرًا من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أرواح مئات الآلاف من السكان، ولاسيما الأطفال.
وتوقفت شحنات المساعدات الإنسانية التي كانت تصل عبر معبر رفح الحدودي مع مصر بعد تشديد القيود المفروضة على المعابر، ما تسبب بانقطاع الإمدادات الحيوية من الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية الأساسية. وأكدت تقارير ميدانية أن المخازن التجارية والخدمات الصحية تعاني من عجز شبه كامل، مما جعل آلاف العائلات عاجزة عن تأمين أدنى مقومات الحياة اليومية، مع تسجيل ارتفاع غير مسبوق في معدلات الفقر والبطالة وسوء التغذية.
ووفق بيانات أولية صادرة عن منظمات الإغاثة، فإن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد تجاوزت 35%، وسط تحذيرات من ارتفاع معدل الوفيات نتيجة تفشي أمراض مرتبطة بالجوع ونقص الرعاية الصحية، مثل فقر الدم، ونقص المناعة، والتهابات الجهاز الهضمي. وقد ازدادت حالات الوفيات بين الفئات الهشة كالأطفال وكبار السن، في ظل تدهور الخدمات الصحية وعدم توفر الأدوية الأساسية المنقذة للحياة.
في المقابل، دعت منظمات دولية بارزة، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، إلى تدخل فوري وعاجل لوقف تدهور الأوضاع في غزة. وطالبت هذه المنظمات بفتح المعابر بشكل مستمر وآمن لدخول المساعدات الإنسانية، مؤكدة أن استمرار الحصار سيؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة الصحية والاقتصادية والاجتماعية في القطاع. كما شددت على ضرورة الضغط السياسي على الأطراف المعنية لضمان احترام القانون الدولي الإنساني الذي يفرض حماية المدنيين وتسهيل وصول الإغاثة دون عوائق.
سياسيًا، تأتي هذه الأزمة وسط حالة من الجمود في المسار التفاوضي بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية، في ظل غياب أي أفق سياسي حقيقي لإنهاء الحصار المفروض منذ عام 2007. وتتعامل السلطات الإسرائيلية مع الوضع الإنساني في غزة كمسألة أمنية بحتة، متجاهلة التحذيرات المتكررة من أن تجويع السكان المدنيين قد يشكل جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني. من جهة أخرى، تسعى بعض الدول العربية والأوروبية إلى إعادة تحريك ملف إعادة الإعمار وتخفيف القيود على القطاع، لكن جهودها تصطدم بعقبات سياسية معقدة تتعلق بالتوازنات الإقليمية والتجاذبات الدولية.
ويشير محللون إلى أن استمرار الأزمة الإنسانية في غزة سيترك تداعيات سياسية وأمنية بعيدة المدى، إذ قد يؤدي الإحباط الشعبي وانعدام الأمل إلى انفجارات اجتماعية أو جولات جديدة من التصعيد العسكري. كما يخشى المراقبون أن يؤدي إطالة أمد الحصار إلى تعميق الفجوة بين غزة والضفة الغربية، وتعزيز الانقسام الفلسطيني الداخلي، في وقت تحتاج فيه القضية الفلسطينية إلى توحيد الصفوف أكثر من أي وقت مضى.
من الجانب الإنساني، يعاني العاملون في المنظمات الدولية والمحلية من صعوبات جمة في تقديم الخدمات والإغاثة، حيث أفادت تقارير بأن العشرات من العائلات باتت تعتمد بشكل كامل على وجبات غذائية ضئيلة تقدمها مبادرات مجتمعية صغيرة، في ظل غياب دعم دولي منظم. كما أن الأطباء والممرضين يعملون في ظروف شبه مستحيلة، مع نقص فادح في المعدات والأدوية، وهو ما يجعل التعامل مع الحالات الحرجة شبه مستحيل.
وقد حذر مسؤولون صحيون من تفشي أوبئة جديدة نتيجة نقص النظافة وسوء التغذية، لاسيما في المناطق المكتظة بالنازحين داخليًا، حيث تفتقر مراكز الإيواء إلى الحد الأدنى من الشروط الصحية. وتحدث شهود عيان عن معاناة يومية قاسية، مع وقوف الناس في طوابير طويلة أمام الجمعيات الخيرية، بحثًا عن رغيف خبز أو وجبة طعام تسد رمقهم.
رؤية خاصة:
تشكل المجاعة في غزة انعكاسًا صارخًا لفشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين وإلزام الأطراف الفاعلة بواجباتها القانونية والأخلاقية. إن استمرار الصمت الدولي أمام الكارثة المتفاقمة يحمل في طياته تداعيات خطيرة تتجاوز البعد الإنساني لتطال الاستقرار السياسي الإقليمي بأسره. ومن هذا المنطلق، بات من الضروري اتخاذ تحرك دبلوماسي فاعل لإنهاء الحصار فورًا، وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، بما يضمن الحد الأدنى من الكرامة والحياة الآمنة لسكان قطاع غزة. فلا يمكن للعالم أن يطالب بالاستقرار الإقليمي بينما يغض الطرف عن معاناة شعب محاصر يواجه الموت جوعًا.
تركيا ترفض محاولات استدامة وجود الجماعات الإرهابية في سوريا
الأحد 27 أبريل 2025 – 14:50:33
تشكل المواقف التركية الأخيرة تجاه الملف السوري تأكيدًا صريحًا على تمسك أنقرة بمبدأ وحدة الأراضي السورية ورفض أي ترتيبات قد تفضي إلى تثبيت وجود الجماعات المصنفة إرهابية في شمال وشمال شرق البلاد. فقد أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في العاصمة القطرية الدوحة أن تركيا ترفض بشكل قاطع أي محاولات للحفاظ على وجود الجماعات الإرهابية داخل سوريا.
وشدد فيدان على أن أنقرة لن تقبل بأي إجراءات تهدد وحدة الأراضي السورية أو تمس بسيادتها الوطنية، في إشارة واضحة إلى التحركات الجارية حاليًا بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (SDF)، والتي تهدف إلى دمج وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) في هيكل أمني جديد تحت المظلة الرسمية للدولة السورية. وأوضح الوزير التركي أن بلاده تراقب هذه التطورات عن كثب، وستتصدى لكل محاولة ترمي إلى إضفاء شرعية مستدامة على الجماعات التي تصنفها تركيا كمنظمات إرهابية.
وأكد فيدان أن تركيا ترى أن احترام وحدة الأراضي السورية يمثل ركيزة أساسية لاستعادة الاستقرار في المنطقة، مشددًا على أن أي سيناريو يتجاهل هذه الحقيقة سيؤدي إلى تعميق الأزمات بدلًا من حلها. وأضاف أن تركيا تدعم بشكل كامل كل المبادرات الرامية إلى إعادة سوريا إلى مكانتها الطبيعية ضمن المجتمع الدولي، شرط أن تقوم هذه المبادرات على أساس حماية السيادة السورية ومكافحة الإرهاب بشكل فعلي وليس صوري.
وتطرق الوزير التركي إلى ملف حزب العمال الكردستاني (PKK)، معتبرًا أن الدعوة الأخيرة التي وجهها الزعيم المسجون عبد الله أوجلان للجماعة إلى تفكيك نفسها ونزع سلاحها تمثل فرصة حقيقية لفتح صفحة جديدة. ودعا فيدان قادة الحزب إلى التجاوب الإيجابي مع هذه الدعوة "في أسرع وقت ممكن"، وإنهاء ممارسات العنف التي أعاقت لسنوات تطور المنطقة وأثقلت كاهل شعوبها.
ويأتي هذا الموقف التركي في وقت حساس تمر فيه القضية السورية بتحولات لافتة، حيث تسعى قوى إقليمية ودولية إلى صياغة ترتيبات جديدة للمرحلة المقبلة، في ظل تراجع الحضور الروسي والإيراني، ومحاولات أمريكية لإعادة هيكلة المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة. وفي هذا السياق، تعبر تركيا عن قلقها من أن تؤدي أية ترتيبات غير متوازنة إلى استدامة حالة التجزئة والانقسامات الإثنية والطائفية التي أعاقت الحل السياسي الشامل في البلاد، خصوصًا في الشمال الشرقي حيث تتركز تجمعات قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا.
وتُبرز تصريحات هاكان فيدان أن أنقرة لم تغير موقفها المبدئي الذي أعلنته منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، والذي يقوم على رفض قيام أي كيان انفصالي شمال سوريا تحت غطاء أي مسمى. وترى أن استمرارية وجود قوى مثل وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها امتدادًا سوريًا لحزب العمال الكردستاني، تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي التركي وللاستقرار الإقليمي بشكل عام، في ظل القلق التركي من أن يشكل هذا الوجود حافزًا للنزعة الانفصالية بين أكراد تركيا.
ومن جانب آخر، تعكس التحركات الدبلوماسية التركية في هذا الملف إدراكًا استراتيجيًا بأن أي فراغ أمني أو سياسي في شمال سوريا قد تتحول تبعاته إلى الداخل التركي، سواء عبر موجات لجوء جديدة أو عبر تصاعد أنشطة الجماعات المسلحة. ولهذا، تشدد أنقرة على ضرورة التنسيق الإقليمي والدولي لضمان التوصل إلى تسويات تحترم وحدة الأراضي السورية وتلبي التطلعات المشروعة لكل مكونات المجتمع السوري دون استثناء.
وتبرز أهمية التنسيق بين تركيا وقطر الذي ظهر جليًا خلال المؤتمر الصحفي المشترك، حيث أكد البلدان أهمية دفع الحلول السلمية في سوريا، مع التشديد على أن مكافحة الإرهاب يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من أي ترتيبات قادمة. كما يظهر أن أنقرة تضع في أولوياتها منع إنشاء كيانات موازية للدولة السورية، وترى أن أي نموذج ناجح لإعادة الإعمار والاستقرار يجب أن ينطلق من وحدة البلاد وسيادة الحكومة المركزية على كامل التراب الوطني.
رؤية خاصة:
تعكس التصريحات التركية التزامًا استراتيجيًا طويل الأمد بالدفاع عن وحدة سوريا كعامل حاسم لاستقرار الإقليم، مع رفض مطلق لأي هندسة سياسية تهدف إلى تثبيت كيانات انفصالية بأدوات عسكرية. وتسعى تركيا إلى تكريس نفسها طرفًا رئيسيًا في رسم مستقبل المنطقة من خلال الجمع بين العمل الدبلوماسي والحضور الميداني، بما يحمي أمنها القومي ويعزز الاستقرار الإقليمي، ويفرض معادلة جديدة تقوم على دعم الحلول السياسية الشاملة ورفض سياسة فرض الأمر الواقع.
تركيا وإسرائيل تبحثان آليات تفادي التصعيد العسكري داخل سوريا
السبت 26 أبريل 2025 – 23:14:50
تشهد الساحة الإقليمية تحركات دبلوماسية دقيقة بين تركيا وإسرائيل تهدف إلى بحث آليات تفادي التصعيد العسكري داخل الأراضي السورية. تعكس هذه التحركات قلقًا متزايدًا من احتمالات انزلاق الأوضاع إلى مواجهات غير محسوبة في ساحة معقدة الأطراف والتشابكات. تتزامن المباحثات مع تصاعد النشاط العسكري المتعدد الجنسيات في سوريا مما يفرض ضرورات تنسيقية غير مسبوقة. تبرز أنقرة وتل أبيب كفاعلين أساسيين يسعيان لضمان مصالحهما الأمنية دون التورط في صدامات مباشرة.
تشير المعلومات إلى أن المحادثات بين الجانبين تناولت إنشاء قنوات اتصال مباشر في مناطق الاحتكاك الميداني داخل سوريا. تهدف هذه القنوات إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية حول التحركات العسكرية الحساسة. تؤكد المصادر أن تركيا شددت على ضرورة احترام حدود أمنها القومي ومراعاة حساسية ملف شمال سوريا وضرورة منع تموضع الجماعات الموالية لإيران قرب حدودها في الجنوب السوري كجزء من أي تفاهمات مستقبلية.
تعكس هذه المحادثات رغبة مزدوجة لدى الطرفين في تجنب تصعيد ميداني قد يضعهما في مواقف حرجة أمام المجتمع الدولي. ترى تركيا أن الحفاظ على استقرار الشمال السوري جزء من أمنها القومي المباشر الذي لا يحتمل المجازفة. تعتبر إسرائيل أن استمرار نشاطها الأمني في العمق السوري ضرورة استراتيجية لكبح النفوذ الإيراني الإقليمي. تفتح هذه الرؤية المتبادلة المجال أمام مقاربات براغماتية قد تثمر تفاهمات ميدانية مؤقتة رغم التعقيدات السياسية القائمة.
تشير التحليلات إلى أن المحادثات التركية الإسرائيلية تأتي في وقت تعيد فيه القوى الكبرى ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط. يبرز الحرص المشترك على تفادي التصعيد كجزء من إدراك إقليمي أوسع بضرورة تبريد بؤر النزاعات في المرحلة القادمة. تظهر المؤشرات أن واشنطن تضغط بهدوء لدعم أي ترتيبات تساهم في استقرار المشهد السوري دون توسع التدخلات المباشرة.
رؤية خاصة:
تعبر المحادثات بين تركيا وإسرائيل بشأن تفادي التصعيد في سوريا عن تطور لافت في إدارة التوازنات الدقيقة بالشرق الأوسط. تفتح هذه المقاربة الباب أمام ولادة ترتيبات أمنية إقليمية جديدة قائمة على تقاطع المصالح لا على تحالفات أيديولوجية. يبقى نجاح هذه الجهود مرهونًا بقدرة الطرفين على ضبط التحركات الميدانية ومنع الأطراف الثالثة من تفجير الوضع عبر عمليات استفزازية. في عالم ما بعد الفوضى الكبرى، يبدو أن الواقعية السياسية تفرض قواعدها على الجميع دون استثناء.
خمسون شهيدًا في مجزرة إسرائيلية جديدة تهز قطاع غزة
السبت 26 أبريل 2025 – 21:22:30
تشهد غزة موجة حزن عارمة بعد استشهاد خمسين فلسطينيًا في غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت أحياء سكنية مكتظة بالمدنيين. تتوالى نداءات الإغاثة العاجلة وسط حالة ذهول تسود الشارع الفلسطيني جراء حجم الدمار والخسائر البشرية. تسرد شهادات السكان مشاهد مؤلمة لجثث الأطفال تحت الأنقاض وصراخ الأمهات المكلومات. تعكس الصور المتداولة حالة الخراب الواسعة التي خلفتها الصواريخ الإسرائيلية فوق رؤوس الآمنين.
تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية أن من بين الضحايا نساءً وأطفالًا ومسعفين حاولوا إنقاذ المصابين. تبرز التقارير الميدانية استهداف الغارات لمناطق مدنية بعيدة عن أي مواقع عسكرية معروفة. تطلق الجمعيات الإنسانية تحذيرات من كارثة طبية في غزة مع ارتفاع أعداد الجرحى ونقص الإمدادات الطبية. تتصاعد المخاوف من تفاقم الوضع الإنساني في ظل استمرار القصف وصعوبة وصول فرق الإنقاذ إلى الضحايا.
تتصاعد الإدانات الدولية والعربية تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي وارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين. تعلن منظمات حقوق الإنسان فتح ملفات تحقيق عاجلة في طبيعة الغارات وأهدافها المدنية. يصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بيانًا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية السكان المدنيين. تشهد عدة عواصم عالمية احتجاجات شعبية تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء العدوان المتكرر على غزة.
تظهر المؤشرات الميدانية تصعيدًا خطيرًا مع تلويح الفصائل الفلسطينية بالرد على المجازر الإسرائيلية. تؤكد فصائل المقاومة أن الاحتلال الإسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء بقتله الأطفال والنساء. تتصاعد دعوات سياسية في غزة لتوحيد الصف الفلسطيني في مواجهة التصعيد العسكري المتجدد. ترى تحليلات أمنية أن التصعيد الحالي قد يشعل جولة جديدة من المواجهات الواسعة في حال غياب ضغط دولي جاد لوقف إطلاق النار.
رؤية خاصة:
تعكس مجزرة غزة الأخيرة حجم المأزق الإنساني والسياسي الذي باتت تعيشه القضية الفلسطينية تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي. تمثل هذه المجازر اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام العالمي على تطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين في النزاعات المسلحة. لا يكفي تسجيل بيانات الإدانة، بل تفرض الفاجعة على الضمير العالمي الانتقال إلى مرحلة الفعل الجاد، عبر تحرك فوري نحو إنهاء الاحتلال ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب التي تغذي دوامات العنف والفوضى في الشرق الأوسط.
دمشق تواصل معركتها الدبلوماسية لانتزاع الاعتراف الأممي ودعم الاستقرار
السبت 26 أبريل 2025 – 20:48:50
تشهد الساحة الدبلوماسية السورية تحركات مكثفة في إطار معركة انتزاع الاعتراف الدولي الكامل بالحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع. تأتي زيارة وزير الخارجية السوري إلى الأمم المتحدة كجزء من حملة سياسية ودبلوماسية تهدف إلى ترسيخ موقع دمشق في المنظومة الدولية بعد سنوات من العزلة. تبرز المشاركة الرسمية في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبارها خطوة رمزية وعملية لإعادة رسم صورة سوريا أمام المجتمع الدولي.
تعبر تصريحات وزير الخارجية السوري عن نهج تصالحي يسعى لإقناع المجتمع الدولي بأن دمشق تتبنى رؤية جديدة للاستقرار الإقليمي. يشير خطاب الوزير إلى استعداد الحكومة السورية للانخراط في آليات السلام وفق ميثاق الأمم المتحدة، بعيدًا عن سياسات التحالفات الإقليمية التقليدية. تدل المؤشرات الأولية على تباين ردود الأفعال الدولية بين مؤيد ومتحفظ، مع تسجيل تقدم نسبي في مواقف بعض الدول العربية والآسيوية.
تتزامن هذه الجهود الدبلوماسية مع تحركات على الأرض تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة وإطلاق برامج تنموية جديدة. تبذل الحكومة السورية جهودًا متسارعة لتحسين الواقع الاقتصادي والإنساني في البلاد، مع التركيز على استقطاب الاستثمارات العربية والآسيوية. تظهر التقارير أن هناك تفاهمات أولية مع بعض الدول الخليجية لبحث فرص الإعمار والتنمية ضمن إطار أممي يضمن الشفافية والاستدامة.
تشير بعض التحليلات إلى أن المعركة الحقيقية لدمشق لا تكمن فقط في كسب الاعتراف السياسي، بل في إثبات الجدية بتنفيذ إصلاحات داخلية تعزز الثقة الشعبية والدولية. يلفت مراقبون إلى أن الحكومة السورية تراهن على الزمن وعلى البراغماتية الدولية التي تفضل التعامل مع واقع مستقر بدلًا من الإصرار على معايير الإقصاء السياسي. يرى خبراء أن نجاح دمشق في هذا المسار يعتمد على مدى قدرتها على إنتاج خطاب سياسي عقلاني مدعوم بسياسات عملية ملموسة.
رؤية خاصة:
تشكل التحركات الدبلوماسية السورية علامة فارقة على بداية عصر سياسي جديد في المنطقة، حيث تعود دمشق تدريجيًا إلى المسرح الدولي عبر خطاب براغماتي يتماشى مع معادلات العالم الجديد. تعتمد المرحلة القادمة على قدرة سوريا على تحقيق اختراقات متدرجة في منظومة العلاقات الدولية، مع الحفاظ على التوازن بين متطلبات الداخل وضغوط الخارج. قد لا تكون الطريق معبّدة بالكامل، لكن الإصرار السوري على خوض معركة الشرعية الدولية يمثل تحولًا بنيويًا لا يمكن تجاهله في خريطة الشرق الأوسط الجديدة.
هناك المزيد من مقالات الرأي حول هذا الموضوع:
تصاعد التنسيق الأمني بين بغداد ودمشق مع توقعات باتفاقيات استراتيجية جديدة
السبت 26 أبريل 2025 – 20:22:10
يشهد العراق تطورات متسارعة على صعيد التنسيق الأمني مع سوريا، وسط مؤشرات على قرب توقيع اتفاقيات ثنائية استراتيجية جديدة. تشكل زيارة الوفد الأمني العراقي الرفيع إلى دمشق هذا الأسبوع نقطة تحول نوعية في العلاقات الثنائية، حيث وضعت أسسًا متقدمة لتعزيز الشراكة في ملفي ضبط الحدود ومكافحة الجماعات المسلحة. تتزامن هذه التحركات مع جهود عراقية حثيثة لتحصين الجبهة الغربية للبلاد وسط تزايد التحديات الإقليمية.
تؤكد مصادر دبلوماسية أن اللقاءات بين الجانبين العراقي والسوري تناولت ملفات دقيقة تشمل إدارة المعابر وتنسيق المعلومات الاستخباراتية وعمليات المطاردة عبر الحدود. تشير التسريبات إلى قرب إنشاء مركز مشترك لإدارة الأزمات والتدخل السريع في حالات الخروقات الأمنية. يرى مراقبون أن بغداد تسعى لإعادة بناء منظومة أمنية متكاملة مع دمشق لملء الفراغات التي تسببت بها سنوات الاضطراب والصراعات المسلحة.
تعكس تحركات العراق اتجاهًا رسميًا لتجاوز الضغوط السياسية الداخلية والخارجية التي تعارض انفتاح بغداد على الحكومة السورية الجديدة. تؤكد التصريحات الرسمية أن التنسيق الأمني مع دمشق يندرج ضمن إطار المصالح الوطنية العليا للعراق بعيدًا عن الاصطفافات الإقليمية الضيقة. يلفت محللون إلى أن القيادة العراقية تدرك أهمية تحييد الملف الأمني عن التجاذبات السياسية لضمان استقرار الحدود ومنع تفجر الأزمات المتكررة.
تتزامن هذه الخطوات مع انخراط العراق في مشاورات إقليمية مع تركيا ودول الخليج لإعادة بناء منظومة التعاون الأمني الموسع على مستوى المنطقة. تشير التقارير إلى وجود حراك دولي داعم لتعزيز الاستقرار بين العراق وسوريا، مدفوعًا بتغير أولويات السياسات الدولية تجاه الشرق الأوسط. تتزايد التوقعات بأن يشهد العام الجاري سلسلة من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية بين بغداد ودمشق بوساطات إقليمية نشطة.
رؤية خاصة:
ينعكس تصاعد التنسيق الأمني بين العراق وسوريا كعلامة فارقة على تغير معادلات المنطقة في مرحلة ما بعد الفوضى، حيث تسعى بغداد إلى إعادة التموضع كدولة عبور استراتيجية بين آسيا والخليج والمتوسط. يشكل الأمن الحدودي نقطة الانطلاق الأولى نحو بناء شراكة أوسع، مدعومة برغبة إقليمية ودولية في احتواء أي بؤر اضطراب مستقبلية. يعتمد نجاح هذه الجهود على قدرة الحكومتين على تجاوز الضغوط الداخلية وتثبيت خارطة المصالح المشتركة رغم حساسيات المشهد السياسي الإقليمي.
هناك المزيد من مقالات الرأي حول هذا الموضوع:
علم سوريا الجديدة يرتفع في الأمم المتحدة خلال زيارة وزير الخارجية إلى نيويورك
11:30:03 – الجمعة 25 أبريل 2025
تُسجل سوريا لحظة مفصلية في تاريخها السياسي المعاصر مع رفع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني العلم السوري الجديد أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك. هذا الحدث الرمزي الكبير يعكس تحولات عميقة تعيشها دمشق بعد سقوط النظام السابق وبداية مرحلة جديدة من الانفتاح الدولي.
زيارة الوزير الشيباني إلى الولايات المتحدة جاءت في إطار مساعٍ لإعادة تقديم سوريا للمجتمع الدولي كدولة مستقلة وفاعلة، بعد سنوات من العزلة السياسية والحصار الاقتصادي. وقد التقى الشيباني بالأمين العام للأمم المتحدة وعدد من كبار الدبلوماسيين الدوليين، مؤكدًا التزام الحكومة المؤقتة بالمواثيق الدولية والدعوة إلى التعاون المثمر مع مختلف دول العالم.
مصادر دبلوماسية أشارت إلى أن اللقاءات التي أجراها الوزير ركزت على ثلاثة محاور رئيسية: رفع العقوبات الاقتصادية، دعم جهود إعادة الإعمار، وإعادة دمج سوريا في المنظومة الإقليمية والدولية من خلال مقاربات جديدة.
وفي كلمته المقتضبة التي ألقاها أمام الصحفيين، شدد الشيباني على أن سوريا الجديدة تنطلق من قيم التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، معتبرًا أن عودة العلم السوري إلى الأمم المتحدة يمثل بداية لعهد جديد عنوانه المصالحة الوطنية والانفتاح الخارجي.
ردود الفعل الأولية جاءت مرحبة بشكل حذر، حيث أبدت بعض العواصم الأوروبية استعدادها للتعاون المشروط، بينما أظهرت أطراف أخرى تريثًا بانتظار خطوات ملموسة على الأرض.
من جانب آخر، أشار مراقبون إلى أن هذه الزيارة تُعد اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة السورية الجديدة على إقناع المجتمع الدولي بجدية تحوّلها نحو الاستقرار والإصلاح.
رؤية خاصة:
رفع العلم السوري في نيويورك لم يكن مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل إعلان مدوٍ عن نية دمشق تجاوز صفحة الحرب والصراع، والسعي إلى تثبيت موقعها كدولة مسؤولة وسط عالم متغير. ويبقى التحدي الأكبر أمام القيادة السورية الجديدة في ترجمة هذه الرمزية إلى إصلاحات واقعية تضمن استمرارية الاعتراف والدعم الدولي.
العراق يستورد 126 ألف لوح شمسي في خطوة استراتيجية لتعزيز الطاقة المتجددة
11:56:00 – الجمعة 25 أبريل 2025
تشهد العراق تحركًا نوعيًا في مجال الطاقة النظيفة، مع إعلان وزارة الكهرباء عن وصول أكثر من 126,000 لوح شمسي ضمن مشروع "شمس البصرة"، الأكبر من نوعه في البلاد. هذه المبادرة الطموحة تأتي في وقت يعاني فيه العراق من أزمة طاقة مستمرة، مما يجعل من الاستثمار في مصادر متجددة خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه.
وزارة الكهرباء أوضحت في بيان رسمي أن المشروع يتم بالتعاون مع شركة TotalEnergies الفرنسية، التي تشرف على التنفيذ الفني وفقًا للمعايير الأوروبية للطاقة المتجددة. وأشارت الوزارة إلى أن مشروع "شمس البصرة" سيُغطي مرحلة أولى تمتد لتسعة أشهر، تهدف إلى إنتاج نحو 500 ميغاواط من الطاقة الشمسية، ترفد الشبكة الوطنية وتُقلل ساعات القطع الكهربائي، خاصة في المحافظات الجنوبية.
في مؤتمر صحفي، أكد وزير الكهرباء العراقي أن هذه الخطوة تمثل بداية حقيقية للتحول إلى مزيج طاقة مستدام، مشيرًا إلى أن موقع العراق الجغرافي يمنحه فرصة استثنائية للاستفادة من الطاقة الشمسية طوال العام. وأضاف أن مشاريع مماثلة سيتم إطلاقها قريبًا في عدة محافظات أخرى.
خبراء في مجال الطاقة أكدوا أن نجاح المشروع سيُمهّد لتحولات اقتصادية هائلة في العراق، ليس فقط في مجال الطاقة، بل في فتح آفاق استثمارية جديدة للشركات العالمية، وتطوير قطاعات اقتصادية مرتبطة بالطاقة النظيفة.
مصادر في الحكومة العراقية كشفت عن خطط موازية لتعزيز البنية التحتية الكهربائية، بما في ذلك تحديث شبكات النقل والتوزيع، وإنشاء مراكز تخزين للطاقة الشمسية. كما يتم العمل على إعداد تشريعات جديدة تُشجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية في قطاع الطاقة المتجددة.
على مستوى المجتمع المحلي، سادت حالة من التفاؤل في محافظة البصرة، حيث اعتبر الأهالي أن المشروع يمثل بارقة أمل نحو تحسين أوضاع الكهرباء، والتي ظلت لسنوات طويلة تعاني من أزمات متكررة أدت إلى معاناة حياتية واقتصادية.
في المقابل، دعا مختصون إلى ضرورة أن ترافق هذه المشاريع خططًا لصيانة وإدامة البنية التحتية، بالإضافة إلى تدريب الكوادر المحلية على إدارة وصيانة مشاريع الطاقة الشمسية، لضمان استمرارية الأداء وتحقيق أهداف الاستدامة.
رؤية خاصة:
يرتسم في الأفق مسار جديد للعراق، عنوانه الطاقة النظيفة والسيادة الاقتصادية. فمشروع "شمس البصرة" ليس مجرد استيراد ألواح شمسية، بل هو خطوة واعية في اتجاه إعادة تعريف موقع العراق في معادلة الطاقة الإقليمية والدولية. وفي عالم يتجه بسرعة نحو مصادر الطاقة البديلة، يثبت العراق اليوم أنه قادر على تجاوز الأزمات، وصناعة مستقبل أكثر إشراقًا واستقلالية.
غزة تحت الحصار: استمرار العدوان الإسرائيلي وارتفاع حصيلة الضحايا
15:24:00 – 24 أبريل 2025
تستمر إسرائيل في شن هجماتها الجوية والمدفعية على قطاع غزة، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والمصابين في صفوف الفلسطينيين، وسط حالة من الاستنفار الدولي لإيقاف التصعيد. الهجمات الإسرائيلية التي بدأت مساء يوم الأربعاء 23 أبريل 2025، تمثل استمرارًا للعدوان الذي بدأ قبل أيام في سياق التصعيد المتواصل في الأراضي الفلسطينية.
وصف موسع للحدث:
شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات على مواقع عدة في قطاع غزة، بما في ذلك أنفاق للمقاومة الفلسطينية ومواقع تابعة لحركة حماس والجهاد الإسلامي. الغارات الجوية تسببت في دمار واسع النطاق في المناطق السكنية، حيث تم تدمير العديد من المنازل والأبنية السكنية في قطاع غزة.
فيما عكست الإحصائيات الأولية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء قد وصل إلى 50 شخصًا، إضافة إلى أكثر من 150 مصابًا بجروح متفاوتة. الوضع الإنساني في القطاع يتدهور بسرعة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الخدمات الصحية والمرافق الأساسية بسبب تدمير البنية التحتية.
تصريحات المسؤولين:
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قال في بيان رسمي إن الهجمات الجوية جاءت ردًا على إطلاق صواريخ من القطاع على الأراضي الإسرائيلية، مؤكداً أن هذه العمليات تستهدف "البنية التحتية الإرهابية" لحماس والجهاد الإسلامي. وأضاف أنه سيتم تكثيف الهجمات في الأيام المقبلة.
في الجهة الأخرى، دانت السلطة الفلسطينية العدوان الإسرائيلي، ووصفته بأنه "جريمة حرب جديدة" ضد الشعب الفلسطيني. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريح رسمي: "نحن نرفض أي محاولات لشرعنة هذه الهجمات، ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لإيقاف العدوان فورًا."
من الجدير بالذكر أن هذه الغارات تأتي في وقت يشهد فيه قطاع غزة حالة من الاستنفار الأمني، في ظل تصاعد العمليات العسكرية من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما أن الوضع الاقتصادي في غزة يشهد تدهورًا حادًا نتيجة الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، مما يزيد من معاناة السكان المدنيين.
رؤية خاصة:
يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة في تأجيج الوضع الإقليمي وتفجير الوضع الإنساني في القطاع. بينما تصاعدت الدعوات الدولية لوقف الهجمات، يبدو أن هذه الاضطرابات تثير تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي على فرض حلول فعالة لإنهاء هذا الصراع المتجدد. الوضع في غزة يظل مقلقًا، ما يستدعي تحركًا عاجلًا لإيقاف التصعيد وإنقاذ الأرواح.
سوريا تحت الأنظار: رفع العقوبات البريطانية خطوة جديدة نحو التغيرات السياسية في البلاد
15:24:00 – 24 أبريل 2025
في تحول لافت في السياسة البريطانية تجاه سوريا، أعلنت الحكومة البريطانية رفع تجميد الأصول المفروض على وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين. في خطوة قد تكون بداية لتغيرات كبيرة في العلاقات الغربية مع الحكومة السورية.
وصف موسع للحدث:
قررت الحكومة البريطانية، في خطوة مفاجئة، رفع العقوبات عن شخصيات ومسؤولين بارزين في الحكومة السورية، كان قد تم فرضها سابقًا على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان والصراع المستمر في البلاد. هذه الخطوة تعد جزءًا من المراجعات المستمرة التي تجريها الحكومة البريطانية تجاه سياساتها بشأن سوريا، والتي بدت أكثر مرونة في الآونة الأخيرة مع تغير موازين القوى السياسية في المنطقة.
القرار البريطاني يشمل رفع تجميد الأصول عن وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين، بالإضافة إلى أجهزة المخابرات التي كانت قد شُملت سابقًا ضمن قائمة العقوبات. ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخطوة بشكل كبير على العلاقات بين بريطانيا والحكومة السورية، حيث إنها تفتح بابًا لإمكانية إقامة علاقات دبلوماسية جديدة، وتخفف من الضغط السياسي والاقتصادي الذي كان يمارسه الغرب على النظام السوري.
تصريحات المسؤولين:
المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية قال في تصريح رسمي إن القرار يمثل "تغييرًا في التوجه السياسي نحو سوريا بعد التغيرات الملحوظة في الوضع الداخلي للبلاد". وأكد أنه جاء في إطار "استجابة للواقع السياسي الجديد"، في إشارة إلى ما وصفه بتحسن في الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وأشار المسؤول إلى أن بريطانيا ستستمر في دعم عملية الحل السياسي وفقًا للقرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة.
من جانب آخر، قال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في تصريح صحفي، إن هذه الخطوة تعكس "الواقع المتغير في سوريا"، معربًا عن أمله في أن تشكل هذه الخطوة نقطة انطلاق لاستعادة العلاقات مع الدول الأوروبية الأخرى التي لا تزال تحتفظ بعلاقات مع النظام السوري على مستوى منخفض.
تجدر الإشارة إلى أن هذا القرار يأتي بعد عدة أشهر من تخفيف العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي على بعض الشخصيات الحكومية السورية، وهو ما يعكس تحولات في السياسة الغربية تجاه سوريا. وقد أكدت العديد من الأطراف الأوروبية أن القرار البريطاني يعكس تزايد الاعتراف الدولي بالاستقرار السياسي النسبي الذي تحقق في سوريا بعد سنوات من النزاع.
رؤية خاصة:
يرى بعض المراقبين أن رفع العقوبات البريطانية عن الوزارات السورية يعكس تحولًا تدريجيًا في السياسة الغربية تجاه دمشق. قد يكون هذا مؤشرًا على رغبة بريطانيا في إعادة صياغة علاقاتها مع دمشق، استجابةً لتغيرات ميدانية وإقليمية، مع الإشارة إلى أن الدول الأوروبية بشكل عام تتجه نحو سياسة أقل تشددًا تجاه النظام السوري، وذلك نتيجة لضغوط اقتصادية ورغبة في تعزيز التعاون مع دمشق في ملفات أمنية وإعادة إعمار سوريا.
بغداد تفتح بوابة الاستقرار الإقليمي بلقاء فرنسي حاسم
07:03:55 – الخميس 24 أبريل 2025
زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بغداد تعيد تسليط الضوء على موقع العراق كمركز للوساطة الإقليمية.
اللقاء الذي جمع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بنظيره الفرنسي جان-نويل بارو، لم يكن زيارة بروتوكولية عادية، بل مثّل لحظة دبلوماسية فارقة تنسجم مع عودة العراق إلى قلب خارطة التأثير الإقليمي. تناول الاجتماع ملفات جوهرية تمس استقرار المنطقة، بدءًا من الأزمة السورية، مرورًا بالمفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، وصولًا إلى ملف الدفاع والتسلّح، ومؤتمر بغداد الإقليمي المرتقب.
بارو، القادم من باريس، حمل معه رسالة دعم أوروبية للدور العراقي كوسيط نزيه ومتوازن، مؤكدًا في تصريحاته أن العراق يُمثل حجر زاوية في أمن المنطقة، ويملك القدرة على التهدئة بين القوى المتنافسة. وفي المقابل، شدد فؤاد حسين على عمق العلاقة مع فرنسا، وأهمية الشراكة الدفاعية والتعاون الاقتصادي، معلنًا أن بلاده تدرس بجدية تفعيل عقود تسليح جديدة مع شركات فرنسية متخصصة.
وبحسب تسريبات إعلامية، فإن الطرفين ناقشا مبادرة عراقية لاستضافة قمة رباعية تجمع سوريا الجديدة، تركيا، إيران، والعراق، في محاولة لإعادة ضبط التوازن الإقليمي في ظل تغيرات ما بعد سقوط النظام السوري السابق. كما تم التطرق إلى تعقيدات الحوار الأمريكي الإيراني، حيث عبّر الطرفان عن مخاوفهما من انهيار مسار التفاوض إذا استمرت الضغوط المتبادلة دون ضمانات.
مراقبون اعتبروا أن بغداد لم تعد ساحة يتنازع فيها الفرقاء، بل منصة يتقاطع فيها الفاعلون، خصوصًا في ظل الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لتحييد الساحة العراقية عن الاستقطاب الإقليمي، وتقديم نفسها كـ “عاصمة مصالحات” في وجه الاستقطابات.
ويُذكر أن هذه الزيارة تأتي بعد أسابيع من إعادة تنشيط التحركات الدبلوماسية في المنطقة، بالتوازي مع تقارير عن تعاون استخباري بين العراق وعدة دول أوروبية، مما يُرجّح أن بغداد تُعِدّ نفسها لتكون شريكًا أمنيًا فاعلًا في هندسة الاستقرار القادم.
رؤية خاصة:
العراق يثبت من جديد أنه ليس ساحة صراع فقط، بل منصة تفاهم إقليمي. الخطاب العراقي لم يعد مجرد وساطة، بل انتقال حقيقي نحو دور سياسي مركزي في الإقليم، مدفوع برغبة في التحرر من التبعية الأمنية، والانطلاق نحو بناء استراتيجية متوازنة تحفظ مصالحه وتؤسس لدور جديد في موازين الشرق الأوسط المتغيرة.
زلزال بحر مرمرة يعيد القلق إلى سكان إسطنبول رغم غياب الخسائر الجسيمة
04:27:35 – الأربعاء 23 أبريل 2025
الهزة الأرضية التي ضربت مدينة إسطنبول فجر اليوم، بقوة 6.2 درجة على مقياس ريختر، أعادت إلى الأذهان هواجس الزلازل السابقة التي عاشتها تركيا، رغم أن الزلزال الأخير لم يسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية تُذكر، حسب ما أكدته السلطات.
المركز الجغرافي للزلزال كان في بحر مرمرة، على عمق يناهز 10 كيلومترات، جنوب غرب إسطنبول، الأمر الذي ساعد في امتصاص قسم كبير من موجاته الزلزالية، ما خفف من آثاره على المدينة، إلا أن الشعور به كان ملحوظًا في معظم أحياء إسطنبول، خاصة في الجانب الأوروبي، مما دفع العديد من السكان إلى مغادرة منازلهم فزعًا إلى الشوارع.
الإدارة العامة للكوارث والطوارئ التركية (AFAD) أصدرت بيانًا أوليًا جاء فيه: "الزلزال لم يُسجّل حتى الآن أي أضرار ملموسة، وفرق الإنقاذ والمراقبة مستمرة في تقييم الأوضاع ميدانيًا". وأضافت أن خطط الطوارئ قد تم تفعيلها وفق البروتوكولات المُعتمدة.
شهود عيان من مناطق مثل كارتال، وأفجلار، وبيليك دوزو، أكدوا أنهم شعروا بالهزة بشكل واضح، فيما عبّر بعض السكان عن قلقهم من أن تكون هذه الهزات تمهيدًا لزلزال أكبر، خاصة وأن منطقة بحر مرمرة تُعد من أكثر المناطق الزلزالية نشاطًا في تركيا.
الوالي داوود غل طمأن السكان، مؤكدًا أن “الوضع تحت السيطرة، ولم تُسجل أضرار تُذكر، لكننا نواصل المتابعة والجاهزية التامة”، فيما دعا إلى عدم نشر الشائعات والالتزام بالتوجيهات الرسمية.
الرصد الإعلامي أظهر تفاعلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تداول المواطنون تسجيلات مصورة للحظة الزلزال، وتراوحت ردود الفعل بين الدعاء بالسلامة، والمطالبة بتسريع خطة التحصين الزلزالي للمباني القديمة، خصوصًا في إسطنبول التي تعد مدينة مزدحمة وقابلة للتأثر بأي خلل بنيوي.
رؤية خاصة:
الزلزال الأخير، رغم محدودية ضرره، يعيد تسليط الضوء على معضلة البنية التحتية في إسطنبول، المدينة التي تقف فوق خط زلزالي نشط، وتضم ملايين السكان ومئات آلاف المباني التي لم تُؤهل بشكل كامل بعد. الحدث الحالي يمثل إنذارًا لا يجب تجاهله، ويضع صناع القرار أمام مسؤولية تاريخية لتجاوز "خطة الكلام" إلى "حالة التنفيذ"، إذ إن تأجيل التحصينات في مدينة بهذه الأهمية الجغرافية والديموغرافية، هو مقامرة بمستقبلها لا تقل خطورة عن الزلزال نفسه.
الصين تُعيد صياغة خريطة الغاز… والخليج يتقدّم كمنقذ
03:18:07 – 22 أبريل 2025
التوتر التجاري المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة يشكّل عاملًا رئيسيًا في إعادة تشكيل سوق الطاقة العالمية، ويمنح دول الخليج موقعًا استراتيجيًا في مواجهة الاختلالات المتزايدة التي خلفها تبادل العقوبات والتعريفات الجمركية بين العملاقين الاقتصاديين.
الرسوم الجديدة التي فرضتها الصين بنسبة 35% على واردات الغاز الطبيعي الأمريكي دفعت بكين إلى تفعيل قنوات إمداد بديلة، كانت أبرزها الاتفاقيات الطارئة مع قطر والإمارات لتأمين حاجاتها الطاقوية في ظل بيئة تجارية غير مستقرة.
التحرّكات القطرية تتركز في توسيع الطاقة الإنتاجية لمحطات التسييل في رأس لفان، بينما تُعد الإمارات من خلال شركة "أدنوك" ترتيبات لوجستية عاجلة لتوسيع العقود الآسيوية في محاولة لسد الفراغ الذي أحدثه القرار الصيني.
التقديرات الصادرة عن خبراء خليجيين تشير إلى أن الخليج بات في موقع الفاعل لا المفعول به، كما صرّح عبد الرحمن الكعبي، المختص بشؤون الطاقة، الذي وصف الموقف بأنه "لحظة حاسمة لإثبات مصداقية الخليج كمصدر موثوق ومستقر للطاقة في وقت يُعاد فيه رسم خطوط النفوذ الاقتصادي العالمي".
التقارير الصينية الصادرة عن مركز الدراسات الدولية للطاقة تؤكد أن التحوّل إلى الخليج يأتي ضمن استراتيجية تقليل الاعتماد على الإمدادات الأمريكية التي تفتقر إلى الثبات السياسي. ويُشار إلى أن دول الخليج تُوفّر إمدادات موثوقة ضمن بيئة سياسية أقل تصادمًا مع بكين.
الرد الأمريكي على القرار الصيني يتمثل في تحرّك وزارة الطاقة نحو فتح مسارات بديلة لتصدير الغاز إلى أوروبا وشرق المتوسط، بالإضافة إلى تحفيز شركات النفط الكبرى على توسيع عملياتها عبر البحر الكاريبي، تحسّبًا لفقدان السوق الآسيوي تدريجيًا.
الاجتماعات الخليجية غير المعلنة، وأبرزها اللقاء الذي استضافته الرياض الأسبوع الماضي، تُركّز على بحث إمكانيات التنسيق المشترك لمواجهة تداعيات السوق، وضمان عدم انحدار الأسعار في حال زادت معدلات الإنتاج دون تنظيم.
التخوّفات العالمية من تحوّل قطاع الطاقة إلى ساحة مواجهة بين بكين وواشنطن تزداد، خاصة في ظل التوتر الأوروبي مع روسيا، والاعتماد الهندي المتزايد على الخليج كمصدر رئيسي للغاز والنفط.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
الصراع التجاري بين الكبار لا يمر دون أن يصنع لاعبين جدد. دول الخليج لم تكتفِ بدور البديل، بل تحوّلت إلى مهندس استقرار في معادلة الغاز العالمية. الممرات الجديدة تُعيد تعريف من يمسك بزمام الإمداد، والفاعلون الهادئون – كما يبدو – هم من يرسمون خرائط التأثير في العقد القادم.
02:27:56 – 22 أبريل 2025
تشهد الأوضاع الميدانية في قطاع غزة توترًا متصاعدًا بعد فشل الجولة الأخيرة من الوساطة المصرية القطرية، وتقديم مقترح هدنة جديد من قبل إسرائيل رفضته حركة حماس بشدة، واعتبرته "وثيقة استسلام لا اتفاق تهدئة". يأتي هذا التطور في وقت تتكثف فيه العمليات العسكرية، وتتصاعد التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية وشيكة في القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عامًا.
المقترح الإسرائيلي تضمّن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار لمدة 45 يومًا، وإطلاق سراح عشرة رهائن إسرائيليين مقابل 120 أسيرًا فلسطينيًا، مع إدخال مساعدات إنسانية بشكل مشروط، مقابل نزع جزئي لسلاح حماس في بعض المناطق. واعتُبر هذا البند بالتحديد سببًا رئيسيًا في انهيار التفاوض، إذ قال الناطق باسم حماس، حازم قاسم، في تصريح لوكالة الأناضول: "المقترح لم يُبْنَ على أسس عادلة، ولا يمكن القبول بإجراءات تُكرّس الاحتلال تحت لافتة التهدئة".
من جانبها، أكدت مصادر إسرائيلية أن الرفض المتكرر من حماس "يكشف نواياها في استمرار الصراع، واستخدام المدنيين دروعًا بشرية"، بحسب ما ورد في بيان للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن في الوقت ذاته عن استهداف ما وصفها بـ"مواقع عسكرية استراتيجية" في خانيونس ورفح، فجر اليوم.
وتنقل فرق الإسعاف صورًا صادمة من شوارع غزة الجنوبية، حيث تُشير وزارة الصحة الفلسطينية إلى وقوع أكثر من 100 شهيد خلال الـ48 ساعة الماضية فقط، أغلبهم من النساء والأطفال. كما أكدت نقابة الأطباء في غزة أن "المنظومة الصحية تنهار فعليًا"، في ظل نقص حاد في الأدوية، وانقطاع مستمر للكهرباء والمياه في بعض المستشفيات.
في القاهرة، أكدت مصادر دبلوماسية لوكالة رويترز أن الوساطة ما تزال قائمة رغم فشل المقترح الأخير، مشيرة إلى "جهود خلف الكواليس لإعادة ضبط بنود التفاوض بما يحفظ ماء وجه الطرفين ويمنع انهيارًا شاملاً للوضع الأمني".
وفي السياق ذاته، أعرب مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، عن "قلقه البالغ من استمرار التصعيد"، داعيًا إلى هدنة فورية، بينما دعت فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى فتح ممرات إنسانية عاجلة.
على الصعيد الشعبي، يتواصل نزوح المدنيين من مناطق المواجهة جنوبًا، فيما تُحذر تقارير دولية من تفاقم الأزمة في ظل اقتراب فصل الصيف وانعدام البنية التحتية الأساسية.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
ليست غزة فقط ساحة عسكرية، بل صارت ساحة اختبار لكل الخطابات الدولية عن العدالة والكرامة الإنسانية. فشل المقترح الإسرائيلي الأخير يُظهر أن الحلول المجتزأة لا توازي حجم الأزمة، وأن من يضع الشروط لا يملك وحده أدوات التغيير. غزة اليوم تقف في قلب معادلة إقليمية تزداد تعقيدًا، حيث تلتقي الجغرافيا بالمقاومة، وتتصارع فيها الإرادة السياسية مع أدوات الترويض الإنساني. وكل هدنة لا ترفع الحصار، هي استراحة قصيرة في رحلة نزيف مستمر.
السعودية – التقرير الإخباري – 21 أبريل 2025
13:41:52
إطلاق المملكة العربية السعودية لمشروع الهيدروجين الأخضر بالشراكة مع الولايات المتحدة والصين يُمثّل لحظة مفصلية في إعادة تعريف الحضور الخليجي على خريطة الطاقة العالمية، ويعكس توجهًا سعوديًا مدروسًا لتحييد الاستقطاب الجيوسياسي عبر الاستثمار في ملف قادر على جمع الأضداد حول المصالح.
المشروع الذي تم الإعلان عنه من قلب مدينة "نيوم"، يشكل أكبر مبادرة سعودية لإنتاج الطاقة النظيفة، بطاقة تصميمية تفوق 1.8 مليون طن سنويًا، ويقوم على دمج التكنولوجيا الأمريكية في الابتكار مع القدرات التصنيعية الصينية، ما يُكسبه بعدًا دوليًا غير مسبوق.
وأكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في كلمته خلال حفل التدشين أن المملكة "لا تنحاز إلا لمستقبلها"، مشيرًا إلى أن المشروع يعكس فلسفة الاستقلال الاستراتيجي التي تنتهجها الرياض، والتي تقوم على الشراكة لا المحور، وعلى النفوذ لا التبعية.
ويأتي المشروع في وقت تعصف فيه بالأسواق العالمية توترات متصاعدة، بين واشنطن وبكين من جهة، وبين الغرب وروسيا من جهة أخرى، مما يجعل السعودية قادرة على طرح نفسها كـ"وسيط طاقوي" يجمع الجميع حول المصلحة البيئية والاقتصادية.
وأشارت صحيفة "فايننشال تايمز" في تحليلها إلى أن الرياض باتت تُتقن لغة المصالح بعيدًا عن الاصطفافات، وأن المشروع الجديد ليس فقط بيئيًا أو اقتصاديًا، بل هو "خطة جيوسياسية على هيئة خزان وقود مستدام".
وفي تصريح خاص لقناة "التحليل الإخباري – رؤية خاصة"، قال خبير استراتيجي في شؤون الخليج: "ما تفعله السعودية اليوم هو بناء تحالفات مصلحية داخل ملف محايد عالميًا، وهذا ذكاء سياسي لا يُستهان به."
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
حين تلتقي أمريكا والصين في مشروع سعودي، لا يكون الأمر صفقة تجارية فقط، بل خارطة توازنات جديدة تُرسم فوق الرمال المتحركة للخليج… ومفتاحها: الطاقة النظيفة بوجه استراتيجي.
سوريا – التقرير الإخباري – 21 أبريل 2025
13:26:58
تشهد العلاقات بين الحكومة السورية المؤقتة وطهران تصعيدًا غير مسبوق، بعد قرار دمشق تجميد التعاون الاقتصادي مع إيران، في أعقاب تقارير تحدثت عن تهريب الذهب والسيولة النقدية إلى طهران خلال الأيام الأخيرة من سقوط النظام السابق. ويمثل هذا التحول إعلانًا ضمنيًا بانتهاء الوصاية الإيرانية على القرار السوري، وفتحًا لمسار اقتصادي–سياسي جديد يُعيد بناء شرعية دمشق وفق معايير وطنية لا طائفية.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن المكتب الإعلامي للحكومة المؤقتة، فإن التجميد شمل كافة التفاهمات التجارية والمصرفية مع إيران، وأُوقف العمل بعدد من الاتفاقيات الموقعة في عهد النظام المخلوع. واعتبر البيان أن "سوريا الجديدة لا يمكن أن ترث الفساد، ولا أن تُدار من الخارج".
وأكدت مصادر مطلعة أن التحقيقات الجارية كشفت عمليات تهريب منسقة تمت باستخدام مركبات تحمل تصاريح مزوّرة، مما أثار مخاوف من بقاء خلايا موالية لإيران داخل البنية الأمنية والمالية، رغم سقوط النظام.
وفي تصريحات خاصة لـ"التحليل الإخباري"، قال أحد مستشاري الحكومة إن القرار "ليس مجرد رد فعل على حادثة، بل هو إعلان عن استقلال القرار الوطني"، مضيفًا أن دمشق تقترب من إعادة رسم تحالفاتها بطريقة تتفق مع موقعها الجيوسياسي الجديد، بعد الدعم التركي والخليجي الذي تلقته حكومة أحمد الشرع.
من جهة أخرى، نقلت وسائل إعلام عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن "القرار السوري المفاجئ وضع إيران في الزاوية"، وأربك حسابات طهران في الاحتفاظ بأية أوراق سياسية داخل الملف السوري، خاصة مع الانسحاب العسكري الروسي والتقارب السوري–التركي.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
غزة تحت النار مجددًا... بين تعنت المواقف وانسداد الأفق السياسي
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
19 أبريل 2025 – 14:10
التصعيد العسكري الإسرائيلي على غزة يعود مجددًا بعد فشل محاولات التهدئة التي طرحتها الوساطات الإقليمية، في ظل رفض حركة حماس لما وصفته بـ'العرض المشروط والمجتزأ' الذي قدمته إسرائيل، والذي لم يتضمن انسحابًا كاملاً أو وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وقد أعقب ذلك هجمات جوية عنيفة أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا ودمار واسع في البنية التحتية للقطاع المحاصر
الوساطة التي تقودها مصر وقطر بدعم أمريكي وأوروبي كانت قد طرحت مقترحًا يهدف إلى تهدئة مؤقتة تمتد لأسابيع، تتضمن إطلاق سراح عدد من الأسرى مقابل إدخال مساعدات إنسانية محدودة. لكن حماس اعتبرت العرض "غير واقعي"، خاصة مع استمرار الحصار وتواجد القوات الإسرائيلية في مناطق عدة من القطاع، مشيرة إلى أن أي مبادرة لا تشمل وقفًا شاملًا للحرب وإعادة إعمار غزة تعتبر "مضيعة للوقت".
في المقابل، ردت إسرائيل بغارات جوية وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها استهدفت "مراكز قيادة ومخازن أسلحة ومواقع لوجستية تابعة لحماس والجهاد الإسلامي". وأظهرت مشاهد من الميدان تصاعد أعمدة الدخان من أحياء الشجاعية وخان يونس ورفح، في وقت تشير فيه وزارة الصحة بغزة إلى ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 30 مدنيًا، بينهم أطفال ونساء. فرق الإسعاف تواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى بعض المواقع بسبب الطرق المدمرة.
على الصعيد السياسي، يلاحظ المراقبون انسدادًا متزايدًا في أفق المفاوضات، خاصة بعد تصريحات متشددة من الجانبين. الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة اليمين المتطرف تصر على "الحسم العسكري"، بينما تؤكد حماس أن المقاومة مستمرة حتى رفع الحصار بالكامل وعودة الحياة إلى القطاع. في الوقت ذاته، تحذر الأمم المتحدة من تفاقم الوضع الإنساني، حيث بات أكثر من 80% من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر، وازدادت حالات سوء التغذية ونقص الأدوية بشكل حاد.
رؤية خاصة :
يبدو أن التصعيد الحالي في غزة ليس مجرد رد فعل عسكري، بل جزء من معركة تفاوضية مفتوحة. في ظل غياب حلول سياسية حقيقية، تتحول التهدئة إلى محطة مؤقتة ضمن صراع طويل يُدار بأدوات النار لا بالسياسة.
تقليص أمريكي مفاجئ لقواتها في سوريا وسط توتر إقليمي
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
19 أبريل 2025 – 15:30
في تطور يعكس إعادة تقييم استراتيجية للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، مساء الجمعة، عن البدء بتنفيذ خطة لخفض عدد قواتها المنتشرة في سوريا إلى أقل من 1000 جندي خلال الأشهر القليلة المقبلة. هذه الخطوة تأتي وسط تصاعد التوترات في الإقليم، وتزايد الاستهدافات التي تتعرض لها القواعد الأمريكية من قبل ميليشيات مدعومة من إيران، ما أثار تساؤلات حول تداعيات هذا القرار على المشهد الأمني والسياسي داخل سوريا وخارجها.
المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أوضح أن التقليص يأتي ضمن سياسة إعادة تموضع متوازنة، تهدف إلى تعزيز فعالية القوات عبر تركيز انتشارها في مواقع استراتيجية، بدلًا من الانتشار الواسع في مناطق ميدانية أقل أولوية. وأشار إلى أن ثلاث قواعد عمليات صغيرة سيتم إغلاقها، معظمها تقع في شمال شرق البلاد، حيث تتعاون الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية في محاربة تنظيم داعش. وقد طمأن بارنيل بأن بلاده لن تتخلى عن التزاماتها تجاه الأمن الإقليمي، وأن وجودًا أمريكيًا "ذكيًا ومرنًا" سيبقى قائمًا.
الوجود الأمريكي في سوريا، الذي بدأ بشكل مباشر عام 2015 خلال ذروة الحرب على داعش، شكّل عنصرًا فاعلًا في التوازنات المحلية والدولية، حيث عملت القوات الأمريكية على دعم الشركاء المحليين، وفرض خطوط ردع أمام القوى الإقليمية، لا سيما إيران وتركيا. ومع ذلك، شهد هذا الوجود انتقادات داخلية في الولايات المتحدة، خاصة مع تغير أولويات الإدارة الأمريكية، التي باتت تركز على ملفات أخرى مثل مواجهة التوسع الروسي في أوكرانيا والصعود الصيني في آسيا.
على الأرض، تزامن إعلان البنتاغون مع استمرار تعرض قواعد أمريكية في دير الزور والحسكة لهجمات متكررة باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ قصيرة المدى. تلك الهجمات، التي تنسب إلى جماعات موالية لإيران، أسهمت في تعميق مخاوف واشنطن بشأن أمن جنودها في الميدان، وأثارت مخاوف من انزلاق الوضع إلى تصعيد أكبر. وفي ضوء هذه التحديات، يبدو أن التقليص الحالي يحمل أبعادًا أمنية أكثر من كونه قرارًا سياسيًا صرفًا.
رؤية خاصة:
القرار الأمريكي بتقليص وجوده العسكري في سوريا يعكس تحوّلًا مدروسًا نحو إعادة ترتيب الأولويات الجيوسياسية، لكنه في ذات الوقت يفتح الباب أمام سباق نفوذ إقليمي جديد في الشمال الشرقي.
الدينار العراقي في دوامة الهبوط... اقتصاد مأزوم وثقة شعبية متآكلة
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
19 أبريل 2025 – 13:45
في خضم أزمات اقتصادية وسياسية متداخلة، يتجه الدينار العراقي إلى مستويات غير مسبوقة من التراجع أمام الدولار الأمريكي، ما تسبب بحالة من الهلع في الأسواق العراقية، وسط شكاوى متصاعدة من المواطنين بشأن الغلاء المعيشي وفقدان الثقة بالسياسات النقدية للدولة. فقد بلغ سعر صرف الدولار في السوق غير الرسمية 1480 دينارًا لكل دولار، ما يعكس اضطرابًا متزايدًا في الاقتصاد العراقي.
تعود أسباب التدهور بحسب خبراء اقتصاديين إلى عدة عوامل، أبرزها غياب سياسة نقدية فعالة وتباطؤ في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الموعودة منذ سنوات. كما ساهمت المضاربات في السوق السوداء وارتفاع الطلب على الدولار بسبب عمليات التهريب إلى دول الجوار في زيادة الفجوة بين السعر الرسمي والموازي. البنك المركزي العراقي أعلن عن خطة لضخ كميات من الدولار في الأسواق، إلا أن تأثيرها بقي محدودًا، في ظل انعدام الثقة العامة.
الواقع المعيشي ازداد سوءًا، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة تتجاوز 20% خلال أسابيع قليلة فقط. المواطن العراقي العادي بات يشعر بأن راتبه لم يعد يكفي لنصف متطلبات الأسرة، في وقت تشير فيه بيانات حكومية إلى تضخم متسارع في أسعار الأغذية والأدوية والمستلزمات اليومية. هذا التراجع الاقتصادي يرافقه أيضًا اضطراب سياسي في بغداد، إذ تتصاعد الخلافات بين الكتل الحاكمة حول الميزانية والإصلاحات، ما يعرقل أي استجابة سريعة للأزمة.
من جهة أخرى، يرى محللون أن الأزمة الحالية تكشف هشاشة البنية الاقتصادية للعراق، المعتمد بشكل شبه كلي على عائدات النفط. ومع تراجع أسعار الخام عالميًا، وتأخر بغداد في تنويع مصادر الدخل، يبدو مستقبل الدينار العراقي معلقًا على تطورات سياسية واقتصادية معقدة. وبغياب سياسات استباقية أو إصلاح حقيقي، فإن المخاوف من تضخم مالي شامل لم تعد مجرد توقعات، بل احتمالات وشيكة.
رؤية خاصة :
انهيار الدينار العراقي يعكس عمق الأزمة البنيوية في الاقتصاد الوطني، ويشير إلى فشل مستمر في بناء منظومة مالية مستقلة عن تقلبات السوق والنزاعات السياسية الداخلية.
مفاوضات نووية حرجة بين واشنطن وطهران
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
12:36:29 – 18 أبريل 2025
مرحلة حرجة تدخلها مفاوضات الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي، وسط حالة من التوتر الجيوسياسي غير المسبوق في الشرق الأوسط. فقد انطلقت صباح اليوم الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة في العاصمة الإيطالية روما، بعد جولة تمهيدية أولى في سلطنة عمان الأسبوع الماضي. اللقاءات تتم عبر وسطاء أوروبيين، وبمشاركة ممثلين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الملف النووي الإيراني عاد بقوة إلى الواجهة بعد إعلان الوكالة أن طهران باتت تملك موادًا كافية لصنع أكثر من ثلاث قنابل نووية، إذا ما قررت السير في هذا الاتجاه. وتقول مصادر دبلوماسية غربية إن المفاوضات الحالية "ليست لإحياء الاتفاق النووي السابق بقدر ما هي محاولة لاحتواء الموقف قبل الانفجار".
من جانبه، وصف مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الجولة الجديدة بـ"حاسمة جدًا"، مشيرًا إلى أن الوقت ينفد، وأن "كل يوم تأخير يجعل من الحل السلمي أكثر صعوبة". بينما أكد كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، أن طهران لن تقدم أي تنازلات دون رفع كامل للعقوبات، خصوصًا تلك المرتبطة بالنظام المالي والبنكي.
في واشنطن، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة الرئيس ترامب الثانية تسعى إلى "وقف التصعيد دون منح طهران فرصة لمواصلة التخصيب بحرية". كما أشارت إلى أن البيت الأبيض لا يستبعد فرض عقوبات إضافية، أو حتى تنفيذ عمليات سرية، في حال فشل المسار الدبلوماسي.
التعقيد لا يقف عند المواقف المتعارضة بين الطرفين، بل يتجاوزه إلى سياق إقليمي مشتعل، حيث تتهم إيران إسرائيل بالوقوف وراء سلسلة هجمات تخريبية استهدفت منشآتها النووية والعسكرية، فيما تتهم تل أبيب طهران بتحويل سوريا والعراق واليمن إلى قواعد لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة.
وفي الخلفية، تتابع كل من روسيا والصين المفاوضات بحذر، مع محاولة لتوسيع دورهما في الملف، وسط قلق أوروبي من أن يؤدي التصعيد إلى سباق تسلح إقليمي. ويقول مراقبون إن الصمت الروسي مؤخرًا يعكس تراجعًا في دعم موسكو لطهران بعد انشغالها بالحرب في أوكرانيا وتقلص هوامش مناورتها العالمية.
رؤية خاصة: ليست المفاوضات النووية الجارية اليوم سوى محاولة لإدارة أزمة، لا لحلها. فإيران تعرف حدودها جيدًا، وأمريكا تدرك كيف تلوح دون أن تطلق الرصاص. وبين الجانبين تقف أوروبا كوسيط بلا أسنان، وروسيا كصديق بدأ يُثقل على طهران أكثر مما يدعمها. المشهد برمّته يشبه رقصة نووية فوق جمرٍ إقليمي مشتعل… حيث الدبلوماسية تُستخدم فقط لشراء الوقت، لا لصناعة الحلول.
ضربة أمريكية على ميناء رأس عيسى
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
12:11:08 – 18 أبريل 2025
ضربة جوية أمريكية جديدة على ميناء رأس عيسى اليمني تُشعل فتيل المواجهة في البحر الأحمر، وتعيد ملف الحوثيين إلى صدارة المشهد الإقليمي. فجر اليوم، شنت طائرات مقاتلة أمريكية سلسلة من الغارات الدقيقة على البنية التحتية للميناء النفطي، ما أسفر عن مقتل 38 شخصًا وإصابة العشرات، وفق مصادر إعلامية تابعة للحوثيين، بينما لم تُصدر وزارة الدفاع الأمريكية بعد بيانًا رسميًا بتفاصيل العملية.
الضربة جاءت بعد تصاعد هجمات الحوثيين على السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر خلال الأيام الأخيرة، وهو ما وصفته واشنطن بأنه تهديد مباشر للأمن الملاحي العالمي. وبحسب مسؤول عسكري أمريكي تحدث لشبكة "فوكس نيوز"، فإن الهدف من العملية "تحييد منصات إطلاق الصواريخ البحرية والطائرات المسيّرة التي استخدمها الحوثيون لاستهداف الملاحة الدولية".
شهود عيان من مدينة الحديدة أكدوا أن الانفجارات هزت محيط الميناء وتسببت بحرائق واسعة امتدت إلى منشآت لتخزين الوقود. وقال أحد سكان المنطقة: "كنا نيامًا حين دوّت أصوات الانفجارات، النيران التهمت كل شيء". من جانبهم، توعد الحوثيون برد "موجع ومباشر" على الهجوم، وهددوا باستهداف قواعد أمريكية في المنطقة، مؤكدين أن ما جرى "لن يمر دون حساب".
في السياق ذاته، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الهجوم الأميركي "يأتي في إطار التصعيد المنهجي ضد محور المقاومة"، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف ضد ما أسمته بـ"العدوان الممنهج". بينما سارعت كل من السعودية والإمارات إلى إدانة الهجمات الحوثية الأخيرة، داعيتين إلى ضرورة الحفاظ على أمن الممرات المائية.
التحركات الأمريكية جاءت بعد أيام من انعقاد قمة أمنية مصغرة في قاعدة العديد بقطر، جمعت مسؤولين عسكريين من الولايات المتحدة ودول الخليج. مصادر مطلعة تحدثت عن وجود ترتيبات لإنشاء آلية مشتركة لرصد التهديدات في البحر الأحمر وباب المندب، وتحديث قواعد الاشتباك الإقليمية.
التصعيد في البحر الأحمر يُهدد بانهيار مساعي التهدئة في الملف اليمني، خصوصًا بعد عام من المفاوضات المتعثرة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا. وتخشى الأمم المتحدة من أن تؤدي هذه الضربة إلى تجدد المعارك على أكثر من جبهة، وإلى أزمة إنسانية مضاعفة، إذ يعتمد اليمن بنسبة كبيرة على واردات النفط والغذاء التي تمر عبر هذا الميناء.
رؤية خاصة: لم تعد الضربات الجوية الأمريكية في اليمن مجرد ردود تكتيكية على الهجمات الحوثية، بل أصبحت جزءًا من معادلة إستراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة ترسيم حدود النفوذ في البحر الأحمر. فالولايات المتحدة لا تضرب فقط لإسكات صواريخ الحوثيين، بل لتأكيد أن الأمن البحري في المنطقة لا يُدار إلا من واشنطن… وأن كل محاولة لمقايضة غزة بالمضيق، ستُقابل بقصف ينسف المعادلة من أساسها.
غزة تحت القصف مجددًا
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
11:47:33 – 18 أبريل 2025
قصف جديد هو الأعنف خلال هذا الأسبوع يُعيد غزة إلى واجهة الدم والمأساة، إذ استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية منذ ساعات الفجر مناطق سكنية ومخيمات للنازحين في خان يونس ورفح وجباليا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 40 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
الهجمات تركزت على محيط مخيمات النازحين وأحياء مكتظة بالسكان، ما أدى إلى تدمير عشرات المنازل فوق رؤوس ساكنيها. شهود عيان أفادوا بأن القصف جاء بشكل متتالٍ وسريع، مستهدفًا تجمعات مدنية دون سابق إنذار. وقال أحمد عياد، أحد سكان خان يونس: "لم يكن هناك تحذير، انفجرت السماء فوق رؤوسنا، وخرجنا من بين الأنقاض بأيدينا فقط".
مستشفيات القطاع أطلقت نداءات استغاثة عاجلة، مؤكدة أنها لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى، في ظل نقص كبير في المعدات الطبية والأدوية، بفعل الحصار المستمر. مدير مستشفى الشفاء بغزة، الدكتور سامي الكحلوت، أشار إلى أن 60% من الجرحى هم من الأطفال والنساء، مضيفًا: "نواجه كارثة صحية حقيقية، وهناك جثث لا تزال تحت الأنقاض".
على الجانب السياسي، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن العملية تأتي ردًا على استمرار إطلاق القذائف من غزة باتجاه المستوطنات، في حين اعتبرت حركة حماس أن ما يجري هو مجزرة تهدف إلى الضغط على المقاومة للقبول بتهدئة مشروطة. وقال المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، في بيان: "لن نساوم على دماء شعبنا، والرد قادم في وقته".
وسط ذلك، تتواصل جهود وسطاء دوليين، أبرزهم مصر وقطر، لمحاولة تثبيت تهدئة جديدة، إلا أن الأجواء مشحونة، والمواقف لا تزال متباعدة. وأشار مصدر دبلوماسي عربي إلى أن "الجانب الإسرائيلي يشترط وقفًا كاملاً لإطلاق النار دون أي التزام برفع الحصار، وهو ما ترفضه الفصائل الفلسطينية".
الشارع الفلسطيني يعيش حالة من الغضب والحداد، إذ خرج الآلاف في مسيرات وسط غزة والضفة الغربية للتنديد بما وصفوه بـ"صمت العالم عن المجازر". ورفعت شعارات تطالب بتحرك عربي وإسلامي عاجل، فيما لا تزال الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية وشيكة في القطاع.
رؤية خاصة: ما يجري في غزة لم يعد مجرد تصعيد ميداني، بل هو اختبار شامل لميزان الردع، وفلسفة الحرب الإسرائيلية في الضغط من الأعلى على شعبٍ أعزل. في المقابل، ترفض المقاومة الفلسطينية إدخال القضية في معادلة تفاوض مهينة. المشهد بات أكبر من تبادل نيران، إنه صراع إرادات تحت سقف متشظٍ من الشرعية الدولية، حيث القوة باتت هي اللغة الوحيدة المسموح بها على طاولة بلا صوتٍ للإنسان.
الدوحة تُعيد هندسة الشرق: لقاء قطري-عراقي-سوري يكسر الجمود ويُعيد ترتيب المحاور
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
01:19:44 – أبريل 2025
اللقاء الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأربعاء، بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، برعاية مباشرة من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يُمثّل لحظة تحول هادئة لكنها عميقة في هندسة العلاقات الإقليمية بين ثلاث دول كانت كل واحدة منها تدور في فلك سياسي متباعد ومتناقض لسنوات.
المبادرة القطرية، التي نُظّمت دون ضجيج دبلوماسي مسبق، جاءت في توقيت حساس يتقاطع فيه الشأن العراقي بضرورات فك الارتهان لمحور طهران، ويتقاطع فيه الشأن السوري مع طموحات استعادة الشرعية أمام المجتمع الدولي، ويتقاطع فيه الدور القطري مع حاجة عربية ملحة إلى لاعب حيادي يعيد تشغيل محركات التوافق الإقليمي.
من جهة العراق، برز اللقاء كأداة ذكية لإعادة التموضع الإقليمي، حيث أظهر السوداني رغبة واضحة في تجاوز المظلّة الإيرانية المغلقة، والبحث عن مخرج عربي يحفظ للعراق توازنه السيادي، دون أن يسقط في فخ الاستقطاب الثنائي بين واشنطن وطهران. ويرى مراقبون أن هذا الانفتاح يُعد تطورًا جديدًا في مسار بغداد، التي أدركت أن بقاءها في محور واحد سيُضعف موقعها في أية طاولة إقليمية مقبلة.
أما الجانب السوري، فقد تعامل مع اللقاء كنافذة تاريخية لإعادة ترتيب صورته السياسية بعد عقد من العزلة والعنف، خاصة في ظل الإشارات المتزايدة من الخليج ومصر لإعادة تقييم الوضع السوري. ويُدرك الشرع أن العراق هو بوابة شرعية محتملة، تُمهّد لعلاقات أوسع مع الفضاء العربي، وتُعيد لدمشق حضورها المفقود في الجامعة العربية، وعلى طاولات التمويل الدولي المرتبط بإعادة الإعمار.
من جهته، بدا الموقف القطري متماسكًا وهادئًا. لم تتحدث الدوحة عن وساطة، ولم تفرض لغة مبادرة، بل اكتفت بتوفير الأرضية التي تجعل اللقاء ممكنًا، وكأنها تقول للعالم: إن السياسة تُصنع في المساحات الرمادية، لا في التصريحات النارية.
اللقاء، بحسب مصادر خاصة، تناول ملفات الأمن الحدودي، وضرورة تعزيز التنسيق الاستخباراتي بين بغداد ودمشق، وفتح المعابر، وتمهيد الطريق لاتفاقيات اقتصادية عابرة للمجال الإيراني، وربما عابرة للزمن البعثي بكل فصوله.
رؤية خاصة:
ليس اللقاء لحظة مجاملة سياسية، بل فصل افتتاحي لمرحلة ما بعد التخندق.
فحين تخرج دمشق من عزلتها عبر بوابة بغداد، وتخرج بغداد من الارتهان عبر مخرج الدوحة،
وحين تُدير قطر اللقاء بلا فرض ولا تفويض…
نعلم أن الشرق يُعاد ترسيمه من جديد… لا بخطوط النار، بل بخطوط المصالح.
تقرير إخباري | العقيدة النووية الروسية تدخل سوق المصالح الاقتصادية
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
21:05:40 – 17 أبريل 2025
المراجعة التي أعلن عنها مجلس الأمن القومي الروسي للعقيدة النووية تُشكّل لحظة استراتيجية فارقة في سياق التحولات العميقة التي تشهدها مكانة موسكو عالميًا، لا من حيث قدرتها العسكرية فحسب، بل من حيث محاولاتها الحثيثة لإنقاذ ما تبقى من نفوذها الاقتصادي.
فبعدما كانت الردود النووية مشروطة فقط بتهديد الكيان السياسي أو العسكري للدولة، تتجه روسيا اليوم إلى تضمين “المصالح الاقتصادية العليا” ضمن الحالات التي تبرّر استخدام الردع النووي، وهو ما يفتح الباب أمام تحوّل خطير في مفهوم الردع ذاته.
المشاريع التي يُفترض أن تدخل تحت هذا "الغطاء النووي" تشمل محطات الطاقة النووية التي تُديرها روسيا خارج أراضيها – كما في مصر وتركيا والهند – إلى جانب خطوط الغاز الحيوية، وسلاسل الإمداد المرتبطة بصادراتها من المواد الخام عالية الحساسية.
ويقرأ كثير من المحللين هذا التوجه بوصفه انعكاسًا لواقع سياسي مأزوم، حيث تفقد روسيا تدريجيًا قدرتها على تثبيت وجودها بالنفوذ السياسي أو العسكري، فتحاول تغطيته بـ"ظل نووي" يوحي بالقوة، لكنه في حقيقته دفاع متأخر عن مكاسب اقتصادية آخذة في التآكل.
البيان الرسمي الصادر عن الكرملين لم يتحدث بلغة صريحة عن التهديد، بل استخدم عبارات مثل "تعزيز الحماية الاستراتيجية لمصالح روسيا الحيوية"، لكن السياق واضح: أي استهداف لهذه المشاريع – سواء بالعقوبات أو بالمقاطعة أو بالتخريب – سيُقابل بما يشبه حالة الإنذار النووي الرمزي.
المفارقة أن هذا التصعيد يحدث في وقت تواجه فيه روسيا تراجعًا حادًا في مناطق نفوذها، بدءًا من شرق أوكرانيا، مرورًا بسوريا، وانتهاءً بآسيا الوسطى، ما يجعل من توسيع العقيدة النووية محاولة لبسط هيبة غير مكتملة عبر أدوات ردع لا يمكن تفعيلها فعليًا.
وتطرح هذه الخطوة تحديات قانونية وأخلاقية جديدة على النظام الدولي، إذ يدخل فيها العامل الاقتصادي كمكوّن مبرر لاستخدام الردع الشامل، في سابقة لم تُعرف حتى خلال ذروة الحرب الباردة. كما أن ربط السلاح النووي بالمشاريع العابرة للحدود قد يُحوّل استهداف محطة كهرباء إلى أزمة وجودية.
وبينما تستعد أوروبا والولايات المتحدة للتعامل مع هذه العقيدة الجديدة بحذر، تبقى روسيا معلّقة بين واقع اقتصادي يضغط، وترسانة نووية تُستخدم كورقة نفسية أكثر منها ورقة عمليات.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
موسكو لا تُطلق قنابلها… لكنها تُهدد بها عقود الشراكة.
الردع هنا لا يحمي الأرض… بل يحاول حماية الأرباح.
وفي هذا التحوّل، تظهر روسيا كقوة تملك السلاح، لكنها تخشى استخدامه… فتستخدم اسمه فقط.
تقرير إخباري | الولايات المتحدة – وحدة الحرب المعرفية داخل البنتاغون
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
15:41:50 – 17 أبريل 2025
تأسيس وحدة “المعرفة الدفاعية المتقدمة” داخل وزارة الدفاع الأمريكية يُشكّل تحوّلًا نوعيًا في مفهوم الردع الاستراتيجي الحديث، حيث باتت واشنطن تنظر إلى المعلومة بوصفها "سلاحًا صامتًا" له قدرة ميدانية تعادل قدرات الأسلحة الفعلية في التأثير والسيطرة، بل وربما تتفوق عليه في بعض ميادين النفوذ غير التقليدي.
الوحدة الجديدة، التي أُعلن عن تأسيسها رسميًا هذا الأسبوع، تخضع لإشراف مشترك من مكتب الابتكار الدفاعي والقيادة السيبرانية، وتعمل بالشراكة مع شركات تكنولوجيا كبرى على رأسها OpenAI، Microsoft Defense، Palantir، وفرق من وكالة DARPA المتخصصة في الأبحاث الدفاعية عالية الحساسية.
وتنطلق فلسفة هذه الوحدة من اعتبار أن المعركة القادمة لن تُدار بالمدافع، بل بالتصوّرات؛
فالخصم الذي يُدرك العالم كما ترسمه له واشنطن… هو خصم لم يعد بحاجة للهزيمة التقليدية.
وتركّز عمليات الوحدة الجديدة على بناء أنظمة معرفية قادرة على توقع أنماط التفكير الجماعي، وإنتاج روايات مهيمنة تُسيطر على شبكات التواصل وتوجيه النقاش العام، سواء داخل الدول الخصمة أو حتى في البيئة الداخلية الأمريكية، وذلك عبر ما يُعرف بعمليات "التأثير البنيوي طويل المدى".
وتأتي هذه الخطوة ضمن سياق متصاعد من المواجهات المعلوماتية العالمية، حيث يُعتبر التضليل الرقمي والاستهداف السيبراني للوعي الجمعي من أبرز الأدوات التي استخدمتها الصين وروسيا وإيران في السنوات الأخيرة، وفقًا لما ورد في تقرير استخباراتي أمريكي صدر عن مجلس الأمن القومي نهاية 2024.
الخطير في هذا التوجه هو إدماج علماء النفس الاجتماعي وخبراء السلوك في عمل عسكري–تكنولوجي، ما يعني أننا دخلنا فعليًا في مرحلة يُعاد فيها تعريف الحدود بين الأمن القومي والوعي العام، ويُصبح "سلوك المواطن" جزءًا من معادلة الردع.
كما أن تطوير أدوات المحاكاة الفكرية في هذه الوحدة لا يقتصر على الخارج، بل يشمل البيئة الأمريكية نفسها، ضمن ما بات يُعرف بـ"حماية الداخل من الانقسام الموجَّه"، في ظل مخاوف من تكرار سيناريوهات الشغب السياسي، أو التصعيد العنصري المدفوع رقميًا.
ويرى مراقبون أن هذه الوحدة هي النموذج الأوضح لتحول الولايات المتحدة من قوة تقليدية إلى "قوة عقلية"، تُحارب قبل أن تقع الحرب، وتُعدّل نتائجها حتى إن وقعت.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
المعركة لم تعد في الميدان… بل في المخيّلة.
وواشنطن لا تُسيطر على العواصم بالجيوش فقط، بل تُسيطر على العقول برواية موحّدة تُوزّعها عالميًا.
الردع هنا لا يُطلق نارًا… بل يُطلق فكرة.
تقرير إخباري | السعودية – الهلال الأخضر يوحّد المتصارعين تحت مظلة الطاقة
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
15:24:10 – 17 أبريل 2025
مشروع “الهلال الأخضر” السعودي يُعدّ تتويجًا لرؤية طاقوية ذكية تنقل المملكة من خانة المُصدِّر التقليدي إلى خانة مهندس التحالفات العابرة للقطبية، في لحظة عالمية بات فيها من النادر أن تجتمع الولايات المتحدة والصين على مائدة واحدة، فما بالك في مشروع بنية تحتية عملاق داخل منطقة شديدة الحساسية.
الإعلان الذي صدر من نيوم، لم يكن مجرّد كشف عن مشروع طاقة متجددة، بل كان بمنزلة بيان استراتيجي مكتوب بلغة الاقتصاد، ومُوقّع بجغرافيا الطاقة.
فالمملكة اختارت أن تُحوّل المساحة الواقعة شمال غربها إلى مختبر جيوسياسي مفتوح، تُنتج فيه الطاقة، وتُختبر فيه معادلات الاصطفاف، وتُرسم فيه ملامح العلاقة مع عالم يتغير.
المشروع، الذي يُنتظر أن يولد طاقة تفوق 14 غيغاواط، يرتكز على شراكة ثلاثية بين "نيوم"، و"تسلا إنرجي" الأمريكية، و"ساينو ويند" الصينية، ويمتد على مساحة هلالية من الصحارى المفتوحة باتجاه البحر الأحمر، مرورًا بمحطات تحويل استراتيجية، ومحاور تصدير تمتد عبر الأردن ومصر.
وبقدر ما يحمل المشروع من بعد اقتصادي وتقني، إلا أن الرسالة السياسية فيه أشد وضوحًا: الرياض قادرة على كسر الجمود الجيوسياسي العالمي، وتقديم نفسها كوسيط طاقوي لا يتحيّز، بل يُعيد تعريف الحياد بوصفه فعلاً استراتيجيًا وليس موقفًا سلبيًا.
هذا النمط من المشاريع لا يُغيّر فقط معادلة الطاقة، بل يُعيد بناء المنصة التي تقف عليها المملكة.
فهي لا تقف اليوم كمورّد نفطي يبحث عن زبائن، بل كمُنظّم لطاقة المستقبل… ومُحاور للكبار من موقع العارف بقيمة الجغرافيا والبصمة التكنولوجية.
ويُتوقع أن يمتد أثر المشروع إلى إعادة تشكيل خارطة الاستثمارات في منطقة تبوك، لا سيما مع تفعيل مشاريع الهيدروجين الأخضر، وتحلية المياه بالطاقة الشمسية، وتكنولوجيا تخزين الطاقة المتقدمة.
وكل ذلك يُقدّم نموذجًا سعوديًا جديدًا في التفكير الإقليمي: تثبيت السيادة عبر البنية لا الجيوش.
كما يُتوقع أن يُحوّل "الهلال الأخضر" إلى منصة جذب للدبلوماسية التقنية، إذ بات من المرجّح أن تزور المنطقة وفود اقتصادية رفيعة من اليابان، الاتحاد الأوروبي، وكوريا الجنوبية لمناقشة الشراكات المتقدمة.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
السعودية لا تُوقّع فقط على اتفاقات… بل تُعيد كتابة دفتر التوازنات.
وحين تلتقي واشنطن وبكين في صحراء نيوم، تكون الرياض قد أنشأت جبهة ثالثة:
جبهة الطاقة… حيث تتصالح المصالح قبل أن تتصادم السياسات.
تقرير إخباري | الدرون التركي يُحلّق فوق أوروبا من مصنع أوكراني
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
15:07:42 – 17 أبريل 2025
اتفاق التصنيع الدفاعي بين تركيا وأوكرانيا يُمثّل نقلة نوعية في خارطة النفوذ التركي خارج حدود الناتو، ويعكس انتقال أنقرة إلى مرحلة جديدة من بناء أدوات الردع عبر "الصناعة الموجَّهة"، لا التحرك العسكري المباشر. الاتفاق الذي وُقع في كييف، يتضمن إنشاء خط إنتاج لطائرات "بيرقدار TB3" في منشأة خاصة سيتم بناؤها غرب العاصمة الأوكرانية، بتمويل تركي جزئي وبمواكبة أمنية مزدوجة.
الملفت في هذا الاتفاق ليس فقط توقيته، بل بنيته المركّبة التي تمزج بين التعاون الصناعي، والتموضع السيادي، والرؤية الجيوسياسية لأنقرة في فضاء شرق أوروبا.
فأوكرانيا اليوم ليست مجرد شريك مضطرب، بل ساحة مفتوحة لإعادة تشكيل الموازين بعد التراجع الروسي.
وفي هذا السياق، يبدو أن تركيا قررت أن تدخل إلى هذه الساحة لا بصفتها طرفًا عسكريًا، بل كمُصنّع للنفوذ، ينقل المعركة إلى مراكز الإنتاج.
ويُعد اختيار الدرون تحديدًا كأداة للحضور التركي قرارًا بالغ الذكاء،
ذلك أن الطائرة المسيّرة – وخاصة "TB3" القابلة للتطوير التكتيكي – تُوفر هامشًا عاليًا من التسلّح غير المباشر، وتسمح ببناء ردع مرن يتجاوز الالتزامات الصلبة لحلف الناتو.
كما أن الاتفاق يحمل دلالات على توجّه أنقرة نحو تشكيل نموذج ثالث خارج الثنائية الغربية–الشرقية، يقوم على تصدير التكنولوجيا بدلًا من الاستيراد السياسي.
فالدرون هنا ليس فقط منتجًا صناعيًا، بل حاملٌ لمشروع سياسي وأمني تركي،
يُعبّر عن ثقة أنقرة في صناعاتها، واستقلالية قرارها في عقد شراكات تتجاوز الحلفاء التقليديين.
من جهة أخرى، فإن وجود منشأة تصنيع تركية في أوكرانيا يُرسل رسالة غير مباشرة إلى موسكو، مفادها أن تركيا قادرة على التأثير، لا بالاصطفاف، بل بالحضور المتقن في المساحات الرمادية.
فأنقرة لم تُعلن عداءً، لكنها فعلت ما هو أعمق: رسمت وجودها في عمق جغرافيا القلق الروسي، بصمت المصنع، لا صخب المعسكر.
ويُتوقع أن يفتح هذا الاتفاق بابًا أمام صادرات تركية أخرى، تشمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والتحكم، وربما حتى تدريب فرق تشغيل محلية، مما يُحوّل التعاون إلى جسر ممتد طويل الأمد، وليس مجرد صفقة تقنية.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
تركيا لا تُقاتل في أوكرانيا… لكنها تُعيد تعريف موازين القوة من مصنع غير مسلّح.
تقرير إخباري | سوريا – انسحاب روسي بلا إعلان
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
13:49:11 – 17 أبريل 2025
التحركات الروسية داخل سوريا تُثير تساؤلات معمّقة حول مستقبل نفوذ موسكو في البلاد، خاصة مع تصاعد الإشارات الميدانية التي توحي بانسحاب اقتصادي منظم يجري بعيدًا عن الأضواء. فالشركات الروسية العاملة في الطاقة والبنية التحتية بدأت تقليص نشاطها وسحب موظفيها من مواقع محورية في دمشق وحمص واللاذقية، دون أي تعليق رسمي من الكرملين أو الجهات السورية المتعاونة.
الانسحاب الذي بدأته شركة "ستروي ترانس غاز" – المعنية بتشغيل مشاريع الغاز والكهرباء – تَبِعته تحركات مشابهة لشركات روسية أخرى، بينها "تيخنوبروماكسبورت" العاملة في محطات التوليد والصيانة. وقد تم تسجيل إغلاق تدريجي لعدد من المكاتب والورشات في ريف دمشق وحمص، وتجميد مشروعات توسعة كانت مقررة سابقًا، بما في ذلك تحديث محطة الزارة للطاقة.
هذه التحركات تأتي بالتزامن مع خطوات داخلية من قبل حكومة الرئيس أحمد الشرع لمراجعة العقود التي أبرمت خلال سنوات النظام السابق، خاصة تلك التي منحت موسكو امتيازات اقتصادية واسعة مقابل الدعم العسكري. ويبدو أن هناك توجهًا واضحًا في الحكومة الجديدة إلى تفكيك العلاقة التي كانت تقوم على الصك المفتوح لصالح روسيا، وإعادة ضبط معادلة المصالح بما يراعي السيادة الوطنية والعدالة في توزيع الموارد.
في الخلفية، تُقرأ هذه التحولات في ضوء فقدان موسكو لموقعها المحوري في الإقليم بعد سقوط النظام السابق، وتراجع حضورها العسكري، مما أضعف قدرتها على فرض استمرارية اقتصادية في بلد يحتاج الآن إلى دعم تنموي وليس تموضعات فوقية. ومن الطبيعي في هذه البيئة الجديدة أن تعيد روسيا النظر في جدوى استمرار تمويلها أو تشغيلها لمشاريع باتت لا تملك غطاءً سياسيًا محليًا صلبًا كما في السابق.
لكن المثير في هذا الانسحاب أنه يتم بهدوء، دون أي إعلان أو حتى تبرير من الجانب الروسي. ويُرجَّح أن يكون هذا الصمت جزءًا من استراتيجية امتصاص الصدمة، أو محاولة الحفاظ على شعرة معاوية في العلاقة مع دمشق الجديدة، خاصة في ظل محاولات موسكو الحفاظ على حضور رمزي على الأقل في ملفات مثل إعادة الإعمار أو إدارة الموانئ.
في المقابل، تستثمر الحكومة السورية الجديدة هذه اللحظة لإعادة التفاوض، لا فقط مع روسيا، بل مع الإقليم ككل، وتبدو أكثر انفتاحًا على العروض الخليجية والأوروبية التي تقدم تمويلًا مشروطًا بإبعاد النفوذ الإيراني والروسي، وهو ما يجعل الأرض السورية اليوم مساحة لإعادة التشكيل… لا لاستمرار التبعية.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
النفوذ الروسي لا يخرج من سوريا بصوت مرتفع… بل يُغادر كما دخل: عبر الاقتصاد.
تقرير إخباري | العراق – الاتفاق النفطي مع الهند
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة
13:33:27 – 17 أبريل 2025
يشكّل الاتفاق النفطي الجديد بين العراق والهند تطورًا نوعيًا في فلسفة تصدير الموارد الطبيعية من جنوب العراق نحو الأسواق الآسيوية، في ظل سعي بغداد إلى تثبيت موقعها كمصدر مستقل وفاعل ضمن الجغرافيا الطاقوية الجديدة التي تتشكل في شرق العالم. الاتفاق، الذي وُقّع مع شركة "ريلاينس إندستريز" الهندية العملاقة، يُعدّ من أبرز التحركات العراقية في السنوات الأخيرة، ليس بسبب حجم البراميل المتفق عليها، وإنما لطبيعة خطوط التوريد التي تم التخطيط لها.
فلأول مرة، يتحرك العراق لإنشاء ممر تصديري مباشر عبر البحر إلى الموانئ الهندية، متجاوزًا بذلك المسارات الوسيطة التي طالما اعتمدت على شراكات عبر الخليج أو تركيا أو حتى عبر مرافئ التخزين العائمة التابعة لشركات دولية. المسار الجديد يربط ميناء الفاو مباشرة بميناء موندرا في الهند، وهو ما يُعيد للعراق جزءًا من استقلاله اللوجستي الذي فُقد لعقود، نتيجة الأزمات الداخلية والتقاطعات الإقليمية.
يأتي هذا التحرك في وقت يشهد فيه سوق النفط الآسيوي تنافسًا عاليًا، حيث تهيمن كل من السعودية والإمارات على منافذ التوريد نحو جنوب آسيا، بينما تظل إيران تناور من الهامش، بفعل العقوبات والضغوط. دخول العراق بهذه الصيغة المستقلة يُغير معادلة التنافس، ويُربك الحسابات القائمة، لا سيما في ظل الحديث عن إنشاء مصفاة تكرير مشتركة داخل الأراضي الهندية بتمويل عراقي–هندي.
من زاوية أخرى، يحمل هذا الاتفاق أبعادًا تتجاوز الاقتصاد، إذ يُعد إشارة سياسية إلى أن بغداد تسعى إلى تنويع تحالفاتها، والابتعاد عن التموقع في محاور مغلقة. فالهند تُعد من القوى الدولية الناشئة، وتحظى بعلاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، ما يجعل منها شريكًا مثاليًا للانفتاح العراقي، دون التورط في اصطفافات قد تُعقّد المشهد الداخلي.
كما أن هذا المشروع يعكس تحركًا ذكيًا لتحصين القرار النفطي العراقي، بعيدًا عن الضغوط القادمة من الشمال حيث ملف أنبوب جيهان التركي، أو من الشرق حيث التأثيرات الإيرانية، أو حتى من واشنطن التي تراقب كل تغيير في مسارات الطاقة العالمية.
وفي ظل هذه المعطيات، يظهر أن العراق لا يتحرك فقط من أجل بيع نفطه، بل يُعيد كتابة دوره كفاعل جيو–طاقوي في لحظة يُعاد فيها تشكيل موازين النفوذ في آسيا، من بحر العرب إلى بحر الصين.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
حين يكتب العراق جغرافيته بأنبوب، لا ببيان دبلوماسي،
فهو لا يُفاوض أحدًا على وجوده… بل يضع نفسه على خطّ التصدير العالمي دون إذن.
تركيا تنقل المعركة إلى طاولة بغداد… و"العمال الكردستاني" في مرمى التحالف الأمني الجديد
فريق البحث والتحليل
شهدت العاصمة التركية أنقرة جولة مفصلية من الحوار الأمني بين تركيا والعراق، انتهت بتوقيع اتفاق ميداني يقضي بتشكيل غرفة عمليات أمنية مشتركة لمواجهة تهديدات حزب العمال الكردستاني، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى هذا النوع من التنسيق العسكري–الاستخباري بين البلدين منذ 2003.
وبحسب البيان الختامي للاجتماع الخامس للآلية الأمنية العليا التركية–العراقية، فإن الجانبين اتفقا على فتح خط مباشر للتنسيق الميداني، ومشاركة المعلومات الاستخباراتية، وتفعيل إجراءات المتابعة البرية والجوية لحركات حزب العمال داخل العمق العراقي، لا سيما في المناطق الحدودية الجبلية شمال دهوك وأربيل.
ويأتي هذا التفاهم بعد تصعيد كبير شهدته المنطقة في الأشهر الماضية، تمثل في سلسلة هجمات نفذها الحزب ضد مواقع عسكرية تركية داخل العمق العراقي، ما دفع أنقرة إلى شن ضربات جوية مركزة أثارت تحفظات داخل العراق، واعتُبرت خرقًا للسيادة الوطنية. وقد أسهمت هذه الخلفية المتوترة في تعجيل المساعي التركية لتأطير تحركها الأمني ضمن توافق رسمي مع بغداد، وتقديم نفسها كشريك لا كمبادر أحادي.
وفي المقابل، أبدت بغداد استعدادًا غير مسبوق للتعامل مع الحزب الكردستاني بصفته "تهديدًا عابرًا للسيادة"، كما ورد في التصريح الرسمي لوزارة الخارجية العراقية، الأمر الذي يمثل تحوّلًا واضحًا في الخطاب العراقي، والذي كان لعقود يتجنب الانخراط المباشر في صراعات بين أنقرة والحركات الكردية المسلحة.
ويرى محللون أن هذا التحوّل نابع من مجموعة دوافع مركّبة، أبرزها:
الضغط الأمريكي لتقليص نفوذ الميليشيات الولائية في الشمال، واستبدالها بتنسيق أمني منضبط.
رغبة العراق في استعادة هيبة الدولة بعد سنوات من التآكل الأمني والفوضى المسلحة.
حاجة تركيا إلى شريك رسمي يمهّد لتحركاتها الميدانية داخل العراق من دون تعقيدات دبلوماسية.
وتشير تقارير أمنية إلى أن أنقرة تسعى لتوسيع هذا النموذج لاحقًا، ليشمل تعاونًا مشابهًا مع إقليم كردستان العراق، في إطار ثلاثي قد يُحدث نقلة نوعية في التوازن الأمني على حدود تركيا الجنوبية.
من جهته، قال وزير الدفاع التركي إن تركيا "لم تعد تعتبر محاربة حزب العمال ملفًا تركيًا صرفًا، بل معركة مشتركة مع الدول التي تتقاطع مصالحها الأمنية والسيادية". وبهذا التصريح، تُعيد أنقرة تعريف شكل الاشتباك مع الحزب عبر الدبلوماسية متعددة الأطراف، بدلًا من النهج العسكري الصرف.
الجدير بالذكر أن حزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية لدى تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يسيطر على مناطق وعرة في جبال قنديل، ويتخذ من شمال العراق ملاذًا استراتيجيًا منذ الثمانينات، ما يجعل مهمة استئصاله مسألة معقدة ومتداخلة سياسيًا وجغرافيًا.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
تركيا لا تبحث عن ذريعة لاجتياح جديد… بل عن شرعية إقليمية لتصفية خصم مزمن.
التحوّل اليوم ليس فقط في شكل الرد العسكري، بل في صيغة التحالف الأمني الذي تُنتجه أنقرة عبر بغداد. وهنا، يتقدم سؤال مهم: هل دخل حزب العمال مرحلة "تحييد استراتيجي" بهندسة إقليمية؟ أم أن اللعبة أبعد من ذلك وتُدار بحسابات تتعلق بسوريا ما بعد الأسد أيضًا؟
الرياض تتحرك لإنهاء عزلة سوريا الاقتصادية… ومبادرة سداد الديون تفتح بوابة الشرعية المالية
فريق البحث والتحليل
في تحول لافت في مسار السياسة السعودية تجاه الملف السوري، كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة عن بدء مباحثات سعودية – دولية تهدف إلى تسوية الديون المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي، والتي تُعد من أبرز العوائق أمام إدماج دمشق مجددًا في المنظومة الاقتصادية العالمية. وتأتي هذه الخطوة بعد شهور قليلة من تشكيل الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، والتي حظيت بترحيب حذر من عدد من العواصم الإقليمية والغربية.
وبحسب التسريبات، فإن المملكة العربية السعودية اقترحت على البنك الدولي صيغة تسديد مشروط على دفعات، يتم خلالها ضخ أموال سعودية عبر مؤسسات تمويل عربية مشتركة، مقابل ضمانات تنفيذية وإصلاحات مالية داخل سوريا. ووفق ما أفاد به أحد الوسطاء الاقتصاديين، فإن المبادرة تسير نحو إطار "إعادة تأهيل اقتصادي مشروط"، وليس مجرد سداد مالي مباشر، ما يعكس رغبة سعودية في استثمار اللحظة السياسية لإعادة هندسة الواقع السوري من خلال بوابة الاقتصاد لا السياسة.
وتُعد هذه الخطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، إذ ظلت المؤسسات المالية الدولية بعيدة عن التعامل مع دمشق طوال أكثر من عقد، بسبب العقوبات الأمريكية والأوروبية، والاشتباه في فساد البنية المالية الحكومية تحت حكم الأسد. لكن سقوط النظام القديم، وتولي حكومة الشرع مقاليد السلطة بدعم من توافق دولي إقليمي، غيّر المعادلة بشكل دراماتيكي، ليبدأ الحديث عن "شرعية اقتصادية جديدة" يمكن فصلها عن الملفات القضائية والسياسية القديمة.
الملف لا يقتصر على الديون فقط، بل يتضمن تقييمًا شاملًا لقدرة النظام السوري الجديد على إدارة الأموال وفق معايير الشفافية الدولية. وفي هذا السياق، أُوفدت لجنة خبراء من صندوق النقد العربي لتقييم احتياجات القطاعات الحيوية في سوريا، مثل الكهرباء، والمياه، والبنية التحتية الصحية. ومن المتوقع أن تصدر هذه اللجنة تقريرًا فنيًا خلال أسابيع، يشكّل الأساس لتوجيه التمويل الخليجي نحو مشاريع يمكنها استيعاب الصدمة الاقتصادية التي خلفتها سنوات الحرب.
ويرى مراقبون أن التحرك السعودي لا ينفصل عن محاولات رسم "جبهة اعتدال اقتصادي" في المنطقة، تكون سوريا جزءًا منها، بعيدًا عن المحور الإيراني الذي تراجع نفوذه داخل الجغرافيا السورية بشكل حاد بعد انهيار نظام الأسد، وانسحاب عدد من الميليشيات المرتبطة به. ويرى آخرون أن الرياض تسعى عبر هذا الملف إلى أن تكون "عرابة العودة السورية" للنظام الدولي، لكن عبر آلية تُبقي على قدر من النفوذ الخليجي داخل دوائر القرار الاقتصادي والسياسي في دمشق.
من جانب آخر، هناك من يشير إلى أن الخطوة السعودية قد تصطدم بتعقيدات تقنية، أبرزها:
آلية تحويل الأموال وسط العقوبات الغربية.
الجهات السورية المخولة قانونيًا بتلقي الدعم.
مخاوف المؤسسات الدولية من توظيف المبالغ بشكل غير شفاف.
لكن اللافت أن دولًا أوروبية، وعلى رأسها فرنسا والنمسا، أبدت انفتاحًا مبدئيًا على مبدأ "المسار الاقتصادي الموازي"، بشرط أن تظل قنوات الإشراف والتدقيق بيد جهات محايدة.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
سوريا اليوم لا تُعاد تأهيلها عبر قمة عربية أو بيان سياسي… بل عبر ميزانية مالية مدروسة.
المال السعودي هنا ليس منحة، بل أداة إدارة للشرعية الجديدة. إنها لحظة تدويل بلا اشتباك مباشر… لحظة تُحرك فيها الرياض حجرًا على رقعة "إعادة التوازن"، لتعيد إدخال سوريا إلى لعبة الأمم، ولكن برقم حساب.
العراق يعيد رسم خريطة صادراته النفطية… من الجنوب نحو النظام العالمي
فريق البحث والتحليل
أعلنت وزارة النفط العراقية انطلاق المرحلة الأولى من مشروع "الأنبوب البحري الثالث" لتصدير النفط الخام عبر الموانئ الجنوبية، في خطوة وُصفت بأنها بداية فعلية لإعادة رسم خريطة صادرات العراق النفطية باتجاه أسواق الطاقة العالمية. المشروع الجديد، الذي ينفَّذ بالشراكة مع شركتي "ميكوبيري" الإيطالية و"إيستا" التركية، يُعد من أكبر مشاريع البنية التحتية الطاقوية التي يشهدها العراق منذ أكثر من عقد.
ويهدف المشروع إلى رفع القدرة التصديرية لميناءي البصرة وخور العُمية إلى أكثر من 2.4 مليون برميل يوميًا، ما يمنح العراق مرونة استراتيجية في تأمين تدفقاته النفطية بشكل مستقل، ويُخفف من الضغوط التقنية والسياسية التي كانت تُقيد منافذه التقليدية. ويتضمن المشروع مدّ أنبوب بحري بطول 61 كيلومترًا داخل المياه الإقليمية، و9 كيلومترات في اليابسة، إضافة إلى إنشاء منصتين بحريتين جديدتين وعوامة عائمة لتسهيل عمليات التصدير، إلى جانب تجهيزات إلكترونية متطورة وشبكات مراقبة وسيطرة حديثة.
وقال وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، إن المشروع يمثل "تحولًا نوعيًا في بنية الصادرات النفطية العراقية، ويضع البلاد في موقع تنافسي أعلى ضمن سوق الطاقة الدولية"، مشيرًا إلى أن المشروع يعزز من ثقة المستثمرين والشركاء الدوليين، ويعيد توجيه الأنظار نحو العراق كمصدر مستقر وفاعل للطاقة في الشرق الأوسط.
ويُعتبر هذا المشروع جزءًا من خطة وطنية أشمل لإعادة هيكلة قطاع النفط، تتضمن تحديث منظومات التصدير، وتوسيع خيارات التوريد، وتنويع الشراكات الدولية، وهو ما يُترجم رؤية الحكومة العراقية لتحويل الثروة النفطية من مجرد رافد مالي إلى أداة سيادية تُعيد تموضع العراق ضمن خارطة القرار الاقتصادي العالمي.
ويرى خبراء طاقة أن المشروع الجديد يُسهم في تقليل الاعتماد على الأنابيب الشمالية الممتدة نحو تركيا، والتي ظلت عرضة للتقلبات الأمنية والتجاذبات الإقليمية، فضلًا عن أنه يمنح العراق قدرة أكبر على التعامل مع التحديات البيئية والفنية، خاصة في ظل التقلبات المناخية التي بدأت تؤثر على البنية التحتية القديمة.
وتتزامن هذه الخطوة مع موجة اهتمام متزايدة من الشركات الآسيوية والأوروبية بالأسواق العراقية، حيث أعلنت مؤسسات في كوريا الجنوبية والهند رغبتها في الدخول في شراكات طويلة الأمد للاستثمار في الموانئ النفطية، وتحديث المصافي، وبناء خزانات استراتيجية.
وتُشكل البصرة اليوم محور هذا التحول، ليس فقط بوصفها بوابة التصدير، بل أيضًا كبنية تحتية قابلة للتوسع الجيوسياسي. وبحسب ما صرّح به مصدر في الوزارة، فإن المشروع يهدف أيضًا إلى إنشاء ممرات طاقة ذكية تربط العراق بالخليج وآسيا بشكل مباشر، دون المرور بعقبات سياسية أو أمنية.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
العراق لا يُصدّر نفطًا فقط… بل يُصدر إشارة بأن زمن التبعية في تصدير الموارد قد بدأ في الانحسار.
الأنبوب الجديد ليس أنبوب نفط فقط، بل أنبوب سيادة… يُعيد رسم علاقة بغداد بالنظام العالمي من موقع "الفاعل"، لا "المورّد".
الكرملين يلوّح بتجميد صادرات الوقود النووي إلى أوروبا… هل تنتقل المعركة من الغاز إلى المفاعل؟
فريق البحث والتحليل
في خطوة تصعيدية جديدة ضمن لعبة التوترات المتجددة بين موسكو والغرب، أعلنت روسيا أنها تدرس رسميًا تعليق صادرات الوقود النووي إلى عدد من الدول الأوروبية، في رد مباشر على توسيع العقوبات الغربية المفروضة على مؤسسات روسية على خلفية التدخلات الأخيرة في أوكرانيا، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا الذي كانت تدعمه موسكو على مدى عقد.
التحرك الروسي يشمل حسب البيان الرسمي الصادر عن وزارة الطاقة، "وقف تصدير الوقود المخصب والمكونات الحيوية لتشغيل المفاعلات النووية المدنية في دول أوروبية تعتمد على التقنيات الروسية"، وهو تهديد استراتيجي غير مسبوق، بالنظر إلى أن 20٪ من المفاعلات النووية في الاتحاد الأوروبي تعتمد بشكل كلي أو جزئي على الإمدادات الروسية.
هذا التحرك، وفق مراقبين، لا يأتي فقط في سياق العقوبات، بل يُمثل أيضًا انتقالًا نوعيًا في أدوات الرد الروسي، التي كانت تاريخيًا تعتمد على الغاز والنفط. أما الآن، فإن الكرملين يلوّح باستخدام سلاح الذرّة الاقتصادية، في مرحلة يحاول فيها استعادة زمام المبادرة بعد سلسلة نكسات جيوسياسية.
وبحسب تقارير أوروبية مسربة، فإن ألمانيا، وهنغاريا، وبلغاريا، وسلوفاكيا هي الدول الأكثر تضررًا في حال تنفيذ التهديد الروسي، إذ تعتمد مفاعلاتها على وقود نووي من إنتاج شركة "روساتوم" الروسية العملاقة. وعلى الرغم من أن بعض الدول بدأت بالفعل بالبحث عن بدائل مثل كندا وكازاخستان، إلا أن التحوّل السريع يُعد شبه مستحيل، نظرًا للتعقيدات التقنية والمعايير البيئية.
في الوقت ذاته، يُدرك الكرملين أن هذه الورقة محفوفة بالمخاطر، فوقف الإمدادات النووية قد يدفع أوروبا لتسريع عملية "التحرر الذري"، ما يُهدد بفقدان سوق طويل الأمد تقدر قيمته بمليارات الدولارات سنويًا. ومع ذلك، فإن موسكو تعوّل على عامل الوقت، وعلى أن الضغوط السياسية قد تدفع بعض الدول الأوروبية إلى مراجعة مساراتها العقابية.
وتزامنًا مع هذا التصعيد، بدأت موسكو حملة دبلوماسية داخل مجموعة "بريكس" لإعادة تدوير تحالفاتها الطاقوية، مع التركيز على تعزيز الشراكات النووية مع دول الجنوب العالمي، لا سيما البرازيل والهند وجنوب إفريقيا، ما يعكس سعي روسيا لكسر الطوق الغربي عبر أدوات التبادل النووي لا عبر المواجهة العسكرية المباشرة.
ويرى محللون أن روسيا تدفع نحو نمط جديد من الردع الطاقوي، لا يعتمد على الانفجارات ولا الانقلابات، بل على التحكم في مسارات الطاقة عالية التقنية، من المفاعل إلى المختبر، ومن المختبر إلى السوق.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
موسكو تُخرج ورقة لم تُستخدم منذ الحرب الباردة… سلاح الذرة من جديد، لكن هذه المرة ليس للحرب، بل للتفاوض.
حين تخسر روسيا جغرافيا، تُعيد ضبط معركتها داخل أنابيب الطاقة. لم تعد القوة في قاذفاتها، بل في اليورانيوم الهادئ الذي يدور تحت طاولات السياسة الدولية.
إدارة ترامب تفتح ملف “الاستقلال الصناعي” من بوابة الرقائق والأدوية… التجارة تتحول إلى أداة أمن قومي
فريق البحث والتحليل
في واحدة من أكثر الخطوات إثارة للجدل منذ بداية ولايته الثانية، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حزمة من التحقيقات التجارية الجديدة بشأن واردات الرقائق الإلكترونية والمستحضرات الدوائية الحيوية، في تحرك وصفته وزارة التجارة بأنه "تدشين لموجة جديدة من التعريفات الذكية"، تستهدف تعزيز السيادة الصناعية للولايات المتحدة في القطاعات ذات الحساسية الاستراتيجية.
التحقيقات، التي أُعلنت رسميًا أمس، تشمل تقييم ممارسات الإغراق والتسعير غير العادل في أسواق الرقائق والدواء، بالإضافة إلى دراسة سلاسل التوريد المرتبطة بالصين والهند وعدد من دول جنوب شرق آسيا. ويُعد هذا التوجه تتويجًا لخطاب انتخابي صريح تبنّاه ترامب منذ حملته، ركّز فيه على شعارات "إعادة التصنيع إلى أمريكا"، و"لا أمن بلا إنتاج داخلي".
وبحسب مصادر مطلعة داخل وزارة التجارة الأمريكية، فإن الخطوة تُعد أولى مراحل خطة أكثر شمولًا ستُعلن تباعًا، تتضمن فرض رسوم جمركية تصاعدية على المنتجات المرتبطة بمكونات حيوية مستوردة من دول "ذات منافسة غير منصفة"، إلى جانب حوافز ضريبية ضخمة للشركات الأمريكية التي تُعيد مصانعها إلى داخل الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن هذه السياسة تُشكل نقطة انعطاف استراتيجية في فلسفة الاقتصاد الأمريكي، من الانفتاح الليبرالي شبه المطلق إلى قومية اقتصادية موجهة، تجعل من الأمن الصناعي جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي. وتشير التحليلات إلى أن هذه المقاربة تلقى دعمًا واسعًا داخل الكونغرس، حتى من بعض الدوائر الديمقراطية التي باتت تشعر بتهديد حقيقي من الاعتماد المفرط على الخارج.
ولم يتأخر الرد الدولي، إذ عبّرت المفوضية الأوروبية عن "قلق عميق" من التحرك الأمريكي، وأشارت إلى إمكانية اتخاذ إجراءات مماثلة لحماية الصناعة الأوروبية، فيما اعتبرت الصين أن الخطوة "تُقوّض استقرار سلاسل التوريد العالمية وتُهدد التعافي الاقتصادي بعد كوفيد والحروب الإقليمية".
على مستوى الداخل، لقيت الخطوة ترحيبًا من بعض ولايات التصنيع الكبرى مثل أوهايو وميتشيغان، حيث تتركز قواعد ترامب السياسية. لكن أصواتًا من داخل غرفة التجارة الأمريكية حذّرت من "تداعيات عكسية" على سلاسل التوريد الخاصة بالتكنولوجيا الدقيقة والدواء، في حال غياب بدائل إنتاجية فورية محلية.
وترى مراكز أبحاث كبرى مثل مؤسسة RAND وBrookings أن ترامب لا يستهدف الصين فقط، بل يرسل رسائل إلى أوروبا وكندا وكوريا الجنوبية، بأن المرحلة المقبلة ستقوم على علاقات تجارية قائمة على المنفعة الواضحة لا الالتزامات التاريخية. وهو ما قد يُعيد تشكيل قواعد اتفاقات منظمة التجارة العالمية.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
ترامب لا يفرض الرسوم الجمركية فقط… بل يُعيد تشكيل فلسفة الاقتصاد ككل.
الإنتاج أصبح سلاحًا، وسلاسل التوريد أصبحت ميدان قتال صامت. إنها أمريكا الجديدة التي تبني قلاعها داخل حدودها، وتضع شعار "صُنع في أمريكا" فوق كل اتفاق، ولو كلفها تفكيك نصف العولمة.
الرياض تعيد تعريف أمن الخليج… من مفاهيم الردع إلى منظومات الإدراك والسيطرة
فريق البحث والتحليل
في لحظة دقيقة من تاريخ الخليج الحديث، تتقدم المملكة العربية السعودية بمشروع جديد لإعادة صياغة مفهوم "أمن الخليج"، بعيدًا عن الأطر العسكرية التقليدية التي حكمت المنطقة طيلة العقود الماضية. وكشفت مصادر حكومية مطلعة عن وضع تصوّر متكامل يتناول حماية الممرات البحرية، التهديدات السيبرانية، الأزمات العابرة للحدود، ومخاطر التوسع الجيوسياسي غير المنضبط، ضمن ما وصفته الرياض بـ"المنهج الأمني الاستباقي متعدد الأبعاد".
ويأتي هذا التحرك الاستراتيجي بالتزامن مع الانسحاب التكتيكي للمملكة من المشهد اليمني المسلح، حيث خفّضت الرياض وجودها العسكري المباشر في عدد من الجبهات، مقابل تصعيد أدوات التأثير غير الحركية مثل التنمية، والدبلوماسية الإنسانية، والدعم المؤسسي للدولة اليمنية الجديدة.
ويرى محللون أن هذا التحول ليس تراجعًا بقدر ما هو إعادة تموضع محسوب، ينبع من إدراك سعودي عميق بأن التهديدات الحديثة لا تواجه بالجيوش فقط، بل بمنظومات الإنذار المبكر، والتحالفات الذكية، والقدرة على قراءة المتغيرات قبل أن تتحول إلى صراعات.
ويستند المشروع الأمني الجديد على أربعة محاور أساسية:
أمن الممرات البحرية: خصوصًا مضيق هرمز وباب المندب، اللذين يشكلان شرايين التجارة والطاقة بين الخليج والعالم، وهو ما يُفسّر التحرك السعودي الأخير لتعزيز وجودها اللوجستي في البحر الأحمر.
الردع السيبراني وحماية البنى التحتية الرقمية: في ظل تنامي التهديدات الإلكترونية الموجهة ضد منشآت الطاقة والمصارف، وتنامي قدرات الفاعلين غير الدولتيين في هذا المجال.
نظام تنبيه استخباري مشترك: مع الشركاء الإقليميين والدوليين، يقوم على تبادل المعلومات وتنسيق المواقف قبل نشوء التهديد، وليس بعده.
تقليص التدخلات المباشرة وزيادة النفوذ عبر أدوات ناعمة: وهو ما عكسته السياسة السعودية مؤخرًا تجاه لبنان والعراق وسوريا، عبر دعم المبادرات السياسية والاقتصادية بدل الانخراط في المحاور التقليدية.
في السياق ذاته، عبّر وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج عن "رغبة المملكة في نقل المنطقة من مرحلة الاحتماء إلى مرحلة التصميم"، مؤكدًا أن أمن الخليج لم يعد مسؤولية محلية فقط، بل ملف عالمي يتقاطع مع أمن الطاقة، والاستقرار الملاحي، وحركة التجارة الدولية.
التحرك السعودي يأتي أيضًا في وقت تتزايد فيه المؤشرات على فراغ أمريكي نسبي في المنطقة، بالتوازي مع تصاعد أدوار إقليمية لتركيا وإيران، وصعود مفاجئ للنفوذ الصيني في ملفات مثل الطاقة والذكاء الاصطناعي والدبلوماسية الناعمة. وهو ما يدفع السعودية إلى ملء الفراغ عبر أدوات مدنية/أمنية أكثر كفاءة، وأكثر تأثيرًا على المدى البعيد.
كما تحاول الرياض من خلال هذا المشروع أن تُظهر نفسها كفاعل استراتيجي ناضج، يدير الأزمة لا ينخرط فيها، ويُوازن بين ضرورة الردع وضرورة بناء شبكات الثقة الإقليمية.
رؤية خاصة – منصة التحليل الإخباري:
ما بعد الهيبة اليمنية… الخليج يُعاد تشكيله بعيدًا عن طلقات الرصاص.
السعودية تمضي نحو "أمن بلا حرب"، وأمن الخليج لم يعد شأنًا حدوديًا، بل سؤالًا عن قدرة الدول على احتواء المستقبل قبل أن ينفجر. ومن بحر العرب حتى البحر الأحمر، هناك خطوط ترسمها الرياض بصمت، لكن بإستراتيجية لا تخطئ البوصلة.
تقرير إخباري – فلسطين
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة | الأربعاء 9-4-2025 | الساعة 21:00 بتوقيت بغداد
يشهد المشهد الفلسطيني هذا اليوم تصعيدًا واسعًا ومتعدد الاتجاهات، حيث قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة مواقع في قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، بينهم أطفال ونساء. القصف جاء بعد ساعات من إطلاق صواريخ من القطاع باتجاه المستوطنات المحيطة، تبنّتها فصائل فلسطينية كردٍّ على تصعيد الاحتلال في القدس والضفة الغربية.
وفي الضفة، كثّفت القوات الإسرائيلية عمليات الاقتحام، خاصة في نابلس وجنين، حيث وقعت اشتباكات مسلحة بين المقاومين وقوات الاحتلال، وأُعلن عن اعتقالات طالت شبانًا من مخيمات عدة. وقد أفادت مصادر محلية أن قوات الاحتلال استخدمت طائرات مسيّرة في عمليات المراقبة والاستهداف، ما ينذر بتوسّع أدوات الحرب داخل المناطق الفلسطينية المحتلة.
في القدس، تواصلت حالة الاحتقان، لا سيما في محيط المسجد الأقصى، بعد سلسلة اقتحامات نفذها مستوطنون تحت حماية شرطة الاحتلال. وقد أعربت جهات دينية وحقوقية عن خشيتها من مخطط إسرائيلي لتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، ما يهدد بتفجير الأوضاع في المدينة.
سياسيًا، أدانت السلطة الفلسطينية التصعيد، ووجّهت دعوات إلى المجتمع الدولي للتدخل العاجل، محذّرة من "كارثة إنسانية" في غزة في ظل تدهور البنية التحتية ونقص الخدمات. أما حركة حماس، فقد أكدت أن المقاومة "ستبقى مفتوحة" طالما استمر العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
التصعيد الفلسطيني يتزامن مع حالة جمود سياسي عربي، واكتفاء دولي بالتعبير عن "القلق"، في وقت تبدو فيه غزة وحيدة في مواجهة آلة الحرب، والضفة تواجه مشروعًا استيطانيًا متسارعًا، والقدس تترقب نكسة جديدة في ظل صمت عربي رسمي.
ويبقى السؤال قائمًا: إلى متى سيستمر العالم في مراقبة المشهد الفلسطيني دون أن يتحرك لإنهاء الاحتلال وإيقاف نزيف الدم المستمر؟
تقرير إخباري – سوريا
منصة التحليل الإخباري – رؤية خاصة | الأربعاء 9-4-2025 | الساعة 21:00 بتوقيت بغداد
وسط مشهد ميداني وسياسي متقلب، عاشت الساحة السورية اليوم سلسلة من التطورات المتسارعة التي تعكس استمرار التداخلات الداخلية والخارجية في الملف السوري. تصاعدت الهجمات المسلحة في الشرق السوري حيث أقدم تنظيم "داعش" على تنفيذ عمليات استهدفت قوات محلية، ما أسفر عن سقوط ضحايا، وسط مخاوف من عودة التنظيم إلى المشهد الأمني بقوة، في ظل غياب ترتيبات رادعة فعالة.
في الأثناء، جرت محادثات فنية بين تركيا وإسرائيل، أُعلن عنها من قبل وزير الخارجية التركي، هدفت إلى تهدئة التوتر في سوريا بعد تصاعد الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف تزعم إسرائيل أنها مرتبطة بإيران. مصادر مطلعة أشارت إلى أن هذه المحادثات تأتي ضمن محاولات إقليمية لإعادة ضبط إيقاع التداخلات العسكرية في الساحة السورية.
وفي تطور متزامن، وصلت لجنة تحقيق دولية إلى الساحل السوري لفتح ملفات الانتهاكات الأخيرة التي أسفرت عن سقوط مئات الضحايا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها أول محاولة جادة لمساءلة الجناة في مناطق النفوذ الحكومي، وسط صمت رسمي من دمشق.
اقتصاديًا، سجلت الليرة السورية تحسنًا طفيفًا في السوق السوداء عقب إعلان تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي، حيث أمل المواطنون أن يُسهم ذلك في كبح الانهيار المتواصل للعملة. أما على الصعيد الإنساني، فلا تزال الألغام والذخائر غير المنفجرة تهدد المدنيين، مع تسجيل إصابات متفرقة في عدة مناطق، في وقت تتصاعد فيه حالات الجريمة والاغتيالات في ظل هشاشة الأمن وتعدد مراكز السيطرة.
التطورات السياسية تواصلت كذلك مع تداول مقطع مفبرك نسب إلى الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، حول نية التطبيع مع إسرائيل، وهو ما نفته مصادر رسمية، مؤكدة أن التصريحات كانت موجهة نحو تعزيز العلاقة مع أنقرة لا غير.
بهذه المشهدية، تبقى سوريا محاطة بأطراف دولية تسعى لضبط نفوذها ضمن الجغرافيا المعقدة، بينما المواطن السوري لا يزال يدفع فاتورة العجز الدولي والانقسام الداخلي.
العراق بين الضغط الأمريكي وواقع النفوذ الإيراني:الميليشيات تهدد التوازن الهش
تقرير إخباري – العراق | الأربعاء 9-4-2025 | الساعة 21:00 بتوقيت بغداد
تجد الحكومة العراقية نفسها اليوم أمام اختبار سياسي وأمني بالغ التعقيد، وسط تصاعد الضغوط المتوازية من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، في مشهد يعيد فتح ملف الميليشيات الولائية المسلحة التي باتت تشكل تحديًا وجوديًا لأمن الدولة واستقرار مؤسساتها.
الضغوط الأمريكية على بغداد تزايدت بشكل واضح في الأيام الأخيرة، مع مطالب مباشرة بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لنزع سلاح الفصائل المرتبطة بطهران، والتي تعتبرها واشنطن تهديدًا مباشرًا لقواتها المنتشرة في العراق ولمجمل الاستقرار الإقليمي. وترافق هذا الضغط مع تلويح بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على شخصيات وكيانات عراقية فاعلة في هذا الملف، إلى جانب التهديد بإعادة النظر في الدعم العسكري والأمني المقدم للعراق، وبتقليص مستوى التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. كما كثفت واشنطن من تنسيقها السياسي والدبلوماسي مع حلفائها الإقليميين والدوليين لدفع بغداد نحو اتخاذ موقف حاسم.
في المقابل، تستمر إيران في تعزيز نفوذها داخل الأراضي العراقية، عبر أدوات متعددة أبرزها الدعم اللوجستي والتسليحي المستمر للفصائل الولائية، والتي تشير تقارير أمنية إلى أنها بدأت تتزود بأسلحة نوعية ذات طابع استراتيجي. وتستخدم طهران نفوذها الواسع داخل الأوساط السياسية والبرلمانية العراقية لتعطيل أي قرار حكومي يحد من قوتها، إلى جانب التلويح بإشعال الفوضى وخلق حالة من الانهيار الأمني في حال تم استهداف مصالحها أو نفوذها داخل العراق.
وفي ظل هذا الاستقطاب الحاد، صدرت عن الحكومة العراقية تصريحات مترددة، أكدت من خلالها تمسكها بمبدأ احتكار السلاح بيد الدولة، لكنها دعت في الوقت ذاته إلى الحوار مع جميع الأطراف، في موقف اعتبره مراقبون انعكاسًا لحالة من الحيرة والعجز عن اتخاذ قرارات فاصلة.
ويحذر محللون من أن استمرار هذا التردد، في ظل تصاعد الضغوط المتبادلة بين واشنطن وطهران، قد يؤدي إلى مزيد من هشاشة الدولة العراقية ويُبقي البلاد في دائرة الصراع الإقليمي المفتوح، خاصة في ظل غياب استراتيجية وطنية موحدة وشجاعة تعيد رسم معادلة السيادة وتوازن المصالح.
منصة التحليل الإخباري - رؤية خاصة | الأربعاء 9-4-2025 | الساعة 21:00 بتوقيت بغداد